كشفت دراسة حديثة أن درجات الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط ترتفع بضعف سرعة ارتفاعها في سائر العالم تقريباً، مع توقعات بأن تكون لذلك عواقب بعيدة المدى على صحة نحو 400 مليون شخص يعيشون في المنطقة وسلامةِ عيشهم، حسبما ذكرته صحيفة The Washington Post الأمريكية، الأربعاء، 7 سبتمبر/أيلول 2022.
كانت الدراسة قد نُشرت لأول مرة في يونيو/حزيران بدورية Review of Geophysics العلمية الأمريكية، ثم جرى تحديثها مؤخراً لتشمل توقعات جديدة بشأن المناخ العالمي قبيل مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي (COP27) المقرر عقده في نوفمبر/تشرين الثاني القادم.
موجات حرارة أطول
وأشارت الدراسة إلى أنه من المتوقع أن ترتفع درجة حرارة المناخ في دول المنطقة، مثل مصر واليونان والسعودية، بنحو 5 درجات مئوية بحلول نهاية القرن. وتوقعت أن تؤدي هذه الزيادة السريعة في درجات الحرارة إلى موجات حرارة أطول، وجفاف أشد حدة، وعواصف رملية متكررة في المنطقة الممتدة من شواطئ لبنان إلى صحارى إيران.
في السياق، رأى التقرير أن هذه التغيرات ستضر بالغطاء النباتي، وتقلل موارد المياه العذبة، ومن ثم تزيد من مخاطر نشوب صراع مسلح على الموارد.
بدورهم، أرجع مؤلفو الدراسة، ومنهم باحثون من مركز أبحاث المناخ والغلاف الجوي التابع لمعهد قبرص ومعهد ماكس بلانك للكيمياء في ألمانيا؛ ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة إلى تنامي انبعاثات الغازات الدفيئة. مشيرين إلى أن انتشار الصحارى القاحلة في المنطقة، وقلة المياه فيها، يجعلانها أكثر عرضة للتأثر بتغير المناخ.
وقال جورجيوس زيتيس، الباحث المشارك في الدراسة، في مكالمة عبر الهاتف لـ"واشنطن بوست": "إن منطقة الشرق الأوسط أصبحت أحد المصادر الأساسية لغازات الاحتباس الحراري في العالم، وتجاوزت في ذلك كلّاً من الاتحاد الأوروبي والهند".
وأضاف: "نحن نشهد هبوطاً للانبعاثات في أوروبا، على خلاف الحال في الشرق الأوسط".
ومع ذلك، أشار زيتيس إلى أن معظم دول المنطقة أقرت تعهدات اتفاقية باريس للمناخ لعام 2015، والتي تسعى إلى الحد من ظاهر الاحتباس الحراري في هذا القرن لتنخفض إلى معدل 1.5 درجة مئوية.
الاعتماد على الطاقة المتجددة
من جانب آخر، تشدد الدراسة على ضرورة "الاعتماد على مصادر طاقة منخفضة الكربون" في قطاعي الطاقة والنقل في الشرق الأوسط، والتوسع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، حتى وإن كانت كثير من دول المنطقة، مثل قطر والسعودية والإمارات، تعتمد اعتماداً كبيراً على "الوقود الأحفوري".
وأوضح الباحثون أن فصل الصيف في المنطقة أصبح أكثر جفافاً، وأن هطول الأمطار العادية والأمطار الشديدة بات أقل وتيرة، وإن كان أشد حدة.
بينما توقع الباحثون أن تقلل موجات الحر من إقبال الناس على الأنشطة التي تُمارس خارج المنزل، وأن تضر بالمحاصيل الرئيسية في المنطقة، مثل الزيتون والقمح والشعير.
الطلب على المياه العذبة سيتضاعف
على صعيد آخر، أفادت الدراسة بأن الطلب على المياه العذبة سيتضاعف باطراد مع زيادة عدد السكان، ومن ثم يشتد الضغط على الموارد المتاحة.
كما توقع زيتيس، وهو أحد الباحثين في الدراسة، أن تشهد المنطقة زيادة في معدل الهجرة من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، داخلياً وعبر الحدود.
ويستشهد التقرير بما حدث في جنوب العراق، حيث ارتفعت درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 1.8 درجة مئوية على مدى العقود الثلاثة الماضية، فباع الناس أغراضهم وانتقلوا إلى مراكز حضرية، مثل البصرة، أكبر مدينة في المنطقة.
وحذَّر زيتيس من صعوبة التغيرات التي ستحدث، "فالجفاف ممتدٌّ على سنوات طويلة"، والتنافس على الموارد سيُشعل صراعات في المنطقة.