قرّر رئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي، في بيان رسمي له السبت، 30 يوليو/تموز 2022، تعليق عقد جلسات البرلمان حتى إشعار آخر، ودعا القائد العام للقوات المسلحة إلى "اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المؤسسات، وحماية المتظاهرين".
كما طلب من المحتجين، وفق البيان الذي نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية "الحفاظ على سلميَّتهم وحفظ ممتلكات الدولة". وناشد "جميع الكتل السياسية إلى لقاء وطني عاجل، لإنجاز حوار وطني فاعل ومسؤول تكون مخرجاته من أجل الوطن".
بيان من الحلبوسي للقوى السياسية العراقية
الحلبوسي كذلك قال: "نعيش أوقاتاً صعبة وحساسة تتطلب منا جميعاً كظم الغيظ، والتحلّي بأعلى درجات الحلم والمسؤولية". وأضاف: "الاختلاف في وجهات النظر، حتى بين الأطراف، حالة طبيعية في أكثر الدول تقدماً وضمن أرصن ديمقراطيات العالم، ومهما بلغت ذروته فالحوار هو الحل".
أردف: "دعوتنا صادقة ومخلصة إلى جميع الأطراف السياسية في هذا البلد الجريح بتغليب المصلحة العليا والنظر إلى عواقب الأمور ومآلاتها الكارثية".
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه المتظاهرون العراقيون الذين اقتحموا البرلمان، السبت 30 يوليو/تموز 2022، عن بدء اعتصام مفتوح داخل البرلمان، فيما وصل عدد الإصابات بين المتظاهرين إلى العشرات، بعد مواجهات مع قوات الأمن.
جاء ذلك بحسب ما أوردته وكالة الأنباء العراقية، التي أشارت إلى أن القائد العام للقوات المسلحة، مصطفى الكاظمي، طلب من القوات الأمنية حماية المتظاهرين.
دعوات بعدم التصعيد
الكاظمي، الذي يتولى أيضاً منصب رئيس الوزراء، دعا المتظاهرين "إلى التزام السلمية في حراكهم، وعدم التصعيد، والالتزام بتوجيهات القوات الأمنية التي هدفها حمايتهم، وحماية المؤسسات الرسمية".
يأتي هذا فيما يتوافد مزيد من المتظاهرين العراقيين من أنصار تيار مقتدى الصدر إلى مبنى البرلمان، وسبق أن دخل المتظاهرون المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد، على الرغم من محاولات قوات الأمن إبعادهم.
كانت قوات الأمن العراقية قد أطلقت الغاز المسيل للدموع على آلاف المناصرين للصدر.
المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين، أسفرت عن إصابة 60 محتجاً، وذلك في أحدث إحصائية أصدرتها وزارة الصحة العراقية، بحسب وكالة الأناضول، وأشارت الوزارة في بيان إلى أنها أعلنت حالة الاستنفار لمعالجة المصابين.
تعقد الأزمة السياسية العراقية
يأتي هذا بينما تزداد الأزمة السياسية في العراق تعقيداً، فبعد عشرة أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، يشهد العراق شللاً سياسياً تاماً، إذ لا تزال البلاد من دون رئيس جديد للجمهورية وحكومة جديدة.
وسط هذا المأزق السياسي، يشنّ رجل الدين الشيعي الصدر، حملة ضغط على خصومه السياسيين، رافضاً اسم مرشحهم لرئاسة الحكومة.
في حين جدد المتظاهرون رفضهم لاسم محمد شياع السوداني، الذي رشّحه الخصوم السياسيون للصدر لهذا المنصب في الإطار التنسيقي، الذي يضمّ كتلاً شيعية أبرزها دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وكتلة الفتح الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الموالي لإيران.
في هذا الصدد، يطالب التيار الصدري بترشيح شخصية لم يسبق لها أن تولت أي منصب حكومي.
كان حزب الصدر قد حلّ في المركز الأول في الانتخابات العامة في أكتوبر/تشرين الأول 2021، لكنه سحب نوابه من البرلمان عندما أخفق في تشكيل حكومة تستبعد منافسيه الشيعة، ومعظمهم من الجماعات المدعومة من إيران.
تهديدات الصدر في العراق
منذ ذلك الحين، نفذ الصدر تهديدات بإثارة اضطرابات شعبية إذا حاول البرلمان الموافقة على حكومة لا تعجبه، قائلاً إنها يجب أن تكون خالية من النفوذ الأجنبي والفساد الذي يعانيه العراق منذ عقود.
فيما يحتفظ الصدر بسلطة كبيرة في الدولة، لأن حركته لا تزال تشارك في إدارة البلاد، ويشغل الموالون له مناصب قوية في الوزارات وأجهزة الدولة العراقية.
يُشار إلى أن العراق يشهد حالة احتقان بسبب تردي الأوضاع في البلاد، ففي حين تحقق بغداد عائدات قياسية من ثروتها النفطية الهائلة، فإن البلاد ليس لديها ميزانية أو انتظام في إمدادات الكهرباء والمياه، وتشهد تردياً في قطاعي التعليم والرعاية الصحية وفرص عمل غير كافية للشباب.