قالت الهيئة العليا للانتخابات في تونس، الثلاثاء، 26 يوليو/تموز 2022 ، إن النتائج الأولية تظهر أن الناخبين أيدوا دستوراً جديداً يمنح الرئيس قيس سعيد مزيداً من الصلاحيات، وذلك في الاستفتاء الذي أجري الإثنين.
أضافت أن 95% من المشاركين في الاستفتاء، الذي قاطعته جماعات المعارضة، صوتوا بالموافقة على الدستور الجديد. كانت الهيئة قد قالت، الإثنين، إن نسبة المشاركة بلغت 28%.
واشنطن تعلق على نتائج الاستفتاء
يأتي ذلك في الوقت الذي حذرت فيه وزارة الخارجية الأمريكية، الثلاثاء، 26 يوليو/تموز 2022 من أن "يقوض" الدستور التونسي الجديد حقوق الإنسان والحقوق الأساسية.
حيث قال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس للصحفيين، إن الولايات المتحدة تعرب عن "مخاوف من أن يتضمن الدستور الجديد ضوابط وتوازنات ضعيفة قد تقوّض حماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية"، كما أشار إلى نسبة المشاركة الضعيفة في الاستفتاء الذي دعا إليه الرئيس التونسي قيس سعيد.
دستور جديد في تونس
في السياق ذاته، من المنتظر أن يدخل دستور تونسي جديد يوسع بشكل كبير السلطات الرئاسية حيز التنفيذ بعد استفتاء أجري يوم الإثنين أشار استطلاع للرأي إلى أنه قد نال الموافقة بسهولة ولكن مع نسبة مشاركة منخفضة للغاية.
حيث أطاح الرئيس قيس سعيد بالبرلمان في عام 2021 وانتقل للحكم بمراسيم قائلاً إن البلاد بحاجة إلى الإنقاذ بعد سنوات من الشلل. وأعاد كتابة الدستور الشهر الماضي.
من جانبها، قاطعت أحزاب المعارضة الاستفتاء، قائلة إنه يفكك الديمقراطية التي تبنتها تونس بعد ثورة 2011 ويمكن أن يبدأ الانزلاق مجدداً نحو الاستبداد.
في غضون ذلك، تواجه تونس أزمة اقتصادية تلوح في الأفق وتسعى للحصول على حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي- وهي قضايا شغلت المواطنين العاديين خلال العام الماضي أكثر بكثير من الأزمة السياسية.
تمرير الدستور الجديد
أظهر استطلاع لآراء المشاركين في الاستفتاء أجرته مؤسسة سيجما كونساي أن 92.3% من ربع الناخبين المؤهلين الذين شاركوا في الاستفتاء يؤيدون دستور سعيد الجديد. ولا يوجد حد أدنى للمشاركة. وقدرت الهيئة العليا للانتخابات نسبة المشاركة الأولية عند 27.5%.
من ناحية أخرى، يمنح الدستور الجديد الرئيس سلطة على كل من الحكومة والقضاء كما يزيل القيود على سلطته ويضعف البرلمان، ويقول خصومه إن تحركاته في العام الماضي تشكل انقلاباً ورفضوا تحركاته أحادية الجانب لإعادة كتابة الدستور وطرحه للاستفتاء باعتبار ذلك غير قانوني.
رغم ذلك فقد كانت تحركاته الأولية ضد البرلمان تحظى بشعبية كبيرة لدى التونسيين على ما يبدو، حيث تدفق الآلاف إلى الشوارع لدعمه. ولكن في ظل عدم تحقق تقدم يذكر في معالجة المشاكل الاقتصادية، ربما يكون هذا الدعم قد تضاءل.
فيما بلغت أقل نسبة مشاركة في أي انتخابات وطنية منذ ثورة 2011، التي أطلقت شرارة الربيع العربي، 41% في عام 2019 للبرلمان الذي حله سعيد.
كما شكك معارضو الرئيس في نزاهة التصويت الذي أجرته لجنة انتخابية غير سعيد مجلس إدارتها هذا العام، وفي وجود عدد أقل من المراقبين المستقلين مقارنة بالانتخابات التونسية السابقة.
جمهورية جديدة
من جانبه، أشاد سعيد، لدى الإدلاء بصوته يوم الإثنين، بالاستفتاء باعتباره أساس جمهورية جديدة.
كذلك وبإقرار دستوره الجديد، عزز الرئيس التونسي قيس سعيد دوره كصاحب سلطة مطلقة في تونس، مما يبشر بعهد سياسي جديد بعد تجربة قصيرة وصعبة للديمقراطية.
حيث أدت الموافقة بأغلبية ساحقة على الدستور في استفتاء لم يشارك فيه سوى ربع الناخبين فقط إلى تكريس نظام سياسي جديد يتمتع فيه الرئيس بسلطة شبه كاملة وبلا قيود ولا رقابة تذكر على سلطته.
من ناحية أخرى، يخشى معارضون لخططه ونشطاء المجتمع المدني أن تكون تونس قد انضمت الآن إلى نادي الديمقراطيات الفاشلة، بعد أن قادت الانتفاضات ضد الحكم الاستبدادي بثورة أطلقت العنان لما يعرف باسم "الربيع العربي" عام 2011.
يقول سعيد إنه لن يصبح ديكتاتوراً وإنه سيحافظ على الحقوق، وإن هناك دوراً لبقية مؤسسات الدولة. وقال رافضاً اتهامات المعارضة: "التاريخ لن يعود الى الوراء". مضيفاً أن الشعب قال كلمته وإن السيادة تعود للشعب وإن عهد اقتسام الكعكة بين النخبة السياسية انتهى.
لكن مع تدفق السلطة السياسية بشكل أسرع إلى القصر الرئاسي في قرطاج الواقع قبالة المياه الفيروزية للبحر المتوسط، تلوح سحب عاصفة في مواجهة سعيد مع تعاظم أزمة اقتصادية حادة تهز البلاد وتهدد ماليتها بالإفلاس.
في حين سيمثل الاضطراب الاقتصادي، الذي قوض على مدى السنوات الصعبة الأحزاب السياسية التي تقاسمت السلطة، أكبر تحديات الفترة المقبلة، وسيكون سعيد الطرف الوحيد الذي سيتحمل هذا العبء الثقيل ويتعين أن يجد له بمفرده حلولاً عاجلة.