هاجم الرئيس التونسي قيس سعيّد، في وقت متأخر من يوم الإثنين 28 مارس/آذار 2022، محاولة برلمان بلاده -الذي جمّد عمله العام الماضي- عقدَ جلسات هذا الأسبوع، محذراً من أن "الجيش ومؤسسات الدولة سيتصدون لكل من يريد العبث بالبلد ودفعه نحو الاقتتال الداخلي"، معتبراً أنها "محاولات يائسة وليست لها قيمة قانونية"، وأن الدولة "ليست دمية".
خطاب الرئيس التونسي جاء كردة فعل "غاضبة" ضد إعلان مكتب مجلس النواب التونسي، في اليوم ذاته عقد جلسة عامة للبرلمان "المجمّد" الأربعاء المقبل 30 مارس/آذار، من أجل "إلغاء إجراءات رئيس البلاد قيس سعيّد، الاستثنائية".
وكان راشد الغنوشي بصفته رئيس مجلس النواب التونسي قال، الإثنين، إن المكتب قرر عقد جلستين عامتين هذا الأسبوع للنظر في إلغاء الحالة الاستثنائية التي أقرها الرئيس التونسي العام الماضي.
مكتب مجلس النواب عقد بدوره "اجتماعاً افتراضياً"، الإثنين 28 مارس/آذار الجاري، نشر عقبه بياناً أفاد بأن "عقد جلسة عامة ثانية السبت المقبل، للنظر في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة التي تعيشها تونس"، حسب الأناضول.
وأوضح أن إقرار الجلستين جاء بعد النظر "في طلب كتابي مقدم من 30 نائباً لعقد جلسة عامة لإلغاء العمل بالإجراءات الاستثنائية، وطلب ثان بعقد جلسة للنظر في الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية الخطيرة البلاد".
أما "الهدف" من عقد هاتين الجلستين، فهو "إنقاذ تونس وضمان كرامة الشعب التونسي العظيم"، حسب بيان مجلس النواب التونسي.
أزمات سياسية واقتصادية
يشار إلى أن تونس تعيش أزمة سياسية منذ 25 يوليو/تموز 2021 حينما أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد تجميد عمل البرلمان وإقالة الحكومة وإصدار قرارات تشريعية بمراسيم رئاسية، الأمر الذي اعتبرته أحزاب سياسية هناك بأنه "انقلاب" على الدستور والبرلمان.
كما تعاني البلاد من أزمة اقتصادية اشتدت وطأتها بفعل تدابير فيروس كورونا، ونقص المواد الأساسية في الأسواق وارتفاع أسعار الطاقة متأثرة بالهجوم الروسي على أوكرانيا منذ 24 فبراير/شباط الماضي.
على صعيد آخر، كان نقيب الصحفيين في تونس، محمد ياسين الجلاصي، قال في حوار خاصّ مع "عربي بوست" منتصف العام الجاري، إن ضغوطاتٍ تُمارَس على الإعلام للترويج وخدمة صوت الرئيس قيس سعيّد، وتهديدات جدية تُحيط بحرية التعبير في تونس، بعد 25 يوليو/تموز 2021، تاريخ تجميد البرلمان وجمع السلطات بين يدي الرئيس.
وقال النقيب في الحوار إن نقابة الصحفيين في تونس مُضطرة لمواجهة الرئيس، عبر إقرار الإضراب العام في وسائل الإعلام المملوكة للدولة، وفق نقيب الصحفيين في تونس.
واعتبر أن تلك الإجراءات كان لها انعكاسات عملية على المؤسسات الإعلامية العمومية خاصة، حيث تمّت تسمية شخصيّات جديدة في الإعلام العام المملوكة من طرف الدولة، كما شهد الخطّ التحريري للتلفزيون الرسمي تغيُّراً تامّاً، ليتحوّل إلى موالٍ بصفة كلّية لرئيس الجمهورية قيّس سعيد، وأصبح تلفزيون الصوت الواحد، وهو صوت الرئيس، وتم إلغاء العديد من البرامج السياسية المُنفتحة على كل الأصوات والأطياف والأحزاب السياسية في البلاد.
وأضاف: "الخلاصة، كان لمسار 25 يوليو/تموز 2021 تأثير وانعكاس سلبي على الخط التحريري وتوجهات الإعلام، من خلال بعض التسميات الجديدة التي تمّ بمقتضاها وإثرها التدخّل في الخطّ التحريري، وخاصة في التلفزيون الرسمي، حيث تم ضرب مبدأ التعددية والتنوّع والموضوعية في تناول الإعلام للملفات المطروحة على المستوى الوطني في كل المجالات".