طلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الأحد 5 ديسمبر/كانون الأول 2021، من السعودية دعماً اقتصادياً عاجلاً لحكومته لإنقاذ العملة المحلية المنهارة التي تسجل انهياراً غير مسبوق وسط موجة احتجاجات شعبية غاضبة مناوئة للحكومة المعترف بها دولياً.
إذ قالت وكالة الأنباء اليمنية الحكومية (سبأ) إن هادي سلمّ السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر رسالة لولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز.
هذه الرسالة التي سلمها هادي، بحضور نائبه الفريق الركن علي محسن صالح، "تتصل بالعلاقات الأخوية الثنائية والمصيرية بين البلدين والشعبين الشقيقين في جوانبها المختلفة"، حسب الوكالة.
كما تضمنت الرسالة بصورة أساسية، الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها اليمن، إثر "الحرب التي فرضتها الميليشيات الحوثية الإيرانية، وتداعياتها على أوضاع أبناء الشعب اليمني بصورة عامة"، وفق الوكالة.
فيما يرجح مراقبون أن تتضمن الرسالة مناشدة عاجلة لتقديم دعم مالي سعودي للبنك المركزي اليمني، بما يضمن وقف انهيار العملة.
احتجاجات غاضبة
يأتي تحرك الرئيس اليمني وطلبه دعماً اقتصادياً عاجلاً من السعودية على وقع تصاعد الاحتجاجات الشعبية الغاضبة في عدة مدن خاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية؛ تنديداً بتردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وارتفاع أسعار السلع الغذائية بفعل استمرار تهاوي قيمة الريال اليمني.
حيث خرجت مظاهرة حاشدة غاضبة، الأحد، في مدينة تعز كبرى المحافظات اليمنية من حيث عدد السكان وسط البلاد.
في حين ردد محتجون هتافات تندد بما وصفوه بتقاعس الحكومة والتحالف العربي، وعدم التدخل لوقف الانهيار الاقتصادي وانهيار العملة وتردي الأوضاع المعيشية والخدمات.
كما تظاهر العشرات، مساء السبت، في محافظتي عدن وحضرموت، ونفذ القطاع التجاري في عدة مدن واقعة تحت سلطة الحكومة الشرعية، إضراباً جزئياً احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وانهيار العملة المحلية.
فيما أكد موظفون في جامعة عدن أن كليات الجامعة أغلقت أبوابها أمام الطلاب بسبب بدء أساتذة الجامعة الإضراب الشامل عن العمل، بدءاً من يوم الأحد استجابة لدعوة مجلس نقابة هيئة التدريس بجامعة عدن، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية وانهيار سعر العملة.
كما بدأت جامعتا تعز وأبين إضراباً مماثلاً.
انهيار العملة اليمنية
كانت العملة اليمنية شهدت هبوطاً حاداً لتصل إلى أدنى مستوى على الإطلاق أمام الدولار في تعاملات سوق الصرف غير الرسمية بمدينة عدن الساحلية وجنوب البلاد، مسجلة 1700 للدولار الواحد للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
فيما سجل سعر صرف الدولار 1675 ريالاً للشراء و1705 ريالات للبيع في التعاملات المسائية يوم الأحد في انهيار تاريخي مقارنة بنحو 215 ريالاً قبل اندلاع الحرب المستمرة منذ سبع سنوات.
تلك الأزمة الاقتصادية العميقة في اليمن، إحدى أفقر الدول العربية، والتي تمثلت بعض جوانبها في نقص العملة الأجنبية، والعوائق التي تواجه واردات الغذاء، أدت إلى ارتفاع حاد في أسعار كل السلع الغذائية الأساسية وغير الأساسية في عدن ومدن الجنوب، لتصبح صعبة المنال لكثير من اليمنيين.
من جهتها، حذرت منظمات إغاثة دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات محلية وغرفة التجارة والصناعة في عدن من أن الاقتصاد اليمني يقف على بعد شفا الانهيار، مما سيدفع البلد لحافة المجاعة.
بينما استخدم البنك المركزي اليمني، الذي مقره عدن، معظم الوديعة السعودية التي بلغت ملياري دولار، والتي قدمتها المملكة في 2018 بعد أزمة سابقة في سعر الصرف للمساعدة في تمويل واردات السلع الأساسية.
بدوره، قال مسؤول رفيع في البنك المركزي لرويترز في وقت سابق الشهر الماضي: "ما تبقى من الوديعة السعودية لا يزيد على 100 مليون دولار.. ولكن لا يمكن استخدامه إلا بعد الحصول على إذن مسبق من الحكومة السعودية لإنفاقه".
حرب مأساوية
يشار إلى أنه منذ فبراير/شباط الماضي، كثف الحوثيون هجماتهم في مأرب للسيطرة عليها، كونها أهم معاقل الحكومة والمقر الرئيسي لوزارة الدفاع، إضافة إلى تمتعها بثروات النفط والغاز، ومحطة مأرب الغازية التي كانت قبل الحرب تغذي معظم المحافظات بالتيار الكهربائي.
جدير بالذكر أن اليمن يعاني منذ نحو 7 سنوات، حرباً مستمرة بين القوات الحكومية وقوات جماعة الحوثي، المسيطرة على محافظات، بينها العاصمة صنعاء (شمال) منذ عام 2014.
تلك الحرب أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80% من السكان، البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.
لهذا النزاع المتواصل امتدادات إقليمية منذ مارس/آذار 2015، إذ ينفذ تحالف بقيادة الجارة السعودية عمليات عسكرية دعماً للقوات الحكومية، في مواجهة الحوثيين المدعومين من إيران.