كشف وزير الداخلية اللبناني، بسام مولوي، في تصريحات تلفزيونية لقناة "الحرة" الأمريكية، السبت 30 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن الحكومة اللبنانية قدَّمت طلب وساطة إلى الجانب الأمريكي؛ في سبيل تسوية الوضع مع السعودية ودول الخليج.
يأتي حديث وزير الداخلية، في الوقت الذي قالت فيه الحكومة اللبنانية، السبت 30 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إنها حريصة على الحفاظ على أطيب العلاقات مع كل دول مجلس التعاون الخليجي، لاسيما المملكة العربية السعودية، وذلك عقب غضب خليجي بسبب تصريحات لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، في مقابلة عُرضت الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، (سُجلت في أغسطس/آب2021 )، وقال فيها إن الحوثيين في اليمن "يدافعون عن أنفسهم ضد اعتداءات السعودية والإمارات".
استقالة قرداحي
أضاف مولوي في اللقاء التلفزيوني: "خلال حضور القائم بالأعمال الأمريكي لاجتماع خلية الأزمة الوزارية، يوم السبت، في بيروت، استمع المسؤول الأمريكي إلى ما طلبه منه الجانب اللبناني في إطار هذه الوساطة".
الوزير اللبناني كشف أن الحكومة اللبنانية طلبت من الجانب الأمريكي "فتح حوار مع السعودية في كل المجالات، ومنها الملفات العالقة والطلبات السعودية".
أما بخصوص الحديث عن استقالة الحكومة، فقال المولوي إن هذا الأمر "غير وارد"، مضيفاً أن "رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، لا يجد أن الحل باستقالة الحكومة وإنما باستمرار الحكومة في تحمُّل مسؤولياتها".
لفت مولوي إلى أن الحكومة اللبنانية "ستعمل على ضمان أمن واستقرار المملكة، وألا يخرج من لبنان أي تهديد للنظام في المملكة"، وقال إنه مع "استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي؛ لتجنيب البلد الانعكاسات السلبية"، وأشار إلى أن "استقالة قرداحي ستكون مدخلاً لعدم تحميل الشعب تبعات، هو غير قادر على تحمُّلها".
هجوم على حزب الله
تزامنت تصريحات مولوي ، مع تصريحات للأمير فيصل بن فرحان آل سعود وزير الخارجية السعودي، السبت 30 أكتوبر/تشرين الأول 2021، قال فيها إن أحدث أزمة مع لبنان ترجع أصولها إلى التكوين السياسي اللبناني الذي يعزز هيمنة جماعة حزب الله المسلحة المدعومة من إيران، ويتسبب في استمرار عدم الاستقرار.
يأتي تصريح وزير الخارجية السعودي بعدما قامت بلاده ودول عربية خليجية أخرى بطرد مبعوثين لبنانيين، في خلاف دبلوماسي يهدد بتفاقم الأزمة الاقتصادية في لبنان، بعد انتقادات من وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي للتدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن.
كذلك قال الأمير فيصل لـ"رويترز"، في مقابلة عبر الهاتف: "أعتقد أن القضية أوسع بكثير من الوضع الحالي… أعتقد أن من المهم أن تصوغ الحكومة في لبنان أو المؤسسة اللبنانية مساراً للمضي قدماً بما يحرر لبنان من الهيكل السياسي الحالي الذي يعزز هيمنة حزب الله".
بحضور ممثلين أمريكيين
من جانبه قال وزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب: "تواصلنا مع الأمريكيين لحضور الاجتماع، لأنهم قادرون على معالجة الأزمة الراهنة".
كانت قناة "المؤسسة اللبنانية للإرسال" LBC (خاصة)، ذكرت أن القائم بأعمال السفارة الأمريكية في لبنان، ريتشارد مايكلز، انضم إلى اجتماع خلية الأزمة لمدة نصف ساعة.
لفت إلى أن "الجهات الدولية التي تواصل معها رئيس الحكومة، طلبت منه عدم التفكير في الاستقالة".
بدوره، أكد وزير التربية أن "العمل الحكومي مستمر، ولا يمكن ترك البلد من دون حكومة بالنظر إلى الأزمات التي يعيشها".
مغادرة سفراء لبنان
جاء ذلك بعد ساعات من إعلان وزارة الخارجية الكويتية أن الكويت طالبت القائم بأعمال السفارة اللبنانية بمغادرة أراضيها خلال 48 ساعة، كما استدعت سفيرها من لبنان.
هذا القرار جاء بعد إجراءٍ مشابه اتخذته البحرين، التي طالبت سفير لبنان لديها بمغادرة أراضيها وأمهلته 48 ساعة.
سبق ذلك طلب السعودية من سفير لبنان، الجمعة 29 أكتوبر/تشرين الأول 2021، مغادرة البلاد خلال 48 ساعة، واستدعاء سفيرها في بيروت للتشاور.
ضغوط على لبنان
ردود الفعل الرسمية على تصريحات قرداحي وضعت حكومة رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي، تحت ضغط كبير، كما أن قرداحي بات يواجه ضغوطاً متزايدة لتقديم استقالته للحكومة، لكن قرداحي أبدى تمسكاً بموقفه، ورفض "الاعتذار" عن "آرائه الشخصية". وقال: "أنا لم أخطئ في حق أحد، ولم أتهجم على أحد، فلِمَ أعتذر؟".
من جانبه، قال رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري، إن حزب الله يتحمل مسؤولية الشقاق الدبلوماسي بين لبنان ودول خليجية، من بينها السعودية، وقال في تغريدة على تويتر: "المسؤولية أولاً وأخيراً تقع في هذا المجال على حزب الله، الذي يشهر العداء للعرب ودول الخليج العربي".
يُتوقع أن تتسبب الأزمة مع السعودية في قلب الموازين بلبنان رأساً على عقب، وتدفع مسؤوليه نحو حسابات جديدة.
كانت السعودية قد قررت، في أبريل/نيسان 2021، منع دخول الخضراوات والفواكه اللبنانية أو عبورها من أراضيها، بعد إحباط تهريب أكثر من مليوني قرص مخدر مخبأة في شحنات فواكه لبنانية.
يُشار إلى أنه تاريخياً كانت تسود علاقات مميزة بين الرياض وبيروت، إلا أنها توترت عام 2017، إذ اتهمت السعودية "حزب الله" بأنه يسيطر على القرار السياسي والأمني في لبنان، فضلاً عن تدخله في حرب اليمن بدعم جماعات تعمل ضدها.