اتهامات متبادلة بين الأطراف السياسية في لبنان على خلفية الأحداث القاتلة التي شهدتها العاصمة اللبنانية بيروت.
وكان جمهور الثّنائي الشيعي، حركة أمل وحزب الله، نظم اعتصاماً اليوم الخميس 14 أكتوبر/تشرين الأول، بدعوة من الفريقيْن السياسيين أمام قصر العدل في بيروت تنديداً بعمل المحقّق العدلي في انفجار مرفأ بيروت، طارق البيطار، الذي أصدر مذكّرة توقيف يوم الإثنين 11 أكتوبر/تشرين الأوّل بحق نائب حركة أمل علي حسن الخليل.
وتزامناً مع انطلاق المسيرة من منطقة الطيّونة في بيروت باتجاه قصر العدل، بدأت الاشتباكات على محيط منطقتي الطيّونة وعين الرّمانة، دون معرفة الأسباب وراء هذا الاشتباك الذي تحوّل الى إطلاق رصاص كثيف بين أطراف مجهولة إضافة إلى ظهور قنّاصين على سطوح الأبنية.
تطوّر الاشتباكات
فجأة تحوّلت بيروت، وتحديداً منطقة الطيّونة-عين الرّمانة إلى ساحة معركة، فتطوّرت الأحداث من إطلاق نار عشوائي إلى قنّاصين على سطح الأبنية، وكان ختامها التصويب على الأبنية بقذائف من نوع B7.
وحتى السّاعة، لم توضّح ملامح الخلاف، إلا أن شهود عيان من طرف الثنائي يقولون إنّهم كانوا يمرّون بسلام من منطقة عين الرّمانة لينهال عليهم الرصاص، وفي المقابل هناك شهود عيان آخرون يقولون إن المفتعل الأوّل للأحداث كان حزب الله.
أمّا الصحفيون والمراسلون المتواجدون في موقع الحدث، فأوضحوا أن الأمور كانت طبيعية ولكن فجأة تحوّل الأمر إلى ساحة حرب بين أطراف مجهولة، فلم يعلموا من يصوّب على مَن، فقط علموا أن المشكلة افتعلت، وأصبحت أصوات الرصاص تأتي من كل الأنحاء.
كما تعلّق بعض المصادر لـ"عربي بوست" أن الأجواء في المنطقة كانت مشحونة منذ ليل أمس بحيث كان الجيش منتشراً خشية أي تطوّر ممكن أن يقع.
إضافة إلى ذلك، تؤكّد هذه المصادر لـ"عربي بوست" أنّه إضافة لتواجد الجيش ليل أمس، فلوحظ انتشار كبير لعناصر حزبية مؤيّدة للتحرّك وأخرى معارضة، معتبرين أن ما حصل اليوم مفتعل ومتوقّع.
الحزب يتّهم القوّات
يتّهم حزب الله وجمهوره عناصر القوّات اللبنانية بالهجوم عليهم وهم يمرّون من منطقة عين الرّمانة في بيروت، وبأنّهم هم من افتعلوا الاشتباك كونهم كانوا يمرّون من المنطقة تجاه قصر العدل مستندين إلى خطاب رئيس حزب القوّات اللبنانية أمس حين قال: "الشارع سيقابله شارع".
وفي المقابل، ينفي جمهور القوّات اللبنانية تواجده في المنطقة، وأنّهم من أطلقوا النار، متّهمين عناصر حزب الله بذلك، قائلين إن المشكلة مفتعلة من قبل الثنائي الشيعي لتصبّ في مصلحتهما ضد التحقيق في انفجار مرفأ بيروت وفي محاولة لإشعال الفتنة.
وقف التحقيق أو الفتنة
يفيد محلّلون سياسيون لـ"عربي بوست" بأنّ ما يحصل في الشارع اليوم هو ورقة ضغط من قِبل حزب الله من أجل إسقاط التحقيق واستبدال القاضي طارق البيطار.
كما أكّد المراقبون للوضع الحالي أنّ ما حصل اليوم لا يمكن فصله عن خطاب أمين عام حزب الله حسن نصرالله حين قال إن التحقيق مسيّس وهدفه افتعال الفتنة في البلد.
وليست المرّة الأولى التي يستخدم فيها حزب الله الشارع بغرض التهديد والضغط عندما يشعر أن الأمور تخرج عن سيطرته وتهدّده. فقد سبق ونزل إلى الشارع في 7 مايو/أيّار 2008 في معركة دموية فيما يخصّ اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
كما أنّه عاد إلى الشارع مع بداية انتفاضة 17 أكتوبر/تشرين الأول، حين قرّر رئيس الحكومة سعد الحريري الاستقالة، فهجموا على المتظاهرين وكسّروا خيمهم في وسط البلد.
وطالما أنّ التحقيق مستمرّ والاستدعاءات مستمرّة، فيتوقّع المحلّلون أن يستمرّ حزب الله بهذه المنهجية حتى لو سقطت الدماء حتى يحقّق مراده: "قبع" البيطار ووقف التحقيقات، أو أقلّه الى حين عودة الحصانات إلى النوّاب في 19 أكتوبر/تشرين الأول، أي مع انعقاد جلسة مجلس النواب الأولى في ظل الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي.
شد العصب الطائفي
مع تطوّر الأحداث واستمرار الاشتباكات والرّصاص في محيط منطقة الطيّونة، يعبر بعض المحلّلين أن الأحزاب، أهمّها الثنائي وحركة أمل، تستخدم قضية التحقيق في انفجار المرفأ كفرصة لشدّ العصب الطائفي من أجل ضمان حصّتها في المجلس النيابي مع اقتراب موعد الانتخابات.
فالشعب الذي فقد الأمل بهذه السّلطة ويتّجه نحو الخيار البديل المعارض، يجب من وجهة نظر أحزاب السلّطة إعادته إلى دائرتهم. إنّ المواجهة بالسلاح بين الطرفيْن تعزّز مبدأ الخلاف "الشيعي ـ المسيحي" أو المسلم ـ المسيحي وبالتّالي مجدّداً انتخاب على حساب الطائفة لا الكفاءة.
كما يتوقّع محللون تحدثوا لـ"عربي بوست" أن يكون كلّ ذلك مسرحية بين الطرفين، خصوصاً أن الجيش اللبناني لم يتدخّل للجم الأمور بعد ثلاث ساعات من إطلاق النّار المتواصل.
الحصيلة حتى اللحظة
أصدرت رويترز ومصادر إخبارية محليّة أن حصيلة الاشتباكات حتى الآن 3 قتلى وأكثر من 30 جريحاً وإحدى القتلى من آل زعيتر بالإضافة إلى امرأة قُتلت داخل منزلها جرّاء رصاص قنّاص.
وتتوافد أفواج من الصليب الأحمر اللبناني والدّفاع المدني إلى المستشفيات كما دعت وزارة الصحّة إلى معالجة جميع الجرحى على نفقتها وحثّت المستشفيات على ضرورة استقبال جميع الجرحى.
بيان الجيش
حتى السّاعة، لم يتدخّل الجيش بشكل رسمي وحازم لوقف إطلاق النار، فقط اكتفى بتعزيز قوّاته عبر دبّاباته. كما أصدر بياناً قال فيه إنّه لن يتردّد بإطلاق النار على كل من يطلق النار بالإضافة إلى سلسلة من التوقيفات.
كما جاء في البيان أنّه ومع مرور المتظاهرين بشكل سلمي بين منطقة الطّيونة- عين الرّمانة تعرّضوا لإطلاق رصاص من قِبَل مجهولين.
وتستمر الاشتباكات حتى السّاعة حيث لم يتوقّف إطلاق الرّصاص إلا مدّة ربع ساعة من الوقت، لتستأنف الاشتباكات بالإضافة إلى مزيد من قذائف الـB7 والأهالي المحاصرون في بيوتهم يناشدون الجيش والقوى الأمنية وضع حدّ للأمر بعد تعرّض بيوتهم للرصاص.