عدم تسلم محاضر التصويت واستخدام المال.. “العدالة والتنمية” يشتكي من خروقات بالانتخابات المغربية

عربي بوست
تم النشر: 2021/09/09 الساعة 12:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/09/09 الساعة 12:12 بتوقيت غرينتش
حزب العدالة والتنمية يشتكي من خروقات / رويترز

كانت الأجواء مبشرة في مقر حزب العدالة والتنمية، ساعة بعد إغلاق مكاتب التصويت وبداية الفرز، حيث بدأت قيادات الحزب تتقاطر على المقر بـ"حي الليمون" بالعاصمة الرباط.

أيضاً تراص في نفس المقر أعضاء لجان الفرز التابعة للحزب يوزعون ابتسامات الطمأنة على عشرات الصحافيين الذين حضروا لتغطية ليلة انتخابات 2021.

هذه الصورة ستنقلب تماماً بعد تقدم الساعات، وصعود تقارير تؤكد أغلبها أن رؤساء مكاتب التصويت تمنع ممثلي الأحزاب من الحصول على المحاضر النهائية لنتائج الاقتراع، وكانت قد سبقتها تقارير كثيرة عن استعمال المال بشكل غير مسبوق.

انتخابات بلا محاضر

بعد منتصف الليل بدقائق، وبعد اجتماع مطول للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، خرج رئيس الحزب والحكومة سعد الدين العثماني ليقرأ على الصحافة بياناً مقتضباً، أعلن فيه أن عدم استلام المحاضر يساوي عدم وجود نتائج.

وقال سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، في أول تعليق على نتائج انتخابات 8 سبتمبر/أيلول 2021 الجماعية والجهوية والتشريعية، إن "عدم تسليم المحاضر لممثلي حزبنا، لا يتيح التأكد من النتائج الحقيقية للعملية الانتخابية". 

وتابع العثماني أن حزبه "تفاجأ بأن أغلب محاضر التصويت لم تسلّم لممثلي الأحزاب السياسية، وخصوصاً ممثلي حزبنا".

وزاد العثماني: "بما أنه لا يمكن تصور نتائج الانتخابات بدون محاضر، فإننا لازلنا ننتظر تسلمها كي نقول رأينا في النتائج"، مشيراً إلى أن "عدم تسليم محاضر التصويت هو عمل مرفوض؛ لأنه مخالف للمقتضيات القانونية".

قبل هذا البلاغ، الذي قرئ على نطاق واسع بكونه تشكيكاً في النتائج، "أجرى العثماني اتصالات مع وزير الداخلية يدعوه للتدخل لتطبيق القانون وإيقاف ما يجري من تجاوزات"، تقول مصادر من قيادة الحزب.

وأكدت في تصريح لـ"عربي بوست"، أن "وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، أخبر رئيسه في الحكومة بأنه لا يملك سلطة على رؤساء مكاتب التصويت"، هذا الجواب أثار حفيظة قيادة الحزب، وقررت بعدها إصدار بلاغ ثانٍ، وكلفت هذه المرة رئيس الحزب (رئيس الحكومة) بإلقائه على وسائل الإعلام.

مصادر من قيادة الحزب كشفت لـ"عربي بوست"، أن حوالي 95% من رؤساء مكاتب التصويت رفضوا تسليم ممثلي جميع الأحزاب، وليس فقط حزب العدالة والتنمية.

وتابع المصدر ذاته أن "عدم تسليم المحاضر، مع الخروقات الكثيرة التي وصلتنا، تعني شيئاً واحداً أن هناك نيةً مبيتةً للتلاعب في النتائج لا أقل ولا أكثر".

ووفق مقتضيات القانون المغربي فإن كل رئيس مكتب التصويت (ممثل وزارة الداخلية) ملزم بتسليم ممثلي الأحزاب المحاضر الرسمية والنهائية لنتائج الانتخابات مكتوبة وموقعة بخط اليد، وهو ما تم منعه في هذه الانتخابات.

رفض تسليم المحاضر كان موضوع بلاغ للأمانة العامة للحزب، الذي قال: "بعد انتهاء عمليات الفرز، توصلت الإدارة المركزية للحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية باتصالات كثيرة من مختلف الدوائر الانتخابية تفيد بامتناع الكثير من رؤساء مكاتب التصويت عن تسليم نسخ من محاضر التصويت لممثلي المترشحين في عدد مهم من الدوائر".

وعبرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية عن رفضها لهذا السلوك المتواتر، والذي يعتبر ضرباً واضحاً للمقتضيات القانونية، ولا يتيح التأكد من النتائج الحقيقية للعملية الانتخابية، فإنها تطالب بتمكين كل ممثلي المرشحين من نسخ كل المحاضر قبل الإعلان عن النتائج النهائية.

رئيس الوزراء المغربي سعد الدين عثماني/رويترز

المال "السياسي" في الانتخابات

توزيع المال السياسي كان كبيراً وغير مسبوق في هذه الانتخابات، هكذا أجمعت قيادة العدالة والتنمية في لقائها المطول ليل الأربعاء/صباح الخميس.

رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، إدريس الأزمي الإدريسي، صرح لموقع العدالة والتنمية، بأن استعمال المال السياسي في هذه الانتخابات كان "بحال الشتا" (كالمطر).

وسجل المتحدث أن الاستعمال الكثيف للمال كان خلال حملة الترشيحات وخلال الحملة الانتخابية وتضاعف يوم الاقتراع، وأن صرف هذه الأموال دليل على أن الأحزاب التي أنفقتها ليس لها ما تنفق، كما أنه يجسد اعتراف هذه الأحزاب بالهزيمة.

من جهته أعلن المدير المركزي للحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية، عبد الله بووانو، في تصريح لـ"عربي بوست" أنه فاز بهذه الانتخابات من قام إنزال كثيف للمال، وشراء جزء من الإعلام والمرشحين والفنانين وكل شيء، إننا أمام شراء عدد من المقاعد في البرلمان".

وأفاد المتحدث بأن "الأموال المكثفة التي تم إنزالها في هذه الانتخابات تجاوزت بشكل كبير جداً، الأموال التي عرفتها انتخابات 2016، وكل الانتخابات التي سبقتها، مستنكراً استعمال المال في أمور غير نزيهة وغير شريفة.

واستطرد الكل يتساءل عن مصدر هذا المال الذي سبق أن اشتكت منه خمسة أحزاب ضد حزب واحد.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور تظهر اعترافات بتلقي أموال من أجل التصويت لأحزاب معينة، أغلبها تتحدث عن التصويت لحزب التجمع الوطني للأحرار، بقيادة رئيسه الوزير فوق العادة عزيز أخنوش.

كما ظهرت فيديوهات لأفراد من أحزاب معارضة للعدالة والتنمية وهي تقوم بتوزيع المال على الناخبين داخل مراكز التصويت والاقتراع.

زلزال "العدالة والتنمية"

هذه النتائج وصفها الأمين العام السابق، ورئيس الحكومة السابق، عبد الإله بن كيران بالمؤلمة، داعياً إلى استقالة الأمين العام، وعقد مؤتمر استثنائي للحزب في أقرب وقت.

وقال بن كيران في رسالة حصل "عربي بوست" على نسخة منها: "بصفتي عضواً في المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية وانطلاقاً من وضعي الاعتباري كأمين عام سابق لنفس الحزب، وبعد اطلاعي على الهزيمة المؤلمة التي مُني بها حزبنا في الانتخابات المتعلقة بمجلس النواب، أرى أنه لا يليق بحزبنا في هذه الظروف الصعبة إلا أن يتحمل السيد الأمين العام مسؤوليته ويقدم استقالته من رئاسة الحزب والتي سيكون نائبه ملزماً بتحمّلها إلى أن يعقد المؤتمر في أقرب الآجال الممكنة في أفق مواصلة الحزب تحمل مسؤوليته في خدمة الوطن من موقعه الجديد".

رسالة بن كيران تزامنت مع عقد الأمانة العامة للحزب اجتماعاً طارئاً هذا الصباح، الخميس 9 أيلول/سبتمبر الجاري، والذي يتوقع أن يكون طويلاً وشاقاً على الأمين العام للحزب سعد الدين العثماني.

نتائج الانتخابات خلفت صدمة كبيرة في المغرب لا لأنصار العدالة والتنمية وحتى لخصومه، حيث حصل الحزب على 12 مقعداً، وفقد أكثر من 110 مقاعد في أقل من 5 سنوات، وانتقل من الحزب الأول في المغرب إلى الحزب الثامن.

ولعل أكبر صدمة تلقاها المغاربة، هي هزيمة رئيس الحكومة وفشله في الحصول على مقعد في البرلمان.

تحميل المزيد