كشف رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، خالد المشري، خلال مقابلة أجراها مع موقع "عربي بوست"، عن عقد لقاء بين كل الأطراف السياسية المتنازعة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل، لمحاولة إحداث توافق داخلي بعيداً عن التدخلات الخارجية، ومن خلال تقديم تنازلات من كل الأطراف.
مضيفاً: "نحن نعمل بجد وبقوة على هذا الأمر، وهو شغلنا الشاغل في الفترة الحالية، ونقوم الآن بتحديد المستهدفين للمشاركة في هذا الملتقى، وبدأنا التواصل معهم بالفعل، ونتمنى الوصول إلى تسوية سياسية".
في حين أوضح المشري، في مقابلة خاصة مع "عربي بوست"، أن "المجلس الأعلى للدولة ربما لا يتبنى هذا الملتقى التوافقي، حتى لا ينفر منه الآخرون الذين لديهم مواقف حادة من المجلس"، مؤكداً أن "المشاركة في هذه اللقاءات ستكون كبيرة، وبرعاية أكبر"، لكنه تحفظ على ذكر أسماء المشاركين، "حفاظاً على نجاح الملتقى"، على حد قوله.
وحول الخلاف بين الحكومة والمجلس الرئاسي بشأن أزمة تعيين وزير الدفاع، أكد المشري أن هذا "حق أصيل لرئيس الحكومة بعد التشاور مع المجلس الرئاسي، لكن هذه الإشكالية لم تُحل حتى الآن، لأن اختيار وزير الدفاع سيكون نقطة حاسمة بالنسبة للحكومة"، مستبعداً تسمية وزير الدفاع أو توحيد المؤسسة العسكرية قبل إجراء الانتخابات المقبلة.
إلا أنه رجّح عدم إجراء الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل؛ فهذا الأمر "بات صعباً للغاية"، أما الانتخابات البرلمانية فما زال الوقت يسمح بإجرائها، لكن بشرط إقرار القاعدة الدستورية وقوانين الانتخابات، منوهاً إلى أن الانتخابات الرئاسية ستُجرى مباشرة بعد تشكيل البرلمان المقبل، وإقرار الدستور، وهو الأمر الذي قد يتجاوز العام، وقد يصل لعامين تقريباً.
كما عبّر رئيس المجلس الأعلى للدولة عن خشيته من عدم إجراء الانتخابات، لأن هذا سيؤدي من وجهة نظره إلى "كوارث كبيرة، وأي سيناريو آخر سيكون مخيفاً، وسيؤدي لنتائج قد لا تحمد عقباها"، مُحمّلاً رئيس البرلمان عقيلة صالح، وخليفة حفتر المسؤولية الرئيسية عن استمرار الخلافات الليبية، واحتمالية عدم إجراء الانتخابات في موعدها.
وفيما يلي نص المقابلة الخاصة:
بعد مرور نحو ستة أشهر على تولي حكومة الوحدة الوطنية الجديدة الحكم في ليبيا.. كيف تقيِّم أداء هذه الحكومة اليوم؟
من الصعب تقييم أدائها، لأننا نعلم جميعاً أن هذه الحكومة جاءت في ظروف استثنائية وغير طبيعية، وجاءت لمحاولة إيجاد حالة توافقية، لكن للأسف الشديد نرى البرلمان – أو بالأحرى رئيس البرلمان – منذ تكوين هذه الحكومة وهو يعرقل عملها؛ فعلى سبيل المثال نجد البرلمان حتى هذه اللحظة لم يعتمد الميزانية العامة للدولة، وأيضاً بعض الأمور الحكومية المتعلقة بالإعداد للعملية الانتخابية ما زالت عالقة من قِبل البرلمان، وبالتالي فأداء الحكومة يعتبر معقولاً في ظل الظروف التي تمر بها.
ما طبيعة العلاقة بين الحكومة والمجلس الأعلى للدولة؟
علاقة المجلس الأعلى للدولة مع الحكومة علاقة محددة البنود من خلال الاتفاق السياسي، ونحن لدينا تواصل جيد مع الحكومة سواء كان ذلك مع رئيسها أو مختلف الوزراء، وحين قُدمت لنا الميزانية ناقشناها، ثم قدمنا الملاحظات عليها في المدة المُحددة لها، وفي غير موضوع الميزانية هناك تنسيق جيد بيننا في العديد من الموضوعات الأخرى؛ فالعلاقة بين الحكومة والمجلس الأعلى علاقة جيدة.
وماذا عن علاقة الحكومة بالمجلس الرئاسي الليبي في ظل ما يُقال حول وجود "خلافات وصراعات" بينهما، آخرها الخلافات الخاصة بصلاحيات تعيين السفراء بالخارج؟
المجلس الرئاسي هو كيان مُستحدث، وكان من المفترض أن يصبح رئيس الحكومة هو رئيس المجلس الرئاسي، وبالتالي هذا الاستحداث خلق نوعاً من التنازع في الصلاحيات، منها ما ذكرت موضوع تعيين السفراء وغيرها، لكن هذه المسألة تم حلها عن طريق القضاء من خلال دار الفتوى والتشريع. والمجلس الرئاسي يقوم باختصاصاته البروتوكولية، وما يتعلق ببعض الاختصاصات الممنوحة له كرئيس للدولة.
كان هناك صدام سابق بين الحكومة والمجلس الرئاسي لتحديد صاحب الحق الأصيل في تعيين وزير الدفاع.. ما الذي انتهى إليه هذا الصدام؟ وكيف يمكن حل أزمة الصلاحيات والاختصاصات بين الحكومة والمجلس الرئاسي؟
اختيار وزير الدفاع هو حق أصيل بالطبع لرئيس الحكومة، لكن هناك تشاور بين رئيس الحكومة والمجلس الرئاسي لاختياره، واختيار وزير الخارجية.
لكن لم يتم التشاور بينهما في اختيار وزير الخارجية، وتم إعطاء الصلاحية كاملة لرئيس الحكومة لاختياره، أما اختيار وزير الدفاع فالأمر شديد الحساسية؛ لأن الجميع يعلم أن ليبيا في مرحلة صراع، وبالتالي تعيين أي وزير للدفاع ربما يُغضب أحد الأطراف المتصارعة، فاحتفظ رئيس الحكومة بهذا المنصب لنفسه، وهو الأمر الذي لم يرتضِه المجلس الرئاسي، وما زالت هذه الإشكالية لم تُحل حتى الآن، لأن اختيار وزير الدفاع سيكون نقطة حاسمة بالنسبة للحكومة.
هل من الوارد تسمية وزير الدفاع قبل إجراء الانتخابات المرتقبة؟
لا أعتقد ذلك، لأنني أستبعد اختيار وزير الدفاع قبل إجراء الانتخابات.
مَن هي الجهة المنوطة بحسم الخلافات بين الحكومة والمجلس الرئاسي أو بين الحكومة والمجلس الأعلى للدولة؟
لا يوجد تعارض بين اختصاصات الحكومة، والمجلس الأعلى للدولة؛ فلكل منهما اختصاصاته الواضحة التي نص عليها الاتفاق السياسي، لكن ما يتعلق بالمجلس الرئاسي هناك تداخل في الاختصاصات، والقضاء هو الذي يحسم تلك الخلافات.
الأمم المتحدة رحبت بتشكيل قوة مشتركة من الجيش الليبي وميليشيا حفتر لتأمين النهر الصناعي.. ما دلالة هذه الخطوة؟
في الحقيقة لم تُشكّل قوة عسكرية مشتركة بالمعنى المذكور، وإنما حدث تنسيق في منطقة تسمى "الشويرف" الخاضعة لسيطرة ميليشيات حفتر، وعندما قُطعت المياه عن طرابلس تم تكليف وحدات من الجيش الليبي بالذهاب لتلك المجموعة التي أغلقت خط المياه، ولم يقع الصدام المتوقع، وإنما تم حل الأمر بطرق سلمية، وبالتالي نتج عن ذلك نوع ما من التنسيق، إلا أن هذا لا يرتقي لدرجة التنسيق التام بين قوات الجيش الليبي وميليشيات حفتر.
بالتالي ما هي الإشكاليات التي لا تزال تحولُ دون توحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا؟
هذه قضية صعبة جداً، لأن الإشكالية الأساسية في توحيد المؤسسة العسكرية هي أن النظام العسكري المتبع في شرق ليبيا يختلف تماماً عن النظام المتبع في غربها؛ فلا يوجد لدينا في المنطقة الغربية المنصب المُسمى بـ"القائد العام"، وإنما "القائد الأعلى"، و"رئيس الأركان". أما المنطقة الشرقية، وعلى رأسها حفتر، فترفض تماماً التخلي عن منصب "القائد العام"، وهو ما يؤيده رئيس البرلمان عقيلة صالح، وبالتالي فإن فرص توحيد المؤسسة العسكرية "تقارب الصفر" قبل إجراء الانتخابات.
طالبتم مؤخراً اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 بضرورة "النأي بنفسها" أو التدخل في الشأن السياسي والاتفاقيات الدولية.. فما أبعاد هذا التدخل؟
هذه اللجنة هي لجنة فنية، وشُكّلت بالأساس لموضوع وقف إطلاق النار، وتحديد نقاط التماس، وما إلى ذلك، لكن أن تتدخل في موضوع تعيين وزير الدفاع فهذا أمر سياسي لا علاقة للجنة الفنية به. أيضاً خارطة الطريق نصت على أن الاتفاقات الدولية لا تخضع للحكومة ولا للمجلس الرئاسي، وبالتالي نحن نعتقد أن هذه المطالبة جاءت من قِبل المجموعة المؤيدة لحفتر، وتبناها الباقون، ونحن نرفض هذا الأمر، الذي يعتبر تدخلاً في الشأن السياسي؛ فحدود صلاحياتها فقط ما يتعلق بالأمور الفنية، مثل وقف إطلاق النار، وإزالة الألغام، وفتح الطرق.. إلى آخره.
هل نجحت حكومة الوحدة الوطنية في بسط سيطرتها وسيادتها على كامل التراب الليبي أم لا؟
بالطبع لم تنجح، وقد رأينا عجز رئيس الحكومة عن الذهاب إلى بنغازي، وما زالت هناك إشكاليات في الجنوب، والحقيقة أن قوات حفتر تمنع حكومة الوفاق من بسط سيطرتها على كامل التراب الليبي، وهي بذلك تخالف خارطة الطريق.
كيف تنظرون لمحاولات البعض سحب الثقة من الحكومة؟
محاولة سحب الثقة من الحكومة بمثابة "قفزة في الهواء" وخطوة عمياء تدل على الجهل بالاتفاق السياسي وبخارطة الطريق التي أوضحت آليات سحب الثقة من الحكومة، وهي أن يتقدم 50 نائباً بطلب سحب الثقة، ثم يدرس البرلمان هذه الخطوة، ثم يحيلها إلى مجلس النواب، ويكون رد مجلس النواب خلال فترة 15 يوماً، وإذا وافق مجلس الدولة على هذه الخطوة يرجع الأمر للبرلمان (مجلس النواب) للتصويت على القرار، ويتطلب حجب الثقة 120 صوتاً على الأقل، وهذه أمور شبه مستحيلة خلال الوقت الحالي.
هل هذه الخطوة قد تُحدِث صداماً بين الحكومة ومجلس النواب؟
هناك صدام بالفعل لكن بين الحكومة ورئيس مجلس النواب؛ فرئيس مجلس النواب يحاول أن "يبتز الحكومة"، وهذا أمر مرفوض من جانب الحكومة بطبيعة الحال، ونحن على تواصل مع الحكومة في رفض هذه الإجراءات من قِبل مجلس النواب، الذي عليه أن يقوم بدوره الرقابي والتشريعي طبقاً للتشريعات النافذة، وطبقاً لما حدده له الاتفاق السياسي.
لماذا فشل البرلمان حتى الآن في إقرار مشروع الميزانية العامة لعام 2021؟
لسببين: الأول هو محاولة إيجاد ميزانية لميليشيات حفتر، وهذا أمر مرفوض. والثاني يتمثل في ابتزاز الحكومة ببعض المناصب، خاصة المتعلقة بالسفراء، وبعض المناصب العليا في الدولة، بمعنى أنه لن تتم الموافقة على الميزانية العامة قبل تمرير تلك التعيينات؛ فقد قاموا بربط الأمرين ببعضهما البعض.
ما تقييمكم لمجمل أداء المجلس الأعلى للدولة بعد إعادة انتخابك قبل أيام رئيساً لدورة رابعة مدتها سنة؟
المجلس الأعلى للدولة قام بكل المهام المنوطة به على أكمل وجه، ولكن للأسف معظم أعمال مجلس الدولة تتعلق أو ترتبط بشكل أو بآخر بمجلس النواب، ولم نجد شريكاً سياسياً حقيقياً نؤدي به المهام، لكن من طرفنا قمنا بالمهام المنوطة بنا على أفضل وجه.
هناك تقارير تتحدث عن انقسام داخل المجلس الأعلى للدولة بعد فوزك بولاية رابعة.. ما دقة هذه التقارير؟
هذه التقارير هي محض كذب، وأحلام لدى مَن يحاولون محاربة المجلس الأعلى للدولة، كل ما في الأمر أن هناك عضواً واحداً فقط يعترض على نص باللائحة، وهذا النص واضح وصريح بأنه في حالة انتشار الأوبئة فإنه يجوز للأعضاء توكيل أعضاء آخرين نيابة عنهم؛ فهو يرى أن هذا الأمر مُخالف من وجهة نظره، وهذه السنة الثانية التي تتم فيها الانتخابات على هذا الأساس.
وبالمناسبة أحد الأعضاء الذين حضروا الجلسة كان مُصاباً بفيروس كورونا، والتحاليل لم تظهر هذه الإصابة، وقد توفي بعد الجلسة، وقد كان هذا العضو مندوباً عني في فرز الأصوات، وبالتالي فالوباء موجود، والظروف التي وضعت فيها هذه القاعدة موجودة، وهذا العضو المعارض الوحيد أصبح الآن يغرد منفرداً، وكل أعضاء المجلس البالغ عددهم 134 عضواً لا يتفقون مع هذا العضو، لكن طبعاً في مثل هذه الظروف تجد الحالمين الواهمين بوجود انقسام مجلس الدولة يتشبثون بمثل هذه "القشة" الواهية.
هناك أنباء حول وجود وساطة مصرية – إماراتية بين حفتر ورئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة لخفض التوتر بينهما.. ما أبعاد هذا الأمر؟
هناك العديد من الأطراف المهتمة بحفتر، لكن حفتر غير مهتم باجتماع الآراء، حتى إن وُجدت مثل هذه المحاولات فإن حفتر مطالبه لا تنتهي، وغير مقبولة، وغير قابلة للتطبيق، وأعتقد أن هذه المحاولات لن يُكتب لها النجاح أبداً.
هل ما زالت الإمارات ومصر تصرّان على دعم حفتر وإن كان ذلك بشكل غير مباشر أم لا؟
مصر اليوم لديها ملاحظات أو تحفظات تجاه حفتر، أما الإمارات فمن الواضح أنها ما زالت تدعم حفتر حتى الآن، لكن الأمر مختلف بالنسبة للقاهرة.
برأيكم، ما انعكاس التطورات التونسية وتوتر العلاقات المغربية- الجزائرية على المشهد الليبي؟
ليبيا دولة من دول المغرب العربي، وهي رئيسة اتحاد المغرب العربي منذ أكثر من عشر سنوات عندما لم تُعقد قمة عربية للأسف، لكن هذه المنغصات تؤثر على المشهد الليبي بشكل أو بآخر، سواء على المستوى السياسي أو الأمني، ونحن نستاء من هذه التطورات، ونتمنى الاستقرار السياسي وعودة العلاقة بين المغرب والجزائر، كما نتمنى الاستقرار السياسي في تونس؛ فتلك الأمور تؤثر علينا كما يؤثر عليهم عدم الاستقرار في ليبيا.
ترددت أنباء عن منعكم -وآخرين- من دخول تونس.. فما صحة تلك الأنباء؟
غير صحيحة، وعارية تماماً عن الصحة جملة وتفصيلاً، وهذه أنباء مغرضة من وسائل "إعلام الفتنة".
وما ردكم على اتهام السلطات التونسية لليبيا بأنها "تصدر الإرهاب إلى تونس"؟
السيد رئيس الحكومة قام بالرد المناسب على هذه الادعاءات.
الجزائر تحتضن مؤتمراً جديداً بشأن ليبيا، بمشاركة دول الجوار الليبي.. فما أبرز القضايا المطروحة على أجندة هذا المؤتمر؟
أهم القضايا المطروحة هي مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، ومكافحة تهريب المخدرات، والوضع الأمني العام الذي يشمل كل دول الجوار تقريباً، وهو يُعقد اليوم الإثنين 30 أغسطس/آب الجاري، بمشاركة وزيرة الخارجية الليبية، ونحن نشكر الجزائر على هذا الجهد، وستكون لنا زيارة للجزائر عقب انعقاد هذا المؤتمر.
من وجهة نظركم، هل ستُجرى الانتخابات البرلمانية والرئاسية في موعدها المقرر نهاية العام الحالي؟
لا أعتقد أن تُجرى الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل؛ فهذا الأمر بات صعباً للغاية، أما الانتخابات البرلمانية فما زال الوقت يسمح وكافياً، لكن بشرط إقرار القاعدة الانتخابية وقوانين الانتخابات، والتي ما زال بها إشكالية كبيرة حتى الآن، رغم أن الوقت يمضي.
إذن متى ستُجرى الانتخابات الرئاسية؟
أعتقد أن الانتخابات الرئاسية ستُجرى بعد تشكيل البرلمان المقبل، والذي سيعيد النظر في مواد الدستور، ثم تُجرى انتخابات رئاسية بعد إقرار الدستور مباشرة، وهو الأمر الذي قد يتجاوز العام، وقد يصل لعامين تقريباً.
كيف ترون استمرار الجدل والخلاف بشأن "القاعدة الدستورية" وفكرة إجراء الاستفتاء على الدستور قبل الانتخابات؟
نحن مصرّون على إجراء الاستفتاء على الدستور قبل الانتخابات، لكن حتى لا نُتهم بالعرقلة قلنا قد نقبل بوجود قاعدة دستورية متينة ورصينة، لكن للأسف حتى القاعدة الدستورية هناك محاولات لجعلها قاعدة مُفصّلة على أشخاص بعينهم، وهو أمر مرفوض بالنسبة لنا.
ما تعقيبكم على تصريحات رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، التي قال فيها: "إذا تم الاستفتاء على الدستور فلن تكون هناك انتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول"؟
السيد عماد السايح مُكلّف بتسيير أعمال المفوضية، وللأسف هذا التكليف لا زال سارياً منذ 7 سنوات، وكان عضواً في المفوضية ثم كُلّف بتسييرها بعد استقالة رئيسها، وهو لديه موقف شخصي من الدستور، ولهذا لا يريد الاستفتاء عليه، وهو ما يعني عدم حياديته، ومثل هذه التصريحات هي فقط محاولة لعرقلة الاستفتاء.
لماذا لم يصدر قانون الانتخابات حتى الآن؟
نحن نعمل على وضع قانون الانتخابات، ومجلس النواب يعمل أيضاً لكن بشكل منفرد، وتواصلنا مع مجلس النواب للعمل بشكل جماعي، لكن إذا صدر هذا القانون من مجلس النواب منفرداً فلن نعترف به؛ لأن الاتفاق السياسي ينص على أن قانون الانتخابات يجب أن يكون قانوناً توافقياً بين الطرفين.
برأيكم، هل الانتخابات المقبلة ستأخذ شكلاً مغايراً عن الانتخابات التي شهدتها ليبيا سابقاً؟
بالطبع نعم؛ لأن ليبيا الآن وصلت لمرحلة انقسام سياسي وعسكري خطير، لذا نعتقد أن الانتخابات القادمة ستكون أكثر حدية من أي انتخابات سابقة.
هل تعتقد أن حزب العدالة والبناء، الذي تنتمي إليه، سيكون له النصيب الأكبر في الانتخابات المرتقبة مقارنة بباقي الأحزاب الأخرى؟
لا أعتقد ذلك، لأن الحياة السياسية الآن في ليبيا متغيرة ومتداخلة الظروف، إلى جانب الانشقاق الذي حدث داخل حزب العدالة والبناء، وتشكيل حزب جديد من قِبل الأعضاء المنشقين، وهناك الكثير من الأحزاب التي لها فرص كبيرة، وبالتالي أعتقد أن الفرص بين خمسة أو ستة أحزاب ربما تكون فرصاً متساوية، والأمر سيعتمد على قانون الانتخابات في الفترة المقبلة.
هل إجراء الانتخابات في ظل بقاء القوات الأجنبية يمكن أن يُفقد تلك الانتخابات مصداقيتها وشرعيتها؟
بقاء القوات الأجنبية إن لم يفقد الانتخابات شرعيتها؛ فعلى الأقل سيلقي بظلال من الشك، وسيضعف مصداقيتها وشرعيتها، فوجود هذه القوات هو أحد عوائق إجراء الانتخابات من الأساس.
طالبتم بوجود ضمانات دولية من أجل ضمان نزاهة وحيادية تلك الانتخابات.. ما الذي وصلتم إليه حتى الآن في هذا الصدد؟
لا توجد أي ضمانات واضحة ومُحددة مقبولة من الأمم المتحدة أو من الدول الكبرى أو المنظمات الإقليمية فيما يتعلق بهذا الأمر حتى الآن، ويرجع ذلك لعدم وضوح الصورة، سواء من ناحية إقرار قوانين الانتخابات، أو بسبب استمرار سيطرة حفتر على بعض المناطق.
هل حفتر يشكل خطراً على الانتخابات الليبية المقبلة بشكل أو بآخر؟
بالطبع نعم؛ فوجوده في حد ذاته يعني أن الانتخابات لن تكون نزيهة، وهو الأمر الذي يلقي بظلال الشك والريبة في المناطق التي يسيطر عليها.
من وجهة نظركم، هل سيقبل حفتر بنتائج الانتخابات حال خسارته فيها؟
قطعاً لن يقبل بأي صورة من الصور.
هل تأكد لكم ترشح حفتر في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
يستحيل ترشحه بسبب العديد من الموانع، أهمها ازدواج الجنسية، فمَن يحصل على جنسية أخرى تسقط عنه الجنسية الليبية، أيضا لكونه عسكرياً، والعسكريون ممنوعون من ممارسة العمل السياسي، بل ممنوعون من التصويت في الانتخابات، فضلاً عن الترشح للانتخابات، إلى جانب جرائم الحرب التي يُنظر فيها الآن أمام القضاء.
ومع هذا فإن أمر ترشحه لم يُحسم حتى الآن ولا يزال مَثار جدل وخلاف، لكن هذا موقفنا الذي لن نتنازل عنه أبداً.
هل ستترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة أم لا؟
هذا أمر سابق لأوانه، ولم أحسم موقفي حتى الآن، والأمر متعلق بقوانين الانتخابات، والوضع العام في ليبيا، ومن المبكر حالياً حسم هذا الموضوع.
متى ستحسم قرار الترشح من عدمه؟
بعد صدور القوانين المُنظمة للعملية الانتخابية، ودراسة المناخ السياسي العام في ليبيا، بعد ذلك نقرر هذا الأمر.
بشكل مبدئي، هل أنت شخصياً أقرب لخوض الانتخابات أم لا؟
بالتأكيد الأقرب هو خوض الانتخابات، لأنني أؤمن بالحياة السياسية والمشاركة الإيجابية فيها، لكن ما شكل هذا الخوض؟، ربما تكون انتخابات برلمانية وليست رئاسية، وكيف سنخوضها في هذه الحالة؟، الأمر متعلق بكون البرلمان غرفة واحدة أو اثنتين، وبالتالي هذه الأمور هي التي ستُحدد لاحقاً القرار النهائي، إلا أن القرار القطعي هو الاستمرار في الحياة السياسية بشكل أو بآخر.
هل من الوارد أن يخوض سيف الإسلام القذافي الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
لا، ليس من الوارد؛ فعليه حكم قضائي قطعي بات ونهائي، ومطلوب للمثول أمام المحكمة العليا، بالإضافة إلى القضايا المتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية، ولا أظن أن فترة الأربعة أشهر كافية لحل كل هذه المشاكل القانونية الكبيرة.
كيف تقيّم أو تُقدّر شعبية سيف الإسلام القذافي في ليبيا الآن؟
لا توجد في ليبيا دراسات رأي عام حقيقية، كل ما في الأمر هو فقاعات وبروباغندا إعلامية، ولا يستطيع أحد أن يتكلم عن شعبية معينة لهذا المرشح أو ذاك، لكن لا نعتقد أن له شعبية كبيرة حتى بين أنصاره.
أيهما أكثر شعبية من الآخر.. سيف الإسلام القذافي أم حفتر؟
حفتر ليس لديه أي شعبية على الإطلاق، فهو يحكم بالحديد والنار فقط.
كنتم تسعون إلى عقد لقاء بين القيادات الليبية الفاعلة من كل الأطراف.. إلى أين وصلت تلك المساعي؟
حقيقة نحن نعمل بجد وبقوة على هذا الأمر، وهو شغلنا الشاغل في الفترة الحالية، من أجل إحداث توافق داخلي بعيداً عن أي تدخلات خارجية، ومن خلال تقديم تنازلات من كل الأطراف. ونحن الآن نحدد المستهدفين للمشاركة في هذا الملتقى، وبدأنا في التواصل معهم بالفعل، ونسعى جاهدين لعقد هذه اللقاءات، وربما لا يتبناها المجلس الأعلى للدولة حتى لا ينفر منها الآخرون الذين لديهم مواقف حادة من المجلس، لكن ستكون المشاركة كبيرة، والرعاية أكبر.
متى وأين سيعقد هذا الملتقى بشكل أولي؟
بالتأكيد في ليبيا، ونتوقع أن يُعقد في شهر أكتوبر/تشرين الأول المقبل إن شاء الله.
مَن هي أبرز الأطراف التي أبدت قبولها لدعوتكم؟
نتحفظ على ذكر الأسماء، حفاظاً على نجاح الملتقى إن شاء الله، ويمكن أن أؤكد لكم مشاركة كل الأطراف السياسية المتنازعة الآن.
هل ترون أنه من الممكن تسوية الخلافات القائمة؟ وما أبرز السيناريوهات المتوقعة؟
نحن نخشى من عدم إجراء الانتخابات، لأن عدم إجراء الانتخابات سيؤدي إلى "كوارث كبيرة"، ونحن نسعى لإجراء الانتخابات البرلمانية على الأقل في موعدها بأكبر ضمانات ممكنة، وأي سيناريو آخر سيكون مخيفاً؛ فإذا لجأ البرلمان لاعتبار مدة الحكومة منتهية، وكلّف رئيس حكومة أخرى فهذا سيؤدي إلى انقسام حاد من جديد في المؤسسات، وخاصة المؤسسة التنفيذية، وهو ما سيضر المواطن.
مَن المسؤول الرئيس عن استمرار الخلافات الليبية – الليبية واحتمالية عدم إجراء الانتخابات في موعدها؟
بالدرجة الأولى عقيلة صالح، وبدرجة أخرى حفتر.
في حال عدم التوصل إلى تسوية ما هو تصوركم للمرحلة القادمة؟
نحن نتمنى الوصول إلى تسوية سياسية، لأن أي تصور آخر هو تصور مخيف، وسيؤدي إلى انقسام المؤسسات، ونتائج قد لا تحمد عقباها.