ظهر أب لبناني، في مقطع فيديو عبر منصات التواصل الاجتماعي، الأحد، 4 يوليو/تموز 2021 وهو يطلق صرخات وصفها نشطاء بأنها "تبكي الحجر" بعدما عجز عن تأمين الدواء لابنته الصغيرة في بلد يئن تحت أزمة اقتصادية خانقة، طالت قطاعات عدة، ومنها قطاع الدواء.
إذ قال الأب، بعدما أوقف سيارته وسط أحد شوارع مدينة طرابلس، شمالي لبنان، إن ابنته تعاني منذ 6 أيام من حرارة مرتفعة بلغت الأربعين، فيما يحاول عبثاً العثور على دواء لها، رغم امتلاكه المال اللازم.
شح النقد الأجنبي في لبنان
جدير بالذكر أنه في مطلع يونيو/حزيران 2021 أعلن مسؤولون بقطاع الصحة أن 70% من الأدوية والمستلزمات الطبية مفقودة في البلاد، جراء أزمة شح النقد الأجنبي التي تعاني منها.
كذلك كشف الأب، في مقطع الفيديو، الذي لم يتسنَّ تحديد موعد تصويره أن الوضع الصحي لابنته تدهور بشكل كبير جراء عدم العثور على دواء، كما أنها فقدت 3 كيلوغرامات من وزنها.
أكد أنه يملك ثمن الدواء الذي يبلغ 10 آلاف ليرة (6.5 دولارات)، لكنه لا يستطيع العثور على علبة الدواء.
كما صرخ بقلب موجوع، بين حشود من الناس تنظر إليه، قائلاً: "ما ذنب هؤلاء الناس الذين يبحثون عن الدواء، فلا يجدونه؟!". وأضاف: "من واجب الدولة أن تؤمن الأدوية".
تفاعل شعبي كبير
فيديو الأب لاقى تضامناً كبيراً من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ عبر الناشط في المجتمع المدني طارق أبوزينب عن تضامنه مع الأب المكلوم، مشاركاً الفيديو الخاص به.
كما عبرت الناشطة السياسية اللبنانية سارة عساف، عبر "تويتر"، عن تضامنها مع محنة الأب وكشفت عساف في وقت لاحق أن الدواء قد تأمن للطفلة الصغيرة، من دون أن تذكر الطريقة أو الجهة التي أمنت الدواء.
فيما لم يصدر حتى الساعة 18:10 ت.غ، أي تعليق رسمي على مقطع الفيديو، أعلنت الرئاسة اللبنانية، إثر اجتماع حكومي في القصر الرئاسي، الخميس أنه "تم التوافق على الاستمرار في سياسة دعم الدواء والمستلزمات الطبية".
تأمين الدواء للناس
فيما اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، خلال الاجتماع ذاته، أن "أخطر قضية أمامنا اليوم هي تأمين الدواء للناس"، محذراً من أن "المطلوب هو التعامل مع هذا الملف بأعلى درجة من المسؤولية؛ لأن النتائج ستكون كارثية".
يشار إلى أن أزمة الدواء تفاقمت بسبب عدم فتح المصرف المركزي الاعتمادات اللازمة، لها، إضافة إلى تفاقم عمليات التهريب والاحتكار عن طريق تخزين الأدوية، وفق مسؤولين لبنانيين.
كذلك وفي وقت سابق الأحد، حذرت نقابة مستوردي الأدوية اللبنانية من نفاد مخزون مئات الأدوية؛ لتوقف استيرادها منذ أكثر من شهر، جراء عدم توفر النقد الأجنبي.
عادة، يؤمِّن مصرف لبنان الأموال اللازمة لدعم استيراد الأدوية من الخارج، إلا أن انخفاض احتياطي العملات الأجنبية لديه تسبب بنقص النقد الأجنبي المخصص للاستيراد.
في حين يدعم مصرف لبنان استيراد الأدوية؛ تجنباً لعدم ارتفاع أسعارها، من خلال تغطية الفارق بين سعر الصرف الرسمي للدولار البالغ 1515 ليرة، وسعره في السوق الموازية الذي يبلغ نحو 17 ألفاً و500 ليرة.
لكن منذ عام ونصف العام، يشهد لبنان أزمة اقتصادية حادة أدت إلى تدهور مالي، وفقدان القدرة الشرائية لمعظم المواطنين، فضلاً عن ارتفاع معدلات الفقر بشكل غير مسبوق.