تسببت الانتهاكات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى في ردود فعل إقليمية ودولية متباينة وقلِقة، بدءاً من عصر الإثنين 10 مايو/أيار 2021، بعد بدء القصف الإسرائيلي لقطاع غزة رداً على استهدافٍ فلسطينيٍّ لمناطق في القدس المحتلة.
رئيس الوزراء الفلسطيني، محمد اشتية، قال الإثنين، إن "إسرائيل تمارس أبشع أنواع العنصرية في الأراضي الفلسطينية". جاء ذلك خلال لقائه نحو 58 سفيراً وقنصلاً وممثلاً للدول والمنظمات والسلك الدبلوماسي المعتمد لدى فلسطين.
مسألة قانونية
اشتية قال بحضور وزير الخارجية رياض المالكي، في مقر رئاسة الوزراء برام الله، إن "محاولة طرد أهالي الشيخ جراح (بالقدس) من بيوتهم ليست مسألة قانونية بل سياسية، وإن القضاء الإسرائيلي موجَّه سياسياً ضد الوجود الفلسطيني في المدينة".
من ناحية أخرى وصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، الإثنين، الهجمات الصاروخية التي تشنها فصائل فلسطينية مسلحة في قطاع غزة على إسرائيل، بأنها "تصعيد غير مقبول"، وذلك بعد المواجهات العنيفة مع الفلسطينيين في القدس.
إذ أدلى برايس بهذا التصريح في مؤتمر صحفي اعتيادي، مضيفاً أن الولايات المتحدة "منخرطة تماماً" في تعزيز الجهود الرامية إلى التهدئة بالقدس، وقلِقة من تطور الأحداث.
فيما نددت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، الإثنين، بالقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، واعتبرته "جرائم حرب".
إذ قال الناطق باسم الحركة، أسامة القواسمي، في بيان صحفي وصل إلى "الأناضول"، إن "إسرائيل ترتكب مجازر وجرائم حرب، وهي تقتل الأبرياء من الأطفال في غزة، وتصعّد من عدوانها الآثم ضد شعبنا الفلسطيني بالقدس".
طالب القواسمي الشعب الفلسطيني بـ"مزيد من الوحدة، والتصدي ورباطة الجأش أمام هذا العدوان الغاشم الذي يستهدف الأرض والمقدسات". وحمّلت الحركة إسرائيل "المسؤولية الكاملة عن تداعيات عدوانها".
استشهاد 9 فلسطينيين
في وقت سابق من الإثنين، أعلنت وزارة الصحة بغزة استشهاد 9 فلسطينيين، بينهم 3 أطفال في القطاع، دون تفاصيل إضافية.
فيما أعلن الجيش الإسرائيلي، مساء الإثنين، على حسابه بـ"تويتر"، أنه قتل 3 من أفراد حركة حماس، في غارة، شمالي قطاع غزة.
وسبق أن أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لـ"حماس"، الإثنين، أنها وجهت "ضربة صاروخية" لمدينة القدس المحتلة.
كما أعلنت فصائل أخرى إطلاق عشرات الصواريخ على المناطق الإسرائيلية المحاذية للقطاع.
مظاهرات في المغرب
في المقابل ورداً على الانتهاكات الإسرائيلية نظم عشرات الحقوقيين بالمغرب، الإثنين، وقفة تضامنية مع المقدسيين أمام مبنى البرلمان، رغم محاولات السلطات فض الوقفة.
بحسب مراسل "الأناضول"، فقد أصر المشاركون على تنظيم الوقفة رغم محاولات السلطات فضها، ومحاصرتها من كل الجهات.
ردد المشاركون في الوقفة التي دعت إليها "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع" (غير حكومية)، شعارات تندد بالاعتداء على المقدسيين.
رفع المحتجون لافتات تطالب الدول العربية والإسلامية بالتدخل، من أجل وضع حد لما تقوم به إسرائيل من انتهاكات في القدس. وقام رجال الأمن بمحاصرة الوقفة من كل الجهات، ليُنهي المشاركون وقفتهم، مرددين شعارات تضامنية مع القدس.
تجنُّب ألمانيا إدانة الانتهاكات
من جانبه تجنَّب المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية، كريستوفر برجر، التنديد بالاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والفلسطينيين في القدس.
في معرض رده على سؤال بمؤتمر صحفي، عقده في برلين، الإثنين، قال برجر: "برلين لا تقف صامتة إزاء ما يجري في القدس، بل تتواصل مع شركائها في المنطقة".
أشار إلى إجراء وزير خارجية بلاده، هايكو ماس، اتصالاً هاتفياً، أمس، مع نظيره الأردني، فيما يعتزم إجراء اتصال آخر مع نظيره الإسرائيلي، نهاية الأسبوع الحالي.
أمام سؤال وجَّهه مراسل "الأناضول"، حول موقف برلين من الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى وعلى المدنيين في القدس الشرقية، وعما إذا كانت تدين هذه الممارسات، تجنّب برجر التعبير عن إدانة بلاده ما تقوم به الشرطة الإسرائيلية. واكتفى المسؤول الألماني بالقول: "لن أضيف شيئاً إلى ما قلته قبل قليل".
دعوات برلمانية
من ناحية أخرى دعا الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للعلاقات الخارجية والسياسة الأمنية جوزيف بوريل، الإثنين، الإسرائيليين والفلسطينيين إلى احترام الوضع الراهن للأماكن المقدسة في القدس.
في مؤتمر صحفي، عقب اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد، قال بوريل: "نشعر بقلق عميق إزاء أعمال العنف والصدامات الأخيرة، ومن ضمنها ما حدث هذا الصباح داخل وخارج الحرم الشريف أول جبل الهيكل".
وأضاف: "ندعو جميع الأطراف إلى احترام الوضع الراهن للأماكن المقدسة".
مظاهرات داعمة في لبنان
في السياق ذاته شهدت العاصمة اللبنانية بيروت ومدينتي صيدا (جنوب) وطرابلس (شمال)، الإثنين، مظاهرات احتجاجاً على الاعتداءات الإسرائيلية في مدينة القدس.
في بيروت، رفع المتظاهرون العلم الفلسطيني، كما ارتدى بعضهم الكوفية الفلسطينية، وهتفوا "بالروح بالدم نفديك يا أقصى"، و"نموت وتحيا فلسطين"، حسبما أفاد مراسل الأناضول.
أما في صيدا (جنوب)، فشهد مخيم عين الحلوة، أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني، شارك فيها ممثلو الأحزاب اللبنانية والفصائل الفلسطينية.
في طرابلس (شمال) طافت مسيرات شعبية بشوارع المدينة، استنكاراً للاعتداءات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في القدس والمسجد الأقصى، وفق مراسل "الأناضول".
رفع المشاركون الأعلام الفلسطينية واللبنانية، ورددوا هتافات منددة بالانتهاكات الإسرائيلية.
إجراءات لوقف العدوان
أما في اليمن، فدعا مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان)، المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات لوقف العدوان الإسرائيلي على القدس.
حيث أدان المجلس في بيان، بأشد العبارات "الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، واقتحام المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين، وكذلك الاعتداءات في حي الشيخ جراح وباب العامود".
دعا المجلس المجتمع الدولي إلى "تحمُّل مسؤولياته في حماية الشعب الفلسطيني، واتخاذ قرارات حاسمة لوقف العدوان الإسرائيلي الهمجي، بما يضمن للشعب الفلسطيني العيش بأمن وحرية وسلام"، وفق البيان.
القاهرة تبذل جهودها
من جانبه قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن بلاده تبذل جهوداً لوضع حد سريع للتطورات بالقدس. وأوضح بيان لـ"الخارجية"، الإثنين، أن شكري عقد اجتماعاً بمقر الوزارة مع السفير طارق طايل، رئيس بعثة بلاده في رام الله.
ناقش اللقاء "تقريراً بشأن آخر التطورات في مدينة القدس، سواء الخاصة باقتحام قوات الاحتلال للمسجد الأقصى أو بأحداث حي الشيخ جراح".
أكد شكري خلال اللقاء "استمرار مصر في بذل جهودها من أجل وضع حد سريع لهذه التطورات"، دون تفاصيل أكثر.
احتجاجات في الأردن
من ناحية أخرى نظم التحالف الوطني لمجابهة "صفقة القرن"، الإثنين، وقفة احتجاجية بالعاصمة الأردنية، دعماً لأهالي القدس وحي الشيخ جراح، طالب فيها بمواقف "حقيقية" تجاه الانتهاكات الإسرائيلية.
وأفاد مراسل "الأناضول" بأن "التحالف الوطني لمجابهة صفقة القرن (نيابي حزبي نقابي، تشكَّل عام 2019)، نظم وقفة احتجاجية أمام مقر الأمانة العامة لحزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين) في عمّان، دعماً لأهالي القدس وحي الشيخ جراح".
وأضاف أن المشاركين "طالبوا بمواقف حكومية وعربية حقيقية تجاه الانتهاكات الإسرائيلية".
منذ الجمعة، أسفرت اعتداءات إسرائيلية على المصلين في المسجد الأقصى والقدس عامة عن إصابة أكثر من 300 شخص، بحسب جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، إضافة إلى اعتقال العشرات.
فيما تشهد مدينة القدس منذ بداية شهر رمضان، اعتداءات تقوم بها قوات الشرطة الإسرائيلية والمستوطنون، في منطقة "باب العامود" وحي "الشيخ جراح" ومحيط المسجد الأقصى.