ألقى الآلاف من أهالي الضحايا وبعيون دامعة نظرة على أسماء أبنائهم في قوائم الموت، وعادوا ليعلنوا عن أحزانهم خلف أبواب بيوتهم الموصدة، أبناؤهم قد يكونون في هذه الهوة السحيقة التي تعددت أسماؤها: حفرة الموت أو الرعب أو مقبرة المفقودين.
كل طرقة باب أو رنة جرس أو هاتف تعني بالنسبة إلى عائلة الحاج قاسم خبراً محتملاً عن ابنها إبراهيم، الذي أكمل سنة غيابه السادسة، معلقاً بين موت وحياة لا يمكن إثباتها، بسبب عدم العثور على جثته أو حتى على ما يؤكد مقتله.
في الثالث من سبتمبر/أيلول 2014، بعد نحو ثلاثة أشهر من سيطرة تنظيم داعش على مدينة الموصل، عثر عناصر من التنظيم في منطقة النبي شيت في الجانب الأيمن للمدينة، على هاتف نقال مزود بكاميرا بحوزة "إبراهيم" الذي قد بلغ الـ23 من عمره. وشهد صديقان له كانا برفقته كيف أنهم وضعوه في شاحنة (بيك آب) "تويوتا"، بعدما بحثوا في صور هاتفه وسألوه عن اسمه وعمره.
وفي حديث لـ"عربي بوست" فقد قال إن "الجهات التابعة للتنظيم التي تواصل معها والده الحاج قاسم نفت أن يكون عندها، وهُدد في النهاية بالاعتقال إن ألح في سؤاله. فصار يجوب المؤسسات الصحية ويتنقل بين مقبرتي المدينة الرئيسيتين (وادي عكاب وكوكجلي) لعله يصل إلى نهاية ما مهما كانت موجعة.
كان من بين الأوائل الذين وصلوا إلى بناية الطب العدلي في الجانب الأيمن للموصل، يوم أعلن التنظيم في الخامس من أغسطس/آب 2015 عن تصفية 2070 شخصاً من مدينة الموصل، وعلق عناصره قوائم بأسمائهم على جدرانها. عجز وقتها حين عثر على اسم ابنه الوحيد عن كتم صيحة الحزن، ليجره عابرون من المكان خوفاً عليه من عيون عناصر التنظيم وآذانهم المتربصة".
لكن غمامة الحزن لم تمكث طويلاً، ولم تحجب عن العائلة أمل عودته، فرفض الوالد الاستسلام لفجيعته إلى أن يشاهد بعينيه جثة ابنه "ابراهيم"، لأنه طالب وزارة الداخلية ومؤسسة الشهداء بصرف تعويضات كراتب لعائلة المفقود "إبراهيم" الذي ترك وراءه طفلين صغيرين وأرملة، ولكن السلطات اعتبرته من الملفات المشتبه بها تحت قضية الإرهاب والتعاون من عناصر تنظيم داعش، فضاعت قضيته واختلطت أوراق الحقيقة.
الموصل ضحية المقابر الجماعية
تواصل فريق تحقيق "عربي بوست" مع مصدر في دائرة شهداء محافظة نينوى العراقية ومدينتها الموصل، فقد كشفت الدائرة الحكومية عن العثور على مقبرة جماعية ضمت رفات 600 سجين غرب الموصل (400 كم شمال بغداد).
وبهذا السياق يقول محمد الشاقولي، مدير الدائرة إن "القوات الأمنية في الموصل عثرت في نهاية عام 2020 على مقبرة جماعية قرب سجن بادوش (25 كيلومتراً غرب الموصل) ضمت رفات 600 سجين قتلهم تنظيم داعش عند دخوله الموصل منتصف عام 2014، وقد تم تسليم الجثث للطب العدلي الشرعي بالموصل".
وأوضح أن العدد الإجمالي للمفقودين لا يزال غير معروف، مؤكداً أن بإمكان لجان التحقيق الجنائي تحديد عددهم والمساعدة في التحقيقات الهادفة إلى معرفة مصيرهم. وبإمكانها أيضاً تأمين الخبرة الفنية المطلوبة لفتح المقابر الجماعية والتعرف على هوية الضحايا.
إلى هذا يؤكد الشاقولي بأن "العدد الكبير للمقابر الجماعية في المحافظة يرجح أن يكون عدد الأشخاص المفقودين أعلى من العدد الرسمي المسجل. وقد تم مؤخراً أيضاً اكتشاف 83 مقبرة في مناطق متفرقة من منطقة سنجار التي شهدت عمليات قتل ودفن المئات من الأيزيديين، كان لها نصيب الأسد من هذه المقابر، وقد عثر على معظمها في قرية كوجو التي أبيدت بالكامل على أيدي داعش".
ويشير الشاقولي أنه تم أيضاً "العثور على رفات بشرية في مقبرة جماعية قديمة اكتشفت في يونيو/حزيران الماضي 2020 في منطقة الحميدات في الكسك بمحافظة نينوى، وكانت تحتوي على رفات 100 ضحية مجهولة الهوية".
وفي هذا السياق، يقول مسؤول في قسم الطب العدلي في دائرة صحة محافظة نينوى بسمان غانم لـ"عربي بوست"، إن "شركة مقاولات محلية عثرت صدفة على المقبرة الجماعية، وكانت الجثث قد دفنت في مقبرة جماعية بحديقة مدرسة قيد الإنشاء في الموصل هي مدرسة ابن سينا. وشكلت مؤسسة الشهداء وكل من دائرة الطب العدلي في بغداد ونينوى لجنة مشتركة لتنسيق عملية رفع الجثث والتعرف على هويات أصحابها عبر فحص الحمض النووي".
الأمم المتحدة تكشف عن أكثر من 200 مقبرة
مئات المقابر الجماعية خلفها تنظيم داعش الإرهابي في العراق، حسب تقرير للأمم المتحدة. حيث أعلنت مسؤولة أممية بقولها "جرائم داعش المروعة في العراق لم تعد تتصدر العناوين الرئيسية، إلا أن صدمة أسر الضحايا ما زالت قائمة".
أعلنت الأمم المتحدة أن أكثر من 200 مقبرة جماعية تضم رفات الآلاف من الضحايا قد تم اكتشافها في مناطق كان يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي في العراق. بهذا الصدد يتحدث الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش لـ"عربي بوست" قائلاً: "وثّقنا عن طريق فريق المسح الميداني الضوء على تركة حملة الإرهاب والعنف الشعواء التي شنها تنظيم داعش، ودعوات الضحايا من أجل كشف الحقيقة وتحقيق العدالة".
ويضيف كوبيش "وثقت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ومكتب حقوق الإنسان في الأمم المتحدة وجود 202 موقع للمقابر الجماعية في محافظات نينوى وكركوك وصلاح الدين والأنبار، في الأجزاء الشمالية والغربية من البلاد، إلا أنه قد يكون هناك أكثر من ذلك بكثير. ولكن من الصعب تحديد العدد الإجمالي للأشخاص المدفونين في هذه المقابر، كما أن أصغر موقع في غرب الموصل يحتوي على ثماني جثث، في حين يُعتقد أن أكبرها هو موقع فجوة الخسفة جنوب الموصل والتي قد تضم الآلاف".
ويشدد "على أن هذه المواقع يمكن أن تحتوي على مواد جنائية حساسة للمساعدة في تحديد هويات الضحايا والتوصل لفهم دقيق حول حجم الجرائم التي ارتُكبت. ويضيف بأن "الأدلة التي يتم جمعها من هذه المواقع ستكون محورية في ضمان إجراء تحقيقات وملاحقات قضائية وإدانات تتّسم بالمصداقية ووفقاً للمعايير الدولية لأصول المحاكمات".
واستولى تنظيم داعش، خلال الفترة بين يونيو/حزيران 2014 وديسمبر/كانون الأول 2017، على مناطق واسعة من العراق. ويقول الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش لفريق تحقيق "عربي بوست" إن "مواقع المقابر الجماعية الموثّقة في تقاريرنا هي شاهد على الخسائر البشرية المروعة والمعاناة العميقة والوحشية الصادمة، وإن تحديد الظروف المحيطة بتلك الخسائر الكبيرة في الأرواح سيكون خطوة مهمة من أجل إقامة الأسر للحداد وسعيها لنيل حقها بكشف الحقيقة وتحقيق العدالة، فضلاً عن الانتهاكات التي حصلت بأيام التحرير من قبل فصائل مسلحة شاركت في المعركة".
ويطالب في حديثه ممثل الأمم المتحدة "باتباع منهج يركز على الضحايا وعملية عدالة انتقالية تتم إقامتها بالتشاور مع العراقيين وتحظى بقبولهم، وخاصة أولئك الأفراد من المجتمعات المتأثرة. كما يدعو التقرير المجتمع الدولي إلى توفير الموارد والدعم الفني للجهود المتعلقة باستخراج الرفات البشرية وجمعها ونقلها وتخزينها وإعادتها إلى أسر ذويها، وكذلك تحديد هويات الضحايا، لاسيما من خلال المساعدة في تعزيز عمل دائرة شؤون وحماية المقابر الجماعية".
5000 مفقود في الموصل
على صعيد متصل يصرح عضو مجلس محافظة نينوى، خلف الحديدي لـ"عربي بوست" ويصف ملف المفقودين بـ"الغامض" بسبب عدم وجود قاعدة بيانات بالمفقودين، لافتاً إلى أن رئيس البرلمان العراقي زار الموصل، واجتمع بعدد من ذوي المفقودين وليس جميعهم لأن غالبيتهم لم يعلموا بالزيارة، موضحاً "رئاسة البرلمان تسلمت قائمة بأسماء 600 معتقل لمعرفة مصيرهم، ولكن لم يتم تقديم تعويضات لذوي الضحايا".
وأكد الحديدي "أن عدد المفقودين في الموصل يتراوح ما بين 4 آلاف إلى 5 آلاف مفقود وقد يفوق ذلك، ونحن في مجلس المحافظة نسعى إلى جمع كافة المعلومات والبيانات الخاصة بهذه القضية، ورفعها إلى الجهات المعنية للكشف عن مصيرهم، إلا أننا نواجه ابتزازت من بعض الأحزاب السياسية التي لا تريد كشف حقائق التحقيقات".
أرقام مفوضية حقوق الإنسان في العراق
وفي حديث لـ"عربي بوست"، يصرّح معاون مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في محافظة نينوى نشوان سالم قائلاً: "إن المكتب يعمل منذ استئناف عمله في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من عام 2017 على 2500 قضية لأشخاص مفقودين، تم حتى الآن حل 450 قضية منها، ونطالب الحكومة المركزية في بغداد بتشكيل لجان خاصة لدراسة ملف المفقودين وإنصاف أهاليهم من الذين تكبدوا نتيجة الحرب وخسروا بيوتهم وأُسرهم بسبب العمليات الحربية والعسكرية الدامية ضد تنظيم داعش".
ويضيف سالم "سبب تأخر فتح العديد من المقابر الجماعية في العديد من مدن العراق يأتي نتيجةً لوجود مخلفات حربية قربها، أو لعدم تخصيص الموازنات المطلوبة وقلة الموارد البشرية المتخصصة. ويلفت إلى "وجود مقابر جماعية كبيرة في محافظة نينوى لم تفتح حتى الآن، وتضم مقابر بادوش والخسفة وجبل سنجار، والتي يرجح أنها تضم أعداداً كبيرة من الضحايا".
ويتابع معاون مدير مكتب مفوضية حقوق الإنسان في نينوى لـ"عربي بوست" بالقول "تضمنت القوائم المُعلقة، التي دقق أهالي المختطفين بين سطورها بصمت، الأسماء الثلاثية للضحايا فقط، من دون إشارة إلى عناوينهم أو وظائفهم، وكان بينهم نساء وصبية صغار، ومنتسبون في الجيش والشرطة بعضهم تقاعد منذ سنوات، وناشطون سياسيون وموظفون في مفوضية الانتخابات، ومواطنون عاديون لم تتسلم دائرة الطب العدلي سوى أسمائهم وبقي مكان دفن جثثهم لغزاً يقض مضاجع الأهالي حتى هذه اللحظة".
المفقودون ليسوا شهداء!
في يونيو/حزيران 2019 قدم 61 نائباً طلباً إلى رئاسة مجلس النواب العراقي لاعتبار المفقودين وضحايا منطقة الخسفة وباقي مناطق الموصل شهداء، ولاتخاذ الإجراءات في هذا الملف، لكن أي تقدم لم يتحقق.
وبهذا الخصوص تواصل فريق تحقيق "عربي بوست" مع النائب عن محافظة نينوى نايف الشمري، لمعرفة آخر تفاصيل ملف المفقودين، وتحدث الشمري بالقول "نطالب رئاسة الوزراء بمعالجة فورية لملف المغدورين والمعتقلين لدى داعش، وحسمه باعتبارهم شهداء، متهماً الحكومة بالتنصل عن مسؤولياتها، قائلاً: "نستغرب إهمال ملفات تنتظر معالجات سريعة ولا تحتمل التأخر، فالتقصير الحكومي لم يكن في عدم متابعة الموضوع فقط، بل بالتنصل من مسؤولياتها تجاه ذوي الضحايا الذين يعانون أصعب الظروف بسبب فقدان من كان يعيلهم".
ويشير الشمري إلى أن "الموقف الحكومي هذا وعدم وجود خطة لفتح الخسفة لهما تداعيات عميقة على آلاف من ذوي المفقودين، الذين يتعين عليهم إثبات حالة الوفاة للحصول على مخصصات الدولة للشهداء والحصول على شهادة الوفاة لتسيير المعاملات الرسمية في الدوائر الحكومية المتعلقة بالأحوال الشخصية من إرث وغيرها، وكل ذلك يستلزم وجود جثة قانوناً للحصول على شهادة وفاة".
من جانب آخر، يؤكد أحمد العبد ربه، مسؤول لجنة شؤون المواطنين في مجلس محافظة نينوى، تسلم 500 طلب من ذوي المفقودين أثناء سيطرة داعش على الموصل. ويقول لـ"عربي بوست" إن لجنته تلقت في 2020 من لجنة حقوق الإنسان النيابية والأمانة العامة لمجلس الوزراء طلباً بتوحيد أسماء المفقودين لغرض البحث والتحري عنهم".
ويتوقع العبد ربه أن "تزيد الطلبات المقدمة عن 8000 طلب، خاصة أن بلاغات بهذا العدد تقريباً قُدمت إلى الجهات الأمنية من قبل الأهالي في وقت سابق، إنما هناك أعداد أخرى غير معلنة للصحافة بعد، فالكثير من الأهالي لم يقدموا بلاغات بسبب النزوح أو ربما عدم الثقة بالإجراءات الحكومية".
عن ذلك يقول شيروان الدوبردان، النائب عن محافظة نينوى، إن 100 معاملة شهيد فقط أُنجزت في نينوى من بين آلاف الضحايا، بسبب البيروقراطية الكبيرة في الدوائر الحكومية والقانون العراقي الذي يستلزم وجود جثة لمنح شهادة الوفاة".
الفصائل المسلحة متورطة
ضابط في جهاز الاستخبارات يكشف لـ"عربي بوست" عن عمليات تدمير المنازل بذريعة التحرير وقعت في مناطق واسعة من مدينة الموصل عام 2017، ما أسفر عن قتل آلاف المدنيين من الذين يعانون منذ سنوات من جرائم الميليشيات دون أن ينجدهم أو يرفع عنهم الظلم أحد، لذلك فإن الفصائل المسلحة تجاوزت في جرائمها من مجرد الاعتقال والتعذيب إلى الطرد والتشريد والقتل الجماعي والفردي، بل والمباهاة والتفاخر بالجرائم لأسباب طائفية".
ويصرح الضابط برتبة لواء، وقد طلب عدم الكشف عن اسمه ويقول: "في مارس/آذار وأبريل/نيسان 2018، قامت الميليشيات بنهب وإحراق وتفجير مئات المنازل والمباني المدنية في محافظة نينوى ومدينة الموصل والبلدات المجاورة في انتهاك لقوانين الحرب. كما اعتقلت بصورة غير قانونية نحو 4000 رجل وصبي ما زال 3600 منهم على الأقل مفقودين ويُخشى أن يكونوا قد تعرضوا إلى الإخفاء القسري".
شملت الميليشيات المسؤولة عن الأعمال الوحشية في أعقاب القتال، فيلق بدر، ولواء علي الأكبر، وعصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله العراقي، وسرايا خراسان، وجند الإمام باعتقال أكثر من 4000 شخص في مناطق كوكجلي، والقيارة، وأحياء مختلفة من المدينة القديمة في الموصل بتهمة التعاون مع الإرهاب، واختفى هؤلاء المدنيون وتم الكشف عن مقابر جماعية تضم رفاتهم في مساحات بعيدة بمنطقة وادي عكاب".
انتقام بذريعة التحرير
يشير مسؤول رفيع المستوى في جهاز مكافحة الإرهاب في العراق، الذي فضّل عدم كشف اسمه تجنباً للتهديدات والابتزازت، حيث يؤكد لـ"عربي بوست" بأن "عشرات الآلآف من عناصر الميليشيات يرتدون ملابس الجيش العراقي، إلا أنهم لا يتقيدون بالمعايير العسكرية ولا يترأسهم أي مسؤول رسمي خطفت أكثر من 800 مدني، وأبرز تلك الفصائل هي من "عصائب أهل الحق" و"كتائب بدر" و"جيش المهدي" و"كتائب حزب الله"، بحيث أضحت هذه الفصائل المسلحة أكثر قوة إبان تقدم الجيش العراقي أمام انهيار تنظيم داعش".
تصريحات المسؤول العراقي أكدت أن "الميليشيات في معظمها يخطفون المدنيين في الموصل، لأنه من السهل إلقاء تهمة الإرهاب عليهم، كما أنه لا يمكن لأي شخص القيام بأي شيء تجاه هذا الموضوع، ويفيد "بأن الرجال يُنظر إليهم بأنهم من داعمي الإرهاب، كما أن العديد قضوا بسبب "الانتقام الأعمى".
معتقلون لدى الفصائل المسلحة
في حديث مقتضب يتوقع صبري ذنون وهو محام من مدينة الموصل، أن يكون شقيقه "عمر" الذي اعتقله التنظيم عام 2014 على قيد الحياة، وأنه تحرّر من مسلحي داعش خلال تحرير المدينة وبات في أيدي القوات الأمنية.
يوضح المحامي إبراهيم لفريق تحقيق موقع "عربي بوست" قائلاً: "لا نعرف عن أخي شيئاً بسبب تخوفنا من الاعتقال، لكن خلال عمليات التحرير عام 2017 شاهدنا تقريراً مصوراً ظهر فيه أشخاص معتقلون من قبل الفصائل المسلحة برفقة الجيش العراقي، كان من بينهم شقيقي "عمر"، ولكن وبحسب المحامي صبري، يقول إن القوات الأمنية نفت العثور على شقيقه وقد هددتنا بالتراجع عن المطالبة بالقضية لكي لا يتم اعتقالهم وجرّهم نحو تحقيقات جنائية".
بدوره يؤكد ذنون بأنه راجع مراراً وتكراراً كلاً من وزارتي الدفاع والداخلية خلال متابعتهم لقضية شقيقه المفقود، والإجابة كانت هي أن القوات الأمنية لم تعثر على أخيه في بيانات السجون الحكومية، وقال "وبعد وساطات مع شيخ عشيرتنا، تأكدت بأن شقيقي مات تحت التعذيب وأن فصيلاً مسلحاً هو المسؤول عن ذلك، والجهات الحكومية لم تستطع الإفصاح بذلك".
بعد احتلال الموصل في 10 يونيو/حزيران 2014، وعلى مدى أكثر من ثلاثة أعوام شنّ تنظيم داعش العديد من حملات الاعتقال ضد مواطني الموصل بمختلف شرائحهم، عقب سيطرة الفصائل المسلحة للأرض واعتقالها الكثير من المدنيين، وبحسب شهود عيان من سكان المدينة وجهات حكومية وحقوقية أكدت أن قسماً صغيراً من المعتقلين قد تم العثور عليهم في مقابر جماعية، ولكن هناك قسم كبير من المدنيين ما زال مصيرهم مجهولاً، وسط خشية عائلاتهم من إعدام التنظيم والفصائل المسلحة لأبنائهم المفقودين، خصوصاً أن الإحصائيات غير الرسمية تشير إلى أن داعش أعدم نحو 7000 معتقلٍ خلال الأعوام الماضية وتصاعد حالات الاختطاف لأكثر من 5000 شخص على يد الفصائل المسلحة التي شاركت بعمليات التحرير عام 2017، وحتى هذا الوقت، تختلط قضية المفقودين بين جرائم داعش وانتهاكات الميليشيات.