كشفت رسالة بريد إلكتروني نشرتها وزارة الخارجية الأمريكية، وتعود إلى الوزيرة السابقة بإدارة باراك أوباما، هيلاري كلينتون، تفاصيل عن العلاقة الشائكة التي سادت بين مدير الاستخبارات المصرية الأسبق عمر سليمان، والرئيس الراحل حسني مبارك.
جاء الكشف عن هذه الرسالة بعد أيام من قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رفع السرية عن رسائل كلينتون التي كانت تصلها عبر بريد غير حكومي، والذي بسببه واجهت انتقادات ومطالب بمحاكمتها.
شبكة CNN الأمريكية، ذكرت الأحد 11 أكتوبر/تشرين الأول 2020، أن الرسالة وصلت إلى بريد كلينتون يوم 31 يناير/كانون الثاني 2011، وهو قبل رحيل مبارك عن السلطة بـ11 يوماً إثر ثورة يناير.
أشارت الشبكة إلى أن الرسالة تضمنت تصريحات من شخص (أُخفي اسمه)، وقال فيها إنه أجرى محادثات آنذاك مع تايلر دراميلر وهو ضابط بالاستخبارات المركزية الأمريكية ومدير الشعبة الأوروبية للعمليات السرية، وباتريك لانغ وهو ضابط أمريكي متقاعد ومحلل استخباراتي للأوضاع في الشرق الأوسط.
الرسالة أوضحت أن دراميلر كان على اتصال وثيق مع مسؤولي استخبارات أوروبيين رفيعي المستوى ومع مصادر مباشرة على الأرض في مصر، أما لانغ فـ"هو صديق قديم لعمر سليمان".
ووضع الرجلان 8 نقاط تحدثا فيها عما ستؤول إليه الأوضاع في مصر بسبب احتجاجات 2011.
تهميش سليمان: أشار المسؤولان الأمريكيان إلى أن سليمان كان قد سقط من حسابات مبارك في خريف 2010 "لسبب غير معروف، ربما بسبب طموح (ابنه) جمال"، وذكرت الرسالة أن سليمان تعرّض لسوء معاملة من قبل مبارك.
في هذا السياق أشارت الرسالة إلى أن "سليمان وُعد (بمنصب) نائب الرئيس لمدة 15 عاماً، لكنه لم يحدث أبداً لأن مبارك كان يخشى أن يخلفه بدلاً من جمال".
كذلك رأى تحليل رجلي الاستخبارات الأمريكية أن "سليمان لا يحظى بشعبية لدى بقية العسكريين. كونه من المخابرات وليس من الجيش. وأنه ليس محبوباً، لكن الجيش يعرف أيضاً أنه غير مقبول للناس الآن".
وآنذاك رأى التحليل أيضاً أن أفضل سيناريو لانتقال السلطة في مصر هو أن يصبح عمر سليمان رئيساً مؤقتاً للبلاد، لكن ذلك يمكن أن يكون خطراً، حسب ما ورد في الرسالة المُوجهة لكلينتون.
آخر أيام مبارك: وتطرقت الرسالة أيضاً إلى ما كانت تعيشه مصر في آخر أيام مبارك، أي خلال اجتياح الاحتجاجات للمدن المصرية، وقال رجلا الاستخبارات إن "الأوضاع في الإسكندرية والسويس أسوأ بكثير مما كانت عليه في القاهرة – لا شرطة، لا حكومة، لا قضاة، مزيد من العنف، ومزيد من القتلى".
أضاف المسؤولان أن "الجيش يريد أن يحافظ على نفسه، ما يعني أن مبارك سيذهب. يريد (مبارك) الاستمرار لأسبوعين حتى لا يضطر إلى الفرار".
ولفتت الرسالة إلى أن "الوضع يمكن أن يذهب في أي اتجاه. لكن قمع الحشود يعني حمام دم غير مقبول للجيش. الجيش يكره الشرطة"، وفي هذه النقطة تحديداً، أشارت الرسالة إلى ما حدث في 1985 (وهو ما عُرف وقتها بانتفاضة الأمن المركزي)، "عندما تقاتل الجيش مع الشرطة" قبل أن "تختفي من بعض المناطق"، ويضطر عناصرها "إلى حرق ملابسهم" الرسمية.
اعتقد دراميلر ولانغ أن "الجيش يعلم أن مبارك يجب أن يذهب، لكن متى؟ إذا ظل لمدة أطول فإن الوضع يمكن أن يخرج عن السيطرة.. هيئة الأركان يجب أن تقول له في عينه إن عليه أن يذهب. هل فعلوا ذلك بالفعل؟ هل يمكنهم؟ هم يعلمون أنه لا يمكنه البقاء، لكن هل سيجبرونه على الرحيل؟
تضيف الرسالة المُرسلة إلى كلينتون بأن "الجيش يدرك أنه يجب أن يتوصل إلى تسوية مع الإخوان المسلمين، في وقت تم سجن معظم قادة الإخوان المسلمين المتطرفين، الجيش يتحدث مع المعتدلين. لا يوجد الخميني أو نصرالله هناك. المشكلة ليست الإخوان المسلمين. المشكلة هي المستوى العام للتدين بين الطبقات الدنيا التي تفتقر إلى الوظائف".
كذلك حملت الرسالة إشارة إلى أن "الجيش يريد جنرالاً كرئيس ومدني، مثل البرادعي، كرئيس للوزراء، لكن على الأرجح البرادعي ليس له قاعدة سياسية، رغم أن مكانته آخذة في الازدياد".
فقدان مبارك للدعم: وتشير الرسالة إلى أن "كل يوم يبقى فيه مبارك تصبح احتمالات الكارثة أكبر"، وأن "فكرة دعم الإدارة الأمريكية مبارك أصبحت من الماضي، كما أنه ليس مقبولاً أن يتحدث الرئيس السابق باراك أوباما مع مبارك، لا يمكنه أن يكون المبعوث الذي يخبره بأن عليه أن يترك السلطة".
لذلك وبحسب الرسالة، اقترح التحليل أن ترسل الولايات المتحدة مبعوثاً يلتقي مبارك وجهاً لوجه ويخبره بذلك، مثل قائد البحرية الأمريكية الأدميرال مايكل مولن، بينما تم استبعاد فكرة ترشيح وزير الخارجية السابق كولن بأول للقيام بهذه المهمة؛ لأن "المصريين لا يحترمونه".
اُختتمت الرسالة التي تلقتها وزيرة الخارجية حينها هيلاري كلينتون بالقول إنه يتوقع أن يكون "أسبوعاً طويلاً جداً في الانتظار".