اجتاحت موجة سخرية وغضب عارمةٌ مواقع التواصل الاجتماعي، من الداعية الإماراتي وسيم يوسف، الذي نشر مقطع فيديو جديداً يدافع فيه عن إسرائيل، ويدعم تطبيع بلاده لعلاقاتها معها، كما يتهم دولاً أخرى بإثارة الأزمات والقلاقل في البلدان العربية، مبرِّئاً تل أبيب من كل الصراعات والمشاكل التي تعرفها الدول العربية.
ماذا قال يوسف؟ في بداية خطابه، وبصوتٍ أقرب إلى الصراخ، خاطب الداعية المعروف بالترويج لخطابات أبوظبي، منتقدي التطبيع الإماراتي قائلاً: "انظروا إلى أنفسكم قبل النظر إلى إسرائيل، اصمتوا أشرف لكم، مَلَلنا شعاراتكم الرنانة، استحوا قليلاً، اخجلوا على أنفسكم، فوالله أفعالكم إبليس سيتبرأ منها".
المتحدث نفسه وصف هؤلاء المنتقدين بـ"المُزايدين على معاهدة السلام مع إسرائيل"، مبرِّئاً تل أبيب من كل الأزمات والصراعات التي يعرفها العالم العربي، فيما اختار توجيه اللائمة للإخوان المسلمين.
وصرح في هذا الخصوص قائلاً: "سأخبركم بالقصة، لأولئك العرب الذين يزايدون، إسرائيل لم تحرّض أبناء مصر على مصر، ولم تُخرج أبناءها لقتل المصريين.. نعم، إسرائيل لم تفجّر ولا تقسّم ليبيا، إسرائيل لم تحو حزب الله في أحضان دولة، ولم تجلِ لبنان طوائف دينية تمزقت من أجل ذلك، ولم تحتضن الإخوان المسلمين الذين حملوا السلاح وخرجوا في الثورات المشؤومة لحرق بلادهم".
كما أضاف: "يا سيدي، لنتكلم بصراحة، إسرائيل لم تفجّر المساجد، نحن من أخرجنا الإرهابيين، ومن يتحدث عن الإخوان المسلمين بسوء، نجد ألف ناعق وألف نبّاح يدافع عنهم، نعم وفي المقابل نأتي ونقول: إسرائيل العدو الأكبر، إسرائيل من يحرّض على المسلمين، إسرائيل من يفجّر المسلمين… إلى النهاية من هذه الخطابات".
قبل أن يختتم المتحدث نفسه كلامه بالقول: "لنصدح بصوت الحق، نحن ننظر إلى أنفسنا بأننا أمة المنصورة والأمة التي ستدخل الجنة وأفعالنا في عقر جهنم!".
ردود غاضبة: فقد اجتاحت التعليقات الغاضبة والساخطة من تصريح الداعية الإماراتي مواقع التواصل الاجتماعي، خاصةً أن الأمر يتعلق بداعية ديني، يروّج لمواقف سياسية، ويرمي إسرائيل بالورود.
وفي الوقت الذي وصف فيه كثيرون موقف الداعية بـ"العار" و"قمة النذالة"، فإن معلقين آخرين اعتبروا أن أكبر الخدمات التي قدَّمتها مواقف هذه الدول للعرب والمسلمين، هي أنها كشفت الوجه الحقيقي للعديد من الدعاة.
فقد كتب حساب "كشكول" على تويتر مغرداً: "مِن أعظم الخدمات التي قدَّمها وِلد سلمان ووِلد زايد والسيسي للأمة الإسلامية، غير مشكورين، أنهم حرقوا الكهنة المنافقين من أمثال هذا المرتزق وسيم يوسف شحاتة والسديس تماماً، وأسقطوهم من أعين الناس وأظهروهم على حقيقتهم، فانتهت قدرتهم على خداع الناس وتزوير الدين".
أما المغرد "أشرف عريقات"، فقد اعتبر أن الداعيةَ الإماراتي فاق الإسرائيليين أنفسهم في الترويج لتل أبيب، وغرد قائلاً: "تبارك الرحمن! وسيم يوسف فاق إيدي كوهين في الترويج لإسرائيل، إني لأقسم بالله العلي العظيم أن الإسرائيليين أنفسهم مازالوا تحت تأثير الصدمة والمفاجأة مما يرونه من تصرفات هؤلاء الصبية أمثال وسيم والمعتوه خرفان وعديم الأخلاق المزروعي، هذا ليس تطبيعاً، هذا عودٌ للأصل".
في السياق نفسه، نبش عدد من الناشطين في تصريحات وخطب سابقة للداعية الإماراتي يوجه فيها الانتقاذ اللاذع لليهود، ويعتبر أنه "مخالفٌ للسُّنة وكتاب الله التعامل معهم".
من هو وسيم يوسف؟ لم يكن وسيم يوسف، البالغ من العمر 38 عاماً، معروفاً قبل سنواتٍ قليلة، لكنه تصدّر المشهد الديني في الخليج منذ عام 2012 بالتزامن مع ثورات "الربيع العربي".
يوسف ليس إماراتي الأصل؛ بل هو مواطنٌ أردني ينحدر من مدينة إربد، مُنح الجنسية الإماراتية في عام 2014، بعد أشهُرٍ من إمامته جامع الشيخ زايد في العاصمة أبوظبي، أكبر وأهم جوامع العاصمة.
حصل وسيم على بكالوريوس الشريعة من جامعة البلقاء بالأردن، ثم درس الماجستير في تفسير القرآن في 2009، واشتُهر بتفسير الأحلام، وألَّف كُتباً قدم فيها نصائح زوجية، وألقى كثيراً من المحاضرات الاجتماعية في العاصمة الأردنية عمّان.
ومنذ مهاجمته "الربيع العربي" في 2012، لعب دوراً لا يستهان به في التسويق لسياسات الإمارات المناوئة لجماعات الإسلام السياسي.
تفاصيل لا بد منها: يُرجع وسيم يوسف الفضل في المكانة التي يحظى بها في الإمارات إلى أنه كان من أوائل المشايخ المهاجمين لثورات "الربيع العربي"، في وقتٍ كانت فيه أغلبية الدعاة يؤيدون الخروج على الحكام والحركات الثورية.
كما اعتبر رجل الدين الثلاثيني أن موقفه المضاد لجماعة الإخوان المسلمين في مصر صنع له شعبية كبيرة لحد امتلاء المسجد الصغير الذي كان يخطب فيه حينها بالمصلين، قبل صلاة الجمعة بساعتين؛ لسماع ما يقول.
كما كان لوسيم دور واضح في الأزمة الخليجية، إذ اتهم قطر باحتضان الإرهاب، وادّعى أنها تفتح أبوابها لكل مهاجمي دول الخليج. وسبق أن هاجم رجل الدين الإماراتي، أميرَ قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مغرداً تحت وسم "نعم لردع تميم وأعوانه"، واصفاً قطر بالبؤرة السرطانية.
في حين لم يَسلم المنتخب القطري من اتهامات يوسف، فبعد هزيمة المنتخب الإماراتي أمام نظيره القطري 0-4 في نصف نهائي كأس آسيا 2019، قال إنه لا بأس من خروج المنتخب الإماراتي من البطولة "ما دامت قطر قد خرجت من المنظومة الخليجية بالخيانة".
إعفاء من الإمامة: خلال بداية شهر فبراير/شباط 2020، أصدرت السلطات الإماراتية قراراً يقضي بإعفاء الداعية الإماراتي من أصل أردني، وسيم يوسف، من إمامة وخطابة مسجد زايد الكبير في العاصمة أبوظبي.
وأصدرت النيابة العامة في أبوظبي، الخميس 20 فبراير/شباط 2020، بلاغاً يتهم الداعية الديني وسيم يوسف بالترويج، على وسائل التواصل الاجتماعي، لأفكار من شأنها إثارة الفتنة في المجتمع والعنصرية، وإحالته إلى محكمة أبوظبي الابتدائية، بعد أيام من إعفائه من إمامة وخطابة مسجد زايد الكبير في العاصمة أبوظبي.
إذ نشر مركز جامع الشيخ زايد بياناً، أعلن فيه أنه "بعد أن تم تكليف وسيم يوسف خطيباً لجامع الشيخ سلطان بن زايد الأول، فإنه لم يعد الآن إماماً وخطيباً لمركز جامع الشيخ زايد الكبير".
جاء قرار الإعفاء، بعد جدل أثاره نشر يوسف مقطع فيديو يشكو فيه من معاملة بعض الشباب الإماراتيين له، وإيذائهم له ولعائلته بتعليقاتهم.