صوّت البرلمان التونسي، في ساعة مبكّرة من صباح الأربعاء 2 سبتمبر/أيلول 2020، بالأغلبية المطلقة على منح الثقة لحكومة هشام المشيشي، بعد جلسة شهدت مداولات تجاوزت الأربع والعشرين ساعة، ليتم بذلك تجنيب البلاد أزمة سياسية جديدة.
النهضة دعمت الحكومة: كانت جلسة التصويت على حكومة المشيشي قد انطلقت صباح الثلاثاء، واستمرت إلى ساعة مبكرة من اليوم الأربعاء، وشهد التصويت موافقة 134 نائباً بـ"نعم" على الحكومة المقترحة، واعتراض 67 ودون تحفّظ، فيما شارك بعملية التصويت 201 نائب من أصل 217.
صوّت لصالح حكومة المشيشي نواب من كتل حركة النهضة (54 مقعداً) التي تمتلك أكبر كتلة بالبرلمان، وقلب تونس (27 مقعداً)، والإصلاح (16 مقعداً)، وتحيا تونس (10 مقاعد)، والكتلة الوطنية (11 مقعداً)، والمستقبل (9 مقاعد)، وعدد من النواب المستقلين، وفقاً لوكالة الأناضول.
أمّا الكتل الرافضة لمنح الثقة فهي الكتلة الديمقراطية (38 مقعداً/ وتضمّ التيار الديمقراطي وحركة الشعب)، وكتلة ائتلاف الكرامة (19 مقعداً)، وكتلة الحزب الدستوري الحرّ (16 مقعداً).
عقب منح حكومته الثقة، قال المشيشي في تصريح لوكالة الأنباء الفرنسية: "إنني فخور بهذا الدعم"، وأضاف أن الحكومة يمكنها "التقدم في (معالجة) المشاكل الاقتصادية عندما لا تكون عالقة في أي تجاذب سياسي".
أما زعيم "حركة النهضة"، راشد الغنوشي، فقال في تصريح نقلته الوكالة الفرنسية إن مجلس النواب "أظهر أنه قلب السلطة في هذا البلد"، مضيفاً أن هذه الحكومة "يمكن أن تحل المشاكل الاقتصادية والصحية والأمنية وأنا واثق من نجاحها".
ولو لم تحصل هذه الحكومة على الثقة، لكان بإمكان الرئيس قيس سعيّد الذي ينتقد باستمرار النظام البرلماني الحزبي أن يحلّ مجلس النواب ويدعو إلى إجراء انتخابات مبكرة مطلع العام المقبل.
حكومة كفاءات: كان المشيشي قد كشف، الإثنين 24 أغسطس/آب 2020، عن تشكيلته الوزارية، مؤكّداً أنّها من شخصيات مستقلّة، وقال إنه "بعد سلسلة من المشاورات مع الأحزاب والكتل البرلمانية (…) وبعد تقييم الوضع الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، انتهى إلى ضرورة التفكير في حكومة كفاءات مستقلّة، تنكبّ على الوضع الاقتصادي والاجتماعي واستحقاقات التونسيين".
لكن قبل الكشف عن التشكيلة، عبّرت أحزاب عن رفضها لقرار المشيشي تكوين حكومة تكنوقراط، لكنها تجد نفسها مدفوعة لخيار التصويت بالموافقة تفادياً لجرّ البلاد التي تواجه وضعاً اقتصادياً صعباً إلى انتخابات نيابية مبكرة، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
كان المشيشي قد تجاوز دعوات حزب النهضة، الذي تشبّث بحكومة ممثلة للأحزاب، كما كانت عليه الحال مع حكومة إلياس الفخفاخ المستقيل.
تضمّ حكومة المشيشي 28 عضواً ما بين وزراء وكتّاب دولة، من بينهم وزراء من الحكومة السابقة وثماني نساء، وغالبيتهم غير معروفين من الرأي العام.
ويأتي تشكيل الحكومة الجديدة بينما تواجه تونس، البلد العربي الوحيد الناجي من تداعيات الربيع العربي، مصاعب في تحقيق الانتقال الديمقراطي بسبب التجاذبات السياسية بين الأحزاب، وكذلك احتدام الخلافات داخل البرلمان، بالإضافة إلى الوضع الاقتصادي والاجتماعي المتأزمين.