بعدما وطئت قدما إيمانويل ماكرون أرض مطار بيروت، الإثنين 31 أغسطس/آب 2020، توجه الرئيس الفرنسي بشكل مباشر إلى منزل أيقونة الغناء العربي السيدة فيروز، والتي تُعتبر رمزاً لوحدة لبنان، والتقى معهاً قرابة الساعة والنصف، ليتبادلا الهدايا، بينما كان عشرات اللبنانيين يقفون خارج المنزل.
لم يكن لقاء ماكرون وفيروز مُتاحاً أمام وسائل الإعلام، رغم رمزيته الكبيرة، إذ قرر الرئيس الفرنسي زيارته للفنانة أولاً، بدلاً من أن يلتقي كبار الساسة في البلاد، كما لم تظهر حتى صباح الثلاثاء أي مشاهد عن اللقاء من داخل منزل الفنانة اللبنانية.
ماكرون يُكرّم فيروز: الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان قالت إن ماكرون قلّد السيدة فيروز أرفع وسام فرنسي، وهو وسام جوقة الشرف من رتبة قائد (Commandeur)، وهذا الوسام أنشأه القائد الفرنسي التاريخي نابليون بونابرت القنصل الأول للجمهورية الفرنسية الأولى في 19 أيار/مايو 1802، وفقاً لما ذكره موقع "يورونيوز".
يُعد وسام جوقة الشرف حالياً أعلى تكريم رسمي في فرنسا، وينقسم إلى خمس مراتب، هي: رتبة فارس، ورتبة ضابط، ورتبة قائد، ورتبة قائد عظيم، ورتبة الصليب الأكبر.
ويحصل نحو 3 آلاف شخص كل عام على وسام جوقة الشرف، بينهم 400 أجنبي؛ اعترافاً بـ"الخدمات التي قدموها لفرنسا" أو لدفاعهم عن حقوق الإنسان، أو حرية الإعلام أو غيرها من القضايا.
سبق أن حصل رئيس النظام في سوريا بشار الأسد على هذا الوسام من قبل الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك، عام 2001، إلا أن الرئيس الفرنسي الحالي ماكرون قرر تجريد الأسد منه عام 2018، بعدما استخدم الأسد سلاحاً كيميائياً ضد معارضيه، استدعى توجيه ضربة عسكرية له من قبل فرنسا، وأمريكا، وبريطانيا.
ماكرون يُحب أغاني فيروز: ووصف ماكرون زيارته لفيروز بأنها "جميلة وقوية للغاية"، وقال: "تحدثت معها عن كل ما تمثله بالنسبة لي عن لبنان نحبه وينتظره الكثير منا.. عن الحنين الذي ينتابنا"، وفقاً لما ذكرته وكالة رويترز.
ماكرون أشار في تصريحاته إلى أنه يستمع لأغاني السيدة فيروز، وعندما سُئل عن أغنيته المفضلة لفيروز أجاب بأنها "لبيروت" التي كانت تذيعها القنوات المحلية بينما كانت تعرض صوراً للانفجار وتبعاته.
لم يكشف ماكرون ما دار من حديث بينه وبين فيروز، وقال في تصريحات نقلتها الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان إن "اللقاء مع السيدة فيروز كان استثنائياً ولا أستطيع البوح بما قالته لي، وفيروز رمزكم في لبنان (…) فيروز تعطينا الأمل وتعطي صورة حالمة عن لبنان وأنا أعدكم أن يعود لبنان أفضل".
لم يكن ماكرون الرئيس الفرنسي الوحيد الذي أبدى إعجابه بفيروز وصورتها في مخيلة اللبنانيين، فقد نالت الفنانة إعجاب رؤساء فرنسيين آخرين، إذ منحها الرئيس فرانسوا ميتران وسام قائد الفنون والآداب عام 1988، كما منحها الرئيس جاك شيراك وسام فارس جوقة الشرف عام 1998.
كان أول ظهور لفيروز، التي ولدت باسم نهاد حداد، على تلفزيون أوروبي عام 1975 في برنامج فرنسي، وفي عام 1979، تضمنت أغنيتها "إلى باريس" كلمات تقول فيها: "يا فرنسا شو بقلن لأهلك عن وطني الجريح؟".
هدية من فيروز لماكرون: في مقابل هدية الرئيس الفرنسي، منحت السيدة فيروز بدورها هدية لماكرون، وذكرت وسائل إعلام لبنانية أن الهدية هي عبارة عن لوحة فنية كبيرة.
مقطع فيديو نشره لبنانيون على شبكات التواصل الاجتماعي، أظهر أحد أعضاء فريق الرئاسة المصاحبين لماكرون، وهو يخرج من منزل فيروز حاملاً معه على ما يبدو لوحة مُغطاة بستارة، وأثارت اللوحة تكهنات وتساؤلات بين مغردين على شبكات التواصل.
ويزور ماكرون بيروت للمرة الثانية خلال أقل من شهر كي يحث السياسيين على تشكيل حكومة مؤلفة من خبراء، وقادرة على القضاء على الفساد والهدر والإهمال، وإعادة البناء بعد الانفجار المدمر الذي شهده مرفأ بيروت الشهر الماضي وأودى بحياة 190 شخصاً.