قهر وتمييز وسجون ممتلئة.. هل يحق للبنانيين الحنين لحقبة الاستعمار الفرنسي؟ ما لا تعرفه عن تلك الفترة التاريخية

عدد القراءات
682
عربي بوست
تم النشر: 2020/08/10 الساعة 10:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/08/10 الساعة 10:57 بتوقيت غرينتش

صدمتُ كغيري فور اندلاع انفجار "مرفأ بيروت"، بسبب الكم الهائل من الضحايا والخسائر الذي نتج عنه، وعلى إثره حدثت الكثير من ردود الأفعال، كان أقساها وأغربها هو دعوة عدد من اللبنانيين إلى أن تعود بلادهم تحت الإدارة الفرنسية مجدداً كما كانت في عشرينيات القرن العشرين.

مطلب غريب، لم أسمع عن نظير له في أي دولة بالعالم يدعو شطر من شعبها دولة أجنبية لإعادة احتلال أرضه، ولكنه يُمكن أن يُفهم في سياق التركيبة اللبنانية السياسة المعقدة ووضعها الاقتصادي والاجتماعي المتأزم، الذي جعلني أعتبر مثل هذه الدعوات نوعاً من أنواع الاحتجاج والصراخ بصوتٍ عالٍ، للدلالة على أن الشعب اللبناني ضجَّ من كافة مسؤوليه، وبات الاحتلال عليه أهون من حُكم أبناء بلده غير المكترثين بأمره.

ولكن ما قصة هذا الاحتلال؟ وماهي تلك العلاقة الوثيقة التي تجمع بين لبنان وفرنسا؟

نشأت الأشكال البِكر لهذه العلاقة بسبب العناية الخاصة التي أولتها باريس للطائفة المارونية، ففي عهد لويس التاسع ملك فرنسا، بعث عام 1250م رسالة إلى موارنة لبنان جاء فيها "إننا موقنون أن هذه الأمة التي قامت تحت اسم القديس مارون هي قسم من الأمة الفرنسية، لأن محبتها للفرنسيين تشبه محبة الفرنسيين بعضهم لبعض"، وهو الالتزام الذي تجدّد في عهد الملك لويس الرابع عشر الذي بعث برسالة إلى الطائفة المارونية بلبنان عام 1649م تعهد فيها بإظهار كل المودة تجاه الموارنة، ومساعدتهم على السفر دون تقاضي أي رسوم، علاوة على المعاملة بمنتهى الرقة والاحترام.

وبدت هذه الظاهرة، كواحدة من نواتج الحملات الصليبية على الأراضي العربية، والتي اعتبرت بموجبها فرنسا نفسها حامية لمسيحيي الشرق.

وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى بهزيمة الدولة العثمانية، كانت الدولة الأوروبية غير مهتمة بلبنان وأهله إلا فرنسا التي اغتنمت فرصة ترنّح الحكم التركي بها من أجل إنشاء المدارس المختلفة وإرسال البعثات التبشيرية وضخ رؤوس الأموال في الأسواق المحلية، كما وطدت علاقتها ببعض الطوائف في لبنان، أملاً في أن تكون قاعدة لها في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وفي العام 1916م، اتفقت فرنسا وبريطانيا على تقسيم النفوذ في الشرق الأوسط، ضمن ماعُرف لاحقاً باتفاقية "سايس بيكو"، تضمنت تمزيق المنطقة إلى عدة قطاعات تخضع كلٌّ منها بالتساوي إلى الإشراف الفرنسي والإنجليزي، فابتلعت لندن الأردن وفلسطين فيما أُطلقت يد فرنسا في لبنان وسوريا.

وبحلول العام 1918م، دخلت قوات الحلفاء دمشق لأول مرة، ولم تكد الحرب العالمية تنتهي حتى كانت بلاد الشام كلها قد أصبحت تحت سيطرة الجيوش الأوروبية، وبقيت تنتظر تنفيذ قرارات التقسيم، بعدما كشفت فرنسا عن نواياها في البقاء داخل هذه المناطق مدة طويلة، فخابت آمال الشعوب العربية في الحرية وعلموا أنهم استبدلوا احتلالاً باحتلالٍ آخر.

أما عن مصطلح "نظام الانتداب"، فلقد ظهر لأول مرة في مطلع العام 1919م، كأحد نتائج مؤتمر فرساي، الذي ناقش الموضوعات المترتبة على انتهاء الحرب وما أحدثته من تغييرات على خريطة القوى السياسية، وأقرّ أعضاؤه فصل جميع المناطق العربية عن الإمبراطورية العثمانية، ووضعها تحت إشراف عالمي، أطلق عليه اسم "نظام الانتداب".

تفاصيل هذا النظام أصدرتها عُصبة الأمم (بديل الأمم المتحدة وقتها) ضمن بيانها الذي كفل للدول المنتصرة إدارة كافة أراضي الدول المهزومة في الحرب، والتي تسكنها شعوب عاجزة عن إدارة أمورها بنفسها في وسط مخاطر المدينة الحديثة، واعتبر البيان أن "سعادة وتقدم هذه الشعوب ماهو إلا أمانة مقدس في عنق المدينة، وأن ضمانات القيام بهذه الأمانة واجب في عنق الدول الكبرى".

وبموجب هذا التفويض الدولي، خضعت لبنان وسوريا إلى حكم المندوب السامي الفرنسي، الذي اتخذ من بيروت مقراً له، وكان حاكماً مُطلق الصلاحيات تخضع له كافة مصالح الأمن العام والتعليم والآثار وغيرها، وبقي هذا الواقع حتى أُعلن انتهاء الانتداب في أواخر عشرينيات هذا القرن.

ولكن، هل يحقُّ لِلّبنانين الحنين إلى هذه الحقبة، لدرجة دفعت البعض لاعتبارها مرجعاً يتمنّون العودة إليه هذه الأيام؟

لا يتفق تاريخ لبنان القديم مع هذا الرأي، وإنما حملت جنباته أشكالاً متنوعة من صنوف القهر والتمييز والسرقة التي تعرض لها أهل لبنان خلال الحقبة الفرنسية تجعلها فترة سوداء في تاريخ المنطقة ينبغي السعي لعدم تكرارها أبداً.

في البداية حكمت فرنسا لبنان بشكل مباشر عن طريق مندوبين فرنسيين، وبعد تزايد ضغوط القوى الوطنية، سمحت باريس للبنانين بتولّي مناصبهم بشكلٍ شرفي ولكن دون أي صلاحيات فعلية، حتى أنه عندما أصدر عددٌ من أبرز ساسة لبنان مذكرة يُطالبون فيها بالاستقلال التام للأمة اللبنانية تم اعتقالهم ونفيهم إلى كوستاريكا.

أما الصلاحيات كلها فبقيت في يد المندوب الفرنسي، الذي فاقت قراراته قوة كافة أعضاء الحكومة بمن فيهم رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وكان لافتاً أن يكون العلم الأول للجمهورية اللبنانية عام 1926م عبارة عن علم فرنسا مضافاً إليه شجرة الأرز، وبالطبع فإن هذا الاختيار كان فرنسياً محضاً ولم يُستشر فيه لبناني واحد.

وبعد أن مزقت اتفاقية "سايس بيكو" منطقة الشام إلى سوريا ولبنان رعت باريس تمزيقها مجدداً إلى دويلات أصغر حجماً، فكانت أولى قرارات الحاكم الفرنسي هو اقتطاع عددٍ من الأراضي السورية التي تشمل مدناً كبرى كبيروت وصيدا وطرابلس وبعلبك وغيرها وإضافتها إلى المنطقة التي عُرفت تاريخياً بـ"جبل لبنان"، معلناً قيام دولة لبنان الكبير.

بعد ذلك، تم تمكين العلويين من إعلان دولة في اللاذقية عام 1922م، وفي ذات العام سمحت للدروز بإقامة دولة مستقلة في جبل الدروز، أما سوريا فقد تم تقسيمها إلى دولتين صغيرتين هما حلب ودمشق.

وظل هذا الوضع الفسيفسائي قائماً حتى العام 1936م، حتى أعيد ضم دول "حلب" و"دمشق" و"العلويين" و"الدروز" في دولة واحدة هي سوريا، وبقي لبنان الكبير كما هو حتى اليوم.

لم يكتفِ الفرنسيون بذلك، وإنما كانوا أول من ابتدعوا نموذج المحاصصة الطائفية، ووضع قواعد تقسيم المناصب السياسية الكبرى وفقاً لقوة كل طائفة، كما سعت باريس دوماً إلى العمل على إضعاف تيار القومية العربية الذي بدأ في الظهور ويُطالب باستقلال بلاده، كما أخذت في تقوية علاقتها بالأقليات كالمسيحيين والأكراد وتمنحهم أوضاعاً أكثر تميزاً حتى من الأغلبية السنية.

هذا النهج المدمر الذي لم تستطع لبنان التخلص منه حتى اليوم، وكان سبباً مستمراً في فشل أي مظاهرات خرجت تُطالب بالتغيير، لأنها ما تلبث وأن تنتهي بإقالة حكومة وإعادة تشكيل أخرى تمثّل نفس النُخب السياسية والطوائف المختلفة.

وبخلاف ذلك، عملت فرنسا جاهدة من أجل إحداث تغيرات ديموغرافية على الأرض اللبنانية، ربما كانت ستصل به يوماً إلى أن يكون عدد الفرنسيين فيه أكثر من اللبنانين أنفسهم!

فتم تشجيع هجرة الفرنسيين إلى لبنان، ومُنحوا مزايا تجعل أحوالهم أفضل من حال أهل البلد، فسُمح للفرنسيين بأعدادهم الهائلة باستيراد ما يشاؤون من سلع دون أن يدفعوا أي رسوم ما حرم لبنان من مورد اقتصادي رئيسي، كما تم ربط العملة المحلية بالفرنك الفرنسي وهو ما أصاب الليرة بعدم الاستقرار الاقتصادي.

عُين المستشارون الفرنسيون في كافة المصالح الحكومية ومُنح أي مواطن فرنسي أولوية مطلقة في التعيين بالوظائف الحكومية حتى بلغت الكثافة الفرنسية في الدولة اللبنانية عام 1925م 15 ألف شخص بعدما كان 5 آلاف فردٍ فقط عام 1920م، وهو عدد لا يُستهان به إذا ما علمنا أن حجم اللبنانيين كان 850 ألف فرد خلال هذه الفترة.

وفي المقابل تزايدت حركة هجرة اللبنانيين، بسبب الانخفاض الكبير في فرص عمل اللبنانيين داخل بلادهم، فاضطروا إلى اللجوء للخارج طلباً للرزق، وفيما بين العامين 1919م و1938م تجاوز عدد المهاجرين 4400 فردٍ من من صفوة العلماء والمفكرين والصنّاع، هاجروا إلى البرازيل والأرجنتين وأمريكا ومصر.

وبالرغم من أن البيانات الدولية تحدثت عن وضع إشرافي للدول الكُبرى كمساعدة لشعوب المنطقة على التقدم، فإن فرنسا تعاملت مع لبنان منذ العام 1920م كمستعمرة تابعة لها، أدارته كما يفعل أي محتل غاصب يفرض سُلطته على شعوب المنطقة بالقهر والسلاح.

فسمح المندوب السامي الفرنسي لنفسه بالتدخل في كافة الشؤون الاقتصادية، ومنح امتيازات للشركات الفرنسية العاملة داخل الأراضي الشامية، بل وأمر بسحب جزء من رصيد الذهب الذي كان يملكه لبنان إبان الحكم العثماني ونقله إلى باريس.

وعلاوة على ذلك، لم يتوقف المندوب السامي عن اقتطاع ما يشاء من ميزانية البلاد تحت بند مطاط يحمل اسم "نفقات الانتداب"، وهو ما تكشفه تقارير الحساب التي كانت تقدمها فرنسا للأمم المتحدة عن إدارتها للبنان، وفي تقريرها الصادر عام 1927م، أكدت فيه أنها أنفقت ما يزيد عن 100 ألف ليرة ذهبية كمصروفات للجيش ولنفقات الانتداب، كلها من الخزينة اللبنانية.

أما عن المجلس النيابي الذي سمح الفرنسيون للبنانيين بتشكيله عام 1923م، فقد قوبلت انتخاباته بالمقاطعة والتشكيك بسبب التدخل الفرنسي السافر من أجل اختيار أعضاء بالذات في تشكيلته، وفي المجمل كان هذا المجلس بلا صلاحيات، له حق مناقشة المواضيع التي تُحوّلها إليه السُلطات الفرنسية فقط، ولم يكن له الحق في إقرار أي قانون يُعارض سُلطات الانتداب.

وعندما تقرر وضع أول دستور لبناني عام 1926، كُتب بأياد فرنسية اقتطعت بعض بنود الدستور الفرنسي الصادر عام 1875م، وجعلته دستوراً للبنان دون اهتمام بالفارق الحضاري والمجتمعي بين البلدين، مع تشويه كثيرٍ من المواد لما فيه صالح فرنسا، فكرّس للطائفية السياسية ووضع العراقيل أمام كل يُمكن أن يُنتج حكماً وطنياً مستقلاً في لبنان.

وفي العام 1939م، اندلعت الحرب العالمية الثانية، وهو ما استغلته باريس لإحداث رِدة رسمية عن كل المكتسبات الوطنية التي نالها لبنان، ولو شكلياً.

فأعلن المندوب السامي الأحكام العرفية وإيقاف العمل بالدستور والحدّ من صلاحيات رئيس الجمهورية إلى أقل درجة ممكنة.

وهو ما دفع الصحفي اللبناني الشهير إسكندر رياشي لإطلاق مقولته الشهيرة "ننام ولدينا دستور ورئيس جمهورية ومجالس نيابية، ونستيقظ فإذا بكل هذه الرموز قد تبخرت تماماً، لأن الجمهورية كانت كلمة على شفاه ديكتاتور فرنسي".

وعلى صعيد الحريات أنكرت باريس على اللبنانيين حريتهم الخاصة، فلم يكن مسموحاً لهم بحرية الخطابة أو عقد الاجتماعات أو إصدار المطبوعات، وكان يُلقى بالعناصر الوطنية المناوئة للانتداب في السجون بدون محاكمات.

وعندما حاولت باريس أن تحيل بيروت إلى مركز ثقافي منفتح على الغرب، سمحت بافتتاح حانات ومطاعم ومسارح غناء، استقدمت الفرق المصرية (فرقة المغنية منيرة المهدية والممثل نجيب الريحاني) والراقصات الأجنبيات وكبار العازفين الأوروبيين.

لم تُقابل هذه الخطوة في بدايتها بالكثير من الحماس من أهل البلد، وظلّت الأكثرية اللبنانية محافظة في نفسها ترفض الإقبال على "دور الترفيه"، وبقي أصحابها يواجهون صعوبات في حثِّ المواطنين على ارتياد هذه الأماكن، لكن هذا التحول الفني كان اللبنة الأولى للنهضة الموسيقية التي عرفتها لبنان في الخمسينيات والستينيات وشهدت ظهور العديد من المواهب الخالدة كفيروز والأخوين رحباني وغيرهم.

وعندما أحدثت الحرب العالمية الثانية زلزالاً كبيراً في ميزان القوى، بعدما فشلت فرنسا في الدفاع عن أراضيها وسقطت باريس بين أيدي ألمانيا النازية، وتم إعلان حكومة "فيشي" الفرنسية المنصاعة لألمانيا، اعتقد اللبنانيون أنهم تحرروا من قبضة الاحتلال للأبد.

سريعاً خابت الآمال، بعدما أعلنت الحكومة الفرنسية الجديدة، أنها لن تقوم بأي تغيير في وضع الأراضي الواقعة تحت الانتداب، وأن العلم الفرنسي سيظل مرفوعاً عليها، وأتى هذا الإعلان بالرغم من انسحاب حكومة "فيشي" من عصبة الأمم عام 1941م، وهي المنظمة التي منحت فرنسا حق الانتداب على الأراضي العربية، ما أفقد وجودها أي شرعية دولية.

لم يستمر هذا الوضع "المقلوب" كثيراً، بعدما شكَّل الجنرال الفرنسي الشهير شارل ديغول حكومة فرنسية مناوئة للألمان عُرفت بِاسم حكومة فرنسا الحرة، تمكنت من استعادة السيطرة على لبنان وسوريا، وكمحاولة لمغازلة القوى الوطنية أعلن الحاكم الفرنسي استقلال لبنان عام 1941م.

وهذه المرة أيضاً، لم يكف الفرنسيون عن محاولة خداع أهل لبنان، بعدما قيّدوا هذا الاستقلال المزعوم بوجود المندوب السامي الفرنسي وانتشار الموظفين والجنود الفرنسيين في كل مكان.

لكن وقتها أبَى اللبنانيون أن يُلدغوا من الجُحر مرتين، وقابلوا هذا الإعلان بالفتور التام.

وفي مايو/أيار 1943م، أُجريت أول انتخابات على مقعد رئيس الجمهورية بواسطة المجلس النيابي المنتخب، وكان الفائز هو الشيخ بشارة الخوري، ليُصبح أول رئيس جمهورية منتخب من قِبَل ممثلي الشعب، والذي قام بتكليف رياض الصلح (سُني المذهب) بتشكيل أول حكومة في عهد الاستقلال.

أخيراً نال لبنان استقلاله الحقيقي، وهو النبأ الذي أسعد الدول العربية وسارعت إلى الاعتراف به.

أرادت فرنسا أن يكون هؤلاء الأشخاص مجرد ديكور يُمرِّر استعمارها للأراضي، ولو من وراء حجاب، وهو ما رفضه جميع المسؤولين المُنتخبين الذين واجهتهم معضلة كبرى فور توليهم سُلطاتهم، وهي أنهم بلا سُلطة!

فكافة الإدارات والمصالح الحكومية والأمنية خاضعة للإشراف الفرنسي المباشر، وعندما طلبت الحكومة من المندوب السامي الفرنسي إخضاع هذه الهيئات لإشرافها رفض!

ما دفع الحكومة لتشكيل لجنة برلمانية تعني بتنفيذ عددٍ من التعديلات الدستورية التي لا تتلاءم مع روح الاستقلال، فرفض المندوب الفرنسي هذا الإجراء مجدداً، وهو ما اعتبرته الحكومة اللبنانية معارضاً مع إعلان الاستقلال وحقها الدستوري في إدارة البلاد.

كان رد الفعل الفرنسي عنيفاً، ألقت القبض على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وعينت رئيس جمهورية موالياً لها، ما أدى لردود فعل عنيفة، واندلعت المظاهرات في لبنان وأغلقت المحال التجارية ومزقت صور الجنرال ديغول في الشوارع، ولم يستطع رئيس الجمهورية المعين تشكيل أي وزارة بعدما رفض كل سياسيي لبنان الاشتراك معه فيها.

تم تشكيل ما عُرف بحكومة الثورة في قرية شامون التي اتخذت مقرّاً مؤقتاً لها، واستمر هذا الوضع 11 يوماً حتى تدخلت إنجلترا وفرضت ضغوطاً على فرنسا أجبرتها على الانصياع لرغبات اللبنانيين فأطلقت سراح اللبنانيين وتم تنفيذ كافة التعديلات الدستورية المطلوبة.

وكانت هذه أول مؤشرات أن فرنسا لم تعد اللاعب الرئيسي في المنطقة، وأن اللبنانيين بوسعهم فرض إرادتهم حتى على أكبر قوة عسكرية في العالم، دون أن يتخيّل أحد للحظة أنه سيأتي على أحفادهم يومٌ يتمنّون فيه إعادة الاحتلال الفرنسي لأراضيهم مجدداً.

المصادر

  • كتاب "سياسة الحكم في لبنان تاريخ لبنان من الانتداب حتى الحرب الأهلية 1920_1976" للدكتور حمدي الطاهري، ص 45
  • كتاب "تاريخ سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي" لستيفن هامسلي لونغريغ، ص 135.
  • بحث "طرب بيروت زمن الانتداب"، لديانا عبّاني ص 6
  • بحث "الانتداب الفرنسي في بلاد الشرق" لبيير فيينو، ص2
  • بحث "الهجرة اللبنانية في عهد الانتداب" لبطرس لبكي، ص 6

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد متاريك
باحث في التاريخ وعلوم اللغة
باحث في التاريخ وعلوم اللغة، صحفي مصري، عمل محرراً في عدد من دور النشر.
تحميل المزيد