أعلن وزير البيئة والتنمية الإدارية في الحكومة اللبنانية، دميانوس قطار، الأحد 9 أغسطس/آب 2020 استقالته من منصبه، وسط التداعيات السياسية للانفجار والأزمة الاقتصادية المستمرة منذ شهور، قائلاً إن الحكومة لم تنجح في الإصلاح.
دميانوس قطار قال، في بيان عنونه "نفسي حزينة حتى الموت"، إنه استقال "أمام هول الفاجعة، وانحناء لأرواح الضحايا الأبرياء، وتضامناً مع الجرحى والمصابين وذويهم، وتحسساً بألم أهالي المفقودين، وتعاطفاً مع جميع المتضررين".
الأمل في الشباب: وزير البيئة اللبناني المستقيل أكد أنه "مع انسداد أفق الحلول على وقع التجاذبات العبثية، وفي ظل آليات نظام عقيم ومترهل أضاع العديد من الفرص، وتجاوباً مع قناعاتي وضميري، قررت أن أتقدم باستقالتي من الحكومة".
فيما ختم دميانوس بيانه قائلاً: "في لحظة وحدة اللبنانيين بآلامهم أرى الأمل في قدرة شاباتنا وشبابنا على النهوض بلبنان جديد يلبي طموحاتهم وأحلامهم، باقياً دائماً وأبداً في خدمة وطني وأهلي".
استقالة دميانوس جاءت بعد ساعات من إعلان وزيرة الإعلام منال عبدالصمد استقالتها من الحكومة اللبنانية.
احتجاجات غاضبة: يأتي هذا بالتزامن من احتجاجات غاضبة تشهدها بيروت على خلفية انفجار المرفأ، إذ أطلقت الشرطة اللبنانية الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريق محتجين يلقون الحجارة ويغلقون طريقاً قرب البرلمان في بيروت، في ثاني يوم من الاحتجاجات المناهضة للحكومة.
فيما اندلع حريق عند مدخل ساحة البرلمان، فيما حاول المتظاهرون اختراق منطقة محاطة بسياج حسبما أظهرت لقطات تلفزيونية. واقتحم المحتجون أيضاً مكاتب وزارة الأشغال العامة والنقل.
وليد جمال، وهو متظاهر عاطل عن العمل، قال: "أعطينا هؤلاء الزعماء فرصاً كثيرة لمساعدتنا، ودائماً ما يفشلون. نطالب برحيلهم جميعاً، خاصة حزب الله، لأنه ميليشيا ويروع الناس بأسلحته"، في إشارة للجماعة الأكثر نفوذاً في لبنان والمدعومة من إيران والتي لديها وزراء في الحكومة.
وقال البطريرك بشارة بطرس الراعي، رأس الكنيسة المارونية، إن الحكومة يجب أن تستقيل إن لم تستطع تغيير "طريقة حكمها".
أضاف في قداس الأحد أن "استقالة نائب من هنا ووزير من هناك لا تكفي بل يجب، تحسُساً مع مشاعر اللبنانيين وللمسؤولية الجسيمة، الوصول إلى استقالة الحكومة برمتها، إذ باتت عاجزة عن النهوض بالبلاد، وإلى إجراء انتخابات نيابية مبكرة، بدلاً من مجلس بات عاطلاً عن عمله".
مطالبات بتغيير الحكومة: المواطن اللبناني يونس فليتي (55 عاماً) وهو عسكري متقاعد، قال الأحد: "الشرطة أطلقت النار عليّ، لكن ذلك لن يمنعنا من التظاهر حتى تتغير الحكومة بكاملها".
وعلى مقربة جلس فني إصلاح السيارات صابر جمالي في ساحة الشهداء قرب هيكل خشبي يتدلى منه حبل مشنقة، في تحذير رمزي لزعماء لبنان بأنهم إن لم يستقيلوا سيواجهون الشنق، قائلاً: "كل زعيم يقمعنا يجب أن يشنق". وأضاف أنه سيتظاهر من جديد.
فيما قالت المحامية مايا حبلي وهي تتفقد المرفأ المدمر حيث وقع الانفجار: "يجب على الناس النوم في الشوارع والتظاهر ضد الحكومة إلى أن تسقط"، مضيفة أن الحكومة قالت إنها ستحاسب المسؤولين.
أما المواطن مارون شحادة فقال: "عملت في الكويت لمدة 15 عاماً في مجال الصرف الصحي لتوفير المال وبناء محل لبيع الهدايا في لبنان وقد دمره الانفجار.. لن يتغير شيء حتى يغادر قادتنا".
انفجار المرفأ: انفجار أكثر من ألفي طن من مادة نترات الأمونيوم بمرفأ بيروت، الثلاثاء، أسفر عن مقتل 158 شخصاً وإصابة أكثر من ستة آلاف، وتسبب في تفاقم الانهيار السياسي والاقتصادي المستمر في لبنان منذ شهور، وأدى إلى دعوات غاضبة تطالب باستقالة الحكومة.
بينما أعلنت الحكومة، الأربعاء، عن إجراء تحقيق يستغرق خمسة أيام كحد أقصى، تتصاعد دعوات لبنانية لإجراء تحقيق دولي، لتحديد أسباب الانفجار والمسؤولين عنه.
يزيد الانفجار من أوجاع بلد يعاني منذ أشهر تداعيات أزمة اقتصادية قاسية، واستقطاباً سياسياً حاداً، في مشهد تتداخل فيه أطراف إقليمية ودولية.
الأزمة الاقتصادية الراهنة هي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث، وفجرت احتجاجات شعبية، منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ترفع مطالب اقتصادية وسياسية.
المحتجون أجبروا حكومة سعد الحريري على الاستقالة، بعد 12 يوماً، وحلت محلها حكومة دياب، منذ 11 فبراير/شباط الماضي، لكن لم تتوقف الاحتجاجات، نظراً لاستمرار تدهور الأوضاع المعيشية.