كشف أعضاء من الفريق الإثيوبي الذي يتفاوض في ملف سد النهضة مع مصر والسودان، تفاصيل من المحادثات التي جرت مع الجانب المصري خلال الأشهر الماضية بمناسبة مرور 9 سنوات على بناء السد، واتهم أحد التصريحات مصر بـ "إعادة إحياء الاتفاقية الاستعمارية لعام 1959 وجعل إثيوبيا ودول المنبع الأخرى مستعمراتهم".
إذ قال عضو فريق التفاوض، زريهون أبي، لوكالة الأنباء الإثيوبية، إن مصر تسعى من خلال المفاوضات لتغيير هدف المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي، وأضاف عضو فريق التفاوض الإثيوبي: "إنهم (المصريين) يعتقدون أنه يمكنهم فرض رغباتهم الاستعمارية على دول المنبع، ويريدون جعل إثيوبيا ودول المنبع الأخرى مستعمراتهم"، على حد قوله.
فيما اعتبر أن السبيل الوحيد للحل هو "التفاوض بجدية والتعاون مع دول الحوض الأخرى للخروج من هذه الفوضى"، وفق وصفه لنظرة بلاده، مشدداً على أن "النهج المجزأ لن يخدم الغرض، ما لم تتأكد الدول من أن جميع الدول المشاطئة لديها حصة عادلة ومعقولة".
ثم استفاض في الحديث عن تقاسم توزيع المياه وضرورة تقديم الدول لتنازلات مقابل تحقيق التنمية المستدامة والسلام في المنطقة، وتابع: "في حالة حدوث جفاف، يتعين على مصر وإثيوبيا مواجهته معاً باعتباره ظاهرة طبيعية"، وتابع: "لن تتحمل إثيوبيا الألم وحدها، لتزدهر مصر".
فيما قالت عضوة أخرى بفريق التفاوض، وهي يلما سيليشي، إن مصر حاولت استخدام ملف الجفاف للتأثير على حصة التقسيم، وأضافت: "كالعادة، خرجت مصر بخطة تحويل غير مقبولة باسم التخفيف من الجفاف، وحاولت ثانيةً استخدام تكتيكها المعتاد من خلال الخروج بقضايا الجفاف، وموسم الجفاف لفترات طويلة، للوصول إلى قضية في تقاسم المياه وضد اتفاقية الإطار التعاوني".
بينما تحدثت عن وجهة النظر الإثيوبية في مسألة التخفيف من الجفاف، وقالت إنه "في حالة التدفق الطبيعي يكون المتوسط أقل من 49 مليار متر مكعب. لذا، إذا وافقت على التخفيف من الجفاف، أي 49 مليار متر مكعب، فأنت تطلق التدفق الطبيعي وليس لديك أي حق في إنشاء أي سد أعلى من هذا المنسوب. لذا تفقد حقك".
فيما عادت إلى اتفاقية 1959، وقالت إنها غير مقبولة بالنسبة لبلادها التي تعتبر أنها تتركها "بحصة صفرية من المياه على نهر النيل"، واتهمت القاهرة بعدم الرغبة في تقسيم المياه، والرغبة في الحفاظ على استخدام المياه الحالي وفقاً لاتفاقية 1959، وأضافت: "أي تطور في المنبع لا يجب أن يتعارض مع اتفاقية 1959 هذه، يهدف إلى إعادة فرض الاتفاقية الاستعمارية".
كان رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد حدد، مساء الأربعاء 1 أبريل/نيسان، الموعد النهائي لبدء ملء خزان السد، ليتزامن مع موسم الأمطار المقبل.
تسبب السد الهائل الذي يتوقع أن يكون أكبر مصدر للطاقة الكهرومائية في أفريقيا في توتر بين أديس أبابا والقاهرة منذ بدأت إثيوبيا بالعمل على تشييده في 2011. ونهاية فبراير/شباط الماضي، وقّعت مصر بالأحرف الأولى على اتفاق ملء وتشغيل سد النهضة الذي رعته واشنطن بمشاركة البنك الدولي، معتبرة الاتفاق "عادلاً"، وسط رفض إثيوبي، وتحفظ سوداني.
يأتي هذا وسط مخاوف من دخول مصر مرحلة الفقر المائي بسبب تضاؤل حصتها المائية، إذ نجد أن نصيب المواطن المصري من المياه كان 2000 متر مكعب سنوياً عام 1959، وبعدها بثلاثة عقود، أي عام 1985، انخفض ذلك إلى 1138 متراً مكعباً سنوياً لكل فرد، وفى عام 2007 كان نصيب الفرد في مصر 759 متراً مكعباً، بينما في عام 2018 انخفض نصيب الفرد إلى 555 متراً مكعباً سنوياً، ومن المتوقع أن يتدنى نصيب الفرد إلى 300 متر مكعب فقط عام 2050.
إذ تعتمد مصر على مياه نهر النيل بنسبة تتخطى 90%، وتبلغ حصتها من مياه النيل 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وهذه الحصة ثابتة منذ توقيع اتفاقية توزيع مياه النيل بين مصر والسودان عام 1959، وكان عدد سكان مصر وقتها تقريباً 25 مليون نسمة فقط.