أطلق أمير سعودي معارض منفي حركةً معارضة، تدعو إلى تغيير النظام في السعودية ، وتعهَّدت بحماية منتقدي النظام الذين يهربون من البلاد، وذلك بعد قتل الصحفي جمال خاشقجي من قِبَل مسؤولين سعوديين، العام الماضي.
وقال الأمير خالد بن فرحان آل سعود الذي هرب من السعودية قبل أكثر من عقد، لصحيفة The Independent البريطانية، إنه يريد أن يرى ملكيةً دستورية كنظامٍ للحكم، مع إجراء انتخاباتٍ لتعيين رئيس الوزراء والحكومة، في سبيل محاربة ما سمَّاه الانتهاكات المزمنة لحقوق الإنسان والظلم في البلاد.
ويأمل أمير سعودي معارض منفي في ألمانيا، أن توفر الجماعة المعارضة التي تُسمِّي نفسها "حركة حرية شعب شبه الجزيرة العربية" لأولئك الهاربين من السعودية، المحامين والمترجمين المختصين، والوصول إلى الإعلام لمساعدتهم في الحصول على لجوء في أوروبا.
ما الذي حفَّز أميراً سعودياً معارضاً على الفكرة؟
تكوَّنت الفكرة وسط حملةٍ صريحةٍ على منتقدي النظام، بعد أن اغتال مسؤولون سعوديون خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. ويعتقد بعض مسؤولي المخابرات التركية والأمريكية، وبعض النواب الأمريكان أن مقتل خاشقجي ربما كان بأمرٍ من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان.
أنكرت السلطات السعودية، التي بدأت تحقيقاً في الجريمة، مراراً، تورُّط ولي العهد، وقالت إن مسؤولين سعوديين منشقين كانوا وراء جريمة القتل البشعة.
وقال أمير سعودي معارض : "لدينا رؤيةٌ للنظام القضائي، لحقوق الإنسان ومحاسبة منتهكيها، لكن علينا الآن التركيز على الدستور، وعلى مساعدة السعوديين في أوروبا".
وقال بن فرحان إن عائلة آل سعود المالكة ستبقى الزعيمة الدبلوماسية والرمزية للبلاد، مثلما هي حال الملكة البريطانية، لكن السلطة ستكون بيد الشعب في النهاية.
استُلهمت الفكرة أيضاً من مأساة المواطنة السعودية رهف القنون (19 عاماً)، التي أُجبرت على حجز نفسها في مرحاض مطار بانكوك، في يناير/كانون الثاني الماضي، بينما كانت تحاول الهرب من عائلتها في رحلةٍ إلى الكويت.
جزءٌ من جناحٍ في العائلة المالكة تصادم مع محمد بن سلمان
وقال الأمير خالد، الذي يعيش في منفاه في ألمانيا منذ عام 2007، إن الجماعة المعارضة ستُقدم الدعم القانوني وغيره للمواطنين السعوديين، بحيث لا يضطرون للاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأضاف للصحيفة البريطانية: "توجَّب عليَّ مغادرة السعودية في عام 2007، حين تم تحذيري بأن ثمة أمراً بالقبض عليَّ لأني كنت أنتقد الدولة. لقد شعرتُ بهذه المعاناة بنفسي، وأرغب في مساعدة الآخرين الذين يواجهون نفس المشاكل مثلي. حين تطالب بدعواتٍ ضد الحكومة فستحتاج المساعدة".
الأمير المعارض هو جزءٌ من جناحٍ في العائلة المالكة تصَادَم مع محمد بن سلمان، وقد قال إن والده وأخته لا يزالان قيد الإقامة الجبرية في منزلهما في السعودية.
وكان الأمير قد كشف سابقاً للصحيفة البريطانية، أنه يعتقد أن السلطات السعودية خطَّطت لاختطافه قبل عشرة أيامٍ فقط من اختفاء خاشقجي، في أكتوبر/تشرين الأول.
شيك بملايين الدولارات عرض على أمير سعودي معارض
وزعم الأمير، الذي ينحدر من أم مصرية، أنه في ظروفٍ مخيفةٍ مشابهة عُرض عليه "شيك كبير" وملايين الدولارات إذا وافق على السفر إلى مصر لمقابلة مسؤولين في النظام في القنصلية السعودية في القاهرة.
ورفض الأمير العرض، معتقداً أنها حيلةٌ لإغرائه بالعودة إلى السعودية، كجزءٍ من حملةٍ تصعيدية يقودها محمد بن سلمان لإسكات منتقديه.
واجهت السعودية تحت الحكم الفعلي لمحمد بن سلمان انتقاداتٍ عالميةً متزايدة، بسبب سِجلها في حقوق الإنسان، وسط اتهاماتٍ بأنها قامت وبشكل متكرر بتخدير وإعادة منتقدي النظام إلى السعودية، بمن فيهم الأمراء.
ودعت مجموعةٌ من النواب البريطانيين، في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، إلى الوصول إلى مجموعةٍ مكونة من عشرات الناشطات في مجال حقوق الإنسان، واللاتي تم اعتقالهن وتعذيبهن بحسب ما أفادت تقارير. وما زالت هؤلاء الناشطات قيد الاعتقال.
هذا رغم حقيقة أن محمد بن سلمان قد أطلق حملة إصلاحاتٍ قوية تضمَّنت إلغاء منع النساء من قيادة السيارات.
وعدا الدفع باتجاه تغيير النظام في السعودية، يهدف الأمير خالد إلى دعم أولئك الذين يهربون من الظلم والتعذيب والأذى في السعودية، وذلك بمساعدتهم على طلب اللجوء في ألمانيا والبلدان الأوروبية الأخرى.
وقد انضمَّ أمير سعودي معارض الآن لفريقٍ من الناشطين السعوديين عبر أوروبا، وجمع الدعم من محامي الهجرة والمترجمين في ألمانيا لتشكيل الشبكة.
وتأمل المجموعة أيضاً في التعاون مع وسائل الإعلام العالمية لتسليط الضوء على الهجمات على المواطنين السعوديين، وتكوين لجنة للضغط من أجل إطلاق سراح أولئك الذي تم اعتقالهم من دون وجه حق في السعودية.
وأضاف الأمير خالد: "أنا الآن العضو الوحيد من العائلة المالكة في هذه الحركة، ولكني آمل أن الآخرين سينضمون إليَّ. جمال خاشقجي هو واحد من آلاف المواطنين الذين قُتلوا ظُلماً. نريد أن نثور ضد الظلم لإنقاذ البلد من الانهيار".
معارضون آخرون يريدون تغيير النظام في السعودية
انضمَّ المنتقد البارز للنظام السعودي، عبدالعزيز عامود، الذي يعيش في دبلن منذ عام 2014، انضم إلى الحركة بعد أن أطلق مبادرةً في أيرلندا لحماية النساء السعوديات الضعيفات والهاربات من عائلاتهن المسيئة في البلد، حيث يتعرضن للسيطرة بسبب قوانين وصاية الرجال.
وقال الأمير خالد: "الدور الأهم للمعارضة السعودية خارج البلاد هو مساعدة الآخرين، وإحدى الطرق الأكثر نجاعةً لإحداثِ تغيير هي عبر الضغط العالمي، ومساعدة طالبي اللجوء. النساء خاصةً ضعيفات للغاية. لقد استخدمت السلطات السعودية سفاراتها بشكل متكرر للعمل ضدّ الناس، حتى في الحالات المنزلية، مثل قضية رهف".
المترجم الدكتور عبدالسلام إسماعيل، مترجم قانوني موجود في مدينة إيسن، هو من بين أولئك الذين سيكونون الفريق الذي يساعد السعوديين في طلب اللجوء.
قال إسماعيل للصحيفة البريطانية: "خالد قام بخطوة هامة للانفصال عن العائلة الحاكمة، في سبيل استرجاع الحرية الديمقراطية للشعب السعودي. لن نتواصل فقط مع المحامين المختصين بقضايا اللجوء، بل أيضاً نوظف البعض للإشراف على أشياء مثل استجلاب أفراد العائلة، والدمج، بما في ذلك التسجيل في المدارس".