بات في شبه المؤكد أن يقود الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي الفترة الانتقالية في الجزائر، من خلال رئاسته للمؤتمر الوطني (الندوة الوطنية)، الذي "سيرسم مستقبل الجزائر السياسي"، بإشرافه على انتقال السلطة ووضع الدستور الجديد وتحديد موعد الانتخابات الرئاسية في الجزائر.
المبعوث الأممي ووزير الخارجية السابق الأخضر الإبراهيمي، كان من بين أولى الشخصيات التي استقبلها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بُعيد إعلانه عدم الترشح لولاية خامسة وتأجيل انتخابات 18 أبريل/نيسان 2019.
وبعيداً عما إذا كان الإبراهيمي يحظى بإجماع مختلف مكونات الشعب الجزائري، فإن مهمته لن تكون سهلة، وقال بعد لقائه ببوتفليقة، "نظراً للوضع الذي تمر به البلاد أخبرني ببعض القرارات الهامة التي هو بصدد اتخاذها"، وتابع "أن صوت الجماهير وخاصة منها الشباب مسموع ومرحلة جديدة بناءة ستبدأ في مستقبل قريب ستعالج الكثير من مشاكلنا".
فمن يكون الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي ؟
ولد الإبراهيمي في في الأول من يناير/كانون الثاني 1934، ببلدة العزيزية التي تتبع محافظة المديّة، جنوبي العاصمة الجزائر بنحو 150 كلم. في عائلة بسيطة اشتغلت في الزراعة وهو الطابع الغالب لبلدة العزيزية وضواحيها. ولأن الوالد صالح كانت أمنيته أن يرى ابنه في مقاعد الدراسة، ألحقه بزاوية البلدة لحفظ القرآن وتعلم أصول اللغة العربية.
عاش الأخضر الإبراهيمي (الطفل) يتيماً، وتكفل به أخواله ليلتحق بإحدى المدارس الأهلية، التي توج فيها بالجائزة الأولى في المسابقة العامة للغة العربية المفتوحة لطلاب الثانويات بكل من فرنسا وإفريقيا الشمالية.
وإثر ذلك مباشرة، التحق بكلية الحقوق ومدرسة العلوم السياسية بالجزائر العاصمة، ثم انتقل بعدها إلى العاصمة الفرنسية، باريس، في شهر سبتمبر/أيلول من سنة 1955 لاستكمال دراسته.
سفير الثورة الجزائرية في آسيا
هناك اختارته جبهة التحرير الوطني ليكون سفير ثورة التحرير في إندونيسيا ومنطقة آسيا، فسافر إلى جاكرتا رفقة صديقه وزميله، وزير الخارجية السابق الراحل محمد الصديق بن يحيى، ليكونا ممثلين لجبهة التحرير في المنطقة التي كانت تعيش زخم حركات التحرر.
استلم المهمة وهو في الثانية والعشرين من عمره، لتكون بداية مسيرة حافلة بالإنجازات الشخصية والعامة. لينتقل بعدها إلى القاهرة كمبعوث للحكومة الجزائرية المؤقتة. وعيّن أول سفير للجزائر المستقلة في مصر عام 1963.
الإبراهيمي الذي يوصف في مصر بأنه ابن ثورتين عريقتين، ابن طبيعي لثورة الجزائر وابن بالتبني لثورة مصر عام 1952، يحمل للقاهرة حباً وانبهاراً ويذكر في أحد تصريحاته "أذكر أني لم أضع ربطة العنق، خلال السنوات التي قضيتها في القاهرة، كنا نقضي الليل من بيت إلى آخر أو في "نايت آند داي" حتى الفجر، لويس عوض ومحمد عودة ورمسيس يونان وأنجي رشدي ولطفي الخولي وأحمد بهاء الدين وآخرون. كنت قريباً جداً من هيكل ولطفي ومحمد سيد أحمد.
مهام دبلوماسية في أفغانستان والعراق
كان الأخضر الإبراهيمي مبعوثاً للأمم المتحدة في أفغانستان والعراق، كما عين مبعوثاً للأمم المتحدة إلى هايتي وجنوب إفريقيا واليمن وزائير في الفترة الممتدة بين عامي 1994-1996، وكلف من طرف الأمم المتحدة لحل تفاوضي في العديد من بؤر التوتر والتي كللت في العديد من الأزمات بنجاح، وبين عامي 1997 حتى عام 1999 كان مبعوثاً أممياً لأول مرة إلى أفغانستان.
وهو عضو في لجنة الحكماء وهي مجموعة مستقلة تضم عدداً من زعماء العالم تأسست عام 2007، وتعمل من أجل السلام وحقوق الإنسان، وزار الإبراهيمي سوريا وقطاع غزة ومصر والأردن في أكتوبر عام 2010، في إطار مهمة للجنة الحكماء للنهوض بالسلام في منطقة الشرق الأوسط.
وتمتع الأخضر الإبراهيمي بين أكتوبر/تشرين الأول 2001 وديسمبر/كانون الأول 2004، بسلطة تامة على الجهود السياسية والإنسانية وإعادة الإعمار التي قامت بها الأمم المتحدة في أفغانستان، وخلال الاجتماعات التي عقدها مجلس الأمن حول أفغانستان، شرح الإبراهيمي وبشكل حازم، محدودية تحرك الأمم المتحدة.
ومن بين مهمتيه الأفغانيتين، أوكلت إلى الإبراهيمي مراجعة عمليات حفظ السلام في العالم انطلاقاً من كونه مساعد الأمين العام للمهمات الخاصة، وترأس لجنة مستقلة أعدت عام 2000 "تقرير الإبراهيمي" الذي فند نقاط ضعف نظام حفظ السلام في العالم ورفع توصيات لتطويره على المستويات السياسية والعملية والتنظيمية.
فشل الأخضر الإبراهيمي في حل الأزمة السورية
وبعد تعيينه مطلع 2004 مستشاراً خاصاً للأمين العام للأمم المتحدة مكلفاً خصوصاً بتفادي النزاعات والعمل على حلها، اختير الأخضر الإبراهيمي مبعوثاً خاصاً لعنان إلى العراق في الفترة الانتقالية التي تلت اجتياح عام 2003، ونسب إليه خلال مهمته العراقية انتقاده التعامل الأميركي مع مرحلة ما بعد الرئيس السابق صدام حسين، ولا سيما ما عرف بقانون "اجتثاث البعث".
أما المهمة الأحدث التي أوكلتها إليه الأمم المتحدة فكانت رئاسة فريق للخبراء عام 2008، كلف إصدار توصيات لتحسين أمن موظفي المنظمة الدولية في العالم، وتعود اتصالات الإبراهيمي مع الأمم المتحدة إلى فترة ما بين العامين 1956 و1961 عندما كان مقيماً في جاكرتا كممثل لجبهة التحرير الوطني الجزائرية في جنوب شرق آسيا.
وبعدها خلف الأخضر الإبراهيمي الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان لحل الأزمة السورية عام 2013، وهي المهمة التي غادرها في منتصف 2014 بعد أن استقال من مهمته معتذراً للشعب السوري لعدم القدرة على مساعدته.