كشفت صحيفة The Guardian البريطانية، أن زعيم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، أبوبكر البغدادي "نجا من محاولة انقلاب الشهر الماضي"، نفذتها مجموعة من مقاتلي التنظيم.
وقالت الصحيفة البريطانية، الخميس 7فبراير/شباط 2019، إن مسؤولين استخباراتيين يعتقدون أنَّ زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي نجا من محاولة انقلاب الشهر الماضي، شنها مقاتلون أجانب في مخبئه شرقي سوريا، ومنذ ذلك الحين رصدت الجماعة الإرهابية مكافأة على الرأس المدبرة للانقلاب.
ويعتقد أنَّ هذه الواقعة قد جرت في الـ10 من شهر يناير/كانون الثاني في قرية بالقرب من مدينة هجين في وادي نهر الفرات، حيث تتمسك الجماعة الجهادية بآخر قطعة من الأرض لها.
ويقول مسؤولو الاستخبارات الإقليميون إنَّ تحركاً مخططاً ضد البغدادي قد أدى إلى تبادل لإطلاق النار بين المقاتلين الأجانب والحراس الشخصيين للزعيم الإرهابي الهارب، الذين نقلوه بعيداً إلى الصحراء المجاورة.
مقاتل جزائري حاول الانقلاب على زعيم تنظيم الدولة الإسلامية
وعرض داعش مكافأة لمن يقتل أبومعاذ الجزائري، الذي يُعتقد أنه مقاتل أجنبي مخضرم، وواحد من بين عدد يقدر بـ500 مقاتل داعشي لا يزالون في المنطقة.
ومع أنَّ داعش لم تتهم الجزائري مباشرة، فإنَّ وضع مكافأة على رأس واحد من كبار أعضائها خطوة غير عادية، ويعتقد مسؤولون استخباراتيون أنَّ الجزائري كان المخطط الرئيسي.
وقال أحد المسؤولين الاستخباراتيين: "علموا بذلك الأمر في الوقت المناسب تماماً. وكان هناك اشتباك وقُتل شخصان. كان هؤلاء الأشخاص من المقاتلين الأجانب، وهم بعض من أكثر الناس الذين يثق بهم".
ويثق المسؤولون العراقيون ونظراؤهم في بريطانيا والولايات المتحدة في أنَّ زعيم تنظيم الدولة الإسلامية قد أمضى مؤخراً بعض الوقت في المعقل الأخير للخلافة المزعومة، حيث أعاد الأعضاء الأكثر صلابة للجماعة تنظيم صفوفهم بعد عامين من الخسائر في أرض المعركة فيما وصف على نطاق واسع بأنه آخر مواجهة لداعش.
ويشمل المدافعون قادة بارزين وبقايا صفوف المقاتلين الأجانب الذين تدفقوا إلى سوريا والعراق بين عامي 2013-2015، ما أدى إلى تضخم عدد جنود هذه المنظمة المتطرفة إلى ما لا يقل عن 70 ألف مقاتل.
والآن، لا يزال هناك ما يقدر بـ500 مقاتل تقريباً، باقين مع عائلاتهم، تطوقهم القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة على الجانب السوري من الحدود العراقية، وبالميليشيات المدعومة من إيران على الجانب الآخر.
الكل يطارد أبوبكر البغدادي
ومع تفكك مساحة سيطرة داعش وإبادة قادتها، فقد أصبح مكان زعيم تنظيم الدولة الإسلاميةموضع تركيز متزايد.
وقد كان أبوبكر البغدادي المصاب بالسكري وارتفاع ضغط الدم والذي عانى من إصابة دائمة في غارة جوية منذ أربع سنوات، هارباً من جيوش أربع دول قومية، فضلاً عن عشرات الآلاف من رجال الميليشيات منذ ظهوره العلني الوحيد لتنصيب نفسه خليفة في الجامع النوري بالموصل، في منتصف عام 2014.
ومع أنَّ الشائعات حول الاضطرابات داخل هذا التنظيم الآخذ في التناقص قد انتشرت في الشهور الأخيرة، فلم يكن ثمة الكثير-حتى الآن- للإشارة إلى وجود تهديد خطير من الداخل على قيادة أبوبكر البغدادي زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أو حياته.
فأولئك الذين بقوا بالقرب من هذا الزعيم المتطرف هم أيضاً محاربون قدامى تحركهم الأيديولوجيا، وقد اختُبر ولاؤهم على مدى سنوات من الخسائر.
ومع ذلك، فإنَّ مقاتلي داعش -ومن بينهم قدامى المقاتلين الأكثر صلابة- كانوا يفرون من هذه المنطقة المحاصرة يومياً على مدار الأسابيع الثلاثة الماضية، واستسلمت عدة آلاف من المقاتلين وأسرهم إلى القوات التي يقودها الأكراد بالقرب من دير الزور.
وسقوط مزيد من مقاتلي داعش في الأسر
ومن بين الأسرى الجدد أعداد كبيرة من الأجانب، يصر بعضهم على أنهم أجبروا على المزيد من التقهقر إلى أراضي التنظيم المتناقصة بسبب شهور من الهجمات المحمومة. وتعتقد القوات الكردية أنَّ الأجانب لا يزالون متجمعين حول بقايا قيادة داعش.
ويعتقد أنَّ الكثير من الأسرى موجودون معهم -بما في ذلك الصحفي البريطاني جون كانتلي، الذي كان واحداً من بين أكثر من 25 أجنبياً احتجزهم داعش في الرقة.
وكان داعش قد أسر كانتلي في سوريا عام 2012، وبعد ذلك عرض سلسلة من الفيديوهات الدعائية للجماعة.
ولم يُر كانتلي بعد ذلك منذ نشر آخر فيديو عام 2016، لكن وزير الأمن البريطاني، بن والاس، قال أوائل الشهر الجاري، في مؤتمر صحفي إنه يعتقد أنَّ كانتلي لا يزال على قيد الحياة.
وأشار الصحفيون، الخميس، إلى أنَّ داعش يمكن أن يستخدم كانتلي والرهائن الغربيين الآخرين الذين لا يزالون في عداد المفقودين، بوصفهم ورقة مساومة مقابل الخروج الآمن.
رغم ذلك فهم قادرون على المقاومة
وتقدر القوات الكردية، والمسؤولون الاستخباراتيون في العراق، أنَّ بقايا داعش لديهم ما يكفي من الأسلحة والأفراد للبقاء شهراً إضافياً على الأقل، لو اختاروا الثبات.
ويمتلك المقاتلون طريقاً للهروب، نوعاً ما، إلى الصحراء، لكنَّ النظام السوري والقوات الروسية نشطون في الجنوب من هذه المنطقة، ما يجعل الاندفاع إلى الرمال اقتراحاً صعباً.
ولا تزال الطرق المؤدية إلى الجبهات الأمامية مغطاة بحطام الاشتباكات الأخيرة: فالمباني مهدمة بفعل القنابل، وحقول النفط نهبت من أجل قطع الغيار.
وجرى تقويض الطرق المؤدية إلى الحدود السورية على يد المتطرفين المنسحبين بقيادة زعيم تنظيم الدولة الإسلامية الذين يخوضون معركة يائسة غاضبة حتى وهم في أعماق فصل الشتاء.
وعلى الرغم من خسارة داعش للأرض، فثمة علامات على عودة ظهور تمرد منخفض المستوى في العراق، بالقرب من المكان الذي اجتاحت منه داعش الموصل في شهر يونيو/حزيران 2014.
وقال مسؤولون، في شمال العراق، إنَّ أعداد القنابل المزروعة على جانب الطريق والإعدامات الميدانية قد زادت باطراد خلال العام الماضي. ويعتقد أنَّ داعش قد رفع علمه -وإن لوقت وجيز- في أجزاء من الموصل وسهول نينوى القريبة.