بعثت المملكة العربية السعودية بأحد أقوى وفودها على الإطلاق إلى المنتجع الجبلي السويسري "دافوس"، الذي يحتضن المنتدى الاقتصادي العالمي، وحشدت المملكة جداول أعمال كبار المسؤولين التنفيذيين لديها، باجتماعات مع نظرائهم العالميين، في منتدى دافوس الاقتصادي.
إذا كانت أنباء مقتل الصحفي جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين، وما أثارته من ضجة عالمية قد فاتتك بشكل ما، فربما تعتقد أن السعودية هي الضيف الأثير لدى منتدى دافوس الاقتصادي العالمي.
وحسب "رويترز" فقد تمكنت السعودية من اجتذاب رجال أعمال غربيين كبار، إلى جلسة نقاش بعنوان "الخطوات القادمة للمملكة العربية السعودية"، حيث يجلس باتريك بويان، الرئيس التنفيذي لشركة النفط الفرنسية العملاقة "توتال"، وجيمس جورمان، رئيس بنك مورجان ستانلي، بجانب وزيرَي المالية والاقتصاد السعوديين.
فرصة للسعوديين لطيِّ صفحة جريمة قتل جمال خاشقجي
اجتماع دافوس في جبال الألب السويسرية هو فرصة للسعوديين لطي صفحة أشهُر من الانتقادات الحادة بشأن مقتل خاشقجي، الذي كان يوجّه انتقادات لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، في أكتوبر/تشرين الأول 2018.
وأثار مقتل خاشقجي على يد عملاء سعوديين حالةً من الاشمئزاز واسعة النطاق، ولطَّخ صورة ولي العهد السعودي، الذي كان في السابق محطّ إعجاب الغرب، بسبب دفعه لإجراء تغييرات عميقة، بما في ذلك تطبيق إصلاحات ضريبية، وتنفيذ مشاريع بنية تحتية، والسماح للمرأة بقيادة السيارات.
وفي منتدى دافوس هناك مؤشرات على أن مساعي الحد من الأضرار تؤتي ثمارها. وقال الرئيس السويسري أولي ماورر، الأربعاء 23 يناير/كانون الثاني 2019، إن بلاده تمضي قدماً، وتريد بناء علاقات قوية مع الرياض.
وقال ماورر لوكالة الأنباء السويسرية إس.دي.إيه: "تعاملنا منذ فترة طويلة مع قضية خاشقجي… اتفقنا على الاستمرار في الحوار المالي وتطبيع العلاقات مجدداً".
وجلْب مزيد من المستثمرين في منتدى دافوس الاقتصادي
دعا حلفاء غربيون بما في ذلك بعض السياسيين الأمريكيين، الرياضَ إلى محاسبة المسؤولين عن مقتل خاشقجي. وطلب النائب العام السعودي تطبيق عقوبة الإعدام بحق خمسة متهمين، في الوقت الذي تسعى فيه المملكة لاحتواء أكبر أزماتها السياسية منذ جيل.
لذا كانت هناك شكوك بشأن وضع السعودية في منتدى دافوس ، خاصة أن عدداً من المستثمرين العالميين الكبار قاطعوا مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار، الذي نظَّمه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذي ألقى مقتل الصحفي السعودي بظلاله عليه.
بعد ذلك، وفي قمة مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى في بيونس آيريس، بدا القادة يتجاهلون الأمير محمد على المنصة خلال صورة جماعية، على الرغم من أن الكثيرين عقدوا اجتماعات ثنائية مغلقة معه بعد ذلك.
لكن في دافوس، قال وزير الاقتصاد السعودي محمد التويجري لرويترز، الأربعاء، إن الوفد السعودي لديه عشرات الاجتماعات على جدول أعماله خلال أشغال منتدى دافوس الاقتصادي، وإنه لم ينسحب منها أي مستثمر أجنبي.
ماذا ستفعل السعودية إذا فُتح "تحقيق دولي" بقضية خاشقجي؟ الأتراك جادّون، وضرر كبير قد يطول الرياض!
وقال التويجري: "العمل يسير كالمعتاد في السعودية على أساس يومي. وظيفتنا كحكومة هي ضمان أن تكون البنية التحتية، وعلى الأخص القانونية مستقرة. آمل أن تجذب رحلة التحول هذه المستثمرين".
وأضاف أن التحقيق بشأن مقتل خاشقجي يحتاج وقتاً. وإن الرسالة التي سينقلها إلى ولي العهد هي الاستماع إلى آراء المستثمرين.
وأبلغ وزير المالية محمد الجدعان شبكة تلفزيون "سي.إن.بي.سي"، أن "ما حدث لجمال أمر مؤسف للغاية"، لكنه اقترح أيضاً انتظار نتائج التحقيق والمحاكمة.
كما قال إن حقيقة أن طلبات الاكتتاب في سندات سعودية بقيمة 7.5 مليار دولار فاقت المعروض بكثير في وقت سابق من هذا الشهر، تُظهر عودة ثقة المستثمرين.
رغم استمرار الدعوات المطالبة بمعاقبة محمد بن سلمان
قال مصدر حكومي سعودي إن أحدث البيانات السعودية ستظهر أن تراخيص الاستثمار الأجنبي المباشر الجديدة تضاعفت، العام الماضي، إلى مثليها، من 377 في 2017.
واختار منتدى دافوس الاقتصادي العالمي شركتين سعوديتين هما أرامكو وسابك، لتكونا ضمن 100 شريك استراتيجي في 2019.
وقال الرئيس التنفيذي لأرامكو لرويترز إن شركة النفط العملاقة تخطط لإصدار سندات كبيرة هذا العام، وتتطلع لشراء أصول غاز في الولايات المتحدة.
ومستقبلاً، ما زالت أرامكو تخطط لإدراج أسهمها بحلول وقت ما في 2021، فيما قد يصبح أكبر طرح عام أولي في العالم.
وناقشت جلسة واحدة بشأن حرية الصحافة مقتل خاشقجي، لكن لم يُشاهد بها أي مسؤول سعودي.
وقال بيل براودر، وهو منتقد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نجح في تمرير بعض أقسى العقوبات الأمريكية ضد روسيا بسبب مقتل محاميه، في إجراء يُعرف باسم قانون ماجنيتسكي، إن العقوبات نفسها يجب أن تُطبق على السعودية.
وقال براودر لرويترز: "لا يمكن أن يسير العمل كالمعتاد مع السعودية، حتى يتحمل الأمير محمد بن سلمان المسؤولية عن هذه الجريمة".