حذَّرَت جماعة ضغط سعودية في الولايات المتحدة كندا من أن علاقاتها مع الدول العربية والإسلامية يمكن أن تتدهور في أعقاب قرار الحكومة الفيدرالية بمنح اللجوء لفتاة سعودية فرَّت من إساءات زعمت تعرُّضها لها في وطنها.
وصلت الفتاة السعودية رهف محمد القنون، البالغة من العمر ثمانية عشر عاماً، إلى مطار تورونتو بيرسون الدولي السبت 12 يناير/كانون الثاني، حيث استقبلتها كريستيا فريلاند، وزيرة الخارجية الكندية شخصياً. وقدمت كريستيا الوافدة الجديدة إلى كاميرات التلفزيون على أنها "كندية جديدة شجاعة" حسبما نشر تقرير لـصحيفة The Globe and Mail الكندية
وقد أبلغت رهف السلطات أنها كانت تخشى أن تقتلها أسرتها إذا عادت إلى المملكة العربية السعودية.
توقعات بعلاقات سيئة بين كندا والمملكة العربية السعودية
وحسب الصحيفة الكندية، قال مصدرٌ مُقرَّب من الحكومة السعودية لم يُسمَح له بالتحدُّث علناً إنه يعتقد أن تصرفات أوتاوا سيكون لها تأثيرٌ "سلبي" على العلاقات الكندية السعودية.
ومع ذلك، كان الموقف الرسمي للرياض هو التزام الصمت بشأن ما فعلته أوتاوا. ومنذ الإثنين 14 يناير/كانون الثاني، بعد ثلاثة أيام من إعلان كندا أنها ستقبل رهف كلاجئة، لم تُصدِر المملكة الغنية بالنفط بياناً علنياً حول هذه المسألة.
وقد هربت الفتاة إلى العاصمة التايلاندية بانكوك بعد فرارها من عائلتها في الكويت قبل أسبوع ونظَّمَت حملةً على الشبكات الاجتماعية للحصول على مساعدة بعد أن رفضت تايلاند دخولها. وتحرَّكت كندا بسرعة لعرض حصولها على حق اللجوء قبل أستراليا، التي يُعتَقَد أنها كانت تتجه إليها.
وذلك بسبب رهف محمد القنون
ونقلت الصحيفة الكندية عن سلمان الأنصاري، رئيس ومؤسس لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية (SAPRAC)، تحذيره على تويتر الإثنين 14 يناير/كانون الثاني لكندا من أنها قد تواجه اتهاماتٍ من الدول العربية والإسلامية.
وكتب الأنصاري: "إلى أصدقائنا الكنديين، إن السياسات الاستفزازية وغير الناضجة لكريستيا فريلاند وجاستن ترودو ضد السعودية، وهي أكبر بلد في الشرق الأوسط وقلب العالم العربي والإسلامي، قد يقودان الدول العربية الإسلامية الكبرى لمراجعة علاقاتها مع كندا".
وقالت متحدثة باسم اللجنة إن الأنصاري غير متاح لشرح التصريح الذي أدلى به. ومجموعة الضغط السعودية مُسجَّلة كوكيلٍ أجنبي في واشنطن لرابطة العالم الإسلامي، وهي منظمة تتخذ من مكة مقراً لها وتتلقى التمويل من الحكومة السعودية.
واتهمت ريم دفع، نائبة الرئيس والمديرة التنفيذية لسابراك، حكومة ترودو بأنها تستغل المسألة لتحقيق أغراض سياسية تتعلق بالانتخابات الفيدرالية التي ستُجرى هذا الخريف.
وقالت: "الانتخابات الكندية على الأبواب، وتريد الحكومة الكندية الحالية تسجيل نقاط لصالحها بإثارة قضية عائلية والحقوق الإنسانية".
وهناك اندهاش من صمت السعودية حتى الآن
وقال دينيس هوراك، وهو سفير كندي سابق في السعودية، إنه مندهش بعض الشيء لأن الحكومة السعودية لم تدل بأي تصريح حول منح رهف حق اللجوء.
لكنه قال إنه يعتقد أن الرياض قررت التزام الصمت في الوقت الراهن، بعد أشهر من تعرُّضها لانتقاداتٍ حادة بشأن مقتل المعارض السعودي جمال خاشقجي، والمملكة لا ترغب في الخوض في نقاشٍ دولي طويل آخر حول سلوكها.
وقال هوراك: "ربما كانوا يودون أن يختفي هذا الأمر. إذ إنه يسلِّط الضوء على قوانين الولاية وهو أمر لن يكونوا سعداء به".
لكن يبدو أن صمت الرياض له علاقة بانتقادات الكونغرس
ووفقاً لنظام ولاية الرجل المثير للجدل في السعودية، يُعين أحد أقرباء أي فتاة سعودية كوصي عليها -وغالباً ما يكون والدها أو زوجها، ولكن في بعض الأحيان يكون أحد أعمامها أو أشقائها أو حتى ابنها- ويلزم الحصول على موافقته إذا أرادت الزواج أو الحصول على جواز سفر أو السفر إلى الخارج.
وقال توماس جونو، الأستاذ المساعد في كلية الدراسات العليا للشؤون العامة والدولية في جامعة أوتاوا، إن السعوديين على الأرجح مهتمون للغاية بمحاولة الحد من المزيد من الانتقادات من الكونغرس الأمريكي.
وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، وجَّه مجلس الشيوخ الأمريكي توبيخاً عنيفاً غير اعتيادي إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب- أحد المدافعين القلائل عن السعودية في الوقت الحاضر- بالتصويت لصالح إنهاء الدعم العسكري الأمريكي للحرب في اليمن وتحميل الأمير السعودي محمد بن سلمان مسؤولية مقتل خاشقجي. ولا يزال من المتعين أن يعتمد مجلس النواب الأمريكي هذا القرار.
وقال جونو: "هذه حالةٌ مهمة تُظهِر كيف تتكيَّف السعودية مع عصر ما بعد خاشقجي، إذ تعرَّضت السعودية لانتقادٍ غير مسبوق في الكونغرس وفي الإعلام الغربي بشكلٍ عام".