يبدو أن تنظيم "الدولة الاسلامية" (داعش) والمجاميع المسلحة الإرهابية لم تنتهِ كلياً بعد. ورغم استعادة القوات العراقية السيطرة على المناطق التي كان يسيطر عليها التنظيم الإرهابي، يحضّر داعش نفسه لاستعادة نفوذه والسيطرة على بعض المناطق العراقية بعد تسويق نفسه تحت اسم جديد.
"حراس الدين" تنظيم مسلح تأسس بمحافظة إدلب السورية في شهر فبراير/شباط 2018، بقيادة مجلس شورى للحركة.
كان وقتها فصيلاً جهادياً ضمن "هيئة تحرير الشام"، جماعة النصرة سابقاً.
لكن بعد أن أعلنت "هيئة تحرير الشام" فك ارتباطها عن تنظيم القاعدة في يوليو/حزيران 2016، أعلن الفصيل انفصاله عنها، بسبب ولاء الأخير لـ "القاعدة" وزعيمها أيمن الظواهري.
ثم انضم إلى "حراس الدين" كلٌّ من جيش البادية وجيش الساحل وسرية كابل وسرايا الساحل وجيش الملاحم وجند الشريعة، ليتحول الفصيل بذلك إلى تنظيم لا يُستهان به في محافظة إدلب والمناطق المحيطة بحماة واللاذقية.
يضم فرع التنظيم في العراق حالياً قيادات من الجيش العراقي السابق، وحزب البعث العراقي المنحل، وداعش وجبهة النصرة، وجيش النقشبندية.
كما يتخذ مجلس شورى الحركة محافظتي إدلب السورية وصلاح الدين العراقية مقرين لعملياته المسلحة.
أبو علي الحيالي.. قائد تنظيم حراس الدين في العراق
يحاول "حراس الدين" في العراق بقيادة أبو علي الحيالي، الذي كان يشغل سابقاً منصب والي نينوى عندما كان داعش يسيطر على المحافظة، أن يقدم نفسه في حُلة جديدة.
يسعى إلى ضم عناصر داعش المنهزمة، قبل إطلاق عملياته الإرهابية للسيطرة على بعض قرى محافظات نينوى وصلاح الدين وكركوك ومناطقها، مستغلاً الفراغ الأمني في تلك المحافظات العراقية.
ويقول مصدر محلي في الموصل -رفض ذكر اسمه- لـ"عربي بوست"، إن "الخلايا النائمة لتنظيم داعش بدأت بالتحرك في بعض مناطق الموصل وصلاح الدين وكركوك، لاستعادة نشاطها باسم جديد يطلق عليه (حراس الدين)".
بدأت بالتواصل مع قيادات أخرى من داعش و"النقشبندية" تسمى "التوّابين"؛ في محاولة لترميم صفوفهم المنهارة على يد القوات العراقية.
ويضيف أن "أبو علي الحيالي، وبأمر من أعضاء مجلس الشورى للحركة، يقوم بتدريب وتسليح عناصر (حراس الدين) في جبال مكحول وقرى طوزخورماتو والشرقاط والحويجة الواقعة في محافظات صلاح الدين ونينوى وكركوك، مستغلاً الفراغ الأمني في تلك المناطق، من خلال جعل جبال مكحول مقراً وقاعدة لنشاطاته".
4 آلاف مسلح تحت راية "حراس الدين"
ولفت المصدر إلى أن "عدد عناصر (حراس الدين) الذين يتم تدريبهم وإعادة هيكلتهم بقيادة أبو علي الحيالي، يتراوح عددهم ما بين 3500 و4000 مسلح، إلا أن التنظيم لم ينفذ لغاية اللحظة أي نشاط مسلح أو هجوم إرهابي يستهدف القوات العراقية أو المدنيين".
وبشأن حراك "حراس الدين" وتنظيمه، أوضح المصدر أن "أبو علي الحيالي قسّم عناصر التنظيم على شكل أفواج مسلحة ترتبط بسلسلة أشخاص قبل أن تصل للحيالي نفسه".
تجتمع أفواج "حراس الدين" كل منها على حدة بقيادة شخص يسمى الأمير.
يتصل الأمير بشخصية أخرى "غير معروفة" قبل أن تصل للحيالي، وتكون لقاءاتهم في القرى الحدودية أو المناطق التي يسيطر عليها التنظيم.
بدوره، أشار أبو خطاب الراوي، أحد قادة صحوة الأنبار سابقاً، إلى "تحرُّك خلايا التنظيمات والمجاميع الإرهابية في صحراء الأنبار، والاستعداد لشن هجمات إرهابية تستهدف الجيش والشرطة العراقية والحشد الشعبي على الطريق الدولي الرابط بين الأنبار والعاصمة بغداد".
وأكد الراوي، لـ "عربي بوست"، وجود "تحركات مشبوهة لحركة تسمى (حراس الدين) في صحراء الأنبار ومدينة القائم والقرى الحدودية المحاذية لسوريا".
وقال: "تحاول هذه الحركة إيهام المواطنين بأنهم أتوا لحماية مناطق ومحافظات أهل السُّنة، ومعالجة الأخطاء التي ارتكبتها التنظيمات والمجاميع المسلحة وداعش الإرهابي".
إلا أن ما يحدث حالياً في بعض مناطق وقرى الأنبار عكس ذلك تماماً.
إذ إن التنظيم الجديد بدأ يستحوذ على بعض القرى، ويفرض إتاوات من المواطنين.
أما عن مصادر تمويله، فيرجح المراقبون أن تكون هناك جهات إقليمية ودولية، وشخصيات سياسية عراقية تزود حركة "حراس الدين" بالمال والسلاح، لخدمة مصالحهم الخاصة.
خلايا نائمة تتحرك على الحدود السورية تحضيراً لعمليات إرهابية
الراوي قال إن "المعلومات تشير الى بدء حركة حراس الدين نشاطاتها الإرهابية في الأشهر القليلة المقبلة، بالاستيلاء على القرى، واستهداف النقاط الحدودية بين العراق وسوريا، لفتح ممرات آمنة لانتقال الإرهابيين من العراق وإليه".
إلا أن العمليات المشتركة أكدت وجود تحرُّك خلايا نائمة لـ "داعش" في بعض المناطق الحدودية المحاذية لسوريا.
وقال مصدر في العمليات المشتركة لـ "عربي بوست"، إن "هناك فقط معلومات عن وجود حراك أو تنظيم جديد يسمى (حراس الدين) في بعض مناطق المحافظات التي كانت تحت سيطرة تنظيم داعش الإرهابي قبل 2017، ولم يتبيَّن لنا صحتها، حالياً يوجد فقط تحرُّك لخلايا نائمة تتبع داعش في بعض المناطق الحدودية المحاذية لسوريا وصحراء الأنبار".
بدوره، رفض الحشد العشائري بمحافظة الأنبار رفع السلاح خارج سيطرة الدولة العراقية، وإعادة هيكلة تنظيم داعش الإرهابي باسم جديد لاستهداف القوات الأمنية والمواطنين.
Hurras al Din preachers urge local to join the group using loudspeakers during sermons. They promise a $400 salary, which is four times higher than what #HTS pays its members.
— SMM Syria (@smmsyria) October 16, 2018
لكن عشائر الأنبار ترفض "حراس الدين"
وأكد قطري السمرمد، قيادي في الحشد العشائري بمحافظة الأنبار، لـ "عربي بوست": "لن تمر على أهالي الأنبار هذه الكذبات مرة أخرى".
وأضاف: "في 2013، قالوا إن جيش العشائر مهمته الدفاع عن حقوق أهل السُّنة، ثم تبين أنهم تنظيم إرهابي متطرف يقتل الرجال ويغتصب النساء، ويسلب أموال المواطنين ويسيطر على ممتلكاتهم".
وقال: "أبناء عشائر الأنبار لن يسمحوا بإعادة التنظيمات الإرهابية، ورفع السلاح خارج سيطرة الدولة العراقية، لقتل أبناء المحافظة وتهجيرهم".
وأوضح أن "الحشد العشائري على استعداد لمواجهة وقتال المجاميع الإرهابية تحت أي مسميات".
وبين فترة وأخرى، يقتل "الحشد" وقيادة العمليات المشتركة، بإسناد من طيران التحالف الدولي، مجموعة من الإرهابيين في صحراء الأنبار، التي تتخذها التنظيمات الإرهابية مقراً لها.
والحكومة العراقية مطلعة على التطورات
من جهته، قال عضو مجلس محافظة نينوى حسن السبعاوي، إن الحكومة العراقية والقوات الأمنية على علم بما يحدث في الموصل، متوعداً بألا تتكرر حادثة سقوط الموصل بيد الإرهابيين.
وقال السبعاوي لـ "عربي بوست"، إن "الأجهزة الأمنية في الموصل تعمل حالياً للقضاء على الخلايا الإرهابية، وإنه تم إبلاغ الحكومة المركزية والقيادات الأمنية ما يحدث في الموصل".
وأكد ضرورة تعاون الاستخبارات والأجهزة الأمنية والمواطنين، للقضاء على الإرهاب في المحافظة، وعدم تكرار حادثة سقوط الموصل سنة 2014 بيد الإرهابيين.
وتابع السبعاوي أن "هناك صراعاً إقليمياً ودولياً على الموصل، إضافة إلى صراع سياسي واقتصادي واستثماري من قِبل بعض الأحزاب وفصائل مسلحة".
ووصف حركة "حراس الدين" التي تحاول الاستحواذ على المحافظة، بأنها لا تختلف عن فكر داعش الإرهابي ورايته.
وقال إنها ترفع شعارات لا تقدم شيئاً لأبناء السُّنة، سوى الذبح وقتل النساء وتهجيرهن واغتصابهن.
وأوضح السبعاوي أن رئيس الوزراء والحكومةَ وقادة الأجهزة الأمنية على علم بما يحدث في الموصل.
وشدد على ضرورة معالجة الحكومة هذه التهديدات قبل فوات الأوان، وعلى رأسها مناقشة الأسباب التي تهدد أمن الموصل واستقرارها.