استطاعت مصر أن تكتسح جنوب إفريقيا، بعد أن نالت 16 صوتاً من أصل 17، لتفوز بشرف تنظيم نهائيات كأس إفريقيا لكرة القدم 2019 الصيف المقبل، صحيح أن مصر تمتلك البنية التحتية اللازمة لتنظيم هذا الحدث الكروي، ولكنها تواجه خطر الإرهاب والعنف في الملاعب، حسبما يقول تقرير صحيفة Le Monde الفرنسية.
فبعد أن غيّر الاتحاد الإفريقي لكرة القدم خُططه هذه السنة. ووفقاً لما أعلنه الثلاثاء 8 يناير/كانون الثاني الحالي في داكار بعد عقد لجنة تنفيذية استثنائية، ستنظم منافسات كأس الأمم الإفريقية لهذا العام (والتي سيُشارك فيها 24 منتخباً) في مصر.
وسبق لها أن احتضنت هذا الحدث الكروي خلال أربع مناسبات (تحديداً خلال سنة 1959 و1974 و1986 و2006). وقد اختيرت مصر، حيث يقع مقر الاتحاد الإفريقي، لتنظيم أهم منافسة إفريقية، على حساب جنوب إفريقيا، التي بدت الأقرب إلى الفوز باستضافتها.
في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قدمت الدولتان ترشحهما لاحتضان كأس إفريقيا لكرة القدم 2019 . وكان ذلك بعد أن طُلب من دولة الكاميرون، التي كانت مؤهلة في البداية لاستضافة البطولة، التركيز على كأس الأمم الإفريقية لعام 2021.
وتمتلك دولة جنوب إفريقيا أفضل البِنى التحتية الرياضية والفندقية وخدمات الاتصالات في القارة، كما أنها نظمت كأس الأمم الإفريقية لعام 2013 بدلاً عن ليبيا واستضافت كأس العالم لعام 2010.
لكن، تفوقت مصر، التي اعتادت على تنظيم الأحداث الرياضية الكبرى، أمام جنوب إفريقيا التي تُعاني من أزمة مالية خطيرة. وتجدر الإشارة إلى أن المنافسات التي نظَّمتها هذه الدولة في عامَي 1996 و2013 لم تلق حضوراً جماهيرياً كبيراً.
صحيح أن مصر دولة عريقة وتعودت على تنظيم تظاهرات عالمية
يقول أحد قادة الاتحاد الإفريقي لكرة القدم: "إن المصريين أكثر حماساً واندفاعاً لفكرة تنظيم كأس الأمم الإفريقية. فبفضل نوادٍ مثل الأهلي والزمالك، اللذين فازا بالعديد من الألقاب القارية، تعتبر مصر دولة عريقة في كرة القدم، فضلاً عن ذلك، نجح الفراعنة في الفوز بسبعة ألقاب إفريقية.
ويبدو أن هذه العوامل لعبت دوراً في قرار اللجنة التنفيذية للاتحاد الإفريقي لكرة القدم، علماً أن الملاعب لم تمتلئ في المنافسات التي احتضنتها مصر عام 2006، إلا في مباريات المنتخب المصري".
وقد يُشكل هذا الاختيار مفاجئة. وسيتعيّن على البلاد، التي تُعاني من مشاكل اقتصادية واجتماعية وطائفية، مواجهة العديد من التحديات خلال كاس إفريقيا لكرة القدم 2019 .
ففي المؤتمر الصحافي الذي تلا إعلان اللجنة التنفيذية، أشار رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم، أحمد أحمد، إلى حقيقة وجود نقائص عديدة تشوب الملف المصري.
فقد أورد أن "كل الاستعدادات لهذا الحدث ستبدأ في الوقت الحالي. وسيعمل الاتحاد الإفريقي لكرة القدم بشكل وثيق مع مصر للمضي قدماً". وأضاف: "نحن على علم بالتحديات والمشاكل القائمة. وبالتالي، يمكننا طلب الدعم من شركائنا، بما في ذلك الاتحاد الدولي لكرة القدم، أو دول أخرى، لمساعدتنا على تنظيم البطولة الإفريقية لعام 2019".
أمام مصر 158 يوماً للاستعداد لهذه المنافسة قبل المباراة الأولى من المسابقة التي ستمتد من 15 يونيو/حزيران سنة 2019 إلى 13 يوليو/تموز من نفس السنة. وتتمتع البلاد ببنى تحتية جيدة نسبياً بفضل العديد من الملاعب التي تضم أكثر من 20 ألف مقعد، بعضها حديث للغاية.
ومن المقرر أن تُقام البطولة في خمس مدن متقاربة جغرافياً، وهي القاهرة والإسكندرية، وبورسعيد، والسويس والإسماعيلية. ويسمح هذا الخيار بالحد من التنقل بين مناطق البلاد، خاصة أن الطرق المصرية من بين أخطر الطرق في العالم.
لكن هذا لا يمنع من وجود تحديات ستواجه المسؤولين
تختلف طبيعة المشاكل الرئيسية التي سيتعين على مصر مواجهتها خلال كأس إفريقيا لكرة القدم 2019 ، وتتعلق أهمها بالأمن الداخلي في البلاد. وطيلة عدة سنوات، كانت البلاد هدفاً للهجمات، التي غالباً ما تبناها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش).
ويعود آخر هذه الأحداث إلى تاريخ 28 ديسمبر/كانون الأول الماضي، الذي أسفر عن مقتل ثلاثة سياح فيتناميين ومرشدهم المحلي بالقرب من أهرامات الجيزة. وكان هذا أول هجوم يستهدف السياح منذ يوليو/تموز سنة 2017.
وستحتاج السلطات أيضاً إلى التصدي لظاهرة العنف المتكرر الذي يحدث في ملاعب البلاد خلال المسابقات الوطنية والدولية. ففي شهر فبراير/شباط من سنة 2012، قُتل 74 شخصاً في مباراة بين النادي المصري والأهلي.
وقد دفعت هذه المأساة الدولة إلى منع حضور الجمهور في جميع ملاعب البلاد. وبعد ثلاث سنوات، خلال مباراة بين الزمالك ونادي إنبي في القاهرة، قُتل 19 شخصاً في اشتباكات مع قوات الشرطة، الأمر الذي أدى إلى حدوث تدافع مميت.
قادرون على تنظيم أفضل في كأس إفريقيا لكرة القدم 2019
المسؤولون في القاهرة عبروا عن تفاؤلهم بتنظيم جيد خلال كأس إفريقيا لكرة القدم 2019 على الرغم من كل التحديات المطروحة أمامهم، خاصة في ظل غياب الجماهير عن حضور مباريات الدوري الممتاز، ولكنّ هناك اتجاهاً قوى لعودة الجماهير بالكامل لمباريات الدوري قبل انطلاق أمم إفريقيا 2019 في مصر، تقول تقارير إعلامية مصرية.
وتعهد أحمد شوبير، نائب رئيس اتحاد الكرة عبر "تويتر ": "الوقت ليس كبيراً لكن الجميع سيرى المصريين والقادم أفضل مثلما فزنا باكتساح سننظم بطولة مثالية وسنجعل الاتحاد الأفريقي يتمنى تنظيم مصر لكل بطولة إفريقية".
وأضاف المسؤول في اتحاد الكرة ونجم "الفراعنة" السابق: "أطمئن الجميع على الخطوة المقبلة لما تملكه مصر، سواء وزير الشباب والرياضة والجماهير واتحاد كرة قادرون على تنظيم بطولة كبيرة، ونعد الجميع بأن تكون البطولة على أعلى مستوى من التنظيم، ونعمل على عودة الجماهير قبل البطولة وأن تكون كاملة عقب البطولة".
وتابع: "لحظة فوز مصر بتنظيم كأس إفريقيا لكرة القدم 2019 رداً على المشككين فمكانة وقيمة مصر والشخصيات الكبيرة المتواجدة بها أمثال المهندس هاني أبو ريدة كبيرة للغاية تصنع الفارق، الذي قاد الملف باحتراف كبير إلى أن فازت مصر بالتنظيم".