يبدو أن زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون لتركيا لم تجرِ بشكل جيد، فقد برز خلاف واضح بينه وبين المسؤولين الأتراك، ما دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى رفض لقائه، رغم طلب بولتون مقابلته.
واجتمع بولتون مع مسؤولين أتراك في أنقرة، أمس الثلاثاء 8 يناير/كانون الثاني 2019، وغادر دون عقد محادثات متوقعة مع الرئيس التركي، وهو ما قد يوحي بنشوب أزمة بين البلدين.
سبب الخلاف بين الطرفين
قبل وصول بولتون إلى تركيا قال إن تركيا ينبغي أن تنسق العمل العسكري مع الولايات المتحدة، وإن الانسحاب الأمريكي من سوريا لن يحدث حتى تضمن تركيا سلامة المقاتلين الأكراد.
كان هذا التصريح بمثابة الشرارة التي أشعلت غضب الأتراك، فقد خرج أردوغان واتهمه بتعقيد خطة الرئيس دونالد ترامب لسحب القوات الأمريكية، وقال إن بولتون "ارتكب خطأ فادحاً" بتحديد الشروط المتعلقة بدور الجيش التركي بعد الانسحاب الأمريكي.
وشدد أردوغان على أن بلاده ستتصدى لوحدات حماية الشعب الكردية مثلما تتصدى للدولة الإسلامية (داعش)، وأضاف أمام أعضاء حزبه "العدالة والتنمية" في البرلمان: "إذا كانوا إرهابيين فسوف نفعل كل ما يلزم، بغضّ النظر عن المكان الذي أتوا منه".
ويُبرز ذلك الانتقاد الصعوبات التي تواجه تنفيذ هدف ترامب إعادة نحو ألفي جندي أمريكي من سوريا. وتتوقف خطة ترامب، التي ألقت رسائل متضاربة من الرئيس وإدارته بظلالها عليها، على التعاون التركي لتأمين مساحة شاسعة من الأرض في شمال شرق سوريا، بينما تغادر الولايات المتحدة.
ماذا دار بين بولتون والأتراك؟
طلب مستشار ترامب مقابلة أردوغان، لكن الأخير رفض عقد أي اجتماع معه، ما قد يشير إلى أن تصريحات بولتون السابقة كانت عاملاً في ذلك الرفض، بحسب ما نقلته "رويترز" عن مسؤول تركي كبير.
نفى مسؤولون أمريكيون أن يكون بولتون شعر بالتجاهل. فقال غاريت ماركيز، المتحدث باسم بولتون، إن "السفارة الأمريكية في تركيا طلبت سلسلة من الاجتماعات، لكن لم يتحدد لقاء مع الرئيس أردوغان بسبب تعارض في المواعيد".
لكن أردوغان أعلنها بشكل واضح للصحافيين لاحقاً: "لا توجد ضرورة للاجتماع مع بولتون.. وأي شخص سيفكر بنفس الطريقة يرتكب خطأ أيضاً. من المستحيل أن نتفاوض على هذه النقطة".
لذلك، اقتصرت زيارة بولتون على لقاء نظيره التركي إبراهيم كالين، وكذلك بنائبي وزيري الدفاع والخارجية خلال جولته السريعة في المنطقة لإدارة تداعيات قرار ترامب المفاجئ بشأن سوريا.
وأبلغ بولتون المسؤولين الأتراك أيضاً بأن الانسحاب الأمريكي سيتم بطريقة منظمة، وبأن الولايات المتحدة ليس لديها أي خطط في هذه المرحلة بشأن الانسحاب من قاعدة التنف قرب الحدود العراقية.
الأتراك لديهم مطالبهم فيما يخص الانسحاب الأمريكي من سوريا
قُبيل محادثات الثلاثاء، قالت صحيفة حرييت التركية إنه من المتوقع أن تطلب أنقرة من مسؤولين أمريكيين تسليم القواعد العسكرية الأمريكية في سوريا لتركيا أو تدميرها. ونقلت الصحيفة عن مصادر، لم تحددها، قولها إن تركيا لن تقبل أن تسلم واشنطن هذه القواعد البالغ عددها 22 إلى وحدات حماية الشعب الكردية.
وقال مسؤول أمني تركي كبير لـ "رويترز"، الأسبوع الماضي، إن واشنطن يجب أن تسمح لتركيا باستخدام قواعدها في سوريا. وقال كالين إن تركيا تريد إخلاء القواعد وتسليمها "لعناصر محلية".
وأضاف كالين، عقب الاجتماع مع بولتون، أنه لا يوجد تباطؤ في الانسحاب الأمريكي من سوريا، وأن تركيا تركز على مصير القواعد الأمريكية في سوريا وعلى الأسلحة التي قدمتها واشنطن لوحدات حماية الشعب.