انتهت لجنة القوى العاملة بمجلس النواب من مناقشة مشروع قانون العمل الجديد، المقدم من الحكومة، وأحالته إلى الجلسة العامة لإقراره.
ويخصص القانون فصلاً كاملاً لـ "المرأة"، كما يهدف إلى الحفاظ على حقوق العمال.
ونص المشروع على أن يصدر الوزير المختص -بعد أخذ رأي كل من المجلس القومي للمرأة والمجلس القومي للطفولة والأمومة- قراراً بتحديد الأحوال، والمناسبات والأوقات، والأعمال التي لا يجوز تشغيل النساء فيها.
إجازة قبل الوضع وبعده
كما نص المشروع على حق العاملة في الحصول على إجازة وضع مدة 4 أشهر، تشمل المدة التي تسبق الوضع والتي تليه، على ألا تقل مدة هذه الإجازة بعد الوضع عن 45 يوماً، بشرط أن تقدم شهادة طبية مبيناً بها التاريخ الذي يرجَّح حصول الوضع فيه، وتكون هذه الإجازة مدفوعة الأجر. وفي جميع الأحوال، لا تستحق العاملة هذه الإجازة أكثر من مرتين طوال مدة خدمتها.
كما حظر مشروع القانون فصل العاملة، أو إنهاء خدمتها في أثناء إجازة الوضع، ولصاحب العمل حرمانها من التعويض عن أجرها الذي يلتزم أداءه عن مدة الإجازة، أو استرداد ما تم أداؤه منها إذا ثبت اشتغالها خلال الإجازة لدى الغير، وذلك مع عدم الإخلال بالمساءلة التأديبية.
ونص المشروع أيضاً على حق العاملة التي ترضع طفلها خلال السنتين التاليتين لتاريخ الوضع، في فترتين أخريين للرضاعة، لا تقل كل منهما عن نصف ساعة، فضلاً عن فترة الراحة المقررة، وللعاملة الحق في جمع هاتين الفترتين، وتُحسب هاتان الفترتان الإضافيتان من ساعات العمل، ولا يترتب على ذلك أي تخفيض في الأجر.
دار حضانة في مقرات العمل
كما أكد القانون أن للعاملة أن تنهي عقد العمل بسبب زواجها، أو حملها، أو إنجابها، على أن تخطر صاحب العمل كتابةً برغبتها في ذلك خلال 3 أشهر من تاريخ إبرام عقد الزواج، أو ثبوت الحمل، أو من تاريخ الوضع بحسب الأحوال، مع مراعاة ألا يؤثر ذلك على الحقوق المقررة لها وفقاً لأحكام هذا القانون، أو لأحكام قانون التأمين الاجتماعي.
ونص أيضاً مشروع القانون على أن على صاحب العمل الذي يستخدم 100 عاملة فأكثر، في مكان واحد، أن ينشئ داراً للحضانة، أو يعهد إلى دار للحضانة برعاية أطفال العاملات، بالشروط والأوضاع التي تحدَّد بقرار من الوزير المختص.
مشروع القانون دون المأمول
من جانبه، وجّه كمال أبو عيطة، وزير القوى العاملة الأسبق، انتقادات إلى الحكومة والمسؤولين عن الملف العمالي فيما يخص حقوق المرأة العاملة، مؤكداً أنها تعاني زيادة الأسعار وضعف الأجور كبقية شرائح المجتمع.
وقال "أبو عيطة" إن أوضاع العمل في انهيار، وهو ما يؤثر في أوضاع المصريين ككل، والمرأة بشكل خاص، مضيفاً أن قانون العمل لم ينتصر للمرأة، فتراجع حالها في المجتمع الصناعي، بعد تصفية وتسريح آلاف العاملات من المصانع الحكومية والخاصة، رغم الدور الكبير الذي بذلته العاملات في التحركات العمالية خلال السنوات الماضية، مستطرداً: "دورهن كان أعظم من دور الرجل، ومشاركتهن في العمل النقابي كانت الأوسع، وهناك محاولات لإجهاض أدوارهمن، ما يترتب عليه إضرابات واعتصامات متوقعة".
وأكد وزير القوى العاملة الأسبق أن القانون نص على منح المرأة العاملة حقوقاً عادية، كإجازة الوضع وساعة الرضاعة، وحق إلزام منشأة العمل التي يزيد فيها عدد العاملات على 50، تجهيز حضانة لأطفالهن، وهي من العهد الناصري وما زالت سارية حتى الآن، متابعاً: "ورغم ذلك، هناك حقوق كثيرة للمرأة مهدرة".
وتابع: "تلك الحقوق السابقة انتزعتها المرأة من خلال التنظيم والتكتل النقابي، رغم أنها حقوق أصيلة لها"، مشيراً إلى "تراجع دور المرأة في العمل النقابي كثيراً، بداعى وجود حصار للتنظيم النقابي".
مواد متناقضة وإشكالية
ورأى شعبان خليفة، رئيس لجنة العمال المركزية بحزب المحافظين، خلال ندوة مناقشة قانون العمل الجديد، أن "القانون به كثير من المواد التي يناقض بعضها بعضاً، وأخريات تحتمل أكثر من تأويل. وهناك مواد بها مخالفات دستورية وعدم مشروعية تصطدم بالقانون العام. لذا قمنا بمناقشة تلك المواد مع ممثل وزير القوى العاملة والهيئة البرلمانية للحزب وبعض نواب الحزب، وقمنا بتقديم الملاحظات النقدية لمشروع القانون على 25 مادة، إلى مستشار وزير القوى العاملة للشؤون القانونية ونواب البرلمان الحاضرين".
واستكمل خليفة: "هذه المواد تنتقص من حقوق العمال، الذين يقدَّر عددهم بنحو 24 مليون عامل، وبعض المواد تؤدي إلى زيادة أرباح أصحاب الأعمال، دون تقديم خدمة حقيقية ينتفع بها العمل والعمال".
وطالب خليفة، رئيسَ لجنة القوى العاملة بالتريث في إرسال القانون إلى اللجنة العامة للتصويت عليه، وإعادته إلى وزارة القوى العاملة، لإعادة الحوار المجتمعى عليه، وتنقية بعض المواد من العوار الدستوري والاصطدام بالقانون المدني.
شعبان خليفة، القيادي العمالي ورئيس النقابة العامة للعاملين بالقطاع الخاص، ذكر فى تصريح خاص لـ "عربي بوست"، أن القانون ضيّع حق عاملات المنازل في المادة 4 فقرة 2 من مواد الأحكام العامة، لكونهن غير مخاطبات بهذا القانون، مشيراً إلى أن مشروع القانون أهدر حق العمال في الأجر العادل واللائق الذي يضمن التوازن بين الأجور الثابتة والأجور التي أنهكت العمال، بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمر بها العمال المصريون، وذلك بأن حدد في المادة 12 من باب الأحكام أن العلاوة الدورية السنوية تساوي 7% فقط من الأجر الأساسي بالتأمينات، وبذلك سوف يتقاضى العامل بضعة جنيهات فقط كعلاوة دورية سنوية.
تمييز وتهميش
وكشفت دراسة، أجرتها مؤسسة المرأة الجديدة لفحص أوضاع النساء العاملات في القطاع الاستثماري، عن غياب شبه كامل لحقوق عمل المرأة المصرية، مثل تحديد ساعات العمل والتمتع بإجازات مقررة، وغيرها من الحقوق. وأكدت الدراسة عدم خضوع عمل المرأة لمعايير السلامة والصحة المهنية بالمصانع، وعجز الحكومة ممثلة في مديريات القوى العاملة، عن إجبار الشركات في القطاعات الاستثمارية على التزام هذه المتطلبات.
وحسب الجهاز المركزي للإحصاء والتعبئة، فإن نسبة مساهمة المرأة في قوة العمل بلغت 22.9% من إجمالي قوة العمل (15-64 سنة)، وهي تمثل ما يقرب من ثلث مساهمة الرجال التي تبلغ 69.9%. كما بلغ معدل البطالة 23.6% للإناث، مقابل 8.9% للذكور في 2016.
وبلغت نسبة الإناث اللاتي يعملن عملاً دائماً 76.5% مقابل 71.1% للذكور، في حين بلغت نسبة النساء العاملات بأجر في الأنشطة غير الزراعية 17.5% عام 2016.
ووفقاً لبيان الإحصاء، فقد بلغت نسبة المشتركات في التـأمينات الاجتماعية 64.1% مقابل 45.4% للذكور، كما بلغت نسبة المشتركات في التأمين الصحي 60.9 % مقابل 39.1% للذكور في 2016.