كشفت صحيفة الراي الكويتية" الأحد 16 ديسمبر/كانون الأول 2018 عن زيارة وصفت بالمفاجئة، قام بها وزير النفط الكويتي بخيت الرشيدي والرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول نزل العدساني إلى السعودية.
وعن سبب الزيارة، قال نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، إنها تطرقت إلى اختلاف وجهات النظر المتعلق بالمنطقة الحدودية الغنية بالنفط (الخفجي والوفرة)، وأدى هذا الخلاف بين البلدين إلى وقف الإنتاج بها.
ما قصة هذه المنطقة؟
يعود الخلاف بين البلدين حول هذه المنطقة إلى عشرينيات القرن الماضي، عندما وقعت الرياض والكويت اتفاقية نصت على أن يُقسم إنتاج النفط في المنطقة المقسومة (الخفجي والوفرة)، بالتساوي بين البلدين.
ويعمل في حقل الوفرة الشركة الكويتية لنفط الخليج والتي تديرها الحكومة وشركة "شيفرون تكساكو" نيابة عن السعودية، في حين يدير حقل الخفجي شركة أرامكو السعودية العملاقة للنفط والشركة الكويتية لنفط الخليج.
عام 2009 انتهى عقد شركة "شيفرون تكساكو" الذي استمر لمدة 50 عاماً، وقامت السعودية على إثره بتجديد العقد مع الشركة الأميركية متعددة الجنسية، دون الرجوع إلى الكويت التي تعتبر شريكاً مع الرياض في هذا الحقل النفطي، ما أشعل الخلاف بين البلدين.
هذا التحرك السعودي أحادي الجانب، أثار غضب الكويت بسبب عدم استشارتها في تجديد الاتفاقية.
اختلاف الروايات بين الجانبين
وعلى إثر ذلك، أعلنت السعودية إيقاف إنتاج النفط في حقل الخفجي عام 2014 بسبب ما وصفتها بمشكلات بيئية. وفي 2015 أغلقت شيفرون حقل الوفرة بعدما فشلت في الاتفاق على حقوق التشغيل مع الكويت.
لكن الجانب الكويتي نفى الرواية السعودية موضحاً: "إن ما تذرع به الجانب السعودي من أسباب بيئيّة ليس جديداً"، مؤكداً وجود جدول زمني متفق عليه لخفض الانبعاثات لتصل إلى المستوى المقبول في العام 2017، بحسب صحيفة الراي الكويتية.
وذكرت الصحيفة أن الأمور بلغت ذروتها عندما قام الجانب السعودي بتصدير النفط من الأراضي الكويتية، ورفض إخلاءها، حتى وصل الأمر بالعاملين الكويتيين بمواجهة صعوبة في المرور بالأراضي الكويتية، "التي باتت خاضعة لسيطرة (شيفرون العربية السعودية) من دون أي اتفاق أو إذن مع دولة الكويت".
مساع متعثرة لحل الخلاف
على الرغم من الخسائر الكبيرة التي لحقت بالبلدين جراء هذه الأزمة، إلا أنها لم تصل إلى حد الخلاف السياسي بين البلدين، بل حرص الطرفان على جعله في دائرة محددة.
وبسبب توقف إنتاج النفط في هذين الحقلين، تم خصم نحو نصف مليون برميل يومياً، بما يعادل 0.5٪ من إمدادات النفط العالمية.
وعلى الرغم من وجود محاولات عدة من الطرفين للتوصل إلى حل، إلا أن المعضلة لا تزال مستمرة منذ سنوات.
ففي بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي قام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بزيارة للكويت في محاولة لإعطاء جهود إعادة الإنتاج دفعة قوية.
وانتهت الزيارة دون نتائج تذكر، على الرغم من إعلان محمد بن سلمان بعد الزيارة أن الكويت والسعودية قريبتان من تحقيق شيء ما في القضية.
وكان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أكد أن "موضوع المنطقة المقسومة مع الكويت تم حلّه، وأنه يجري التباحث حول صياغة الطرق اللازمة لاستئناف إنتاج النفط الخام في تلك المنطقة المحايدة قريباً".
لكن هذا التصريح بقي في الهواء، ولم تجد أي أثر له على أرض الواقع.
وحول آخر التحركات التي كُشف عنها، قالت صحيفة الراي الكويتية، إن وزير النفط الكويتي التقى بنظيره السعودي وتطرقا إلى الاختلاف في وجهات النظر المتعلقة بالمنطقة المقسومة.
وأبدت مصادر مطلعة لـ"الراي" تفاؤلها بأن تشكل الزيارة خطوة متقدمة لطي ملف توقف الإنتاج النفطي في المنطقة المقسومة (الخفجي والوفرة)، خصوصاً أنها تأتي بعد يومين من انعقاد القمة الخليجية في الرياض، مشيرة إلى حرص الجانبين على طي هذا الملف العالق منذ نحو 4 سنوات.
حلول مؤقتة، فالمسألة معقدة
يقع حقلا "الخفجي والوفرة" على الحدود بين السعودية والكويت، التي لم يتم تحديدها منذ قرن تقريباً، والتي تسببت بنزاع قديم على السيادة بين البلدين على تلك المنطقة ومن دون حل، حتى اللحظة.
ويؤكد فشل المحادثات التي تجري بين الفينة والأخرى أن المسألة معقدة، ومن غير المتوقع التوصل إلى حل جذري لها.
فالجانب الكويتي يصر على أن حل مشاكل السيادة في المنطقة يجب أن يتم، قبل أن يتم الاتفاق على بدء الإنتاج النفطي من جديد.
لكن الجانب السعودي يرى أن حل مشكلة عمرها 50 عاماً في بضعة أسابيع أمر صعب، لذلك ترغب الرياض في التوصل إلى اتفاق مع الكويتيين للاستمرار في الإنتاج لمدة 5 إلى 10 سنوات قادمة، وذلك بحسب ما صرح به ولي العهد السعودي.
وأضاف: "وفي نفس الوقت العمل على مسائل السيادة. هذا لمصلحة الكويت والسعودية، لذا أعتقد أنها مسألة وقت حتى يتم حل القضية".