يعقد قادة في دول مجلس التعاون الخليجي في الرياض الأحد 9 ديسمبر/كانون الأول 2018، قمتهم للمرة الثانية في ظل أزمة خليجية هزت كيان مجلس التعاون، إضافة إلى عدد من الأزمات أبرزها حرب اليمن و مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية السعودية في إسطنبول، فضلاً عن الملف الإيراني.
ولن يشارك أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في قمة الدول الست الأعضاء في المجلس، التي لا يتوقع أن تصدر عنها قرارات حاسمة، رغم أنه تلقى دعوة من العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.
رد قطري على غياب الأمير تميم
ويبدو أن غياب الأمير تميم أثار غضب دول الحصار، فقد انتقد وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد، غيابه عن القمة.
وقال بن حمد: "كان الأجدر بأمير قطر أن يقبل بالمطالب العادلة ويتواجد في القمة".
ورداً عليه قالت وزارة الخارجية القطرية إن الدوحة تملك قرارها وحضرت يوم غاب حكام دول "الحصار"، في إشارة للسعودية والبحرين والإمارات التي غابت عن القمة الخليجية العام الماضي.
ورفض أحمد بن سعيد الرميحي، مدير المكتب الإعلامي في الخارجية القطرية الانتقاد البحريني، قائلاً عبر حسابه بـ"تويتر": "قطر تملك قرارها وحضرت قمة الكويت في حين غاب حكام دول الحصار عن الحضور، وقطر لا تحتاج نصائح من دول تبع".
وكانت الصحافة القطرية قد أكدت صباح اليوم أن توجيه الدعوة لقطر للمشاركة في القمة لا يعني أن تغيراً طرأ على موقف دول الحصار تجاه الأزمة الخليجية، مشددة على ضرورة التحقيق في الجرائم التي ارتكبتها دول الحصار قبل التفكير في حضور قطر القمة الخليجية".
وأكدت الصحف القطرية أن "القمة الخليجية لن تقدم ولن تؤخر، فالمنظومة الخليجية باتت معطلة، وأياً كان مستوى مشاركة دولة قطر فهي حريصة على إنجاح منظومة مجلس التعاون الخليجي".
وهذا ما قد يفسر غياب أمير قطر عن القمة، وإيفاده وزير الدولة للشؤون الخارجية سلطان المريخي.
الأزمات التي تواجه البيت الداخلي في الخليج
وتغيب عن جدول أعمال القمة أي مناقشة للأزمة الخليجية، واقتصرت على كلمات الترحيب من الملك سلمان وأمير الكويت، ثم كلمة الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، لتبدأ بعدها الجلسة المغلقة للقمة، التي تتضمن تقرير الأمين العام لمجلس التعاون، ومناقشة جدول أعمال الدورة التاسعة والثلاثين.
ومن المتوقع أن تركز قمة مجلس التعاون الخليجي على القضايا الأمنية بما في ذلك حرب اليمن وأنشطة إيران في المنطقة.
وقطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع قطر في الخامس من حزيران/يونيو 2017، متّهمة الدوحة بدعم تنظيمات متطرفة في المنطقة. وتنفي قطر هذه الاتهامات، لكن النزاع مستمر منذ 18 شهراً ولم تظهر مؤشرات إلى قرب تسويته.
الملف الإيراني إحدى قضايا القمة
ويبدو الانقسام جلياً أيضاً في المجلس بين الدول، فيما يتعلق بالملف الإيراني، حيث تتبع بعض الدول سياسة متشددة ضد طهران كالرياض وأبوظبي والمنامة، في حين أن مسقط والكويت تقيم علاقات جيدة مع طهران.
ومن المرتقب أن تتم مناقشة الملف الإيراني، حيث أكد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد اللطيف الزياني أن العلاقات مع إيران "ستكون إحدى القضايا التي سيبحثها قادة دول المجلس" خاصة بعد إعادة تطبيق العقوبات الأميركية على طهران.
وتسعى الدوحة أيضاً إلى تعزيز علاقاتها بشكل أكبر مع طهران، في ظل استمرار خلافها مع جاراتها والإجراءات العقابية التي اتّخذتها الدول الأربع بحقها، والمتمثلة خصوصاً في مقاطعتها اقتصادياً والعمل على محاصرتها تجارياً.
الملف اليمني
أما التحدي الثاني الذي يواجه قادة مجلس التعاون هو الملف اليمني، خاصة بعد تزايد الضغوط الدولية على الرياض والتحالف العربي، لإنهاء الحرب في اليمن.
وأثارت صور أطفال يمنيين يعانون من سوء التغذية بأجسادهم النحيلة للغاية والعاجزة عن الحركة استنكاراً وغضباً في العالم، ما تسبب للسعودية خصوصاً بإحراج، كونها أحد أبرز أطراف النزاع.
وتأتي القمة في وقت يواصل فيه وفدا الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والمدعومة من السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران، محادثاتهم التي بدأت الخميس في ريمبو في السويد برعاية الأمم المتحدة، في محاولة لإيجاد حل لنزاع أوقع أكثر من عشرة آلاف قتيل ودفع 14 مليون شخص إلى حافة المجاعة.
ومن المتوقع أن تستمر هذه المحادثات أسبوعاً.
وتقود السعودية بمشاركة الإمارات تحالفاً عسكرياً في البلاد، دعماً لحكومة الرئيس المعترف به دولياً عبد ربه منصور هادي في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.
وأوقع النزاع في اليمن منذ آذار/مارس 2015 أكثر من عشرة آلاف قتيل وتسبّب بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة.
وقد تشكلّ محادثات السلام الجارية أفضل فرصة حتى الآن لإنهاء الحرب المتواصلة منذ 2014، بحسب خبراء، مع تزايد الضغوط على الدول الكبرى للتدخّل لمنع حدوث مجاعة في أفقر دول شبه الجزيرة العربية.
القمة وملف خاشقجي
وتأتي القمة أيضاً بينما تتعرض السعودية وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان لضغوط دولية، بعد مقتل الصحافي جمال خاشقجي داخل قنصليتها في إسطنبول في 2 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وأقرّت الرياض، بعد نفي طويل، بأنّ خاشقجي قتل داخل قنصليتها في إسطنبول. ولكنها سعت إلى إبعاد الشبهات عن الأمير محمد.
وحظي ولي العهد السعودي بدعم قوي من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يرى في الرياض شريكاً استراتيجياً مهماً في الشرق الأوسط، إضافة إلى دورها كأكبر مصدر للنفط وبين أهم الجهات التي تشتري الأسلحة الأميركية.
وتستمر أعمال القمة في الرياض ليوم واحد فقط، وتفتتح بجلسة علنية ثم تعقد جلسة مغلقة، قبل أن يوزع بيان ختامي غالباً ما يتناول مواقف الدول الست من قضايا المنطقة.
ومن المقرر أن يرعى الملك سلمان افتتاح مشروع لتطوير منطقة الدرعية التاريخية في الرياض بحضور رؤساء الوفود.
وعشية الاجتماع السنوي، وضعت أعلام الدول الست، وبينها قطر، في شوارع العاصمة السعودية إلى جانب لافتات ترحيبية بدول مجلس التعاون الذي يرى خبراء أن الأزمة مع الإمارة الغنية أضعفته بشكل كبير.
وكتب على إحدى اللافتات "خليجنا واحد وهدفنا واحد".