وقَّعت الحكومة اليمنية اتفاقاً مع المتمردين الحوثيين لتبادل مئات الأسرى بين الطرفين، فيما يتأهب أطراف الصراع في اليمن للمشاركة في محادثات بالسويد لإنهاء أزمة اليمن انسانية بدأت قبل سنوات.
وقال هادي هيج، مسؤول ملف الأسرى في فريق المفاوضين التابع للحكومة اليمنية لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الاتفاق يشمل الإفراج عن 1500 إلى 2000 عنصر من القوات الموالية للحكومة، و1000 إلى 1500 شخص من المتمردين الحوثيين، بينما "رحبت" اللجنة الدولية للصليب الأحمر بهذا الإتفاق.
أصداء إيجابية لمحادثات السويد
يأتي ذلك على وقع أصداء ايجابية للاستعداد لمؤتمر السويد من قبل أطراف الصراع، إذ أكدت حكومة الإمارات، الشريك الرئيسي في التحالف العسكري الذي تقوده السعودية في اليمن، الثلاثاء أن المحادثات اليمنية المرتقبة في السويد تشكل "فرصة حاسمة" للسلام في البلد الذي يشهد حربا مدمرة منذ نحو أربع سنوات.
وكتب وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش في تغريدة باللغة الإنكليزية على حسابه على تويتر: "نعتقد أن السويد توفر فرصة حاسمة للانخراط بشكل ناجح في حل سياسي في اليمن".
وأكد قرقاش أن "إجلاء مقاتلين حوثيين مصابين من صنعاء يظهر مرة أخرى دعم الحكومة اليمنية والتحالف العربي للسلام" بعد قيام طائرة للأمم المتحدة، الإثنين، بإجلاء 50 جريحاً من المتمرّدين الحوثيين من صنعاء إلى العاصمة العمانية مسقط.
وقال الوزير الإماراتي إن "حلاً سياسياً مستداماً بقيادة يمنية يوفر أفضل فرصة لإنهاء الأزمة الحالية".
لكنه أضاف "لا يمكن أن تتعايش دولة مستقرة وهامة للمنطقة مع ميليشيات غير قانونية. قرار مجلس الأمن الدولي 2216 يقدم خارطة طريق قابلة للتطبيق".
وصدر القرار في أبريل/نيسان 2015، وينص على انسحاب المتمردين من المدن التي سيطروا عليها منذ عام 2014 وأبرزها صنعاء، وتسليم الأسلحة الثقيلة.
ورحبت إيران من جانبها بدعم محادثات السلام اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة، معربة عن استعدادها للمساعدة لإنهاء الأزمة.
وتدعم إيران حركة الحوثي التي تقاتل التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، وعبَّر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن دعمه للمحادثات في تغريدة على تويتر اليوم.
وقال ظريف: "على جميع الأطراف الدخول في حوار بنَّاء ومسؤول لإنهاء الأزمة في اليمن… العالم لديه مسؤولية تاريخية لدعم الحوار عبر أمور منها وقف تسليح المعتدين".
وبدأت حرب اليمن في 2014، ثم تصاعدت مع تدخّل السعودية على رأس تحالف عسكري في مارس/آذار 2015 دعماً للحكومة المعترف بها بعد سيطرة المتمردين الحوثيين على مناطق واسعة بينها صنعاء.
ويواجه حوالي 8.4 مليون يمني المجاعة على الرغم من أن الأمم المتحدة حذرت من أن هذا الرقم سيرتفع على الأرجح إلى 14 مليونا. ويحتاج ثلاثة أرباع سكان البلد الفقير البالغ عددهم 22 مليون نسمة إلى مساعدات.
لماذا ذهب الجميع الآن للحوار؟
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، فشلت الأمم المتحدة في عقد جولة محادثات في جنيف بعدما رفض المتمردون في اللحظة الاخيرة السفر من دون الحصول على ضمانات بالعودة إلى صنعاء وإجلاء مصابين من صفوفهم إلى سلطنة عمان.
وقال محللون إن حضور الطرفين المحادثات سيمثل إنجازاً في حد ذاته حتى إذا لم تتحقق نتائج ملموسة.
وقالت إليزابيث كيندال، الباحثة في الدراسات العربية والإسلامية بجامعة أوكسفورد لرويترز "لا يرغب أي من الطرفين أن يلام على العواقب الوخيمة للمجاعة التي تلوح في الأفق والتي باتت أقرب إلى الواقع… لكن لم يتضح بعد إن كانت الإرادة السياسية متوفرة بالفعل لتقديم التنازلات الضرورية للسلام".
وساعد على التفات العالم بشكل مختلف هذه المرة إلى مأساة اليمن جريمة قتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي بطريقة وحشية داخل مقر قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، إذ بدأت أنظار العالم تلتفت إلى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان المتهم بالمسؤولية عن قتل خاشقجي، والذي أطلق حرباً قبل 3 سنوات في اليمن تسببت في مضاعفة الأزمة الإنسانية هناك.
وزاد من الضغط على ولي العهد السعودي بعد مقتل خاشقجي ودفعه لوقف إطلاق النار الذي سيضع حداً للصراع الدائر منذ 3 سنوات موقف الدول الغربية من جريمة خاشقجي والتي اتخذتها باباً للحديث عن الحرب في اليمن.
ويسابق الكونغرس الأميركي الزمن لوقف الدعم المقدم من ترامب للتحالف العربي في الحرب التي خلفت دماراً كبيراً، إذ اتخذ نواب مجلس الشيوخ خطوةً مهمةً هذا الأسبوع بأن قدموا قراراً حاصلاً على تأييد الحزبين الجمهوري والديمقراطي، لإنهاء الدعم الأميركي للحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن، فيما يمثل قطيعةً حادة عن سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي يقف بجانب الرياض وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان.
ويسعى نواب بالكونغرس إلى مطالبة ترامب بإزالة أي قوات أميركية موجودة في اليمن أو "لها تأثير" على مجريات الحرب هناك في غضون 30 يوماً.
ويعتقد بعض النواب بأن الإدارة الأميركية ما زال لديها وقت لإجبار السعودية على الجلوس على الطاولة للتفاوض على وقف إطلاق النار في اليمن، قبل أن يجري مجلس الشيوخ تصويته المقبل على مشروع القانون.