كان ظهور الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال ضمن برنامج Sunday Morning، الذي تبثه قناة Fox news الأميركية، وحديثه عن الذكرى السنوية الأولى لاعتقاله لافتاً للأنظار، ومثيراً للتعجب، عن السر وراء خروجه للإعلام في هذا التوقيت.
تحدَّث الأمير السعودي حينها للقناة الأميركية عن رضاه المطلق على حملة مكافحة الفساد التي زجت به بالسجن، لأنها "أخضعت العديد من الأسماء الكبيرة لعملية تنظيف"، حسب تعبيره، مؤكداً أن ما حدث معه كان سوء فهم، ومشيداً بالعلاقة المميزة التي يتمتع بها مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، المسؤول المباشر عن عمليات الاعتقال ضمن حملة مكافحة الفساد آنذاك.
ونفى الوليد أن يكون قد تعرَّض للتعذيب خلال فترة اعتقاله، لينفي تهمة كانت قد أثَّرت على صورة السلطات السعودية بشكلٍ سلبي في الغرب، ولاسيما في أواسط رجال الأعمال والمستثمرين.
ظهر بأمر سعود القحطاني للدفاع عن ولي العهد
مصادر خاصة ذكرت لـ "عربي بوست"، أن ظهور الأمير الوليد بن طلال على القناة الأميركية للدفاع عن الأمير محمد بن سلمان، على خلفية اتهامه بالضلوع في قتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول، كانت بأوامر مباشرة من المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني.
فالوليد أكد خلال اللقاء أن خاشقجي كان إصلاحياً، ولم يكن معارضاً أبداً، وما حدث في القنصلية السعودية في إسطنبول كان مرعباً بشكل واضح ودنيء ومفجع، و"أعتقد أن المملكة العربية السعودية ستصل إلى الحقيقة، لكن أعطونا بعض الوقت، حتى انتهاء التحقيقات وإعلانها على العلن من جانب الحكومة السعودية".
وأشار الملياردير السعودي إلى أن "الطريقة التي اتبعتها المملكة في التعامل مع المعارضين، والتي لا أتفق معها، كانت قائمة على التواصل معهم والتحدث إليهم، ثم محاولة إقناعهم بالعودة للديار، وفي حادثة جمال بعض الأشخاص في المخابرات اتبعوا تلك الطريقة، وأرسلوا مجموعة من الأشخاص للتواصل مع خاشقجي، ومن المؤكد أن خطأ ما حدث في القنصلية أدى إلى مقتله".
وزعم الأمير السعودي أن التحقيق الرسمي في مقتل الصحافي جمال خاشقجي سيبرّئ ساحة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مطالباً السعودية خلال حديث لمحطة Fox news بالكشف عن نتائج التحقيق بأسرع ما يمكن.
وقُتل خاشقجي، وهو كاتب رأي بصحيفة واشنطن بوست ومنتقد للحكومة السعودية وولي العهد، بعد دخول القنصلية السعودية في إسطنبول، في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول.
القحطاني هو من أمر الوليد بحضور مؤتمر الاستثمار
المصادر أوضحت لـ "عربي بوست" أن سعود القحطاني هو الذي أمر الوليد بن طلال بحضور مؤتمر الاستثمار، الذي عقد في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018، تحت اسم "دافوس الصحراء" في العاصمة السعودية الرياض.
وكانت الحاجة إلى الوليد بن طلال في ذلك الوقت ملحة، نظراً للمقاطعة الكبيرة التي شهدها المؤتمر من عشرات المتحدثين والشركات العالمية التي اعتذرت عن حضور المؤتمر، بسبب الأنباء التي تشير إلى تورّط ولي العهد السعودي في عملية قتل الإعلامي جمال خاشقجي، وظهور الوليد في المؤتمر سيُعطي انطباعاً إيجابياً ويحسِّن من صورة ولي العهد، نظراً للمكانة الكبيرة التي يحظى بها الأمير الوليد وعلاقاته الكثيرة والمتشعبة مع مختلف رجال الأعمال والشركات العالمية.
وكان الرئيس التنفيذي لشركة أوبر الأميركية، دارا خسروشاهي، أعلن انسحابه من مؤتمر مستقبل الاستثمار، بالإضافة إلى رئيسة تحرير مجلة The Economist البريطانية، زاني مينتون بيدوكس، والإعلامي الاقتصادي الأميركي أندرو روس سوركين.
كما انسحبت صحيفة The New York Times من رعاية المؤتمر الذي جرى تنظيمه برئاسة ولي العهد محمد بن سلمان.
سعود القحطاني حر طليق، ويتجوّل في مطاعم جدة والرياض!
المصادر أكّدت كذلك ما ذكرته مصادر متطابقة لـ "عربي بوست" في وقت سابق، بأن سعود القحطاني لا يزال يمارس عمله بشكل اعتيادي، ويؤدي كل مهامه القديمة، ولكن بشكل غير معلن، وبعيداً عن أعين الكاميرات، إذ يدير عمله من قلب فيلا خاصة بحيّ السفارات في شمال غربي الرياض.
وذكر شهود عيان أنهم شاهدوا سعود القحطاني بعد عزله من منصبه في مطاعم بالعاصمة السعودية الرياض، ومحافظة جدة، مؤكدين أن الرجل حرٌّ طليق وغير معتقل، بخلاف ما أعلنت عنه النيابة العامة السعودية، التي أكدت أنّه قيد الاحتجاز والتحقيق، في محاولة منها لصرف أنظار الرأي العام العالمي عن قضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي.
ولا يزال القحطاني هو الذراع اليمنى لولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بحكم ارتباط الاثنين بصداقة طويلة منذ الطفولة، فعلى الرغم من أنَّ الرجل أعفي بشكل علني من منصبه كمستشار بالديوان الملكي، فإنَّ الرجل سراً لا يزال بمثابة الناصح الأمين والأب الروحي والصديق المخلص لمحمد بن سلمان.
ولا يزال سعود يمارس عمله من خلف الستار، نظراً لحساسية الوضع الحالي المحيط بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي يمر بأسوأ أيامه منذ وصوله لمنصب ولي العهد على الصعيد الدولي.
فعبر مجموعة سرية صغيرة، ومن قلب فيلا خاصة في الحي الدبلوماسي (أو حي السفارات) شمال غربي الرياض، يتواصل القحطاني في إدارة ملف مكافحة الإرهاب، وما يتعلق بملفات المعارضين السعوديين.
وفي هذا الخصوص أكد رجل الأعمال الكندي من أصل سعودي، آلان بندر، في تصريحات خاصة لـ "عربي بوست"، أنَّ القحطاني لا يزال يتمتع بجميع امتيازاته، ويمارس وظيفته المعتادة سراً من فيلته الخاصة، كما أنَّ تحت تصرفه "أكثر من مبنى يتنقل ويتحرك بها لتنفيذ أعماله ومهامه الخاصة".
وأشار بندر إلى أنَّ القحطاني يسعى بشكل كبير إلى عدم الظهور بشكل علني مع محمد بن سلمان، ويحرص على عدم الاجتماع الشخصي والمباشر به حتى لا يلفت الأنظار، منوهاً إلى أنَّ الطرفين يتواصلان فيما بينهما من خلال خط آمن، لضمان عدم اعتراض الاتصالات من قبل أي من الجهات الأمنية أو الاستخبارية الخارجية.
وأشار بندر إلى أنَّ الطرفين على تواصل يومي، مشدداً على أنَّ القحطاني لا يزال يتمتع بجميع امتيازاته، ولديه 4 مرافقين، وحراس شخصيون يقدمون تقاريرهم مباشرة إلى محمد بن سلمان.
سافر لأبوظبي سراً
وأضاف آلان: "سعود القحطاني يدير وظيفته سراً بأوامر من ولي العهد محمد بن سلمان، وقام بهذا الصدد برحلة خاصة إلى أبوظبي قبل بضعة أيام لعقد اجتماع عاجل، وعاد إلى الرياض بشكل هادئ بعد الاجتماع".
وأشار إلى أنَّ اللقاء عُقد داخل مبنى أمن الدولة في أبوظبي، وبتنسيق مع مستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد لشؤون الإعلام والثقافة خلف المزروعي، وذلك لبحث آخر التطورات المتعلقة والمرتبطة بالقضية وتبعاتها على المستوى المحلي والدولي.