جماعات ضغط تابعة للسعودية أنفقت الملايين للتأثير على الكونغرس.. لكن هذه المؤسسات ألغت عقودها بعد مقتل خاشقجي

عربي بوست
تم النشر: 2018/11/02 الساعة 15:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/11/03 الساعة 09:05 بتوقيت غرينتش

كشفت دراسة جديدة للسجلات الفيدرالية لجماعات الضغط، أن جماعات الضغط التابعة للمملكة السعودية قد أنفقت أكثر من 2.3 مليون دولارٍ لحملاتٍ سياسيةٍ أميركيةٍ في الفترة بين أواخر 2016 و2017، إذ قادوا عمليات تأثيرٍ ضخمة لتهدئة أي مواقف يتخذها الكونغرس ضد السعودية، وللترويج لمصالح سعوديةٍ أخرى في الولايات المتحدة.

وبحسب موقع VOA الأميركي، خلُصت تحليلات سجلات قانون تسجيل العملاء الأجانب التي أجراها مركز السياسات الدولية الأميركي إلى أنه بينما وصل ربع هذه الأموال إلى لجان عملٍ سياسي، فإن أكثر من 1.5 مليون من تلك الإسهامات توجَّه إلى حملاتٍ فرديةٍ، من بينها 400 ألف دولارٍ وصلت لنحو 75 عضواً بالكونغرس تواصلت معهم جماعات الضغط نيابةً عن السعودية.

ومن بين أعضاء الكونغرس هؤلاء كان كيفن مكارثي، زعيم الأغلبية الجمهورية بمجلس النواب، وهو أكثر الجمهوريين تلقياً للتبرعات من جماعات الضغط السعودية، فيما كان السيناتور بيل نيلسون أكثر من تلقَّى الدعم من الحزب الديمقراطي.

قضية أحداث 11 سبتمبر

وفي 12 واقعة كان أعضاء الكونغرس الجمهوريون والديمقراطيون يتلقون التبرعات لحملاتهم في اليوم نفسه الذي تتواصل فيه جماعات الضغط السعودية مع مكاتبهم، وفي كثيرٍ من الحالات يتعلَّق الأمر بتشريعاتٍ مُعلَّقةٍ من شأنها أن تسمح لضحايا هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة بمقاضاة المملكة السعودية.

وتضم قائمة الأعضاء السيناتور الجمهوري بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، والسيناتور الجمهوري ريتشارد بير، رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، والنائب  سيدريك ريتشموند، الديمقراطي الذي يرأس كتلة النواب السود بالكونغرس.

وقال بِن فريمان، رئيس مبادرة الشفافية في التأثير الأجنبي، وكاتب التقرير: "ما رأيناه في بحثنا أن جماعات الضغط السعودية فعلت ذلك مراراً عام 2017.. وأتصوَّر أن جماعات الضغط السعودية تفعل ذلك الآن".

وتعتبر تبرعات دعم الحملات قانونيةً تماماً، إذ يسمح القانون الأميركي بتكوين جماعة ضغطٍ نيابةً عن حكوماتٍ أجنبيةٍ، وتقديم تبرعاتٍ لدعم حملات أعضاء الكونغرس الذين يهدفون للتأثير عليهم ما دامت تلك النشاطات والتبرعات معلومةً لوزارة العدل، بحسب الموقع الأميركي.

وقالت ليديا دينيت، المُحقِّقة في مشروع الرقابة الحكومية في واشنطن، إنه فيما يُظهِر التقرير وجود علاقة تبادل مصالحٍ بين جماعات الضغط وأعضاء الكونغرس، فإنه لا يُشير إلى أنهم "يعملون كوكلاءٍ لحكومةٍ أجنبية".

وأضافت: "يقوم الناس بهذا عادةً بصفتهم الشخصية، لذا من الصعب الجزم بأن لديهم دوافع سياسية على وجه التحديد، أو أن لديهم صلات شخصية تربطهم بالشخص الذي يتبرعون له".

ولم يستجب مسؤولو السفارة السعودية في واشنطن حتى الآن لمطالبات موقع VOA الأميركي للتعليق على هذا الموضوع.

قضية خاشقجي تلقي بظلالها

يأتي التقرير في خضم إدانةٍ دوليةٍ متزايدة لاغتيال الكاتب السعودي المخضرم جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقال المسؤولون السعوديون إن عملية الاغتيال قام بها فريقٌ من السعوديين المارقين، لكن النقاد اتهموا السعودية بالكذب حيال ضلوعها في عملية القتل الوحشية.

منذ ذلك الحين توقفت 4 مؤسساتٍ من جماعات الضغط عن العمل مع المملكة السعودية، لكن مؤسسةً واحدةً أخرى على الأقل قد ضمَّت المملكة لقائمة عملائها. وإجمالاً تعمل أكثر من أربع وعشرين جماعة ضغطٍ أميركية وشركة علاقات عامة لصالح المملكة السعودية حالياً. وقد أنفقت المملكة العام الماضي أكثر من 27 مليون دولار على جهود جماعات الضغط الأميركية.

وجاء في التقرير: "إن دلت نتائج هذا التقرير على شيءٍ، فإنما تدل على أن جماعات الضغط السعودية في واشنطن تتواصل على الأرجح وبشكلٍ محمومٍ مع مكاتب أعضاء الكونغرس لإحباط تشريعاتٍ تعاقب المملكة على أفعالها، وأنهم غالباً ما يقدمون التبرعات لحملات أولئك الأعضاء".

ووفقاً للتقرير، فإن 29 مؤسسةً وفرداً قد أُدرِجوا في سجلات قانون تسجيل العملاء الأجانب لتمثيل للمملكة السعودية، للضلوع بنحو 2500 "صلة سياسية". ونَفَّذَ هذه الأنشطة، التي تتنوَّع بين التواصل مع أعضاء الكونغرس إلى التواصل مع وسائل الإعلام لدفع روايةٍ مؤيدةٍ للجانب السعودي، أكثر من 100 فردٍ يعملون لصالح تلك المؤسسات.

مجلس الشيوخ أكثر المؤسسات حصولاً على هذه الأموال

وجاء في التقرير كذلك أن مجلس الشيوخ كان أكثر المؤسسات التي جرى التواصل معها، تليه وسائل الإعلام، ثم مجلس النواب وفرع السلطة التنفيذية من الحكومة الفيدرالية. وقد جرى التواصل مع مكاتب أعضاء مجلسيّ النواب والشيوخ بما مجموعه 1409 مرةً، أي بمعدل نحو ثلاث مراتٍ لكل عضوٍ. وكان الاتصال بأعضاء الكونغرس "في أغلب الأحيان" يستهدف قادة الأحزاب وأعضاءها في لجانٍ رئيسيةٍ مثل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ.

ووفقاً للتقرير كذلك، فإن السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، الذي يعمل في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، والذي كان ناقداً قوياً للمملكة السعودية في أعقاب مقتل خاشقجي، هو أكثر أعضاء الكونغرس الذين جرى التواصل معهم، إذ جرى الاتصال بمكتبه 36 مرة. ومن بين الديمقراطيين، كان كريس كونز، عضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، أكثر الأعضاء الذين جرى التواصل معهم. فقد تم الاتصال بمكتبه 33 مرةً.

تأتي الحملة الاستثنائية لجماعات الضغط والعلاقات العامة في فترةٍ تسعى فيها المملكة السعودية لمنع تمرير قانون العدالة ضد رعاة الأعمال الإرهابية (جاستا)، وللرد على الانتقادات التي تُوجَّه لها بخصوص الحرب في اليمن، وحصار قطر، والحملة المثيرة للجدل ضد الفساد، وتبذل جهوداً لمنع بيع الصواريخ الموجهة بدقةٍ.

ووجد التقرير أن أكثر الأسباب شيوعاً للاتصال بمكاتب أعضاء الكونغرس كانت جاستا، واليمن، وقطر، والصواريخ الموجهة بدقةٍ، ومبيعات الأسلحة.

تحميل المزيد