ذكرت وسائل إعلام ألمانية أن سردار يوكسل، عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي، الكردي التركي الأصل، والنائب في برلمان ولاية شمال الراين فستفاليا، أنقذ رفقةَ برلمانية أخرى من الحزب الليبرالي، حياة استشاري مختص بالشؤون العلمية، يعمل لصالح حزب البديل لأجل ألمانيا المناهض للاجئين والأجانب.
وانهار الموظف الذي يعاني من مشاكل كبيرة في القلب يوم الأربعاء 31 أكتوبر/تشرين الأول خلال جلسة للجنة الشؤون الصحية والعمل والاجتماعية في البرلمان المحلي.
ونقل موقع صحيفة "فاز" المحلية عن يوكسل (45 عاماً)، وهو من مدينة بوخوم، وكان ممرضاً في قسم العناية المركزة مدة 15 عاماً قبل أن يدخل ميدان السياسة، توضيحه أن اللجنة البرلمانية كانت قد بدأت بنقاش النقطة العاشرة من أجندتها، عندما وقف استشاري حزب البديل وابتعد بضعة أمتار عن مقعده، وانهار فجأة.
اعتبره مريضه وتعامل معه بخبرته
وأشار إلى أن يوكسل دعا بعفوية جميع الساسة المشاركين في الجلسة وضيوف اللجنة إلى الابتعاد عن "مريضه" والخروج من المكان.
وتحقَّق يوكسل من وضع الموظف الساقط على الأرض، فوجد أنه لا يتنفس وقلبه لا ينبض، وفيما قام على الفور كما تعلم سابقاً، بتمسيده في منطقة القلب، أجرت زميلته البرلمانية سوزانه شنايدر، وهي ممرضة خبيرة أيضاً سابقة، تنفساً اصطناعياً عبر الفم للمريض.
وكان يقف إلى جانبهما الممرضتان السابقتان المختصان بالعناية المركزة، أنجيلا لوك وكرستينا فينغ، وهما عضوان في برلمان ولاية عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي حالياً، بحسب يوكسل الذي أشار إلى أنهما كانتا تتواجدان هناك للتدخل أيضاً في حال كانت هناك حاجة للمساعدة.
ونجحت عملية الإنعاش ليستيقظ الموظف المذكور بعد دقائق ويصبح قادراً على الحديث، ثم جاء المسعفون لمكان انعقاد الجلسة وقاموا بنقله للمشفى.
أمر بديهي
وعبَّر يوكسل عن سعادته البالغة بتطبيقه ما تعلمه مهنياً في وضع طارئ كهذا، ومساعدته بشكل عفوي.
ونقل موقع "تاغزشاو" عنه قوله إن مساعدته كانت أمراً بديهياً وينبغي أن يكون بديهياً، وإنه الأمر يتعلق هنا بكونهم بشراً، وأن على البشر أن يكونوا متواجدين لتقديم المساندة لبعضهم البعض.
وأكد المتحدث باسم كتلة حزب البديل في البرلمان ميشائيل شفارتزر الواقعة، وبيَّن أن "الزملاء" اهتموا فوراً وبشجاعة بموظفهم، الذي يعالج حالياً في المشفى.
Der SPD-Landtagsabgeordnete Serdar Yüksel hat mit Hilfe dreier Kolleginnen im Düsseldorfer Landtag einen AfD-Mitarbeiter…
Gepostet von tagesschau am Donnerstag, 1. November 2018
إشادة بعضو البرلمان
ومدح رواد مواقع التواصل الاجتماعي تصرُّف يوكسل، وهو من مواليد مدينة إيسن الألمانية، لأبوين كرديين قادمين من تركيا، الذي لم يتوانَ عن مساعدة موظف في حزب لطالما ناصب الأجانب والمهاجرين العداء.
فكتب عضو البوندستاغ السابق عن حزب الخضر فولكر بيك على حسابه بموقع تويتر: "ما هي الإنسانية؟ أن يرى إنسان في الآخر فقط الإنسان، وليس الموطن وليس الدين أو اللغة أو الحزب. سرداد يوكسل أظهر اليوم ما الذي يعنيه هذا بالتحديد"، معبراً عن تمنيه أن يتعلم منه بعض المتمسكين بالهوية من مختلف الألوان السياسية.
Was ist Humanität? Ein Mensch sieht im anderen nur den Menschen, nicht die Herkunft, nicht die Religion, Sprache oder Partei. Serdar #Yüksel hat heute gezeigt, was das konkret bedeutet. Ich hoffe einige Identitäre verschiedener Couleur lernen daraus. https://t.co/SkCn8wPnBJ
— Volker Beck (@Volker_Beck) October 31, 2018
وسمى أحد الصحفيين يوكسل بـ "أعظم رابح لهذا اليوم".
Großartiger Gewinner des Tages 👏 pic.twitter.com/uqgAs4Ngxr
— Timo Lokoschat (@Lokoschat) October 31, 2018
ما الفرق بين الموظف واللاجئ المهدد بالغرق في البحر؟
وقال أحد المغردين إنه متشوق لمعرفة فيما إذا كان موظف حزب "البديل" اليميني المتطرف سيشكر يوكسل، مشيراً إلى أنه لن يستطيع ذلك جراء موقفه الجوهري من الأجانب، لكن سيكون صدى عدم شكره ليس جيداً في الصحافة، عندما يهاجم منقِذ حياته.
Bin gespannt, ob der AFD-Kerl es #Yüksel danken wird. Kann er ja mit seiner Grundhaltung eigentlich nicht, kommt aber pressetechnisch nicht gut, wenn man gegen seinen Lebensretter schießt….
— Lotta Hund (@lotta_hund) October 31, 2018
وقال الصحافي كارستن هايده إن هذا هو الفرق بين الذين يفرحون في الناس الذين يموتون في البحر المتوسط وبين الآخرين الذي ينقذون خصومهم السياسيين، مشيراً بذلك إلى مقطع فيديو يظهر فيه أنصار حركة بيغيدا المعادية للإسلام وهم يصيحون بأنه يتوجب إغراق اللاجئين في البحر المتوسط.
Das ist eben der Unterschied. Die einen freuen sich über sterbende Menschen im Mittelmeer, die anderen retten dem politischen Gegner das Leben. #AfD #NRW #Yüksel https://t.co/50eQp2MImi
— Karsten Heyde (@Karsten_Heyde) November 1, 2018
وكتب معلق على صفحة موقع تاغزشاو على فيسبوك (قرابة 1000 تفاعل) أنه "كان الأمر ليكون أجمل لو تركنا الناس الآن يموتون لأنهم غير مريحين بالنسبة لنا. أوه .. كلا انتظر.."، ساخراً بذلك من أنصار الحزب اليميني المتطرف والحركات الشبيهة الذين يتمنون موت اللاجئين في البحر، وعدم تقديم مساعدة للمهددين بالغرق كي لا يصلوا لأوروبا، واكتشفوا فجأة أن أحد موظفيهم أصبح في نفس الوضع.
وكتبت معلقة تدعى كارا (أكثر من 600 تفاعل وإعجاب) تعليقاً تتساءل فيه فيما إذا كانت القواعد التي تطبق في البرلمان المحلي في تلك الولاية مختلفة عن تلك المطبقة في البحر المتوسط أيضاً، في إشارة إلى ضرورة إنقاذ اللاجئين والمهاجرين المهددين بالموت، خاصة بعد أن أوقفت الحكومات الأوروبية الغالبية العظمى من قوارب إنقاذ المنظمات غير الحكومية.