قالت وكالة بلومبرغ الأميركية أنه على الرغم من أن العام الماضي كان مليئاً بالصفقات الحاسمة التي أبرمها صندوق الثروة السيادي السعودي المسمى بصندوق الاستثمارات العامة، لكنَّ تأخُّر تنفيذ الطرح العام الأولي المزمع لأسهم شركة النفط العربية السعودية الحكومية (أرامكو) يعني أنَّ صندوق الاستثمارات العامة لن يحصل على الفور على رأس المال الإضافي المتوقع والمُقدَّر بـ100 مليار دولار كي يستثمره.
ووسط الغضب العالمي المُثار بشأن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، انسحب مصرفيون ورجال أعمال بارزون، من بينهم رؤساء شركات Blackstone Group LP، وBlackRock Inc، وUber Technologies Inc وVirgin Group من مؤتمر صندوق الاستثمارات العامة، دافوس الصحراء، والذي يحمل اسم مبادرة مستقبل الاستثمار، والمقرر انطلاقه غداً الثلاثاء 23 أكتوبر/تشرين الأول حسبما نشرت وكالة Bloomberg الأميركية، وحول هوية صندوق الاستثمارات العامة واختصاصاته، تناولت بلومبرغ ذلك في تقرير لها:
1- ما الذي يستثمر فيه صندوق الاستثمارات العامة؟
ينخرط صندوق الاستثمارات العامة السعودي بقوةٍ في قطاع تكنولوجيا النقل، إذ يمتلك حصةً نسبتها 5% تبلغ قيمتها ملياري دولار في شركة Tesla Inc المتخصصة في تصنيع السيارات الكهربائية، ولديه استثمارات قيمتها مليار دولار في شركة Lucid Motors Inc المُنافِسة الطموحة لشركة Tesla، فضلاً عن حصة بقيمة 3.5 مليار دولار في شركة Uber المتخصصة في خدمات تشارك السيارات والتي انتشرت خدماتها سريعاً في مناطق عديدة في العالم.
أعلن صندوق الاستثمارات العامة كذلك التزامه بضخ نحو 20 مليار دولار في صندوقٍ للبنية التحتية الأميركية تديره شركة Blackstone Group LP، وبناء ثلاث مدن (نيوم، والبحر الأحمر، وأمالا) على ساحل البحر الأحمر، وتأسيس صندوق قيمته 1.1 مليار دولار لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة.
وتعهَّد صندوق الاستثمارات العامة بضخ 45 مليار دولار في صندوقٍ يركز على قطاع التكنولوجيا تابع لشركة SoftBank Group Corp، وقال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي يتحكم في صندوق الاستثمارات العامة السعودي، في وقتٍ مبكر من شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إنَّ الصندوق سيضخ استثمارات بنفس الحجم في صندوقٍ آخر تابع لشركة SoftBank. ويُتوَقع أن يضخ صندوق الاستثمارات العامة السعودي استثمارات قدرها 170 مليار دولار على مدار السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة.
2- ما هو هدف الصندوق؟
ينصبُّ محور جهود الحكومة السعودية على تنويع مصادر اقتصادها بعيداً عن النفط ضمن خطةٍ تُعرَف برؤية 2030. تأسس الصندوق في عام 1971 لدعم المشروعات ذات الأهمية الاستراتيجية بالنسبة للاقتصاد السعودي، وكان تركيزه خلال معظم تاريخه مُنصبَّاً بالأساس على السوق المحلية.
وبالإضافة إلى استثماراته حول العالم التي تحتل عناوين الصحف، يمتلك صندوق الاستثمارات العامة أصولاً قيمتها 150 مليار دولار في عددٍ من الشركات السعودية المُدرَجة بالبورصة، منها حصص في شركة سابك، وشركة الاتصالات السعودية STC، والبنك الأهلي التجاري، أكبر مصرف سعودي من حيث حجم الأصول.
يمتلك صندوق الاستثمارات السعودي أصولاً بأكثر من 300 مليار دولار، والتي قد ترتفع لتصل إلى 600 مليار دولار بحلول 2020، وفقاً لما قاله الأمير محمد بن سلمان في حوارٍ أجراه في وقتٍ سابق هذا الشهر أكتوبر/تشرين الأول.
3- ما الذي حدث لعملية الطرح العام الأولي لأسهم أرامكو؟
تعهَّد محمد بن سلمان أن تكون العملية حدثت بحلول 2021. كان من المقرر طرح الأسهم للبيع في النصف الثاني من عام 2018، لكن أُلغي الطرح بسبب الشكوك المثارة حول قيمة الشركة وخطة من جانب أرامكو لشراء حصةٍ مُسيطِرة في شركة السعودية للصناعات الأساسية، المعروفة باسم سابك.
وقال ولي العهد السعودي إنَّ تأخير الطرح العام كان ضمن خطة لدفع شركة أرامكو للاستثمار في قطاع الصناعات البتروكيماوية. وأضاف أنَّه من غير العادل المضي قدماً في طرح أسهم أرامكو للطرح العام ثم مفاجأة المستثمرين بعدها مباشرةً بصفقةٍ ضخمة في قطاع البتروكيماويات.
4- ما الذي سيفعله صندوق الاستثمارات العامة بدلاً من الطرح العام؟
ربما يبيع 70% من حصته في شركة سابك إلى أرامكو، وهي صفقةٌ قد تُولِّد رأس مال للصندوق السيادي بقيمة 70 مليار دولار. وقد يجمع صندوق الاستثمارات العامة مزيداً من الأموال عبر بيع حصصٍ له في عددٍ من الشركات السعودية المُدَرجة بالبورصة. وتعد الاستدانة خياراً آخر مطروحاً أمام الصندوق السيادي. وكان الصندوق في سبتمبر/أيلول الماضي قد حصل على قرضٍ بقيمة 11 مليار دولار، وهي المرة الأولى التي يقترض فيها منذ إنشائه. وصندوق الاستثمارات العامة على استعداد للاقتراض من أجل تنويع الاقتصاد السعودي وزيادة عائداته من الاستثمارات.
5- مَن يدير الصندوق؟
أصبح ياسر الرميان، المدير التنفيذي السابق لشركة السعودي الفرنسي كابيتال للخدمات المالية، مديراً عاماً لصندوق الاستثمارات العامة في عام 2015. على مدار العام الماضي، تضخَّم حجم الفريق التنفيذي المساعد له، إذ عيَّن الصندوق سكوت روبرتسون، المدير السابق لشركة Stonepeak Infrastructure Partners المتمركزة في مدينة نيويورك، مديراً لوحدة الأسواق العالمية لديه، وذلك وفقاً لأشخاص مطلعين على الموضوع.
وشملت التعيينات الأخرى كلاً من عبد المجيد الحقباني، الذي كان يشغل منصب المدير المحلي لقسم إدارة الأصول لدى بنك HSBC Holdings Plc قبل أن يصبح مديراً بالصندوق، بالإضافة إلى علي رضا الزيمي، الذي كان يشغل منصب المدير العام لبنك Bank of America Merrill Lynch قبل أن يصبح رئيس قسم أوراق الخزانة وتمويل الشركات بالصندوق، وراشد شريف، الذي كان يشغل منصب المدير التنفيذي لوحدة الاستثمار المصرفي لدى بنك الرياض قبل أن يصبح مديراً لقسم الاستثمار المحلي بالصندوق.
6- كيف ستؤثر قضية خاشقجي على الصندوق؟
لم يتضح بعد مدى تأثير قضية خاشقجي على استثمارات الصندوق، باستثناء تقلُّص قائمة الحضور في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار المقرر بدئه في الرياض غداً. وكانت السلطات السعودية تراجعت عن نفيها السابق التورط في اختفاء خاشقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وقالت يوم السبت الماضي 20 أكتوبر/تشرين الأول إنَّ تحقيقاً أولياً أظهر أنَّ الكاتب الصحافي في صحيفة The Washington Post الأميركية قُتِل بعد أن تحول "نقاشٌ" داخل القنصلية إلى عراكٍ جسدي. ووفقاً لشخصٍ مطلع على التحقيقات السعودية، توفي خاشقجي بعد تعرُّضه للخنق.
قال جيسون توفي، وهو خبير اقتصادي في الأسواق الناشئة لدى شركة Capital Economics، إنَّ صندوق الاستثمارات العامة السعودي يُعَد لاعباً رئيسياً في الأسواق العالمية، لذا ستكون بعض الشركات في الغالب مستعدةً للمخاطرة بسُمعتها من أجل ضمان الحصول على استثمارات.
لكن من جانبه، رد الملياردير ريتشارد برانسون على قضية خاشقجي بأنه أوقف المباحثات مع الصندوق السعودي بشأن استثمارات تبلغ قيمتها مليار دولار في وحدات استكشاف الفضاء التابعة لشركته Virgin Group Ltd.
وتسعى شركة Endeavor LLC، وهي وكالة للمواهب في هوليوود، إلى إنهاء صفقةٍ قيمتها 400 مليون دولار، تقضي ببيع حصة في الشركة إلى صندوق الثروة السيادي السعودي، وذلك وفقاً لشخصٍ مطلع على الأمر