زاد بيان السعودية حول مقتل خاشقجي من الشكوك في جديتها في الإفصاح عن من يقف وراء مقتل جمال خاشقجي وبد الأمر كما لو أن هناك تستر على المتهمين الحقيقيين، من شأنه أن يبعد اللوم عن الأمير محمد في نهاية المطاف، ويقضي على أي تهديدٍ له ولمنصبه.
وجاء في تقرير صحيفة The Washington Post، إن ما رصدته المخابرات الأميركية لمناقشات جرت بين مسؤولين سعوديين لاستدراج الصحافي خاشقجي، أسهمت في تزايد الشكوك في أن ولي العهد محمد بن سلمان كان مرتبطاً شخصياً بالحادث، لكن البيان السعودي لم يتهمه بالتورُّط في القتل.
وقال روبرت ليسي، المؤرخ والمؤلف البريطاني الذي ألَّف العديد من الكتب عن العائلة المالكة السعودية، إنَّ قرار تعيين الأمير محمد مسؤولاً عن المراجعة الرسمية لجهاز المخابرات السعودية من شأنه أن يخلق مشكلات.
وقال ليسي: "الغرب لن يقبل فكرة أنَّ ملف التحقيق في هذه القضية قد كُلِّف به الرجل الذي يُعَد المتهم الرئيسي في نظر العالم"، مضيفاً أنَّ ردَّ فعل الحكومة السعودية قد يُعمِّق مشكلات مصداقية ولي العهد، ويؤثر في فرصه لخلافة والده في العرش.
وشكَّك تقرير الصحيفة في البيان السعودي، الذي قال إن قتل خاشقجي جاء نتيجة نقاش داخل القنصلية "تطور بطريقة سلبية" و"أدى إلى نشوب شجارٍ ونقاش حاد مع سعوديين انتهى بمقتله".
ولم يُعثَر على جثة خاشقجي، ولم يتناول البيان السعودي ما حدث لها.
وقالت الحكومة السعودية إنها طردت 5 مسؤولين بارزين، واعتقلت 18 سعودياً آخرين نتيجة التحقيق الأوَّلي. وكان من بين المطرودين سعود القحطاني، مستشار الأمير محمد بن سلمان، ونائب رئيس المخابرات العامة اللواء أحمد العسيري.
وتوصَّل التحقيق الأوَّلي الذي أجراه النائب العام إلى أن "المشتبه بهم" سافروا إلى إسطنبول للقاء خاشقجي حيث أعرب عن رغبته في العودة إلى السعودية، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الرسمية. وقالت إن المناقشات التي جرت "تطوَّرت بطريقة سلبية" و"أدت إلى نشوب شجارٍ ونقاش حاد بين عدد منهم وبين المواطن". وأضافت: "تفاقم الشجار ليؤدي إلى وفاته ومحاولتهم إخفاء وتغطية ما حدث".
وأضافت أن التحقيقات مستمرة مع الموقوفين الـ18، دون أن تذكر أسماءهم.
وقال البيان: "إن المملكة تعرب عن أسفها العميق للتطورات المؤلمة التي حدثت، وتؤكد على التزام السلطات في المملكة بالوصول إلى الحقائق وإعلانها".
المسؤولون الـ5 المقالون
وبالإضافة إلى القحطاني والعسيري، ذكرت وكالة الأنباء السعودية أسماء العديد من الضباط العسكريين الآخرين الذين طُردوا، وكان من بينهم اللواء الطيار محمد بن صالح الرميح، مساعد رئيس الاستخبارات العامة، واللواء عبدالله بن خليفة الشايع، مساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية، واللواء رشاد بن حامد المحمادي، مدير الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات العامة.
وأضافت أن التحقيقات مستمرة مع الموقوفين الـ18 دون أن تذكر أسماءهم.
وقال البيان: "إن المملكة تعرب عن أسفها العميق للتطورات المؤلمة التي حدثت، وتؤكد على التزام السلطات في المملكة بالوصول إلى الحقائق وإعلانها".
وبالإضافة إلى القحطاني والعسيري، ذكرت وكالة الأنباء السعودية أسماء العديد من الضباط العسكريين الآخرين الذين طُردوا، وكان من بينهم اللواء الطيار محمد بن صالح الرميح، مساعد رئيس الاستخبارات العامة، واللواء عبدالله بن خليفة الشايع، مساعد رئيس الاستخبارات العامة للموارد البشرية، واللواء رشاد بن حامد المحمادي، مدير الإدارة العامة للأمن والحماية برئاسة الاستخبارات العامة.
وفي تغريدة له بعد فترة قصيرة من الإعلان السعودي، كتب القحطاني لمتابعيه البالغ عددهم 1.3 مليون متابع، أنه يشعر بالامتنان تجاه الملك وولي العهد، اللذين دعاهما "سيّداه".
وكتب يقول: "سأظل خادماً وفياً لبلادي طول الدهر، وسيبقى وطننا الغالي شامخاً بإذن الله تعالى".
وبينما تفاءل الرئيس الأميركي دونالد وإشادته ببيان السعودية حول قضية خاشقجي، كان هناك رد فعل آخر في واشنطن أكثر سلبية.
تشكيك برواية السعودية
إذ نشر ليندسي غراهام، العضو الجمهوري في مجلس الشيوخ عن ولاية كارولينا الجنوبية، تغريدةً على موقع تويتر قال فيها: "القول بأنني متشكِّكٌ فقط في الرواية السعودية الجديدة بشأن خاشقجي يُقلِّل كثيراً من حقيقة شعوري، ففي البداية قيل لنا إنَّ خاشقجي يُفتَرَض أنَّه غادر القنصلية، وكان هناك إنكارٌ تام لأي تورُّط سعودي، والآن ينشب شجارٌ ويُقتَل في القنصلية، وكل ذلك دون معرفة ولي العهد".
خاشقجي لم يتشاجر وربما حاول النجاة
ورفض كذلك آدم شيف، الديمقراطي البارز في لجنة الاستخبارات بمجلس النواب، الرواية السعودية، قائلاً: "إعلان أنَّ جمال خاشقجي قُتِل في أثناء شجارٍ مع 12 شخصاً مبعوثين من المملكة العربية السعودية يفتقر إلى المصداقية. إن كان خاشقجي قد تشاجر مع أحدٍ داخل القنصلية، فإنَّه كان يحاول النجاة بحياته من أُناسٍ أُرسلوا للقبض عليه أو قتله. يجب محاسبة المملكة وجميع المتورطين في هذا القتل الوحشي، وإذا لم تأخذ إدارة ترمب هذه المبادرة، يجب على الكونغرس تولِّي الأمر".
لا يمكن التصرف دون إذن ولي العهد
وقال مسؤولٌ أميركي بارز إنَّ التفسير السعودي يثير أسئلةً أكثر ممَّا يجيب عنها بشأن معرفة الأمير محمد بالحادث. وأشار المسؤول -الذي طلب عدم الكشف عن هويته للإدلاء بتقييم صريح- إلى أنَّ أحمد العسيري وسعود القحطاني من بين أقرب مُساعدي الأمير محمد، وقال إنَّهم لا يمكن أن يكونوا قد تصرَّفوا من دون أوامر منه.
وأضاف: "من المستحيل أن نلومهم على شيءٍ دون أن يكون لمحمد بن سلمان دورٌ مباشر".
وقال البيان السعودي الرسمي إنَّ الملك سلمان أمر بإنشاء لجنةٍ لمراجعة عمليات المخابرات في المملكة و"تحديثها"، وتقديم تقريرٍ عنها في غضون شهر. واختار الملك ولي العهد لرئاسة اللجنة الوزارية التي ستضم أيضاً وزيري الداخلية والخارجية، ورئيسي المخابرات العامة وأمن الدولة وغيرهم.
ولي العهد لديه مشكلة مصداقية
وأردف: "ولي العهد لديه مشكلة مصداقية كبيرة الآن ولعقودٍ قادمة. بكل أمانة، لا أستطيع أن أرى كيف سيريد أي زعيمٍ ديمقراطي غربي أن تُلتقط له صورةٌ وهو يصافح هذا الرجل".
النسخة الرسمية للقضية لن يُصدِّقها سوى القليل من السعوديين
جديرٌ بالذكر أنَّ الإعلان السعودي صدر في وقتٍ متأخر ليلاً في العاصمة السعودية الرياض. وعجَّ موقع تويتر على الفور بردود فعلٍ متباينة، جاء الكثير منها تحت هاشتاغ "جمال ميت". وأثنى العديد من مستخدمي الموقع على عمل المملكة، وكتب أحدهم: "الشفافية السعودية أظهرت أنَّ القانون فوق الجميع".
وقال أحد الأكاديميين السعوديين في لقاءٍ صحافي، طالباً عدم الكشف عن هويته حفاظاً على سلامته الشخصية: "ثمة سحابةٌ من الخوف تُخيِّم على البلاد. لا أحد يستطيع التحدُّث في السعودية خوفاً من أن يُزجَّ به في السجن". وأضاف أنَّ النسخة الرسمية للقضية لن يُصدِّقها سوى "عدد قليل جداً" من السعوديين. وأردف: "هناك تستُّر على المتهمين الحقيقيين، فلماذا ظلَّوا يكذبون على مرِّ 16 يوماً؟".