يدلى الناخبون في تركيا بأصواتهم اليوم الأحد 24 يونيو/حزيران 2018، في انتخابات رئاسية وبرلمانية تمثل أكبر تحد للرئيس رجب طيب إردوغان وحزبه العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية منذ وصوله للسلطة قبل أكثر من عشر سنوات ونصف.
وستمثل الانتخابات أيضا بداية نظام جديد لرئاسة تنفيذية.
ويعد إردوغان أكثر الزعماء شعبية وإثارة للخلاف أيضا في تاريخ تركيا الحديث وقام بتقديم موعد الانتخابات التي كانت ستجرى أصلا في نوفمبر 2019 قائلا إن السلطات الجديدة ستجعله يتمكن بشكل أفضل من معالجة المشكلات الاقتصادية المتزايدة لتركيا بعد أن فقدت الليرة 20 في المئة من قيمتها أمام الدولار هذا العام ومواجهة المتمردين الأكراد في جنوب شرق تركيا والعراق وسوريا المجاورين.
ولكنه لم يضع في حسبانه محرم إنجه مرشح الرئاسة عن حزب الشعب الجمهوري العلماني والذي شحذ أداؤه القوي خلال الحملة الانتخابية همم المعارضة التركية المقسمة والتي تعاني منذ فترة طويلة من انحطاط معنوياتها.
وسبق للمغتربين أن أدلوا بأصواتهم في 123 بعثة تركية في 60 دولة، في الفترة بين 7 و19 يونيو/حزيران الجاري، وبلغ عدد المصوتين في البعثات والمعابر الحدودية مليوناً و486 ألفاً و532 ناخباً.
وسيكون التصويت متاحاً للمغتربين (المتأخرين) حتى الساعة 17:00 (14.00 بتوقيت غرينتش) من مساء الأحد، في المعابر الحدودية.
وغداً الأحد، يتوجّه الناخبون إلى الصناديق في عموم البلاد بين الساعة (08:00 و17:00) بالتوقيت المحلي، مع إمكانية اتخاذ إجراءات استثنائية في حال لم يكف الوقت في بعض المراكز المزدحمة.
ويُمنع اصطحاب أجهزة التسجيل أو الاتصال، مثل الهواتف الجوالة، وماكينات التصويت إلى مراكز الاقتراع، ويتم تسليمها للجنة الصناديق وتسلُّمها بعد الانتهاء من التصويت.
وفي عملية الاقتراع المرتقبة، يدلي الناخب بصوته في بطاقتين انتخابيتين، الأولى للرئاسة والثانية للبرلمان، ثم يضعهما داخل ظرف وبعدها في صندوق الاقتراع.
ومن المقرر أن يتم أولاً فرز وتسجيل البطاقات الانتخابية الخاصة بالانتخابات الرئاسية.
لماذا يهتم بها العرب؟
هذه الانتخابات رغم أنها شأن تركي خاص، إلا أنها تهم ملايين العرب داخل تركيا وخارجها، فالسياسة الخارجية التي انتهجها حزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، عقب اندلاع ثورات الربيع العربي، جعلت له حضوراً كبيراً في الدول العربية، إما إيجاباً، وهم من يرون أردوغان ورفاقه هم من ساندوا ثورات الشعوب، ومنهم من يرى أن سياسة تركيا هي سبب الفوضى في المنطقة.
وبعيداً عن الموجودين داخل الدول العربية، ففي تركيا يوجد نحو 4 ملايين عربي، جلهم من الجارة سوريا التي مزَّقتها الحرب الأهلية منذ 2011، ثم عدد لا بأس به من العراقيين واليمنيين والمصريين أيضاً، الذين فروا من الأوضاع المأسوية في بلادهم.
أيضاً المرشحون المنافسون للرئيس التركي، لديهم وجهة نظر مغايرة لأردوغان فيما يتعلق بالسوريين الموجودين في البلاد، إذ قال المرشح المنافس محرم إينجة، مرشح الحزب الجمهوري، إنه في حال فوزه سيُعد أكثر من 3 ملايين سوري إلى بلادهم.
محظورات
وبحسب الدستور التركي، يحظر بيع وتقديم وشرب المشروبات الكحولية، وحمل الأسلحة في المدن والبلدات والقرى، باستثناء القوى المكلفة بالحفاظ على الأمن والنظام العام، اعتباراً من الساعة السادسة (03:00 ت.غ) صباحاً وحتى منتصف الليل.
وتُغلق جميع أماكن الترفيه والتسلية العامة خلال ساعات التصويت، بما فيها المقاهي، وصالات الإنترنت، ويُسمح للمطاعم فقط بتقديم الطعام، وتُقام الأعراس بعد انتهاء التصويت في الساعة السادسة مساءً (15:00 بتوقيت غرينتش).
كما يحظر على وسائل الإعلام بكافة أشكالها بث أي خبر يتعلق بالانتخابات أو نتائجها حتى السادسة مساءً، ويسمح لها بين السادسة والتاسعة مساءً بث الأخبار والبيانات الصادرة فقط عن اللجنة العليا للانتخابات.
فيما تكون وسائل الإعلام حرة في بثِّها بعد الساعة التاسعة مساءً، على أن يكون للجنة الحق في رفع الحظر الإعلامي قبل هذه الساعة، في حال ارتأت ذلك ضرورياً.
مَن يخوض السباق الرئاسي؟
وبالعودة إلى الحديث عن الوضع التركي الداخلي، فمن يتنافس في هذه الانتخابات التي تعد الأشرس، وفي نفس الوقت الأهم في البلاد، منذ تأسيس الجمهورية على يد مصطفى كمال أتاتورك قبل 80 عاماً.
أردوغان بالطبع. ويظل هو القائد السياسي الأشهر في تركيا، غير أنَّه يواجه العديد من المعارضين المهمين، والذين أبلوا حتى الآن، على نحوٍ غير متوقع، بلاءً حسناً في الحملات الانتخابية، ومن ثَمَّ أصبح إقامة جولة الإعادة هي النتيجة الأكثر احتمالية.
هناك محرم إينجة، أستاذ الفيزياء الكاريزمي المُرشح عن حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة في تركيا.
هناك أيضاً ميرال أكشينار، المُلقَّبة بـ"أنثى الذئب". وتتزعم ميرال الحزب الجيد İYİ Parti، باتجاه قومي ليبرالي، وتتمتع بشعبية بين الشباب والطبقة العاملة في تركيا.
ويخوض السباق أيضاً تيميل كرم الله أوغلو، رئيس حزب السعادة الإسلامي، وقد برز كمنتقد رئيسي لأردوغان، برغم أنَّ حزبيهما يتشاركان الجذور الأيديولوجية ذاتها.
ويترشح كذلك للرئاسة من محبسه في مدينة أدرنة، صلاح الدين دميرتاش، وهو سياسي كاريزمي أُطلِق عليه سابقاً "أوباما الكردي"، ويترأس حزب الشعوب الديمقراطي اليساري الكردي. وينتظر دميرتاش المحاكمة في اتهاماتٍ بالإرهاب.
وما هي القوى المتنافسة على مقاعد الانتخابات؟
هناك تحالفان أساسيان يخوضان السباق البرلماني.
يضم الأول حزب التنمية والعدالة الحاكم الذي يتزعمه أردوغان، وهو متحالف مع القوميين.
وفي المقابل، هناك تحالف يضم 3 فئات:
العلمانيون من حزب الشعب الجمهوري.
المنشقون عن الحزب الجيد القومي الليبرالي العلماني.
وحزب السعادة الإسلامي.
ويضم هذا التحالف رفقاء يبدو وجودهم معاً غريباً في ظل نظامٍ سياسي اعتاد فيه الإسلاميون والعلمانيون أن يكونوا أعداء لدودين، لكن من هنا تنبع أهمية هذه الانتخابات؛ إذ تشهد اتحاد متنافسين سابقين تجمَّعوا معاً للإطاحة بالرئيس وحلفائه، ويخوض حزب الشعوب الديمقراطي السباق منفرداً.
كيف يتشكل البرلمان التركي بعد الانتخابات؟
وينص الدستور التركي على ضرورة حصول أي حزب على 10% من التصويت الشعبي للدخول إلى البرلمان، وهو قانون يحابي الأحزاب الكبيرة.
ويُتيح قانونٌ جديد تشكيل تحالفات انتخابية مثل المشار إليها أعلاه، ما سيسمح للأحزاب الصغيرة مثل حزب السعادة بالفوز ببعض المقاعد في البرلمان إذا تمكَّن تحالفه من تخطي عتبة الـ10% من أصوات الناخبين.
السيناريوهات المتوقعة
تظل هناك 5 سيناريوهات ممكنة، لن تخرج عنها الانتخابات المصيرية في تركيا.
أولاً: انتصار واضح لأردوغان
السيناريو الأول هو أن يفوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية من الدورة الأولى ويحتفظ حزب العدالة والتنمية بالغالبية في البرلمان، وهو ما يأمله أردوغان حين دعا، في منتصف أبريل/نيسان 2018، إلى انتخابات قبل عام ونصف العام من موعدها المقرر، ساعياً إلى مفاجأة المعارضة.
ولكن، إذا كان أردوغان قد بدا يومها واثقاً، فإن احتمال تحقُّق هذا السيناريو تراجَع إلى حد ما مع تراجع الوضع الاقتصادي والاندفاعة الجديدة للمعارضة.
ويرى محللون في "مركز التقدم الأميركي"، أن أردوغان "كان يتوقع تعزيز سلطته"، وخصوصاً بفضل مراجعة دستورية تُعزز سلطات الرئيس بشكل كبير، على أن تدخل بنودها الرئيسية حيز التنفيذ بعد الانتخابات، "لكنه لا يتمتع بدعم غالبية الناخبين الأتراك" بحسب المركز الأميركي.
ثانياً: دورة ثانية غير مؤكدة
السيناريو الثاني هو أن تنجح المعارضة في دفع أردوغان إلى خوض دورة ثانية في الانتخابات الرئاسية.
إذا كان أردوغان واثقاً بأنه سيحصد أكبر عدد من الأصوات، غداً فثمة احتمال بألا يفوز في الانتخابات الرئاسية من الدورة الأولى.
وقد تشكِّل المعارضة، وفي القلب منها المنافس الأبرز لأردوغان محرم إينجة، مرشح حزب الشعب الجمهوري المعارض، ثقلاً يؤدي في نهاية المطاف إلى دورة انتخابية ثانية.
ويعتبر محللون أن أردوغان يبقى المرشح الأوفر حظاً إذا سارت الأمور على هذا النحو.
ويرى كمال كيريسكي، من معهد بروكينغز، أنه إذا خسر حزب العدالة والتنمية غالبيته في الانتخابات التشريعية التي تجري على دورة واحدةٍ الأحد "فإن أردوغان سيخوض الدورة الثانية متسلحاً كالعادة بصورة الحاكم غير القابل للهزيمة، رغم ما لحق بها من تشوهات".
ثالثاً: نصف انتصار
السيناريو الثالث هو أن يفوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية، وأن يخسر حزب العدالة والتنمية هيمنته على البرلمان.
يقول آرون شتاين، من مجلس الأطلسي، إن "النتيجة الأكثر ترجيحاً اليوم هي انتصار لأردوغان وبرلمان يفتقر إلى لون واحد".
من شأن هذا السيناريو أن يُغرق تركيا في مرحلة شديدة الغموض، وأن يهز الثقة بالاقتصاد التركي، مع إمكان أن يؤدي إلى انتخابات جديدة.
والمفارقة أن حزب العدالة والتنمية قدَّم خدمة للمعارضة عبر تعديلات قام بها، وأتاحت لحزب الشعب الجمهوري أن يتحالف مع 3 أحزاب أخرى في الانتخابات التشريعية، ما قد يعزّز حضور المعارضة في البرلمان.
وثمة رهان آخر يتمثل في مدى قدرة حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للأكراد والمناهض لأردوغان، والذي يخوض المعركة وحيداً، على الحصول على سقف الـ10% من الأصوات الذي يؤهله لدخول البرلمان.
سبق أن خسر "العدالة والتنمية" الغالبية مرة واحدة في انتخابات يونيو/حزيران 2015 التشريعية. وسارع يومها أردوغان إلى الدعوة لانتخابات جديدة للتعويض، معلناً بوضوحٍ أنه لن يرضى بائتلافات.
ولكن، بموجب التعديل الدستوري، الذي أُقر في أبريل/نيسان 2017، فإن أردوغان سيكون مجبَراً نظرياً على وضع الانتخابات الرئاسية على المحك، عبر الدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة؛ لأن الاقتراعين ينبغي أن يجريا في الوقت نفسه.
رابعاً: انتهاء عصر أردوغان
السيناريو الرابع هو أن يفوز محرم إينجة بالانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية، وأن تسيطر المعارضة على البرلمان.
يبدو واضحاً أن إينجة هو الأوفر حظاً ليحل ثانياً بعد الرئيس المنتهية ولايته. وسيستفيد في الدورة الثانية من دعم حلفاء حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية، وربما من حزب الشعوب الديمقراطي.
ويقول مارك بيريني، من مركز كارنيغي أوروبا: "إذا حصل ذلك، فإن تغييراً سياسياً هائلاً سيحصل على الأرجح على جبهات عدة"، لافتاً خصوصاً إلى السياسات الاقتصادية والعلاقات مع الغرب.
خامساً: المجهول
السيناريو الخامس هو أن تفوز المعارضة في الانتخابات الرئاسية، ويحتفظ حزب العدالة والتنمية بسيطرته على البرلمان.
إنه على الأرجح، السيناريو الأكثر التباسا لكون حزب العدالة والتنمية لم يسبق أن اختبر تعايشاً سياسياً مع أحزاب أخرى، فضلاً عن أن الرئيس الجديد سيكون -على الأرجح- معادياً له بعدما هيمن على المشهد السياسي التركي منذ 2002.
ويعلق بيريني بأن "رئيساً علمانياً من صفوف المعارضة سيواجه غالبية إسلامية وقومية في البرلمان، ما سيؤدي إلى وضع ملتبس".
ويتنافس 6 مرشحين في الانتخابات الرئاسية، التي تجري الأحد 26 يونيو/حزيران 2018، في تركيا، وسيتمتّع الفائز بينهم بصلاحيات موسعة بموجب مراجعة دستورية، أُقرت عبر استفتاء في أبريل/نيسان 2017.
لكنَّ معظم مرشحي المعارضة أكدوا أنهم سيعودون عن هذه الإجراءات في حال فوزهم، وسيحافظون على النظام البرلماني الراهن.
لمعرفة ماذا قال المرشحون المنافسون في الانتخابات التركية يمكنك قراءة هذا الموضوع "السباق على الرئاسة بدا أقوى مما كان متوقعاً والمعارضة تحالفت في وجه الرئيس.. كل ما تود معرفته عن منافسي أردوغان".
كذلك إذا كنت تريد البحث عن فرص الحزب الحاكم في هذا الاقتراع يمكنك قراءة هذه المادة "الاعتقاد السائد في تركيا هو أن أردوغان سيحتاج لجولة ثانية وسيخسر أغلبية البرلمان، لكن مهلاً، لهذه الأسباب قد يحقق العدالة والتنمية المفاجأة"
أيضاً هذا الفيديو سوف يشرح كل ما تريد عن الانتخابات.
نعم مبكرة! وقبل عام ونصف من موعدها الأساسي، وهي الأهم في تاريخ #تركيا المعاصر.. لكن ما الأسباب التي دفعت #أردوغان للتبكير بالانتخابات؟
يبدو أن ما يفعله أردوغان يعطي فرصة لحزبه للمحاولة من جديد لكنه قد يضع تركيا في حالة من عدم اليقين #الانتخابات_التركية pic.twitter.com/eKF0UG09g6
— عربي بوست (@arabic_post) June 22, 2018