د.عبدالله الشايجي: الشرق الأوسط دخل مرحلة التقسيم.. والخليج بمنأى عن هذا المصير

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/30 الساعة 07:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/30 الساعة 07:42 بتوقيت غرينتش

أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور عبدالله الشايجي أن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على تغييرات جوهرية، فثمة دول تقسمت ودول باتت مقسمة فعلياً واخرى مرشحة لذلك، إلا أنه شدد على أن دول الخليج ستكون بمنأى عن هذا المصير.

وقال لـ"هافينغتون يوست عربي" إن دول الخليج بقيادة السعودية هي من يقود العالمين العربي والإسلامي، ولا يوجد في النظام العربي من هو مؤهل أو عنده القدرة أو الإرادة لفعل ذلك فمصر التي شغلت هذا الدور تراجعت وأصحبت منكفئة على الداخل.

وأشار إلى أن إسرائيل هي المستفيدة من كل ما يجري في الشرق الأوسط، فإضعاف الجميع هو هدف إسرائيلي، وما يحدث في سوريا التي باتت محرقة للجميع خير مثال على ذلك، مؤكداً أن بشار الأسد سيبقى إلى ما بعد رحيل الرئيس الأميركي باراك أوباما.

الشايجي الذي يعمل أستاذا زائراً بجامعة جورج واشنطن والحاصل على درجة الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة تكساس ناقش مع "عربي بوست" العديد من الملفات التي تتطرق إلى واقع دول الخليج ومستقبلها على ضوء تطورات الأحداث في المنطقة.. إلى تفاصيل الحوار:

الكويت مستهدفة

بداية أين تتوقع الكويت على خارطة اهتمامات داعش؟

تنظيم داعش بات واجهة للحركات الإرهابية في المنطقة والعالم بعد أن عبر الحدود، والكويت تشارك في التحالف الدولي الذي يستهدف محاربته، وخاصة أنها اكتوت بعملية إرهابية نفذها هذا التنظيم في الكويت وراح ضحيتها 26 شخصاً، في محاولة منه لزرع الفتنة، لكن هذا أمر غير مقبول في دولة مثل الكويت التي تنعم بالتعددية والتسامح بين الطوائف، ولهذا السبب وجدت الكويت نفسها في قلب العاصفة، وهذه الجرائم الداعشية حدثت قبل وبعد ذلك في السعودية واليمن وتونس ومن ثم انتقلت لدول غربية لتصبح شأناً عالمياً.

الكويت من بين الدول التي تمثل أولوية لداعش، وفي الأدبيات الداعشية على ألسنة مسؤولي التنظيم تم ذكر الكويت بالاسم، وبالتالي فهي مستهدفة وقد ترجم التنظيم ذلك من خلال العملية التي نفذها في الكويت (تفجير مسجد الصادق).

هل تعتقد أن الكويت مستعدة لمواجهة داعش؟

لا بد أن نشيد هنا بجهوزية السلطات الأمنية في الكويت في التعامل مع التهديدات الأمنية، والدليل نجاحها في اكتشاف خلية إرهابية كويتية تتعامل مع إيران وحزب الله وتفكيك خلايا إرهابية مرتبطة بداعش، ونجحت في تجنيب الكويت الكثير من العمليات الإرهابية بفضل ما لديها من قدرات وما وصلت إليه من معلومات.

رغم أن حادث مسجد الصادق كان أليماً إلا أنه كان هناك تماسك في الكويت، فقد زار أمير الكويت بعد دقائق من الحادث مسرح الحادث خلافاً لتوصية الفريق الأمني قائلاً عبارته الشهيرة (هذولا عيالي)، وهذه الزيارة بالطبع أطفأت ما كان يمكن أن يستخدم في النفخ في الفتنة الطائفية التي وئدت في وقتها وأسفرت العملية الإرهابية عن نتائج عكس تلك التي كانت يرغب بها تنظيم داعش.

لكن البعض يرى أن الكويت غير فاعلة في التحركات الإقليمية رغم أنها على خط المواجهة مع داعش

الكويت لديها فلسلفة وهي أنها يجب أن تكون نقطة الوسط التي من خلالها تلعب دوراً، فرأينا مثلاً الدور الكويتي المميز الذي لعبته في المصالحة بين قطر والدول الثلاث التي سحبت سفراءها من الدوحة، ومن يفسر هذه السياسة على أنها تراخ فإنه لا يفهم العقلية الكويتية القائمة على أن الكويت لا يجب أن تنحاز لطرف على حساب آخر.

الكويت مثلاً أخذت موقفاً وسطياً من إيران، وفي اليمن تشارك مشاركة محدودة لأنها تنظر لنفسها بأنها قد تلعب دور الوسيط في المستقبل، للأسف بعض الأطراف قد لا يقدر هذه الفلسفة ويرى أن الكويت لا تشارك بفعالية لكن هذا غير صحيح.

المشاركة الحذرة

وماذا عن موقع الكويت في التحالف الإسلامي الذي تقوده السعودية؟

الكويت جزء من هذا التحالف، لكن نوعية مشاركتها غير معروفة فهذا التحالف لا يزال قيد التشكيل، وكما قلت فالفلسفة الكويتية في مثل هذه الأمور تقوم على المشاركة ولكن بطريقة حذرة فقد يكون هناك مثلاً دعم كويتي مالي أو لوجستي أو استخبارتي، لكننا لن نجد قوات برية كويتية وما زال هذا الأمر غير واضح وتحت التشكل.

المميز في هذا التحالف أنه تحدث عن مواجهة الإرهاب في الدول الإسلامية أينما كان بأي تسمية وبأي مذهب، لأنه الآن ثمة تساؤل لماذا فقط الاستهداف للحركات المتطرفة السنية ولماذا إغفال الحركات الإرهابية غير السنية سواء الحوثية أو الشيعية المتمثلة في حزب الله في لبنان وسورية وعصائب الحق وجيش المهدي وكتائب أبو الفضل العباس والحشد الشعبي؟

لماذا يتم إقصاء جبهة النصرة وداعش من التفاوض بينما يجلس الحوثيون نداً لند مع وفد الحكومة اليمنية في جنيف رغم أن الحوثيين قاموا بعمل أسوأ من تلك الجماعات الإرهابية إذ نفذوا انقلاباً عسكرياً وصادروا الدولة بالتحالف مع علي عبدالله صالح ثم يعترف بهم وكأنهم لم يفعلوا شيئاً وهذا يثير الانتقادات الخطيرة.

ما تقوم به روسيا في سوريا يرقى لجرائم الحرب، فالروس يقتلون يومياً من 50 إلى 100 سوري ويدمرون منازلهم وقراهم دون تغيير في المعادلة، والقصف الجوي كما هو معروف ليس استراتيجياً فلن تكسب الحرب بطائرات إف 16 وسوخوي، ليست هذه استراتيجية لكسب الحرب وإنما لقتل الناس.

موقف موحد

ما النصيحة التي يمكن أن تقدّمها للكويت ودول الخليج؟

النقطة الأهم أن يكون هناك موقف خليجي جامع، للأسف مشكلتنا الأزلية أننا نتعامل مع الأحداث والأزمات دون موقف خليجي جامع وهذا يضعفنا سواء تجاه اليمن أو سورية أو داعش أو كيفية التعامل مع إيران، والسبب الرئيسي لكثير من الأزمات هو أننا لم ننجح في تكوين جبهة خليجية بالرغم من كل التهديدات وأننا كلنا مستهدفون سواء من المشروع الإيراني وتمدده واستخدام ورقة الطائفية أو من مشروع "داعش"، وبالتالي علينا أن نكون أكثر تماسكاً ونرتقي لخطورة التهديدات لأننا نحن في دول الخليج دون استثناء في قلب العاصفة (يمكن أن يكون بعضنا أكثر من الآخر)، وإذا لم نأخذ مواقف موحدة وننتقل بالفعل للاتحاد الخليجي خاصة في بعده الأمني والاستخباراتي والعسكري والاستراتيجي فإننا لن ننجح في التصدي للتهديدات في ظل التراجع الأميركي وتحالف أميركا مع إيران وعودة إيران بقوة وطموح وشرعية وأموال.

2016 ستكون سنة صعبة فسترفع فيها العقوبات عن إيران وسنرى إيران أكثر جرأة ومناورة، وسينخفض سعر نفطنا أكثر وبالتالي هذا يدخلنا في تحد يحتم علينا وجود موقف خليجي وأنا قدمت هذه النصيحة للمسؤولين وقمت بعمل دراسات في هذا الصدد لكن البيروقراطية تعمل بشكل بطيء ونحن بحاجة لتفكير استراتيجي خارج الصندوق، لم يعد ثمة طرف للتعامل بشكل غير فعال، دع عنك اسم الاتحاد الخليجي الذي قد يسبب حساسية لدى البعض لكن لا بد من مزيد من التعاون والتنسيق.

الأسد سيبقى!

هل يمكن أن نجد تقسيماً لدول خليجية في المستقبل؟

هذا مستبعد، الاستخبارات الغربية أقامت مؤتمراً هاماً جداً في نوفمبر الماضي وخرجت بنتيجة وهي أن الشرق الأوسط مقبل على تغييرات، وبدأ التغير بالفعل فثمة دول تقسمت ودول باتت مقسمة فعلياً وأخرى مرشحة لذلك، لكن أنا أعتقد أن دول الخليج في منأى عن هذا المصير رغم وجود دراسات تقول بأنه يمكن لدول خليجية أن تقسم لكن هذا بعيد المدى، فالخليج مهم أن يتم النأي به عن الحسابات غير المتوقعة وسيكون الهم الرئيسي هو محاربة الإرهاب والطائفية.

إسرائيل هي المستفيدة من كل ما يجري في الشرق الأوسط، وإضعاف الجميع هو هدف إسرائيل وما يحدث في سورية التي باتت محرقة للجميع خير مثال على ذلك، وأستطيع أن أؤكد لك أن بشار الأسد سيبقى إلى ما بعد رحيل الرئيس الأميركي باراك أوباما.

وماذا عن الخلافات الخليجية الخليجية؟

ليست استراتيجية ولكنها حول بعض الأمور البينية وليست من الأولويات وقد لعبت الكويت وعمان دوراً في إطفاء النيران، وثمة تنسيق جيد الآن بين قطر ودول الخليج الأخرى وتلعب الدوحة دوراً مهماً جداً في كل الأزمات، وكذلك الإمارات والدول التي سحبت سفراءها، وفي أي تحالف من الطبيعي أن تجد بعض التباينات.

تركوا إيران تستحوذ

وما الأخطاء التي ارتكبتها دول الخليج من وجهة نظرك؟

لقد فقدت دول مجلس التعاون الخليجي العراق واليمن، وتركوا العراق لإيران وأميركا ولم ينسقوا مع العشائر أو المكون السني لعمل توازن مع ما كانت تفعله إيران مع الشيعة الذين باتوا يهيمنون على النظام السياسي والعسكري والأمني في العراق، وباتت إيران منتدبة انتداباً كلياً في العراق وبغداد لا حول لها ولا قوة، وتخلى الطرف العربي عن العراق وترك الساحة لإيران، ونفس الشيء في اليمن والمبادرة الخليجية كان من المفترض ألا تبقي علي عبدالله صالح وأن تقصيه مثل زين العابدين بن علي، وكذلك ثمة تباينات خليجية في التعامل مع إيران ما بين صقور وحمائم وهذا غير صحي، فإيران هي مهبط الفرس وهي السبب فيما يجري في المنطقة وفي العراق وسورية ولو تعاملنا معها منذ البداية بموقف حازم ولم نسمح لها بأن تكون اللاعب الوحيد لكنا في وضع أفضل.

خريطة جديدة للمنطقة

هل نحن على أعتاب خريطة جديدة للمنطقة؟

الخريطة الجديدة التي قد تزعج المصريين والسوريين هي أن دول الخليج بقيادة السعودية هي من يقود العالمين العربي والإسلامي، ولا يوجد في النظام العربي من هو مؤهل أو عنده القدرة أو الإرادة لفعل ذلك فمصر متراجعة ومنكفئة على الداخل ونتمنى أن تستعيد دورها الريادي فغياب الدور المصري يحتم علينا بذل جهد أكبر لسد الفراغ، وسورية والعراق باتتا مصدراً لكثير من المشاكل.

ثمة حرب بادرة بين دول مجلس التعاون وإيران وأميركا وروسيا، والهيمنة الأميركية تتآكل والدوران الإيراني والروسي في صعود، ولهذا السبب سيكون العام المقبل صعباً وأنا غير متفائل في ظل سياسة المحاور ومحاولة ملء الفراغ، وقد يكون هناك تجميد لبعض المشاكل لا حلها.

علامات:
تحميل المزيد