وصف طبيب العيون اللبناني إلياس جرادة أوضاعاً مأساوية شهدتها مستشفيات عدة في أعقاب موجة التفجيرات التي ضربت أجهزة اتصال لاسلكي من نوعي "بيجر" و"آيكوم" في مناطق مختلفة في لبنان، بينما حمّلت بيروت وحزب الله إسرائيل المسؤولية عن الهجوم.
ونقل تقرير نشرته وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، الإثنين 23 سبتمبر/أيلول 2024، عن جرادة قوله في مستشفى في بيروت الأسبوع الماضي، وهو يغالب دموعه: "لا شك أن ما حدث كان مأساوياً للغاية، عندما ترى هذا العدد الهائل من الأشخاص المصابين بجروح في العين يصلون في نفس الوقت إلى المستشفى، ومعظمهم من الشباب والأطفال والشابات".
وأشار التقرير إلى أن جرادة لم يعد قادراً على إحصاء الكم الهائل من العمليات التي أجراها في مستشفيات متعددة، وكان يكتفي بساعتين فقط من النوم قبل أن يبدأ في إجراء العملية التالية. وقد نجح في إنقاذ بصر بعض المرضى، لكن العديد منهم لن يبصروا مرة أخرى.
وقد أسفرت موجة التفجيرات عن مقتل 37 شخصاً وإصابة أكثر من 3,250 آخرين بينهم أطفال ونساء.
وقال تقرير الوكالة الأمريكية إنه ورغم أن الانفجارات كانت مصممة فيما يبدو لاستهداف مقاتلين من حزب الله، فإن العديد من الضحايا كانوا من المدنيين. كما عانى العديد من المصابين في الهجوم من إصابات في أيديهم ووجوههم وأعينهم، لأن الأجهزة تلقت رسائل قبل انفجارها مباشرة، لذا فقد كانوا ينظرون إليها أثناء انفجارها.
ولم تذكر السلطات عدد الأشخاص الذين فقدوا أعينهم.
وقال جرادة إن معظم المرضى الذين عالجهم كانوا من الشباب الذين أصيبوا بأضرار بالغة في إحدى العينين أو كلتيهما. وأضاف أنه وجد شظايا بلاستيكية ومعدنية داخل عيون بعضهم.
ورغم أن جرادة قد شارك أيضاً في علاج الأشخاص الذين أصيبوا قبل أربع سنوات عندما هز انفجار قوي ميناء بيروت، مما أسفر عن مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة أكثر من 6,000 آخرين، إلا أن تجربته مع الجرحى بسبب انفجار أجهزة بيجر وأجهزة اللاسلكي كانت أكثر كثافة بسبب العدد الهائل من الأشخاص الذين يعانون من إصابات في العين.
وقال جرادة إن "احتواء الصدمة بعد انفجار مرفأ بيروت استغرق، كما أعتقد، 48 ساعة بينما لم نصل إلى مرحلة احتواء الصدمة بعد حتى الآن".
وأوضح جرادة كيف وجد صعوبة في الفصل بين عمله كطبيب ومشاعره في غرفة العمليات.
وقد حظي مقطع فيديو نشره جرادة قبل عدة أيام أيضاً بتفاعل كبير من متابعي موقع إكس، حيث عبر البعض منهم عن تعاطفه مع الطبيب اللبناني، فيما أشاد البعض الآخر بجهوده في معالجة المرضى والمصابين الذين تدفقوا إلى المستشفيات اللبنانية بعد موجة التفجيرات.
وقال أطباء العيون اللبنانيون المخضرمون الذين تعاملوا مع عواقب الحروب المتعددة والاضطرابات الأهلية والانفجارات، إنهم لم يشهدوا أوضاعاً مماثلة مثل هذه من قبل.
ونقل تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية عن الطبيبة اللبنانية دانيا الحلاق قولها إنه لم يكن لديها سوى القليل من الوقت لاستيعاب ما رأته من مئات الجرحى الذين كانت وجوه العديد منهم مشوهة إلى الحد الذي جعل من المستحيل التعرف عليها.
وقالت الحلاق: "آمل أن يكون كل هذا مجرد حلم سيئ".
وقال الدكتور بيير مارديلي، وهو طبيب عيون مخضرم شارك في علاج مرضى التفجيرات: "كان هذا الهجوم موجهاً إلى العيون حرفياً".
وقال مارديلي إنه اضطر لأول مرة في حياته المهنية التي امتدت لـ 27 عاماً إلى خياطة جروح العين دون تخدير بسبب اكتظاظ المستشفيات بأعداد كبيرة من المرضى.