شارك مئات التونسيين، الأحد 22 سبتمبر/أيلول 2024، في مسيرة احتجاجية رفضًا لتعديلات مقترحة على القانون الانتخابي تسمح بنقل الرقابة على الانتخابات من المحكمة الإدارية إلى محكمة الاستئناف، متهمين الرئيس التونسي قيس سعيد بتشديد القبضة الاستبدادية على الحكم.
ووسط حضور كثيف للشرطة، تجمع المحتجون بدعوة من منظمات المجتمع المدني وأحزاب سياسية في شارع الحبيب بورقيبة، وهو نقطة محورية في احتجاجات عام 2011 التي فجرت انتفاضات في أرجاء الشرق الأوسط آنذاك.
"لا لتوظيف القضاء"
وردد المحتجون شعارات من بينها "الشعب يريد إسقاط النظام" و"قوانين عبثية انتخابات مسرحية" و"ارحل"، و"لا لتوظيف القضاء"، ونددوا بما قالوا إنه تدخل في القضاء وتضييق على الحريات وغياب لمعايير النزاهة في الانتخابات.
ويقول الرئيس سعيد، إن المنظومة القضائية في بلاده مستقلة ولا يتدخل في عملها، بينما تتهمه المعارضة باستخدام القضاء لملاحقة المعارضين وشخصيات حاولت الترشح للرئاسة.
وتقدم 33 نائبًا برلمانيًا (من أصل 154) بتعديلات مقترحة للقانون الانتخابي تسمح بتكليف محكمة الاستئناف، بدلاً من المحكمة الإدارية حاليًا، بمهام مراقبة العملية الانتخابية والنظر في نزاعاتها وطعونها.
وقال النواب إن من بين أسباب اقتراح التعديلات "الخلاف بين المحكمة الإدارية والهيئة العليا المستقلة للانتخابات بعد رفض الأخيرة حكمًا للمحكمة الإدارية يقضي بإعادة 3 مرشحين للانتخابات الرئاسية".
وفي 2 سبتمبر/ أيلول الجاري، أعلنت هيئة الانتخابات أن القائمة النهائية للمرشحين تقتصر على 3 فقط (من أصل 17) هم: الرئيس سعيد، وأمين عام حركة "عازمون" العياشي زمال (معارض) وأمين عام حركة "الشعب" زهير المغزاوي (مؤيد لسعيد).
بينما رفضت الهيئة قبول 3 مترشحين بدعوى "عدم استكمال ملفاتهم"، رغم أن المحكمة الإدارية قضت بإعادتهم إلى السباق الرئاسي.
وهؤلاء الثلاثة هم أمين عام حزب العمل والإنجاز عبد اللطيف المكي (معارض)، والمنذر الزنايدي، وزير سابق في عهد الرئيس الراحل زين العابدين بن علي (معارض)، وعماد الدايمي، مدير ديوان الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي (معارض).
وفي أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت جبهة الخلاص الوطني، أكبر ائتلاف للمعارضة في البلاد، اعتزامها عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية؛ بداعي "غياب شروط التنافس".
بينما تقول السلطات إن الانتخابات تتوفر لها ظروف النزاهة والشفافية والتنافس العادل.
وتشهد تونس أزمة واستقطابًا سياسيًا حادًا منذ أن بدأ سعيد، في 25 يوليو/ تموز 2021، فرض إجراءات استثنائية تضمنت حلّ مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتعتبر قوى تونسية هذه الإجراءات "انقلابًا على دستور الثورة (دستور 2014) وتكريسًا لحكم فردي مطلق"، بينما تراها قوى أخرى مؤيدة لسعيد "تصحيحًا لمسار ثورة 2011″**، التي أطاحت بالرئيس بن علي (1987ـ 2011).