أعلنت الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب، الإثنين 16 أغسطس/آب 2024، حالة "القوة القاهرة" على قطاع النفط بالكامل وتوقف الإنتاج والتصدير، بسبب خلافات حادة حول إدارة البنك المركزي في البلاد.
جاء ذلك في بيان مصور تلاه رئيس الحكومة أسامة حماد، ردًا على "اقتحام" لجنة "تسليم واستلام " مكلفة من المجلس الرئاسي لمقر البنك المركزي في طرابلس، لتمكين إدارة جديدة للبنك بدلاً عن المحافظ الصديق الكبير.
توترات بعد عزل المحافظ المركزي
يأتي هذا على وقع توترات تعيشها ليبيا على خلفية أزمة إصدار المجلس الرئاسي، قرارًا بعزل محافظ المركزي الصديق الكبير (رفض التسليم)، وتعيين محمد الشكري، وهو إجراء رفضه مجلسا النواب والدولة لصدوره "من جهة غير مختصة".
وفي بيانه، قال حماد إن "مقر البنك المركزي وموظفيه تعرضوا لاعتداءات متكررة من قبل مجموعة خارجة عن القانون، وبتحريض من المجلس الرئاسي منتحل الصفة، والذي يستهدف السيطرة غير القانونية على أهم مؤسسة مالية في البلاد".
وأضاف: "المجلس الرئاسي ضرب بعرض الحائط جميع القرارات الصادرة عن مجلسا النواب والدولة وجميع التشريعات المالية في الدولة، وتجاهل ما صدر عن القضاء من إيقاف لقراراته المعيبة لانعدامها".
كما أوضح حماد أن "محاولات اقتحام المصرف المركزي بالقوة، نتج عنها إيقاف جميع المعاملات المالية للدولة بالكامل، وأدت إلى الضرر بالمواطنين وعرضت الاقتصاد الوطني للانهيار" وزاد: "وبناءً على كل ذلك.. أعلن حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ والمؤسسات النفطية وإيقاف إنتاج وتصدير النفط إلى حين إشعار آخر".
ويُشار إلى أن "القوة القاهرة" هي إجراء يعفي طرفي التعاقد من أي التزامات قانونية أو مالية تترتب على عدم الوفاء بالتعاقدات النفطية الدولية بسبب حدوث ظروف طارئة خارجة عن إرادة الطرف المُصدر.
فيما أكد حماد أن قرار حكومته يأتي "انطلاقًا من واقع المسؤولية القانونية والاجتماعية في حفظ المال العام، والحفاظ على أموال الليبيين واحتياطياتهم لدى مصرف ليبيا المركزي، وما سيتم تحصيله من إيرادات النفط".
كما أن القرار يأتي -وفق حماد- "استجابة لطلب الجماهير في مختلف أنحاء البلاد، التي طالبت بوقف التغول الحاصل ضد مصدر قوت الليبيين ومصدر دخلهم وما صدر عن لسان رئيس مجلس النواب".
أزمة سياسية في ليبيا
وحاليًا توجد في ليبيا حكومتان وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، ومقرها العاصمة طرابلس، التي تدير منها كامل غرب البلاد، والثانية حكومة أسامة حماد كلفها مجلس النواب قبل ثلاثة أعوام ومقرها بنغازي وتدير كامل شرق البلاد ومدن بالجنوب.
ذلك الوضع، خلق أزمة سياسية يأمل الليبيين حلها عبر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية وسط جدل حول قوانينها والجهة التنفيذية التي ستُشرف عليها.
وتصب جميع إيرادات بيع النفط في حسابات خاصة لدى مصرف ليبيا المركزي في طرابلس، وهو ما شكل محور الخلاف اليوم وأدى لإعلان إغلاق حقول النفط.
ومنذ وقت صدور قرار الرئاسي المتعلق بالبنك المركزي، في الشهر الجاري، تصاعدت الأزمة إلى أن وصلت لحد تحشيد كتائب مسلحة الخميس الماضي موالية للرئاسي لاقتحام البنك المركزي في ظل وجود كتائب أخرى تحمي المكان وهي مناصرة للمحافظ الصديق الكبير.
والجمعة، تم التوصل إلى اتفاق بانسحاب جميع الكتائب المسلحة، واستلام وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية تأمين جميع المقرات الحكومية، ومن بينها أيضًا مقر البنك المركزي، وهو ما تم فعلاً السبت.
وفي وقت سابق، تداول نشطاء صورًا للجنة التسليم والاستلام المكلفة من الرئاسي، برئاسة وزير المواصلات بحكومة الوحدة محمد الشهوبي أمام مقر البنك المركزي.
كما نقل نشطاء وكذلك وسائل إعلام ليبية، أن الحراس الداخليين للبنك رفضوا فتح أبواب المصرف، وذلك قبل أن يتم اقتحام المكان، الأحد، ودخول اللجنة التي أصدرت من داخل مقر البنك بيانًا اليوم، قالت فيه إن مجلس الإدارة الجديد سيباشر مهامه، وذلك وسط اختفاء المحافظ الصديق الكبير واعتقال خمسة من الموظفين.
مجلس الإدارة الجديد، باشر بالفعل أعماله وعقد أول اجتماع له اليوم، وفق بيان له قال فيه إنه "يؤكد استلام مهامه بالمصرف بشكل كامل".
وأكد أيضًا التزامه "بجميع الإجراءات المطلوبة لضمان عملية انتقال سلسة.. وتجاوز كافة محاولات التشويش المفتعلة من الإدارة السابقة"، متعهدًا "بمعالجة كل آثار الأزمات المفتعلة" وفق قوله.