طالب مسؤولون هنود نظرائهم الأمريكيين بوقف الضغوط على الشيخة حسينة، رئيسة وزراء بنغلاديش السابقة، قبل عام من الاطاحة بها في انتفاضة طلابية الأسبوع الماضي، بحسب ما ذكرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، الجمعة 16 أغسطس/آب 2024.
وكان الدبلوماسيون الأمريكيون قد انتقدوا علناً حسينة البالغة من العمر 76 عاماً لسجنها آلافاً من منافسيها ومنتقديها قبل الانتخابات التي أجريت في يناير/كانون الثاني الماضي.
كما فرضت إدارة بايدن عقوبات على وحدة شرطة بنغلاديشية تحت قيادة حسينة متهمة بارتكاب عمليات اختطاف وقتل خارج نطاق القضاء، وهددت بفرض قيود على تأشيرات الدخول على البنغلاديشيين الذين يقوضون الديمقراطية أو يرتكبون انتهاكات لحقوق الإنسان.
ولكن في سلسلة من الاجتماعات، طالب المسؤولون الهنود الولايات المتحدة بتخفيف حدة خطابها المؤيد للديمقراطية. وزعم المسؤولون الهنود آنذاك أنه إذا سُمح للمعارضة بالوصول إلى السلطة في انتخابات علنية، فإن بنغلاديش سوف تصبح أرضاً خصبة للجماعات الإسلامية التي تشكل تهديداً للأمن القومي الهندي، وفق ما ذكرته واشنطن بوست.
ونقلت واشنطن بوست عن مستشار حكومي هندي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لمناقشة المحادثات الخاصة، قوله: "لقد أجرينا الكثير من المحادثات مع الأمريكيين حيث قلنا لهم: "هذا مصدر قلق أساسي بالنسبة لنا، ولا يمكنكم اعتبارنا شريكاً استراتيجياً ما لم يكن لدينا نوع من الإجماع الاستراتيجي".
وأفادت الصحيفة الأمريكية أن إدارة بايدن في نهاية المطاف خففت من انتقاداتها بشكل كبير وتجاهلت التهديدات بفرض المزيد من العقوبات على حكومة حسينة، مما خيب آمال الكثيرين في بنغلاديش. ويقول المسؤولون الأمريكيون إن القرار كان مدروساً ولم يكن له علاقة كبيرة بالضغوط الهندية.
وأشارت واشنطن بوست إلى أنه في الأشهر التي سبقت انتخابات يناير/كانون الثاني، ظهرت انقسامات داخل الحكومة الأمريكية حول كيفية التعامل مع بنغلاديش. وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن البعض في وزارة الخارجية، بما في ذلك السفير الأمريكي لدى بنغلاديش آنذاك بيتر هاس ومسؤولون آخرون في السفارة، طالبوا باتخاذ موقف أكثر صرامة ضد حسينة، خاصة وأن الرئيس بايدن خاض حملته الانتخابية على أساس سياسة خارجية تقوم على استعادة الديمقراطية.
ورأى مسؤولون أمريكيون آخرون أنه لا توجد فائدة تذكر من مزيد من عزلة حسينة والمخاطرة بسلامة الدبلوماسيين الأمريكيين.
كما نظر بعض مسؤولي البيت الأبيض في الجانب السلبي من إثارة العداء للهند، التي وجهت سلسلة من المناشدات إلى الولايات المتحدة لتخفيف ضغوطها على حسينة، بما في ذلك عندما التقى وزير الخارجية الهندي س. جايشانكار ووزير الدفاع راجنات سينغ مع وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن في نوفمبر/تشرين الثاني في نيودلهي، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.
وقال أحد هؤلاء الأشخاص إن مستشار الأمن القومي الهندي أجيت دوفال لعب أيضًا دوراً رئيسياً في عرض القضية الهندية خلال زيارة إلى واشنطن في ذلك الخريف.
فيما نفى المسؤولون الأمريكيون بشدة وصفهم بأنهم تأثروا بضغوط هندية. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية إن بلينكن قاد جهودًا للحد من العنف وتشجيع إجراء انتخابات حرة ونزيهة في الفترة التي سبقت الانتخابات في يناير/كانون الثاني الماضي، بحسب واشنطن بوست.
وأوضحت واشنطن بوست أنه بعيداً عن ممارسة الضغوط على الولايات المتحدة، فقد حذرت الهند في الوقت نفسه حكومات غربية أخرى من مخاطر عودة الحزب الوطني البنغلاديشي المعارض إلى السلطة.
وقال مسؤولون هنود إن لديهم أسباباً تدفعهم إلى الشعور بالغضب من المعارضة البنغلاديشية. ففي أثناء حكم الحزب الوطني البنغلاديشي، منافس حسينة، في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قام المسلحون بتهريب الأسلحة لمهاجمة شمال شرق الهند وتدربوا في معسكرات داخل بنغلاديش بمساعدة الاستخبارات الباكستانية، بحسب مسؤولين هنود وأمريكيين.
وكانت حسينة قد أعلنت استقالتها من منصبها بداية الشهر الجاري وغادرت إلى الهند، بينما اقتحم متظاهرون مقرها الرئيسي في دكا وسط احتجاجات عارمة مناهضة لحكومتها. وبدأت الاحتجاجات الطلابية في بنغلاديش الأول من يوليو/تموز الماضي٬ بسبب نظام الحصص في الوظائف العامة٬ قبل أن تتحول الاحتجاجات إلى اشتباكات مع قوات الأمن التي ردت بعنف على المتظاهرين، مما خلَّف مئات القتلى والجرحى.