نقلت صحيفة "واشنطن بوست"، الإثنين 29 يوليو/تموز 2024، عن أطباء وشهود عيان، أن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال يتعرضون لانتهاكات مميتة.
الصحيفة الأمريكية، روت حدث وفاة 3 أسرى فلسطينيين، أحدهم بسبب تمزق في الطحال وكسر بالأضلاع، بعد تعرضه للضرب المبرح من قبل حراس السجن.
أما السجناء الآخرون فقد توفوا بسبب إهمال سلطات السجون الإسرائيلية.
وتحدثت الصحيفة إلى سجناء ومحامين فلسطينيين سابقين واطلعت على تقارير التشريح، التي كشفت عن العنف المستشري والحرمان في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ونقلت الصحيفة عن شهود عيان تفاصيل وفاة 3 سجناء، وأكدها أطباء من منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل" الذين حضروا عمليات تشريح الجثث، والتي تم مشاركة نتائجها مع العائلات.
وكان الأسرى الثلاثة من بين 12 فلسطينيًا على الأقل من الضفة الغربية لقوا حتفهم في السجون الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفقًا لمنظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل".
إلى ذلك، توفي عدد غير معروف من السجناء الذين اعتقلهم الاحتلال الإسرائيلي خلال حربه على غزة.
تقول جماعات حقوق الإنسان إن الأوضاع في السجون الإسرائيلية المكتظة تدهورت بشكل خطير منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
فيما وصف السجناء الفلسطينيون السابقون الضرب الروتيني، الذي كان يتم في كثير من الأحيان على زنازين أو أقسام بأكملها، عادة بالهراوات وأحيانًا بالكلاب، وقالوا إنهم حرموا من الطعام الكافي والرعاية الطبية وتعرضوا للإساءة النفسية والجسدية.
الصحيفة الأمريكية، تحدثت إلى 11 سجينًا سابقًا، وعدد من المحامين، وفحصت سجلات المحكمة واستعرضت تقارير التشريح، التي كشفت عن العنف والحرمان المتفشي، والذي كان مميتًا في بعض الأحيان بالسجون الإسرائيلية.
في حين ركز الاهتمام والإدانة الدولية على محنة المعتقلين في غزة – وخاصة في موقع سدي تيمان العسكري سيئ السمعة – يقول المدافعون عن حقوق الإنسان إن هناك أزمة أعمق وأكثر منهجية في النظام الجزائي الإسرائيلي.
وتقول جيسيكا مونتيل، المديرة التنفيذية لمنظمة "هموكيد" الإسرائيلية لحقوق الإنسان، والتي تعمل منذ سنوات مع السجناء الفلسطينيين: "العنف منتشر في كل مكان، إنه مكتظ للغاية، لقد فقد كل سجين التقينا به 13.61 كغ من وزنه".
رئيس الشاباك يحذر وبن غفير يتفاخر
في 26 يونيو/حزيران الماضي، حذر رئيس الشاباك الإسرائيلي رونين بار، في رسالة إلى سلطات السجون، من أن الظروف فيها قد تؤدي إلى المزيد من الإجراءات القانونية الدولية.
وقالت رسالة رئيس الشاباك، إن نظام السجون الذي بُني لاستيعاب 14,500 سجين كان يضم 21 ألف سجين، وهذا لا يشمل ما يقدر بنحو 2,500 معتقل من غزة، معظمهم محتجزون في منشآت عسكرية.
وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يشرف على مصلحة السجون، لم يبد أي اعتذار عن "حربه" على المعتقلين الفلسطينيين، ففي منشور على منصة (إكس)، تفاخر بأنه نجح في "تقليص" وقت الاستحمام بشكل كبير، وأدخل "قائمة طعام بسيطة" للأسرى الفلسطينيين، معتبرًا أن حل معضلة الاكتظاظ هو تطبيق عقوبة الإعدام.
ضرب مبرح وانتهاكات مميتة
بالنسبة للأسير الشهيد عبد الرحمن البحش (23 عامًا)، أصبح اعتقاله بالسجن بمثابة حكم بالإعدام، وربط اثنان من رفقائه بسجن مجدو بين مقتله والضرب المبرح الذي تعرض له من حراس السجن في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وقال سجين يبلغ من العمر 28 عامًا كان محتجزًا في نفس القسم، إن الضباط داهموا جميع الزنازين في الجناح وقيدوا السجناء بالأصفاد قبل أن يضربوهم، مشيرًا إلى أن حالات ضرب مماثلة كانت تحدث مرتين في الأسبوع أثناء احتجازه.
كما أضاف أن حراس السجن هاجموهم "بطريقة جنونية"، باستخدام "الهروات والركل في جميع أنحاء أجسادنا".
وقال إنه بعد الضرب، تم نقل البحش وآخرين إلى غرف العزل التي أطلق عليها اسم "تورا بورا"، نسبة إلى شبكة كهوف القاعدة بأفغانستان.
وتابع بأن "ضجيج الصراخ انتشر في كل أنحاء القسم"، وعاد البحش مصابًا بكدمات عميقة، واشتكى من احتمال كسر ضلوعه، وعندما طلب المساعدة الطبية، قال زميله في السجن إنه أُعيد ومعه مسكن بسيط للألم، لكنه توفي بعد ثلاثة أسابيع في يناير/كانون الثاني الماضي.
بحسب الصحيفة، فإن تشريح جثة البحش كشف عن "علامات إصابة رضية في الصدر الأيمن والبطين الأيسر"، مما تسبب في كسور متعددة في الأضلاع وإصابة في الطحال، وقد تم حجب نتائج التشريح وجثته عن عائلته.
وكان تشريح جثة البحش أحد خمس عمليات تشريح تمكن أطباء من معهد أطباء حقوق الإنسان الدولي من حضورها نيابة عن عائلات السجناء بعد التقدم بطلب للحصول على إذن من المحاكم.
وقد توفي الشاب عبد الرحمن المعري (33 عامًا) في سجن مجدو، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وقد وجد تقرير طبيب من معهد البحوث الصحية، بعد تشريح جثته، كدمات على الصدر من الجانب الأيسر، مع كسر الأضلاع، بالإضافة لكدمات على الظهر والأرداف والذراع اليسرى والفخذ والجانب الأيمن من الرأس والرقبة.
بحسب أحد رفاقه بالسجن، فقد تعرض المعري للركل من درج معدني وهو مقيد بالأصفاد، عقابًا له على اعتراضه تفتيش الغرفة وتجريد السجناء من ملابسهم وهم يضربون.
وتم نقله إلى الزنزانة، وقد كان ينزف من رأسه، وسمعت صرخاته في الزنازين الأخرى، قبل إخراجه كجثة هامدة من المكان.
تشير التقارير إلى حرمان السجناء من تقديم العلاج لهم، ووفقًا لطبيبة من منظمة "أطباء من أجل حقوق الإنسان في إسرائيل" التي حضرت تشريح جثة محمد الصبار (21 عامًا)، فإنه كان من الممكن تجنب وفاته في 28 فبراير/شباط الماضي.
وفقًا لمنظمة الضمير، وهي منظمة فلسطينية معنية بحقوق السجناء، فإن عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية في مايو/أيار الماضي، بلغ رقمًا قياسيًا بنحو 9,700 سجين.
ولا تشمل هذه الأعداد السجناء من غزة؛ حيث لم تكشف السلطات الإسرائيلية عن عدد المعتقلين أو مكان احتجازهم.
قال بعض السجناء، إن الأغطية كانت تُنزع عن نوافذ الزنازين في الشتاء لتعريضهم للبرد، كما كان حراس السجون يتعمدون وضع "النشيد الوطني الإسرائيلي" بصوت مرتفع، وكانت الأضواء تُترك مضاءة في الليل لإزعاجهم أثناء نومهم.
وتعرض أحد السجناء الفلسطينيين للضرب أمام القاضي أثناء انضمامه إلى جلسة استماع عبر رابط فيديو في نوفمبر/تشرين الثاني، وذلك وفقًا لمحاميه وسجلات المحكمة التي اطلعت عليها صحيفة واشنطن بوست.
ويروي السجناء السابقون أن العنف والإهمال الطبي كانا مصحوبين بمنع الطعام. وقال كل منهم إنه فقد قدرًا كبيرًا من وزنه في السجن، حيث خسر ما بين 13.61 و22.68 كغ، فيما قال أحد السجناء المفرج عنهم بأن المعتقل الذي كان فيه "غوانتانامو".