تسببت فقرة في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية التي تستضيفها العاصمة الفرنسية باريس 2024، عرضت محاكاة ساخرة للوحة "العشاء الأخير"، للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي، حالة واسعة من الجدل والغضب في فرنسا وخارجها، ما دفع اللجنة الأولمبية الدولية للاعتذار.
وفي الفقرة ظهر مشهد لرجل يرتدي ملابس نسائية ويضع مساحيق تجميل ضمن محاكاة ساخرة للوحة "العشاء الأخير"، التي يشير البعض إلى أنها تُصوّر النبي عيسى (عليه السلام) وبعض أتباعه وحوارييه، وفق معتقد المسيحيين.
وعقب بث المقطع على القنوات الناقلة للحدث الرياضي الجمعة 26 يوليو/تموز 2024، اشتعلت منصات التواصل غضبًا وجدلاً في فرنسا والعالم، لا سيما بين المسيحيين.
وشجب المحافظون الدينيون من جميع أنحاء العالم هذه الفقرة، واستنكر مؤتمر أساقفة الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية "مشاهد السخرية" التي قالوا إنها تسخر من المسيحية، وهو شعور رددته المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا.
"مسيئا للمسيحية"
كما أعرب رئيس حزب "فرنسا الأبية" جان لوك ميلينشون، عن استيائه من عرض "دراغ كوين" (رجل يرتدي ملابس نسائية ويضع مكياجًا) خلال حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024، والذي تضمن تجسيد لوحة "العشاء الأخير" التي تتناول تصويرًا للنبي عيسى (عليه السلام)، مبينًا أن العرض كان استهزاء بالمسيحية.
وقال ميلينشون: "لم تعجبني السخرية من "العشاء الأخير" المسيحي، وليست هناك حاجة إلى "المخاطرة بالإساءة إلى المعتقدات الدينية".
من جهته، انتقد رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، الأحد، الغرب في أعقاب إعادة تجسيد لوحة "العشاء الأخير" لليوناردو دافنشي خلال حفل افتتاح الأولمبياد في العاصمة الفرنسية باريس، قائلاً "لا توجد أخلاق" في العالم الغربي.
وأضاف أوربان، في خطاب، أن افتتاح حفل الأولمبياد يظهر "عدم وجود أخلاق في الغرب"، موضحا:" لا توجد أخلاق، إذا شاهدت افتتاح الأولمبياد أمس، ترى ذلك جليًا".
في الأثناء، أعرب عدد من أساقفة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالمهجر عن استيائهم من التصوير الأخير لـ العشاء الأخير خلال حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024.
وقال أساقفة الكنيسة عبر بيانهم إن هذا التصوير، الذي تضمن محاكاة ساخرة قادها مؤدون باللباس النسائي، قد أساء بعمق لـ المسيحيين في جميع أنحاء العالم.
وتابع قائلًا: "كان العشاء الأخير لحظة مقدسة في حياة ربنا يسوع المسيح، حيث جسد فيها تضحيته المطلقة وحبه للبشرية. رؤية هذا المشهد يتم السخرية منه بهذه الطريقة العامة وغير المحترمة ليس فقط محبطًا بل يقوض أيضًا روح الوحدة والشمولية والتضامن والاحترام التي تهدف إليها الأولمبياد إلى تعزيزها."
في السياق، أعربت الطائفة الأنجليكانية في مصر عن "أسفها العميق" الأحد، قائلة إن الحفل قد يتسبب في فقدان اللجنة الأولمبية الدولية "هويتها الرياضية المميزة ورسالتها الإنسانية".
الأزهر يدين
من جانبه، أدان الأزهر الشريف، مشاهد "الإساءة للمسيح" في افتتاح دورة الألعاب الأولمبية بباريس معتبرًا المساس به أو بأي نبي "تطرف وهمجية طائشة".
وفي بيان له، حذر الأزهر من خطورة استغلال المناسبات العالمية "لتطبيع الإساءة للدين وترويج الشذوذ والتحول الجنسي".
وزاد بأن "هذا التيار المنحرف يستهدف إقصاء الدين، وتأليه الشهوات الجنسية الهابطة التي تنشر الأمراض الصحية والأخلاقية، وتفرض نمطًا إذ يعد حيوانية تنافي الفطرة الإنسانية السليمة، وتستميت في تطبيعِه وفرضه على المجتمعات بكل السبل والوسائل".
انحدار أخلاقي
كما أدان أدان الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024 الذي شهد إساءة واضحة للأنبياء وخصوصاً لسيدنا المسيح وحواريه.
وعبر الاتحاد خلال بيان له عبر موقعه الرسمي عن استيائه الشديد من حفل افتتاح أولمبياد باريس 2024، الذي شهد إهانة صارخة للأديان، وإساءة بالغة لأنبياء الله عليهم السلام، وبخاصة سيدنا المسيح، وحوارييه.
وانتقد الاتحاد هذه الإساءة الحاصلة قائلا: "إن ما حدث في هذا الحفل يمثل انحداراً أخلاقياً غير مسبوق، وتعدياً سافراً على القيم الروحية والمبادئ الإنسانية، بل هو تعدٍّ على مشاعر جميع المؤمنين بالله تعالى ورسله، وإهانة لأعمق قناعاتهم، ويمثل انتهاكاً صارخاً لما يجب أن تكون عليه الرياضة من روح وحدة وتفاهم".
إلى ذلك، اعتذر منظمو دورة الألعاب الأولمبية في باريس، الأحد، لأي شخص شعر بالإهانة من العرض الفني الذي استحضر لوحة "العشاء الأخير" لليوناردو دافنشي خلال حفل الافتتاح.
وتستمر فعاليات أولمبياد باريس حتى 11 أغسطس/ آب المقبل، وحظيت بحفل افتتاح غير مسبوق خارج الملعب، وتحديدًا على ضفاف نهر السين شمالي فرنسا.