حالة من الغضب تسود بين المغاربة في الواقع وعلى منصات التواصل الاجتماعي بسبب ما أقدم عليه عميد كلية العلوم ابن مسيك في مدينة الدار البيضاء، عندما رفض تكريم طالبة مغربية متفوقة خلال حفل توزيع الجوائز، بسبب ارتدائها الكوفية الفلسطينية.
ما وقع وثقه مقطع فيديو انتشر بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، الأحد 14 يوليو/تموز 2024، فيما كشفت وسائل إعلام مغربية أن الواقعة حدثت السبت 13 يوليو/تموز 2024، خلال الاحتفال بالطلبة المتفوقين بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بالدار البيضاء.
موقف المسؤول الجامعي المغربي جر عليه انتقادات حادة من قبل مواطنين وسياسيين مغاربة، عبروا عن إدانتهم لهذا التصرف الذي وصفه بعضهم بـ"الجبان"، وأعادوا نشر صور أساتذة جامعيين مغاربة يرتدون الكوفية والعلم الفلسطينيين.
مقطع فيديو يكشف ما حدث
فجأة تحول عميد كلية العلوم ابن مسيك التابعة لجامعة الحسن الثاني بمدينة الدار البيضاء، الأحد 14 يوليو/تموز 2024، إلى "ترند" على مواقع التواصل الاجتماعي، بعد التصرف الذي أقدم عليه خلال حفل تتويج الطلبة المتفوقين بالمدرسة العليا للتكنولوجيا.
ففي مشهد أثار غضباً كبيراً بين المغاربة وجر عليه انتقادات كثيرة، رفض المسؤول الجامعي تكريم طالبة متفوقة خلال حفل توزيع الجوائز، وذلك بدعوى أنها "تعبر عن موقف سياسي بارتدائها الكوفية الفلسطينية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني"، وفق ما وثقه مقطع فيديو للحادث.
وعبّر الحاضرون، من أساتذة وموظفين وطلبة ومدعوين، عن رفضهم الشديد لسلوك العميد، معتبرين تصرفه غير مسؤول ويتعارض مع الموقف المغربي الداعم للقضية الفلسطينية، وهو ما اضطر العميد إلى مغادرة حفل توزيع الجوائز.
🎥- عميد كلية العلوم في الدار البيضاء بالمغرب يرفض تكريم طالبة متفوقة بسبب ارتدائها الكوفية الفلسطينية pic.twitter.com/YkgnNGAQI3
— عربي بوست (@arabic_post) July 15, 2024
من جهته، أصدر مكتب الفرع المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي بيانًا عبّر فيه عن "استنكاره الشديد للسلوك الأرعن لعميد كلية العلوم ابن مسيك"، معلنا تضامنه اللامشروط مع الطالبة المتفوقة التي تعرضت للاستفزاز من قبل العميد.
وشدد البيان الذي صدر الأحد 14 يوليو/تموز 2024، على أن حمل الكوفية الفلسطينية يُعتبر مفخرة للطالبة ولذويها تنضاف إلى تفوقها الدراسي، داعيا إلى "اتخاذ موقف حازم تجاه هذا السلوك الشاذ من قبل عميد كلية العلوم".
وأوضح الأساتذة أن عميد كلية العلوم ابن مسيك، بصفته ضيف شرف، تقدم لتسليم جائزة لطالبة متفوقة، فلما تبين له أنها تحمل الكوفية، رفض تسليم الجائزة وقال للطالبة "أنها تمارس السياسة"، فانتفضت القاعة ضد تصرف هذا التصرف، وانسحب العميد من الحفل.
انتقاد عميد كلية العلوم ابن مسيك
ووصف الأساتذة ما قام به عميد كلية العلوم ابن مسيك بالتصرف "غير المسؤول" داخل فضاء أكاديمي الذي يقولون إنه يفترض أن تسود فيه حرية التعبير عن الرأي".
كما أشاروا إلى أن ما وقع خلف استياء عميقا لدى الأساتذة الباحثين وموظفي المؤسسة وآباء وأولياء الطلبة والطلبة أنفسهم، خاصة وأنه يأتي في ظرفية دقيقة وحساسة، جراء ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم الإبادة الجماعية وأبشع وسائل التنكيل والتعذيب والتقتيل.
وأمام هذا التصرف "الشاذ والأرعن"، عبر مكتب الفرع المحلي للنقابة الوطنية للتعليم العالي والبحث العلمي بالمدرسة العليا للتكنولوجيا عن استنكاره الشديد لذلك السلوك "الذي يتعارض مع الموقف الرسمي للبلاد إزاء القضية الفلسطينية ومع نبض المجتمع المغربي".
حسب بيان الأساتذة فإن سلوك العميد يعتبر "قمعا لحرية التعبير، متضامنين مع الطالبة المتفوقة بفوزها، وأكدوا أن حمل الكوفية الفلسطينية "عربون إضافي عن نجاحها ووعيها ويقظتها".
بدوره استنكر مكتب الطلاب بالمدرسة العليا للتكنولوجيا، ما وقع يوم السبت 13 يوليو/تموز بالمدرسة العليا للتكنولوجيا، حيث "شهدنا موقفًا مؤسفًا وغير مقبول من عميد كلية العلوم ابن مسيك، الذي رفض تسليم الجائزة لطالبة متفوقة بسبب ارتدائها الكوفية الفلسطينية".
حسب بيان طلبة المدرسة فإن تصرف عميد كلية العلوم ابن مسيك "أثار استياء وغضب الحضور من أطر تعليمية، وأولياء أمور الطلبة، والطلبة أنفسهم. ونحن نرى في هذا التصرف إهانة للقيم الأكاديمية والإنسانية التي تقوم عليها مؤسساتنا التعليمية".
كما أكد الطلبة على أن ارتداء الكوفية الفلسطينية "هو تعبير عن التضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وهو حق يكفله الدستور المغربي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان". ونؤكد على ضرورة احترام حقوق الطلاب في التعبير عن آرائهم ومعتقداتهم بشكل سلمي وحضاري.
سياسيون يدخلون على الخط
وزير العدل المغربي السابق، المصطفى الرميد، علق على ما أقدم عليه عميد كلية العلوم بنمسيك برفضه تكريم الطالبة المتفوقة بسبب ارتدائها الكوفية الفلسطينية تضامناً مع الشعب الفلسطيني.
وكتب الرميد على صفحته الرسمية على فيسبوك قائلاً: "إذا صح أن عميدًا بكلية مغربية رفض توشيح طالبة لأنها تحمل الكوفية الفلسطينية، فهو جبان لا يستحق العمادة، ومتجرد من الإنسانية لا يستحق الاحترام… أرجو ألا يكون الخبر صحيحاً".
فيما كتب القيادي في جماعة العدل والإحسان، حسن بناجح، على منصة "إكس"، تعليقاً على تصرف عميد كلية العلوم بنمسيك: "الموقف المشين للعميد لم يقف عند حد رفض توشيح الطالبة والاعتداء على رمز فلسطين الذي يجمع حوله الشعب المغربي والأمة الإسلامية والإنسانية السوية، وإنما تجاوزه إلى الاعتداء على خصوصية الطالبة بمد اليد إلى لباسها، وهذا فيه تجاوز خطير للغاية للضوابط القانونية والأخلاقية".
الموقف المشين للعميد لم يقف عند حد رفض توشيح الطالبة والاعتداء على رمز فلسطين الذي يجمع حوله الشعب المغربي والأمة الإسلامية تجمع والإنسانية السوية، وإنما تجاوزه إلى الاعتداء على خصوصية الطالبة بمد اليد إلى لباسها، وهذا فيه تجاوز خطير للغاية للضوابط القانونية والأخلاقية. pic.twitter.com/YjET84IDl2
— hassan bennajeh – حسن بناجح (@h_bennajeh) July 14, 2024
بينما قال الفاعل الجمعوي والحقوقي عبد العالي الرامي، مستنكراً ما أقدم عليه عميد كلية العلوم ابن مسيك، "الناس الذين يقولون الكوفية لا مكان لها داخل الحرم الجامعي ويجب احترام لباس التخرج، إليكم صورة من قلب كلية القانون القاضي عياض بمراكش".
وأضاف على صفحته بموقع فيسبوك تعليقاً على الصورة التي نشرها: "كانت المناسبة تخرج طالب فلسطيني متوفى، وجميع الأساتذة وأعضاء اللجنة تزينوا بالكوفية بدلالتها وحمولتها القيمة، دعمًا وتضامنًا مع القضية الفلسطينية".
كما شدد قائلاً: "لا وجود لمرسوم يتحدث عن اللباس الموحد في حفلات التخرج، وبالتالي حمل الكوفية حرية شخصية على عميد كلية العلوم ابن مسيك احترامها".
تاريخ "أسود"
ما أقدم عليه عميد كلية العلوم ابن مسيك التابعة لجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، جعلنا نبحث عن تاريخه التسييري للكلية التي سيغادرها بعد 15 يوماً حيث سيحال على التقاعد، وفق ما ذكرته وسائل إعلام مغربية لم يتسنَّ لـ"عربي بوست" التأكد من صحتها.
ففي عام 2010 أقدم عميد كلية العلوم بنمسيك على منع الإعلامي والباحث السياسي المغربي عبد الرحمن خيزران من إلقاء محاضرة حول موضوع "الشباب والمشاركة السياسية" في إطار فعاليات الأسبوع الثقافي الخامس عشر الذي نظمه طلبة الكلية.
وفي سبتمبر/أيلول 2016، ذكرت وسائل إعلام مغربية أن عددًا من الطلبة في كلية العلوم ابن مسيك احتجوا طيلة أسبوع، ضد قرار كان يقضي بطرد طلبة بدون سابق إنذار، وطالبوا بطرد وتوقيف العميد محمد طالبي "لأنه لا يستحق أن يكون العميد".
كما أنه في مارس/آذار 2023، رفض ذات العميد الترخيص لمنظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ذات التوجه الإسلامي، من تنظيم الملتقى الطلابي الوطني الـ17، حيث شهدت الكلية إنزالًا أمنيًا كبيرًا وأغلقت أبواب الكلية في وجه جميع الطلبة.