خلال الأيام الأخيرة توجه رئيس الصناعات الجوية الإسرائيلي، عمير بيرتس، عبر دولة أوروبية إلى المغرب، وإذا كان المسؤول الإسرائيلي تعود على زيارة المملكة بحكم أصوله المغربية، فإن رحلته الأخيرة مختلفة في ظل تقارير غربية ربطتها بإتمام "صفقة عسكرية" ضخمة بين المغرب وإسرائيل.
بينما تواصل إسرائيل حربها المدمرة على قطاع غزة التي تسببت في استشهاد نحو 40 ألف فلسطيني، واصلت الرباط تقاربها العسكري مع تل أبيب، وكشفت وسائل إعلام في البلدين عن مشاريع عسكرية وصفقات أسلحة خلال الأشهر الأخيرة تنفيذاً للاتفاقيات التي وقعها الطرفان منذ اتفاق التطبيع عام 2020.
آخر تلك الاتفاقيات ما كشفته تقارير إسرائيلية وأوروبية هذا الأسبوع، والتي تحدثت عن صفقة كبيرة بين المغرب وإسرائيل تتمثل في تزويد الرباط بقمر صناعي استخباراتي. فما هي تفاصيل هذه الصفقة؟ وكيف واصلت الرباط علاقاتها العسكرية مع تل أبيب في خضم الحرب الإسرائيلية المدمرة على قطاع غزة؟
قمر صناعي للتجسس بمليار دولار
يوم الثلاثاء 9 يوليو/تموز 2024، أعلنت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية عن اتفاقية بقيمة مليار دولار على مدى خمس سنوات مع طرف ثالث لم يتم الكشف عن اسمه، وفق ما ذكره موقع "Globes" الإسرائيلي المتخصص في الأخبار الاقتصادية.
وتتوقع الشركة، وفق ما نقلته الصحيفة الإسرائيلية، إتمام صفقة القمر الصناعي الاستخباراتي، بحلول عام 2029 وقالت شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية إنها "ستوفر ضمانة بمبلغ متغير للعميل وفقًا للتقدم في العمل والتنفيذ والضمانات".
صحيفة "Globes" أشارت إلى أن هذا الإعلان جاء تزامناً مع زيارة رئيس شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، عمير بيرتس، إلى المغرب عبر بلد أوروبي، بينما رفضت الشركة تقديم أي تفسيرات وقالت للصحيفة: "نحن لا نعلق على رحلات رئيس الشركة".
لكن صحيفة "La tribune" الفرنسية كشفت أن رئيس شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية، عمير بيرتس، توجه فعلاً إلى المغرب وأن الصفقة التي تحدثت عنها الشركة تهم تسليم المغرب قمراً صناعية استخباراتياً في صفقة تبلغ قيمتها نحو مليار دولار.
وبحسب تقرير لصحيفة "لا تريبيون" الفرنسية، اتفقت المغرب وإسرائيل على الصفقة بالفعل في نهاية عام 2023 وتم التوقيع عليها في الأيام القليلة الماضية، بحيث سيتم تسليم القمر الصناعي IA في غضون خمس سنوات تقريباً، وفق ما ذكرته صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية الاقتصادية.
كما أكدت "كالكاليست" أن رئيس الصناعات الجوية عمير بيرتس، سافر في الأيام الأخيرة إلى المغرب عبر دولة أوروبية لتوقيع الصفقة والتي ظلت حتى الآن سرية.
وسيحل محل أقمار إيرباص الصناعية التي يستخدمها المغرب حالياً، "محمد السادس-أ ومحمد السادس-ب" اللذين أطلقا على التوالي عامي 2017 و2018، وبحسب صحيفة "لا تريبيون" الفرنسية فإن تحركات المغرب تهدف إلى تحسين قدراته العسكرية في مجال الدفاع الجوي والبري والبحري.
حرب غزة لم توقف التعاون العسكري
خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وقعت إسرائيل ممثلة في وزير دفاعها السابق، بيني غانتس، والمغرب ممثلة بالوزير المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عبد اللطيف لوديي، في الرباط، اتفاقية للتعاون الأمني بين البلدين، ومنذ ذلك التاريخ زودت إسرائيل المغرب بأسلحة استراتيجية.
وقالت وسائل إعلام في المغرب وإسرائيل إن الاتفاقية ستوفر إطاراً للعلاقات الأمنية بين البلدين، وستسمح ببدء تعاون أمني رسمي بينهما، وتشمل أيضاً تنظيم التعاون الاستخباراتي، والتعاون في مجال الصناعات والمشتريات العسكرية والتدريب المشترك.
خلال شهر مايو/أيار 2024، قالت صحيفة " Le Monde" الفرنسية إن المغرب يتجه ليتحول إلى مصنّع للطائرات العسكرية بدون طيار بفضل تعاون مع إسرائيل، وأوضحت أن شركة إسرائيلية شيدت منشأة في العاصمة المغربية الرباط ستبدأ تشغيلها قريباً لإنتاج طائرات بدون طيار "أثبتت قدرتها في ساحات المعارك".
كما كشفت الصحيفة في تقريرها أن الخبرة الإسرائيلية المقدمة للمغرب بشأن صناعة الطائرات بدون طيار، ستأتي من شركة BlueBird Aero Systems وهي تابعة لشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية المملوكة للدولة.
صحيفة "Le Monde" أوضحت أيضاً أن الطائرات التي ستصنع في المغرب هي نماذج WanderB و ThunderB، وفقاً لآشر فريدمان، المدير الإسرائيلي لمعهد "إبراهيم أكورد" للسلام. وهذه الطائرات مخصصة في المقام الأول لمهام الاستطلاع والاستخبارات وتحديد الأهداف.
وبحلول عام 2022، طلبت الرباط 150 منها، سيتم إنتاج بعضها على الأراضي المغربية. كما سيتم تصنيع طائرة SpyX بدون طيار التابعة للشركة الإسرائيلية، وهي نسخة "انتحارية" حصل عليها المغرب مؤخراً، محلياً على الأراضي المغربية.
صفقات تمت بين المغرب وإسرائيل وأخرى تنتظر
في شهر فبراير/شباط 2023، أبرمت المغرب وإسرائيل صفقة بقيمة 500 مليون دولار لتزويد المملكة بنظام الدفاع الجوي والصاروخي باراك MX الذي تصنعه شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية (IAI)، وهي صفقة سبق وأن أُعلن عنها من بين مجموعة من الاتفاقيات العسكرية بين البلدين.
لم تُشر وزارة الدفاع الإسرائيلية إلى "بيع أسلحة" للمغرب، كما لم تُلقِ الضوء على تفاصيل الاتفاق. لكن وسائل إعلام إسرائيلية، بينها هيئة البث وموقع "إسرائيل 24" (حكوميان) والقناة 12 (خاصة)، تحدثت عن تفاصيل صفقة سلاح تبيع تل أبيب بموجبها صناعات عسكرية متطورة للرباط.
وأفادت بأن الجانب الأهم في الاتفاقية بين المغرب وإسرائيل لا يتمثل في "صفقة السلاح"، بل في الاتفاق على "التعاون الأمني والدفاع المشترك" غير المسبوق بين إسرائيل ودولة عربية، وفق ما جاء في تقرير لوكالة الأناضول.
وتحت عنوان "هذه هي الأسلحة التي سيحصل عليها المغرب من إسرائيل"، ذكر موقع "إسرائيل 24″، في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، تفاصيل الصفقة.
وقال الموقع إن "عملية بيع الأسلحة الإسرائيلية للمغرب ستشمل طائرات بدون طيار وأنظمة مضادة للصواريخ، وتحديث بعض طائراته المقاتلة بتقنيات إسرائيلية ونقل تكنولوجيا لتطوير وتصنيع أنواع محددة من المُسيّرات محلياً وشراء نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي باراك 8 ودراسة إمكانية تطوير مقاتلات F5".
ووصفت القناة "12" الإسرائيلية ما جرى بأنه "حدث مذهل من الناحية الاستراتيجية"، وكشفت في 25 نوفمبر 2021، عن توقيع إسرائيل والمغرب صفقة أسلحة بمئات الملايين من الدولارات.
وتابعت القناة: "حضر ممثلو حكومة الرباط إلى الاجتماعات مع غانتس وبحوزتهم لائحة محترمة للأسلحة التي أرادوا شرائها: الطائرات بدون طيار ورادارات وأنظمة اعتراض المُسيّرات وتحييدها وتحديث طائرات F5 التي تستخدمها القوات الجوية المغربية".