أثار العثور على شحنة مسيرات صينية، في أحد الموانئ الإيطالية، وقد تم إخفاؤها على شكل أجزاء من توربينات الرياح، الجدل، بسبب ما قالت السلطات الإيطالية إنها عثرت عليها في ست حاويات في ميناء جويا تاورو في كالابريا جنوب البلاد وكانت في طريقها إلى ليبيا.
السلطات الإيطالية قالت إن "المكونات كانت مخفية بين نسخ من شفرات توربينات الرياح المصنوعة من مواد مركبة لإخفائها وتجنب عمليات التفتيش" وأنهما كانتا في طريقهما إلى الجنرال المتقاعد خليفة حفتر في شرق ليبيا.
في هذا التقرير نتتبع، شحنة السلاح التي تم العثور عليها في أحد الموانئ الإيطالية ونكشف ما إذا كانت هذه الشحنة هي الشحنة الأولى، أم كانت هناك شحنات سلاح أخرى، وكذلك نتتبع نوع الطائرات التي تم العثور عليها، ومن هي الدول العربية التي قامت بشرائها من الصين.
شحنة مسيرات صينية متوجهة لخليفة حفتر
يسعى خليفة حفتر للحصول على أسلحة من أطراف مختلفة، ووفقا لما كشفت عنه السلطات الإيطالية، فإن شحنة الطائرات المسيّرة التي تم ضبطها في أحد الموانئ الإيطالية، كانت من نوع Wing Loong II ومواصفاتها كالتالي: بلغ طول كل طائرة بدون طيار أكثر من 10 أمتار، وطول جناحيها حوالي 20 مترًا، ووزنها أكثر من 3 أطنان.
نفس البيانات التي كشفت عنها السلطات الإيطالية، حول طبيعة شحنة الطائرات المسيّرة التي كانت متوجهة إلى حفتر، تم مطابقتها بنفس التفاصيل من بعض المصادر المفتوحة، والتي كشفت إن الشحنة هي من طراز "وينج لونج 2″، وحسب أحد المصادر المفتوحة فإن الطائرات التي تم ضبطها كان مطبوعًا عليها شعار "عالم توفير الطاقة".
مكان ضبط الشحنات
عملية ضبط الطائرات المسيّرة تمت في ميناء جيويا تاورو الإيطالي، وذلك بعد مساعدة معلوماتية قدمتها المخابرات الأمريكية للجانب الإيطالي، وأن الطائرات المسيّرة ضبطت على متن سفينة حاويات قادمة من ميناء يانتيان بجنوب الصين وكانت في طريقها إلى بنغازي، وهو ميناء في شرق ليبيا يسيطر عليه الجنرال العسكري المتقاعد خليفة حفتر.
لقد غادرت سفينة الحاويات ميناء يانتيان في الصين، وهو ميناء يقع في مدينة "شنتشن" الصناعية الصينية الكبرى، ولجأت السفينة إلى الإبحار حول إفريقيا من طريق رأس الرجاء الصالح، وذلك هربًا من هجمات الحوثيين عند مدخل البحر الأحمر باتجاه السويس، وتوقفت أولاً في فالنسيا ثم في برشلونة.
ما هو ميناء يانتيان الصيني؟
في عام 1994، قامت مجموعة Yantian Port Group ومجموعة Hutchison Port Group بتأسيس شركة Yantian International Container Terminal Company وهي المسؤولة عن ميناء يانتيان الصيني الآن.
محطة حاويات يانتيان الدولية هي ميناء مياه عميقة في شنتشن، قوانغدونغ، الصين. وهي متخصصة في التعامل مع الحاويات من جميع الأنواع، من السفن المغذية إلى سفن الحاويات الضخمة جدًا.
يبلغ عرض قناة الاقتراب المؤدية إلى الميناء 400 متر وعمقها 17.4 مترًا وتبعد كيلومترين فقط عن الممر المائي العام. يبلغ إجمالي طول الواجهة البحرية ثمانية كيلومترات، ومساحة الفناء 373 هكتارًا، و16 رصيفًا للحاويات العميقة. وهي مجهزة بأكثر من 70 رافعة رصيف؛ معظمها من نوع Super Post-Panamax.
في عام 2007، تجاوز معدل نقل الحاويات في ميناء Yantian عشرة ملايين حاوية، وفي عام 2017، تجاوز معدل نقل الحاويات في ميناء Yantian أربعة عشر مليون حاوية مكافئة لأول مرة، ليبقى الأول في العالم لميناء واحد.
كل أسبوع، يرتبط ما يقرب من 100 مسار لأكثر من 40 شركة شحن دولية مشهورة بمنطقة ميناء Yantian. تحتل كثافة سفن الحاويات في المحيط المرتبة الأولى في الصين.
التحرك الأمريكي لاستهداف شحنة السلاح
كشفت التقارير أنّ المخابرات الأمريكية قدمت المساعدات المعلوماتية للجانب الإيطالي من أجل الوصول إلى سفينة السلاح الصيني المتوجهة إلى بنغازي، وتتخوف أمريكا ومعها أوروبا من شكوك مفادها أنّ الكرملين يريد بناء ميناء عسكري خاص به في طبرق، في الأراضي الليبية التي يسيطر عليها حفتر وهو الميناء الذي سيكون بمثابة نقطة وصول تساعد على انتشار السلاح الروسي وكذلك المرتزقة الروس من قوات فاغنر، في مناطق بعيدة مثل السودان ومالي والنيجر وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وستكون القاعدة العسكرية الروسية في طبرق – في الأراضي التي يسيطر عليها حفتر – قريبة من الجناح الجنوبي للاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، على مسافة قصيرة نسبيًا من مقر الأسطول السادس الأمريكي في نابولي.
موظفان ليبيان يرتّبان لصفقة الطائرات المسيّرة
لكن الكشف عن قضية السلاح الصيني الذي يشتريه خليفة حفتر، لم تكن نقطة بدايته الأولى عند إيطاليا، إذ إنه وبالاعتماد على بعض المصادر المفتوحة، وجدنا أن كندا كان لها دور كبير في كشف تحركات خليفة حفتر لعقد صفقة شراء طائرات مسيّرة، من الجانب الصيني.
حيث قامت كندا في أبريل/نيسان 2024، بتوجيه اتهامات إلى رجلين ليبيين مقيمين في كندا بالتآمر لشراء طائرات صينية بدون طيار ومعدات عسكرية أخرى لصالح خليفة حفتر، وذلك من خلال بيع النفط الخام الليبي.
الرجلين الليبيين هما فتحي بن أحمد محويك ومحمود محمد الصويحي سايح وكانا يعملان قبل ذلك موظفين في منظمة الطيران المدني الدولي، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة ومقرها مونتريال.
وقد وجدنا أن الموظفين الليبيين السابقين، قد رتبا لعقد صفقات مع الصين بين عامي 2018 و 2021، وذلك أثناء عملهما في وظيفة رسمية بمنظمة الطيران المدني الدولي.
وقد أنشى الموظفين الليبيين بعض الشركات الوهمية، والتي من خلالها أرادا شراء المعدات العسكرية، والطائرات المسيّرة من الصين وإيصالها إلى الجانب الليبي . و قد كانت الطائرات المسيّرة ذات قدرة كبيرة على حمل صواريخ متعددة.
في المقابل، وحسب بعض المصادر المفتوحة فإن الموظفين الليبيين خططا لبيع النفط الليبي إلى الصين في مقابل الحصول على الطائرات المسيّرة والمعدات العسكرية الأخرى التي يحتاجها خليفة حفتر. وقد تم إبرام الاتفاق مع الجانب الصيني في الوقت الذي كانت فيه حقول النفط تحت سيطرة خليفة حفتر . كانت الخطة تتلخص في بيع ملايين البراميل من النفط الخام إلى الصين دون أن يعلم أحد بذلك.
وبطبيعة الحال، كان الموظفين الليبيين قد رتبا الأمر للحصول على ملايين الدولارات، كعمولة من أجل إتمام صفقات السلاح بين الصين وخليفة حفتر وذلك في حال وصول السلاح بشكل نهائي إلى الجانب الليبي، واعتمادًا على بعض المصادر المفتوحة، فقد بدأت كندا التحقيق في قضية الموظفين الليبيين، في عام 2022 . وذلك بعد حصولها على معلومات استخباراتية وصفتها بالموثوقة، وقد لمّحت بعض المصادر المفتوحة إلى أمريكا، باعتبارها الجهة التي سربت هذه التفاصيل إلى الجانب الكندي.
تحقيقات لمدة عامين
وقد استغرقت كندا عامين، حتى تستطيع توجيه الاتهامات بشكل رسمي إلى الموظفين الليبيين، خاصة أنهما كانا يتمتعان بالحصانة الدبلوماسية التي كان يتعين على منظمة الطيران المدني الدولي رفعها.
هذه صورة محمود محمد السويعي الصويعي السائح، 37 عامًا، وهو أحد الموظفين الليبيين المطلوبين من جانب الشرطة الكندية، بخصوص قضية مؤامرة تتعلق ببيع معدات عسكرية صينية بشكل غير قانوني إلى ليبيا وتزعم الشرطة الملكية الكندية أنه دخل في المؤامرة أثناء عمله في منظمة الطيران المدني الدولي في مونتريال.
أما الشخص الثاني الذي تم توجيه الاتهامات إليه هو فتحي بن أحمد مهاوك (61 عامًا). وقد قامت السلطات الكندية بالقبض على مهاوك، فيما صدرت مذكرة اعتقال أخرى في كندا بحق المواطن الآخر محمود السائح وهو الآن هارب ولا تعرف السلطات الكندية مكانه.
كندا قالت من جانبها: "يُزعم أن مهاوك تآمر لتسهيل عمليات شراء النفط الليبي بين كيانات محظورة وجمهورية الصين الشعبية، بما يتعارض مع قانون الأمم المتحدة".
وبعد تحقيق بدأ في عام 2022، اعتقلت الشرطة مهاوك في منزله الثلاثاء، وواجه اتهامات بالتآمر "لتسهيل عمليات شراء النفط الليبي بين كيانات محظورة وجمهورية الصين الشعبية خلافًا لقانون الأمم المتحدة".
ومثل مهاوك أمام قاضي محكمة كيبيك ألكسندر دالماو في محكمة مونتريال بعد ظهر الثلاثاء. وأبلغ محاميه المحكمة أنه تم الكشف له عن "العديد من الوثائق" وأن الأمر سيستغرق أيامًا لقراءتها للتحضير لجلسة الاستماع الخاصة بالإفراج عنه بكفالة. ووافق دالماو على تحديد موعد الجلسة يوم الجمعة.
وقال المدعي العام مارك سيجانا للصحفيين بعد مثول مهاوك أمام المحكمة "إن ليبيا تخضع لعقوبات الأمم المتحدة وهناك قانون في كندا (من خلال البرلمان) يتوافق مع عقوبات الأمم المتحدة. لذا فإن شراء النفط من كيانات معينة – قائمة محددة من الكيانات- مخالف للقانون".
ويُزعم أن السائح استخدم مخططًا لإخفاء البائعين والمشترين للمعدات العسكرية، التي تخضع أيضًا لعقوبات الأمم المتحدة.
لائحة الاتهامات
بحسب لائحة الاتهام المقدمة إلى محكمة مونتريال، التي حصلنا على تفاصيلها، فإن الجرائم المزعومة وقعت في الفترة ما بين 1 ديسمبر/كانون الأول 2018 و31 يوليو/تموز 2021 في مونتريال وبروسارد وتونس ومصر وليبيا والصين. وتذكر الاتهامات شخصًا ثالثًا، جيمس كوانج تشي وان، باعتباره جزءًا من المؤامرة المزعومة.
وتضمنت المؤامرة المزعومة جزأين، بما في ذلك أن المتهم "قام عن علم بتوفير أي ممتلكات أو (قدم) أي خدمات مالية أو ذات صلة إلى ليبيا، أو إلى أي شخص في ليبيا أو إلى أي شخص يتصرف نيابة عن ليبيا إذا كانت الممتلكات أو الخدمات مرتبطة ببيع أو توريد أو نقل أو تصنيع أو صيانة أو استخدام أي أسلحة ومواد ذات صلة" خلافًا لقرارات الأمم المتحدة.
الإفراج عن المتهم الأول
يوجد اسم رجل ثالث، وهو جيمس كوانج تشي وان، في وثيقة الاتهام باعتباره متآمرا مشاركا؛ ومع ذلك، رفض الادعاء التعليق على سبب عدم توجيه اتهامات إليه في حين لا تعرف الشرطة الكندية حتى الآن، مكان وجود السائح.
لكن في مايو/ أيار 2024 حصلت محكمة مونتريال على إفراج مشروط من موظف سابق في منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) في مونتريال، والذي ألقت الشرطة الملكية الكندية القبض عليه في أبريل/نيسان 2024. ويواجه الموظف تهمة المشاركة في مؤامرة لإرسال النفط الخام الليبي إلى الصين.
حيث وافقت قاضية محكمة كيبيك جويل روي على فرض سلسلة من الشروط على فتحي بن أحمد مهاوك، 61 عامًا، من سانت كاترين بعد أن قالت المحكمة إنها لم تعد تعارض إطلاق سراحه.
وقد تم توجيه الاتهامات إلى مهاوك وموظف سابق آخر في منظمة الطيران المدني الدولي، بما في ذلك مؤامرة مزعومة لإرسال طائرات بدون طيار ومعدات عسكرية إلى ليبيا. ويُزعم أن مهاوك متورط في المؤامرة المزعومة الأخرى لإرسال النفط الخام الليبي إلى الصين.
وفي بيان أصدرته في أبريل/نيسان، كتبت الشرطة الملكية الكندية: "يُزعم أن مهاوك تآمر لتسهيل عمليات شراء النفط الليبي بين كيانات محظورة وجمهورية الصين الشعبية، على نحو يتعارض مع قانون الأمم المتحدة".
ووافق مهاوك، الذي يمثله المحاميان أندرو بارباكي وسارة عبد الملك، على إيداع مبلغ 10 آلاف دولار، وعلى إيداع طرف ثالث مبلغ 10 آلاف دولار أخرى من أجل إطلاق سراحه من السجن. كما وافق على تسليم جواز سفره، ولا يُسمح له بتقديم طلب للحصول على جواز سفر جديد أثناء انتظار قضيته.
كما وافق مهاوك على أن تقوم الشرطة الملكية الكندية بتثبيت جهاز تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) على كاحله قبل إطلاق سراحه. ولا يُسمح له بالتواصل مع محمود محمد الصويحي السائح، 37 عامًا، وهو مواطن ليبي متهم في نفس القضية، وكذلك جيمس كوانج تشي وان، وهو متآمر غير متهم مذكور في تهمتين بالتآمر تم رفعهما في أبريل/نيسان 2024. ويُتهم مهاوك فقط بأنه جزء من إحدى المؤامرات، التي يُزعم أنها وقعت بين 1 ديسمبر/ كانون الأول 2018 و31 يوليو/ تموز 2021.
سفينة الشحن MSC Arina
كانت سفينة الشحن "MSC Arina"، التي كانت تنقل الحاويات، تحمل أجزاء من طائرة "وينج لونج" بدون طيار صينية الصنع. وعلى وجه الخصوص، هناك تقارير عن محطتين للتحكم في الطائرات بدون طيار تم شحنهما بموجب وثائق وهمية كأجزاء لتوربينات الرياح. وقد تم ذلك للالتفاف على حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا.
وقد انطلقت السفينة المعنية، "MSC Arina"، من مدينة شينزين الصينية في 30 أبريل/نيسان 2024. ومرّت عبر سنغافورة ورأس الرجاء الصالح وجبل طارق قبل أن تدخل البحر الأبيض المتوسط. وبعد توقفها في موانئ فالنسيا وبرشلونة في إسبانيا، وصلت إلى ميناء جيويا تاورو في إيطاليا.
شركة الشحن البحري MSC من جانبها قالت إنه لم يتم ضبط أي سفن تابعة لها تحمل أي سلاح صيني، لكن بعد وصول السفينة إلى ميناء جيويا تاورو، غادرت السفينة MSC Arina ميناء جيويا تاورو بعد ذلك لتواصل رحلتها في غرب البحر الأبيض المتوسط.
التواصل مع ميناء جيويا تاورو الإيطالي
تواصل "عربي بوست" مع المركز الإعلامي لميناء جيويا تاورو الإيطالي، للاستفسار عن شحنة الطائرات المسيّرة التي تم ضبطها في الميناء من جانب الشرطة الإيطالية، وقد كانت في طريقها إلى ليبيا. إلا أن موظف الاستعلامات تحفظ على سؤال "عربي بوست" ورفض الرد وأنهى المكالمة سريعًا.
في المقابل، تواصل "عربي بوست" مع سالم قنيدي، عضو لجنة الدفاع في برلمان طبرق المحسوب على خليفة حفتر، الذي نفى وصول أي بيانات تخص شحنة الطائرات المسيّرة إلى برلمان طبرق، مشيرًا في تصريحاته إلى أنه تواصل مع بعض من أسماهم "العسكريين" في جيش حفتر، دون كشف هويتهم أو أسمائهم، لمعرفة تفاصيل ما تم نشره حول سفينة الطائرات المضبوطة في أحد موانئ إيطاليا، لكن هؤلاء "العسكريين" نفوا علمهم بأي تفاصيل تخص هذه الصفقة.
ما هي طائرات Wing Loong II الصينية؟
طائرة Wing Loong II بدون طيار هي طائرة مسيّرة متوسطة الارتفاع وطويلة المدى، وهي نسخة محسّنة من طائرة وينج لونج بدون طيار، مصممة من قبل شركة صناعة الطيران الصينية (AVIC).
تتمتع طائرة Wing Loong II بقدرة على الطيران تصل إلى 20 ساعة، وهي قادرة على توفير قدرات المراقبة الدقيقة والهجوم الأرضي على مسافة تزيد عن 4000 كيلومتر مع حمولة قاتلة تبلغ 200 كيلوغرام من أجهزة الاستشعار والأسلحة.
يعتبرها خبراء الدفاع نسخًا طبق الأصل من الطائرات الأمريكية بدون طيار من طراز بريديتور، ويمكن للطائرة وينج لونج 2 إطلاق الصواريخ الموجهة بدقة من طراز AR-1 وBA-7 وAR-2 وAKD-10، وهو ما يعادل الصاروخ الأمريكي جو-أرض Hellfire.
لقد باعت الصين العديد من هذه الأنواع من الطائرات بدون طيار إلى دول في مختلف أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط، مما ساهم بشكل مباشر في انتشار هذه الأسلحة غير المأهولة.
الصين تطور نسختها من الطائرات المسيرة
بالاعتماد على بعض المصادر المفتوحة, وجدنا أنَّ الصين تمكنت خلال سنوات قليلة من إجراء البحوث وإنتاج وتحسين طائراتها المسلحة بدون طيار. وقد قامت بطرح نوعين رئيسيين من الطائرات المقاتلة بدون طيار للتصدير، النوع الأول هو سلسلة "قوس قزح" من إنتاج شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية، والنسخة الأكثر شعبية هي CH-4 التي بيعت إلى مصر والعراق والأردن. وقد شهدت الإصدارات السابقة عمليات في نيجيريا حيث تقاتل الحكومة جماعة بوكو حرام في شمال البلاد.
أما المنافس الرئيسي الآخر فهو سلسلة طائرات وينج لونج المقاتلة بدون طيار. وقد هيمنت هذه الطائرات، التي تصنعها مجموعة تشنغدو لصناعة الطائرات (CAIG)، لفترة من الوقت على ساحات القتال في ليبيا حيث نجحت في العمل انطلاقًا من قواعد جوية في شرق البلاد، مما أعطى الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر ميزة كبيرة على حكومة الوفاق الوطني المحاصرة.
بداية دخول طائرة Wing Loong II إلى ليبيا
وفقا لبعض المصادر المفتوحة, فإنَّ الإمارات العربية المتحدة كانت قد سبق أنْ زودت خليفة حفتر بدعم جوي من قاعدة أنشأتها في الخادم شرقي ليبيا في عام 2016، كما ورد أن طائراتها الصينية بدون طيار من نوع Wing Loong II استخدمت لضرب درنة
في حين نُشرت صور في أبريل/نيسان 2019, لبقايا صواريخ "بلو آرو 7" الصينية، التي يمكن إطلاقها من طائرات مسيرة من طراز "وينج لونج 2″، وسط حطام في طرابلس وذلك أثناء محاولات خليفة حفتر اقتحام العاصمة الليبية طرابلس.
كذلك وفي أغسطس/آب عام 2019, أعلنت حكومة طرابلس, أنها أسقطت مركبة جوية مقاتلة من طراز وينغ لونغ Wing Loong II صينية الصنع بالقرب من مدينة مصراتة شمال ليبيا وقالت الحكومة ساعتها إنَّ الطائرة المسيرة كانت محملة بالصواريخ التي تدعم بها دولة الإمارات العربية المتحدة حفتر.
ووفقا لصور ملتقطة بقمر اصطناعي نشرتها IHS Jane في عام 2016, تم رصد نشر ما لا يقل عن طائرتين بدون طيار من طراز Wing Loong I \ II تابعة لسلاح الجو الإماراتي في قاعدة الخادم الجوية في غرب ليبيا.
كذلك وفي 2019 تحققَ خبراء من الأمم المتحدة في كون الإمارات ضالعة عسكريا في الهجوم على العاصمة الليبية طرابلس، من خلال طائرات مسيرة تنفذ غارات ليلية وأظهر تقرير سري أن التحقيق يتناول إطلاق صواريخ من طائرة مسيرة صينية الصُّنع -يمتلك الجيش الإماراتي مثلها- على جنوب طرابلس في أبريل/نيسان 2019.
وقالت لجنة الخبراء في تقرير لمجلس الأمن الدولي, إن الصور التي عاينتها تظهر صواريخ جو – أرض تمتلكها ثلاث دول فقط هي الصين وكازاخستان والإمارات, وإن هذه الصواريخ تطلقها حصرا طائرات من دون طيار تنتجها شركة "وينغ لونغ" الصينية.
كذلك وفي عام 2019, واعتمادا على بعض المصادر المفتوحة فقد رجحت هذه المصادر, أنْ تكون الطائرات التي شوهدت محلقة فوق العاصمة الليبية خلال غارات ليلية في بعض أيام هجوم خليفة حفتر على العاصمة الليبية, هي طائرات صينية مسيرة من طراز "وينغ لونغ 2″، وهي تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة.
الدول التي اشترت الطائرات المسيرة من الصين
وبمراجعة صفقات الصين التي تخص بيع طائرات Wing Loong II بدون طيار إلى دول عربية أخرى, وجدنا أنَّ هناك الكثير من الدول العربية والأفريقية التي قامت بشراء هذه الطائرات المسيرة من الصين.
الدولة الأولى: المغرب
في عام 2023 ظهرت 3 طائرات بدون طيار صينية الصنع من طراز Wing Loong II تابعة للقوات الملكية الجوية المغربية في إحدى القواعد الجوية داخل البلاد.
وعزّز المغرب قدراته العسكرية بالطائرة الهجومية الثقيلة المسيرة الصينية Wing Loong II. وسيمتلك أكبر ترسانة طائرات بدون طيار UAV والأكثر تنوعًا على الإطلاق في أفريقيا. وكانت مجلة DSI العسكرية قد أكدت حصول المغرب على عدد غير معروف من المسيرات المقاتلة الصينية الصنع من طراز وينغ لونغ 2.
كما أكدت المجلة تلقّي المغرب عدد 150 طائرة بدون طيار من طراز Wander B و ThunderB من إسرائيل وأكدت أن المغرب عقد صفقة درونات مسلحة مع الصين من نوع Wing Loong II في إطار تعزيز قدرات سلاح الجو المغربي.
في حين أنَّ المغرب بدأ استلام الطائرات في منتصف عام 2022، وقد تم نشر طائرة "وينغ لونغ 2" على الفور في القاعدة الجوية الرابعة في العيون، على بعد 450 كيلومترا من الحدود الجزائرية و700 كيلومتر من الحدود الموريتانية، بمساعدة أقمار المراقبة والاستطلاع التي يمتلكها المغرب.
وقد ظهرت 3 طائرات بدون طيار صينية الصنع من طراز "Wing Loong II" تابعة للقوات الملكية الجوية المغربية في مطار العيون كبرى مدن الأقاليم الجنوبية للمملكة.
الدولة الثانية: نيجيريا
في عام 2023 تسلمت القوات الجوية النيجيرية ما لا يقل عن خمس طائرات بدون طيار مقاتلة من طراز Wing Loong II من الصين وإنْ كان ذلك في تكتم. وتتمتع نيجيريا بعلاقة طويلة الأمد مع الصين, التي قدمت مساعدات عسكرية لها في الماضي ويُعتبر تسليم Wing Loong II أحدث مثال على هذه الشراكة.
الدولة الثالثة: السعودية
في فبراير/شباط 2024, أعلنت السعودية عزمها اقتناء طائرة بدون طيار من طراز وينج لونج 10 بي (WL-10B)، وقد بدأت المملكة العربية السعودية في تشغيل طائرة بدون طيار من طراز Wing Loong-2 منذ عام 2017 وقد اشترتها من الصين.
الدولة الرابعة: مصر
وقعت القوات الجوية المصرية وشركة استيراد وتصدير تكنولوجيا الطيران الصينية (CATIC) اتفاقية شاملة لطلب عدد غير محدد من الطائرات بدون طيار من نوع Wing Loong II.
تم توقيع الاتفاقية من قبل قائد القوات الجوية المصرية في ذلك الوقت محمد عباس، ومسؤولي شركة كاتيك خلال معرض الدفاع المصري 2018 (إيديكس 2018) الذي اختتم مؤخراً في القاهرة في وقت سابق من هذا الأسبوع.
في حين قامت مصر بعرض مقطع فيديو لطائرة بدون طيار من طراز وينج لونج، وهي تقلع بصواريخ مثبتة على نقاطها الصلبة وتسقط هدفًا أرضيًا. وتم بث مقطع الفيديو الدعائي على وسائل الإعلام المصرية بمناسبة عيد القوات الجوية الخامس والأربعين، مما يشير إلى أن مصر تمتلك بالفعل طائرات بدون طيار من طراز وينج لونج 2 وتريد شراء المزيد منها.
الدولة الخامسة: الإمارات تنشر الطائرات المسيرة في إفريقيا
حسب صورة أقمار صناعية التقطتها DigitalGlobe في 3 أغسطس/آب 2018، وثقت قيام الإمارات بنشر طائرة واحدة على الأقل من طائراتها بدون طيار من طراز Wing Loong II وهي طائرة بدون طيار من صنع شركة صناعة الطيران الصينية الجديدة (AVIC) في قاعدتها في مطار عصب في إريتريا.
وتشير المعلومات التي حصلنا عليها من بعض المصادر المفتوحة أن الإمارات، وهي أول عميل لتصدير طائرات وينج لونج 2 الصينية الصنع، قد طلبت عددًا غير معلن عنه من طائرات وينج لونج 2 المسلحة في عام 2017 وقد قام مسؤولون من القوات الجوية الإريترية والإماراتية ببناء ملجأين جديدين للطائرات بمساحة 26 × 21 مترًا في مارس / آذار من نفس العام.