تتجه فرنسا صوب تشكيل برلمان دون أن يحقق أي حزب الأغلبية في الانتخابات التي جرت الأحد 7 يوليو/تموز 2024، بعد أن أظهرت استطلاعات رأي تقدّم ائتلاف ينتمي إلى تيار اليسار على اليمين المتطرف، في حين يعتزم حزب "فرنسا الأبية" (أكبر الأحزاب في ائتلاف اليسار) الاعتراف بدولة فلسطين خلال الأسبوعين المقبلين.
وستمثّل هذه النتيجة انتكاسة كبيرة لليمين المتطرف، مما سيمنع حزب "التجمع الوطني" بزعامة مارين لوبان من تشكيل الحكومة، والذي توقعت استطلاعات الرأي قبل الانتخابات فوزه بفارق مريح قبل أن يتعاون تحالف اليسار والوسط من خلال سحب عشرات المرشحين من السباق الانتخابي لتوحيد الجهود في مواجهة "التجمع الوطني".
وأظهرت استطلاعات الرأي المستندة إلى نتائج أولية أن من المتوقع أن يأتي حزب "التجمع الوطني" في المركز الثالث.
"تحالف مشين"
وفي أول رد فعل له، وصف جوردان بارديلا، زعيم حزب "التجمع الوطني"، التعاون بين القوى المناهضة لحزبه بأنه "تحالف مشين" سيصيب فرنسا بالشلل.
وسينقسم البرلمان إلى ثلاث مجموعات كبيرة ذات برامج مختلفة تمامًا لم يسبق أن تعاونت مع بعضها من قبل.
ودعا الرئيس إيمانويل ماكرون إلى انتخابات مبكرة بعد أن مُني حزبه بهزيمة في انتخابات البرلمان الأوروبي الشهر الماضي.
وتوقعت استطلاعات الرأي فوز تحالف اليسار، الذي يضم اليسار المتطرف والاشتراكيين والخضر، بما يتراوح بين 172 و215 مقعدًا من أصل 577.
"مستعدون لإدارة البلاد"
من جهته، أكد جان لوك ميلونشو، زعيم "فرنسا الأبية"، أكبر أحزاب تحالف الجبهة الشعبية الجديدة اليساري، استعدادهم لإدارة البلاد.
جاء ذلك في تصريحات للصحفيين عقب إظهار استطلاعات الرأي عند الخروج من مكاتب الاقتراع تقدم تحالف الجبهة الشعبية الجديدة، في الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية المبكرة، التي جرت الأحد.
وقال ميلونشو: "لقد رفض شعبنا بوضوح السيناريو الأسوأ. هذه الليلة، حزب التجمع الوطني (اليميني المتطرف) بعيد كل البعد عن الحصول على الأغلبية المطلقة".
ووصف نتائج الانتخابات بأنها كانت بمثابة "مصدر ارتياح كبير لملايين الأشخاص الذين يشكلون فرنسا الجديدة"، مشيرا إلى أنه يقع على عاتق الرئيس إيمانويل ماكرون، "مهمة استدعاء الجبهة الشعبية الجديدة لإدارة البلاد" وأنهم مستعدون لذلك.
وقال إن ماكرون، الذي خسر في الانتخابات "يجب عليه أن يطأطئ رأسه ويقبل هذه الهزيمة دون التفاف".
وخاطب ميلونشو، ماكرون قائلا: "نجدد مرة أخرى، نرفض بدء المفاوضات مع حزبه لتشكيل حكومة (تحالف)، خاصة بعد النضال بلا كلل ضد سياسته لمدة 7 سنوات".
ومن الممكن أن يفوز تحالف "الجبهة الشعبية الجديدة" الذي يضم أحزاب اليسار بما يتراوح بين 180 إلى 215 مقعدًا في الجمعية الوطنية (الغرفة الأولى للبرلمان)، وفقًا لاستطلاعات الرأي، التي استندت إلى تقديرات معهد "إيفوب".
واحتل تحالف الوسط "معا من أجل الجمهورية" المدعوم من الرئيس إيمانويل ماكرون، المركز الثاني بحصوله على 150 إلى 180 مقعدا.
بينما سيحصل حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، الذي احتفل بفوزه في الجولة الأولى، على ما بين 120 إلى 150 مقعدا.
"سنعترف بدولة فلسطين"
إلى ذلك، قالت رئيسة الكتلة النيابية لحزب "فرنسا الأبية" ماتيلد بانو، إنه خلال الأسبوعين المقبلين "سنعترف بدولة فلسطين".
وأضافت ماتيلد بانو في تصريح عقب الكشف عن تقديرات نتائج التصويت في الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية: "في الأسبوعين المقبلين، سنرفع الحد الأدنى للأجور إلى 1600 يورو، ونلغي التقاعد عند سن 64 عامًا، ونعترف بدولة فلسطين".
في سياق متصل، قالت الرئاسة الفرنسية الأحد إن الرئيس إيمانويل ماكرون يعكف حاليا على تحليل نتائج الجولة الثانية من الانتخابات البرلمانية وسينتظر وضوح الصورة كاملة قبل اتخاذ القرارات اللازمة.
وأضافت الرئاسة في بيان "سيحترم الرئيس، باعتباره الضامن لمؤسساتنا، خيار الشعب الفرنسي".
أتال يعتزم الاستقالة
في سياق متصل، أعلن رئيس الحكومة الفرنسي غابرييل أتال، مساء الأحد، أنه سيقدم استقالته إلى الرئيس إيمانويل ماكرون، الاثنين، إثر نتائج الانتخابات المبكرة التي تصدر فيها تحالف اليسار.
جاء ذلك في خطاب متلفز عقب صدور النتائج الأولية إثر الجولة الثانية من الانتخابات المبكرة، وهنأ رئيس الحكومة، النواب الـ577 المنتخبين حديثاً، وقال إنه "ليس من اختار حل البرلمان" ويرفض تحمل العواقب.
وذكر أنهم قرروا النضال مع مرشحي تحالف "معا من أجل الجمهورية"، مضيفاً أن "الأحزاب المتطرفة" لم تتمكن من تشكيل أغلبية مطلقة في البرلمان.
كما أشار رئيس الحكومة، إلى أن تحالفهم أيضا لم يتمكن من تحقيق الأغلبية في البرلمان.
وأضاف "الكتلة السياسية التي أمثلها في هذه الانتخابات لا يمكنها الحصول على أغلبية هذا المساء. ووفقا لتقاليد الجمهورية ومبادئها، سأقدم استقالتي إلى الرئيس صباح الغد (الاثنين)".
وانتخب أتال، عضوا في البرلمان عن الدائرة الانتخابية العاشرة في "أوت دو سين"، في الجولة الثانية من الانتخابات العامة.
وفي 9 يونيو/ حزيران الماضي، حل الرئيس إيمانويل ماكرون، البرلمان ودعا إلى إجراء انتخابات مبكرة، وذلك بعد فوز حزب التجمع الوطني بأكثر من 31 بالمئة من الأصوات في انتخابات البرلمان الأوروبي، وهزيمة كتلة ماكرون الوسطية.