بدأت عملية التصويت في الانتخابات العامّة المبكرة في بريطانيا الخميس 4 يوليو/تموز 2024 لاختيار 650 عضوًا من مجلس العموم، وهو الغرفة الثانية من البرلمان، وسط توقعات بفوز حزب العمّال المعارض بنتيجة تاريخيّة قد تكون غير مسبوقة تعيده إلى السلطة بعد 14 عاماً من الغياب.
وستقوم كل دائرة من الدوائر الانتخابية بانتخاب نائب واحد من خلال نظام الفائز الأول، حيث يفوز المرشح الحاصل على أكبر عدد من الأصوات بالمقعد، وتجرى الانتخابات كل 5 سنوات.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها عند الساعة 7 صباحًا بالتوقيت المحلي (ت.غ+1) وتغلق عند 10 مساءً.
وتبدأ عمليّة فرز الأصوات مباشرة بعد إغلاق الصناديق، لتبدأ النتائج في الظهور في ساعات الصباح الباكر على أن تعلن النتيجة النهائية في اليوم التالي للانتخابات صباح غد الجمعة.
وبعد ذلك، من واجب الملك تشارلز بصفته رئيس الدولة أن يعيّن رئيس الوزراء، وهو من الامتيازات القليلة المتبقية للملك، وعليه تعيين شخص يحظى بثقة مجلس العموم، وعادة ما يكون زعيم الحزب الذي يتمتع بأغلبيّة، ليقوم الأخير بتشكيل الحكومة.
توقعات بفوز حزب العمال
وأظهرت استطلاعات الرأي خلال الحملة الانتخابية التي استمرت ستة أسابيع، تقدم حزب العمال بقيادة كير ستارمر بـ20 نقطة على حزب المحافظين بقيادة رئيس الوزراء ريشي سوناك.
فيما يُتوقع أن يحل حزب الإصلاح اليميني الشعبوي بقيادة ناجيل فاراج في المركز الثالث ليكون ممثلاً في البرلمان لأول مرة وسط تخوفات من تحول حزب الإصلاح إلى قوّة سياسية فاعلة في الخريطة السياسية البريطانية بشكل دائم.
في اللحظات الأخيرة قبل الانتخابات، بذل القادة السياسيون في بريطانيا جهودًا محمومة لحشد الأصوات، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وفي خطابه الختامي، شدد ريشي سوناك على أن المنافسة لم تنته بعد، رغم اعترافه بأنه المرشح الأضعف.
جاءت تصريحاته بعد سلسلة من استطلاعات الرأي التي أظهرت أن حزب المحافظين في طريقه لتلقي هزيمة قياسية أمام حزب العمال.
وعشية الانتخابات، شهد المحافظون ضربة قوية أخرى مع إعلان صحيفة "ذا صن" المعروفة بتأييدها للفائزين، دعمها لكير ستارمر.
وكتبت الصحيفة: "حان وقت التغيير، حان وقت حزب العمال". هذا الدعم يعكس تغييرا كبيرا في موقف الصحيفة التي كانت تدعم المحافظين في الماضي.
"نهاية حقبة المحافظين"
وبعد ستة أسابيع من الحملات و14 عاما من حكم المحافظين الذي شهد تعاقب خمسة رؤساء وزراء، من المتوقع أن تصوّت البلاد لصالح حزب العمال، وتنقل كير ستارمر إلى داونينغ ستريت.
وبالرغم من جهود رئيس الوزراء السابق يوريس جونسون للمساعدة، تبدو الأمور محسومة لصالح العمّاليين.
وقال كير ستارمر، الذي جال في البلاد ليحذّر من الإفراط في الثقة، للصحفيين: "ما قلته للفريق هو أنه لا ينبغي لأحد أن يشعر بالرضا عن النفس".
وأكد أن حزب العمال يقوم "بالكثير من الاستعدادات" للحكم، ولن ينتظر فترة سماح، بل سيبدأ العمل فورا.
وعمد كبار شخصيات المحافظين، بمن فيهم سوناك، إلى دعوة الناخبين لعدم إعطاء "غالبية كبرى" للعمّاليين في مجلس العموم.
وقال وزير العمل ميل سترايد إنهم على الأرجح عشية أكبر فوز عمّالي شهدته البلاد على الإطلاق.
تطلع إلى التغيير
وكتبت وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان في صحيفة تلغراف: "لقد انتهى الأمر، وعلينا أن نستعد لواقع المعارضة والإحباط الذي تخلفه".
ويتطلع البريطانيون إلى التغيير بعد سنوات صعبة عاشوا خلالها تجربة خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي، وأزمة اقتصادية واجتماعية، وانتشار كوفيد-19، وفضائح سياسية.
كير ستارمر، المحامي السابق المدافع عن حقوق الإنسان والذي شغل منصب المدعي العام قبل أن يُنتخب نائبا، يعتبر التغيير المنتظر.
وبالرغم من عدم تمتعه بشخصية كاريزمية، فإن وعوده الواقعية وكلماته المنقولة من خلفية متواضعة جعلت منه رمزا للنزاهة والأمانة في السياسة.
بين التحديات الرئيسية للناخبين: الاقتصاد، تدهور خدمة الصحة العامة، والهجرة، حزب الإصلاح البريطاني بقيادة نايجل فاراج، الذي يحاول للمرة الثامنة أن يُنتخب لعضوية مجلس العموم، جعل من الهجرة محور معركته وربطها بكل المشاكل التي تعاني منها بريطانيا.
وبذل ريشي سوناك، الذي تولى رئاسة الوزراء خلفا لليز تراس التي استقالت بعد 44 يوما، كل جهوده لتجنب الكارثة المحدقة بحزبه.
وأعلن عن خفض الضرائب ووعد بأيام أفضل، محذرا من زيادة هائلة للضرائب في ظل حكومة حزب العمال. لكن كل تلك الجهود لم تعطِ النتائج المرجوة، ويواجه المحافظون أسوأ هزيمة في تاريخهم.