أقدم سوريون في مدن وبلدات الشمال على خطوات تصعيدية الاثنين 1 يوليو/تموز 2024، ردًا على حادثة ولاية قيصري التركية، التي هاجم فيها مواطنون أتراك منازل وممتلكات لاجئين سوريين، على خلفية انتشار مزاعم تحرش شاب سوري بطفلة، في حين دعا الجيش الوطني السوري التابع للمعارضة إلى عدم الانجرار وراء الفتن.
ووثقت مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، إنزال شبان سوريين العلم التركي من فوق مبنى دائرة النفوس في مدينة إعزاز، بريف حلب الشمالي.
كما أنزل أفراد من الجماعات السورية المسلحة العلم التركي في منطقة الغندورة بريف عفرين، وهو ما وثقه المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وبحسب المرصد السوري فإن مواطنين في مدينة الأتارب والإبزمو في ريف حلب الغربي، ومناطق أخرى في ريف إدلب، تظاهروا بسبب التعدي على اللاجئين السوريين في تركيا وحملات الترحيل القسري والتعدي على ممتلكاتهم.
وعلى إثر ذلك، أعلنت وسائل إعلام تركية إغلاق كافة المعابر الحدودية مع سوريا، وعددها ثلاثة، كما شهدت بعض المناطق انقطاعًا لشبكة الإنترنت.
وتتواجد قوات تركية في مناطق "درع الفرات" الخاضعة لسيطرة "الجيش الوطني" التابع لفصائل المعارضة شمالي سوريا.
إغلاق طرق
ووفقًا لمقاطع مصورة أخرى أقدم شبان سوريون على إغلاق الطرق والمعابر أمام الشاحنات التجارية التركية.
كما تداول ناشطون مقطعًا يظهر مشادة كلامية بين متظاهرين سوريين وحرس مكتب الوالي التركي في مدينة عفرين في محافظة حلب شمال سوريا.
وقال المواطن السوري في الفيديو: "الأتراك خونة أنتم ستبيعونا لبشار الأسد ترضى نبيعكم لـ بي كا كا.. نحن ما بنخاف إلا من الله". (في إشارة إلى حديث الرئيس التركي حول إمكانية عودة العلاقات مع نظام بشار الأسد).
في السياق، استنكر ناشطون أتراك ما يحدث من مخططات بين السوريين والأتراك، إذ قال الناشط محمد أردوغان:" إلى إخواننا في الشمال السوري؛ سنُفسد مع بعض هذا المخطط أيضًا بإذن الله.. فلن نفسح المجال للكائنات الحية العنصرية في تركيا ولن نفسح المجال للدُمى المحرضين المتواجدين في الداخل السوري فكلاهما يعملون لمصالح الاستخبارات الإسرائيلية "الموساد".
دعوة للتهدئة
فيما دعا الجيش الوطني السوري التابع للمعارضة، الاثنين، السوريين في المناطق المحررة إلى "تجنب الانجرار وراء أصحاب الفتن الذين يسعون لتخريب المؤسسات"، مشيرًا إلى أنها "ملك للسوريين أنفسهم".
جاء ذلك في بيان صدر عن القوة المشتركة في الجيش الوطني بناءً على التطورات التي جرت في المناطق التي تسيطر عليها قوى المعارضة السورية شمال البلاد.
البيان أفاد "نتابع في قيادة القوة المشتركة الأحداث التي جرت في المناطق المحررة منذ الصباح، حيث شهدت غضبًا شعبيًّا نتيجة الأحداث المؤسفة التي وقعت يوم أمس في ولاية قيصري التركية".
وأضاف: "نحن على تواصل مع الجانب التركي الذي أكد لنا اهتمام المؤسسات بمحاسبة المخربين الذين اعتدوا على السوريين وأملاكهم، وقد لاحظنا ذلك من خلال تصريحات الرئيس التركي ووزير الداخلية اللذين أدانا هذه الأفعال وأكدا على محاسبة الفاعلين واتخذوا الإجراءات اللازمة".
الخارجية التركية تستنكر
كما استنكرت وزارة الخارجية التركية في منشور عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس"، استغلال أحداث ولاية قيصري "كأداة للاستفزاز" خارج حدود البلاد، تعليقًا على تطورات الأحداث في الشمال السوري.
وقالت إنه "ليس من الصواب استغلال الحوادث المؤسفة التي وقعت في ولاية قيصري وأطلقت إجراءات عدلية بحق المتورطين بها كأداة للاستفزاز خارج حدودنا"، مؤكدة أن "الجهود والموقف المبدئي الذي تبديه تركيا من أجل سلامة الشعب التركي، يفوق كافة أنواع الاستفزاز".
من جانبه، قال رئيس المكتب الإعلامي في الرئاسة التركية فخر الدين ألطون إن الحكومة التركية تتابع عن كثب التحريض المستمر الذي يزيد هوة التوتر في البلاد على حساب اللاجئين السوريين، بينما اندلعت مظاهرات احتجاجًا على أعمال عنف طالت مصالح سوريين في ولاية قيصري التركية.
وأضاف أن بعض الجهات المعادية لتركيا تحاول إثارة الفوضى عبر الأنشطة التحريضية التي تهدف لاختبار النظام العام في بلادنا، لكنها لن تنجح في تحقيق أهدافها بزعزعة استقرارنا.
تركيا تحقق
من جهته، قال وزير الداخلية علي يارلي كايا إن الأجهزة الأمنية فتحت تحقيقًا بشأن 79 ألف حساب نشرت 343 ألف تغريدة على منصة إكس عن أحداث قيصري ليلة أمس، وتبين أن 37% من هذه الحسابات كانت حسابات وهمية، و68% من المنشورات كانت تهدف إلى التحريض ضد السوريين.
وأعلن كايا توقيف 67 شخصًا يشتبه باعتدائهم على أملاك للسوريين في ولاية قيصري التي شهدت أعمال شغب عقب ادعاءات بتحرش سوري بطفلة سورية من أقاربه.
وعقب حادثة قيصري، قال الرئيس أردوغان، إن "الخطاب المسموم" للمعارضة أحد أسباب "الأحداث المحزنة" التي اندلعت في قيصري أمس الأحد، ضد اللاجئين.
الرئيس التركي، خلال كلمة ألقاها في الاجتماع التشاوري والتقييمي مع الإدارات المحلية لحزب العدالة والتنمية بأنقرة، قال إنه من العجز اللجوء للكراهية لتحقيق مكاسب سياسية. كما شدد على أنه "لا يمكن تحقيق أي هدف من خلال تأجيج معاداة الأجانب وكراهية اللاجئين في المجتمع".
يشار إلى أن أعمال عنف مرتبطة بكراهية الأجانب وقعت في تركيا، التي تستضيف نحو 3.2 مليون لاجئ سوري، عدة مرات في السنوات الأخيرة، وعادة ما تثيرها شائعات تنتشر على مواقع التواصل وتطبيقات الرسائل النصية.
ففي أغسطس/آب 2021 مثلًا، استهدفت مجموعات من الأشخاص أعمالًا تجارية ومنازل لسوريين في العاصمة أنقرة، بعد خلاف أدى إلى مقتل شخص يبلغ من العمر 18 عامًا.